عرض مشاركة واحدة
قديم 22-06-2006, 05:36 AM   #10
عبد الرحمن محمد
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 2,658

 
افتراضي

هل من سبيل للقضاء على ظاهرة "القروبات" في سوق الأسهم؟

د. عبد العزيز الغدير - - - 24/05/1427هـ


في كل بستان جميل منتج لما لذ وطاب تنمو حشائش سامة، يجب على البستاني المطور والمنظم للزراعة فيه أن يقضي عليها، وإلا قضت على أخضره ويابسه ليصبح بمرور الزمن خاويا على عروشه.
سوق الأسهم بستان جميل يزهو بشركات رائدة في اقتصادنا السعودي في كافة القطاعات التي تنتج أطيب المنتجات وتقدم أفضل الخدمات لتزيد الناتج المحلي وتحقق العوائد المالية للمستثمرين فيها. سوق الأسهم رغم نبل أهدافها التي يأتي في مقدمتها توسيع وتنويع قاعدة الاقتصاد الكلي وما ينتج عن ذلك من قيم مضافة ينعم بها الوطن والمجتمع، أقول رغم نبل تلك الأهداف إلا أنها تعاني من متعاملين كحشائش البستان شديدي السمية، متعاملين ينفثون سمومهم هنا وهناك ظنا منهم بأن ذلك سيجعلهم أكثر صحة وعافية، متناسين أن السمنة التي يعتقدون أنهم سينعمون بها ما هي إلا أورام سرطانية ستقتلهم كما تقتل السوق التي يعتشاون عليها.
ومن أكثر المتعاملين في السوق داء وسمية هم أولئك الذين يطلق عليهم "القروبات" أو المضاربون الجدد، نعم فهم باعتقادي الأكثر خطرا على سوق الأسهم (مرآة الاقتصاد الوطني)، وهؤلاء مجموعة من الجشعين الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة رغم ادعائهم بأن القضية عرض وطلب وأن القانون لا يحمي المغفلين، ذلك أنهم يعلمون علم اليقين بأن ما يقومون به محرم شرعا، وممنوع نظاما بدلالة أنهم يعملون بمهارة عالية لتضليل أجهزة الرقابة من خلال تشغيل عدة محافظ واستخدام خفافيشهم في منتديات الإنترنت للتطبيل المحفز لكل طامع مغامر يبحث عن الربح السريع- وهم كثر للأسف الشديد - بناء على توصية لا تقوم على أساس منطقي.
ومن خلال المعلومات التي ترد لي ولغيري عن هذه "القروبات" فإنها مجموعات من المضاربين الذين يتفقون على سهم معين من أسهم المضاربة عادة، يجمعون فيه فيرفعونه ويطبلون له بنشر الإشاعات، ثم يصرفون كمياتهم لينزل ويتعلق به الطامعون والمغفلون من صغار المضاربين، وهكذا دواليك.
مديرو "القروبات" خلايا سرطانية تنتفخ بشكل كبير، ويحقق أصحابها أرقاما خيالية "حسب حجم المحافظ التي يديرونها والتي عادة لا تقل عن 50 مليون ريال ويحققون بها نسباً مئوية كل يوم أو يومين ويحصلون على عمولة نظير إدارتهم تلك المحافظ، وهذه الخلايا السرطانية إذا لم تتم معالجتها حتما ستقتل الجسد الذي تتغذى عليه لتموت هي الأخرى.
هذه الخلايا السرطانية (القروبات) خطرها الكبير يتمثل في أخذها الغذاء المخصص لها ولغيرها من الخلايا الطبيعية (المستثمرون الحقيقيون) لتكبر بطريقة يعجز الجسد (السوق) عن الاستمرار في تغذيتها فيموت بموت هذه الخلايا الطبيعية، ليكون الضحية اقتصادنا الوطني الذي سيصاب في مقتل بعد تركز الأموال في أيدي فئة خرجت منتفخة من سوق الأسهم، وهي بطبيعتها الطفيلية مستهلكة غير منتجة إذ لا تستطيع بحسب هذه الطبيعة العمل مستقلة وحدها في مجال إنتاجي، فكل ما تتقنه لا يتعدى المضاربة المدمرة والصرف الاستهلاكي.
وقد يقول قائل إن الأمر ليس بهذه الخطورة، وأقول إن خطورة "القروبات" كبيرة على المديين القصير والمتوسط فضلا عن البعيد إذا لم يتم معالجتها بأسرع ما يمكن. نعم لقد أبعدت سلوكيات هذه المجموعات مستثمرين كثرا بعد أن أنشأت لديهم شكوكاً في عدالة أسعار بعض الأسهم وتقلباتها التي لا تخضع لمبررات علمية، كما رأيت مستثمرين آخرين يرددون مقولة تنذر بشر، حيث يقولون إذا أردت أن تربح فلا تستخدم عقلك فسوقنا سوق تخالف كل منطق، وهذه الثقافة يشم منها نتن هذه المجموعات وأجزم بكارثيتها خاصة مع تنامي الاعتقاد فيها.
والسؤال: كيف تتم معالجة تلك الخلايا السرطانية المميتة؟ وهو حقا سؤال محير!!! ولكني أعتقد أنه إذا ما خلصت النيات واستحضرت الهمم ورفع النظام فوق الجميع وعززت الجهات الرقابية والإشرافية على السوق جهودها كهيئة السوق المالية ومؤسسة النقد، بل وربما الاستفادة من جهود وزارة الداخلية ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، فإن القبض على هؤلاء المتلاعبين بأرزاق العباد ومقدرات البلاد سيصبح ممكنا، وكلي ثقة بالقائمين على هذه الجهات ورغبتهم في بذل كل جهد يحقق الأمن والاستقرار لبلادنا الحبيبة.
عبد الرحمن محمد غير متواجد حالياً