إقالة جماز - ماذا ينتظرنا؟
إقالة جماز - ماذا ينتظرنا؟
محمد بن عبدالله السويد *
صدر المرسوم الملكي قبل البارحة بشكل مفاجئ لم يتوقعه الكثير مسببا ارباكا للكثير من المضاربين في السوق وخاصة بعض محللي الفضائيات الذين كانوا متشائمين إلى درجة تصريح أحدهم بفشله عن وضع توقعات للسوق وإطلاقه عبارة Game Over «انتهت اللعبة» والبعض الآخر تحول من الحديث عن ارتفاع إلى 28 الفا إلى الحديث عن هبوط إلى حدود 8500 نقطة تماشيا مع الوضع.
هناك سؤال مهم متعلق بهذا القرار وهو هل كان جماز مشكلة أم أن الأمر مختلف، مما يبدو لي أن الرجل كان مجتهدا بشكل واضح فجزء كبير من اللوائح والأنظمة وضعت وقت إشرافه بالإضافة إلى هيكلة الهيئة وخلافه ولا ننسى بداية تفعيله للنشاط الرقابي للهيئة مع أنه كان ينفذ على استحياء. الأمر المزعج أنه كان بطيئا وغير واضح وهي طبيعة كل بيروقراطي في إداراتنا الحكومية الموقرة فلا يلام على ذلك.
حقيقة المشكلة لم تكن أبدا سببها رئيس الهيئة وإنما هو كان ظاهر المشكلة فكما تعلمون وبدون سرد أن أساس المشكلة هو النظام البنكي الذي يعتمد على الاحتكار تحت حماية مؤسسة النقد، هذا القرار ربما أزال مشكلة ولكن مازالت البنوك هي المسيطرة على السوق حتى الآن، واستمرارها بالظروف الحالية يعني أن مشاكل السوق لم تنته ولن تنته، لذا فما هو الحل؟
أعتقد أن النظام البنكي السعودي يحتاج إلى قرار جريء وسريع ومهم يكسر الاحتكار بشكل نهائي ويعطي كل هيئة نظامية صلاحياتها وسلطاتها المفترضة، لا أعتقد بأننا نحتاج أن يتكرر سيناريو جماز مرة أخرى خاصة في ظروف البلد الحالية ونحن نحتاج إلى السرعة والحكمة في اتخاذ القرارات، فلا يمنع أن نستفيد من تجربة دول الخليج من حولنا والتي استغلت عجزنا باستقطاب سيولتنا ومستثمرينا بكل سهولة. نظامنا البنكي قاصر ومعاق فمن المحزن أن اقتصادا بحجم ما هو متوفر لدينا يعتمد على 12 بنكا فقط مع أن حاجة بلدنا تتجاوز 60 بنكا في الوقت الحالي فقط.
مع تغير ادارة الهيئة الآن من المحتمل أن نشهد تغيرا في وتيرة عمل الهيئة ولكن هل سيشمل هذا التأثير تغييرا في سياسات الهيئة ومهامها؟. لا يبدو هذا واضحا فحتى الآن جميع تصريحات المسؤول الجديد مهتمة بأسهم السوق فالرؤيا غير واضحة إن كانت الإدارة الجديدة ستستمر على نفس نهج سابقتها أو أن هناك تغييرا، وإن كان هناك تغيير فماذا سيطال؟.
أعتقد أن الهيئة تحتاج أن تتبنى رؤية جديدة تستفيد من الموارد المحلية بالسماح أكثر لدخول لاعبين جدد للسوق كالسماح بصناديق مضاربة جديدة ووضع مراحل تأهيلية مساعدة وليست إجرائية، وتبني تأهيل وسطاء أفراد وليس منظمات فقط كما هو حاصل الآن من اشتراط رأس مال كبير نسبيا لتقديم خدمات الوساطة، فسيكون مفيدا أن تكون هناك تصنيفات متعددة ومتدرجة للوسطاء والمستشارين أيضا كما هو معمول به في الولايات المتحدة، ما أود قوله هو أننا نحتاج إلى نبقي استثماراتنا في بلدنا بتبني المواطن السعودي وفتح المجال له بدون تعقيد للمساهمة في النظام المالي الوطني.
هناك كلمة إضافية وهي أن السيولة الذكية في الوقت الحالي تحتاج إلى الشفافية وإلى محفزات حقيقية تطمئنها على مستقبل استثماراتها في البلد وذلك لن يكون ممكنا إلا بتوضيح السياسة التي ستتبعها الإدارة الجديدة في التعامل مع السوق المالي السعودي الحبيب.
* مدير مجموعة الخليج للاستثمار - دبي
رابط المقالة بجريدة الرياض