قاطعنا الزبدة الدانمركية فساحت الأسهم الزراعية مثل الزبدة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا الموضوع مجرد فلسفة في الفراغ و لكن هو مواقف للتفكير
نتذكر خلال الفترات الماضية القريبة و التي مرت علينا في السوق عندما قمنا بمقاطعة المنتجات الدانمركية و الزبدة على رأسها و كنت شخصيا متحفظ على هذه الموجة العارمة من العداء للدانمرك "بأكمله" لمجرد قيام فئة ضالة من أقلام الصحف المغمورة هناك بالاستهزاء برسول الرحمة عليه الصلاة و السلام
في مجمل الأحاديث مع كثير من الأخوة عن موضوع المقاطعة وقتها كنا نتناول الموضوع بشيء من الفلسفة في الفراغ بعيد عن التحيز لأي جانب و كان رأيي فيها أنه إذا كانت تلك هي ردة فعلنا إزاء الفئة الضالة في الصحيفة الدانمركية فأنا أحمد الله سبحانه و تعالى أننا كمسلمين في جميع أنحاء العالم لازلنا نتنفس الهواء و لازلنا على قيد الحياة و دواعي ذلك ما يلي:
بوقت ليس ببعيد و تحديدا بعد 11 سبتمبر 2001 هاج العالم المتحضر و قام و لم يقعد لأن أشخاص لا يتعدون الخمسة عشر فردا من الفئة الضالة و التي ادعت انتمائها للإسلام نسفت معالم اقتصادية مهمة في أمريكا بطائرات ركاب مدنية (كلنا يعرف القصة) مما وضع العالم الإسلامي برمته من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في موقف دفاعي لا يحسدون عليه و قام من قام في الغرب لينادي بالقضاء على كل من هو مسلم كون المسلمين أجمع أصبح يطلق عليهم مسمى "إرهابيون" و من موقعنا (على الضفة الأخرى) كنا ندافع عن أنفسنا بأن ما فعلته شرذمة قليلة تعد على أصابع يد رجلين (أي شخصين و ليس أرجل) من الدمار في أمريكا لا يمثل العالم الإسلامي و أننا لسنا كلنا إرهابيين و و و الخ...
سبحان الله ما أشبه حالنا وقتها بحال أهل الدانمرك منذ أمد قريب
لكل طرف وجهة نظر و الأقوى استعمل ما في أيديه من سلاح للتهجم على الآخر و الجميع في نظري نظرهم قاصر و فهمهم خاطئ
أن كنا نقول أن فئة قليلة ضالة من مجتمعنا هي التي دمرت معالم اقتصادية في أمريكا (و لاحظ هنا أنها دمرت فعلا و قتلت آلاف من البشر هناك) و أننا كمسلمين ليس بالعدل أن نؤخذ بجريرة الآخرين و النتيجة قامت أمريكا و مسحت البلاط بالمسلمين حول العالم و هاهي أصبحت جارة لنا محتلة دولتين مسلمتين (قد يكون لتدمير برجين في حسابات أمريكا لكي توزن المعادلة: دمرتوا لنا برجين = نحتل منكم دولتين) الله ستر لم يدمر لهم أكثر من برجين!! هذا ما قصدته سابقا أن الحمد لله أننا لازلنا نتنفس الهواء.
و الدانمرك أيضا قالت ما قلناه أنهم لا يجب أن يؤخذوا بما فعلته فئة ضالة في صحيفة (و هي رسوم كاريكاتورية و ليس قتل أو تدمير حقيقي) فماذا فعلنا نحن: قاطعناهم اقتصاديا و اشتدت المقاطعة خصوصا في بلدنا هنا. و الكل يعرف القصة أيضا.
هذه المقارنة دفعتني لنوع من التخوف لشيء ما علينا نحن في سوقنا المحلي لفترة من الزمن و هذا التخوف دافعه أننا ضعاف أصلا و لا نقوى على مواجهة الغرب حقيقة و لكي يردوا الصاع علينا (لمقاطعة الدانمرك) بصاعين كنت خائفا من أن يقوموا بتسديد ضربة اقتصادية من نوع ما تجاهنا في السعودية انتقاما للدانمرك و لكن لم أعلم ما هي!
و ما حصل في سوق الأسهم قد يكون هو الانتقام الذي كنت أخشاه فمؤسساتنا المالية (المحلية) ليست إلا واجهات سعودية لأيدي غربية تدير دفتنا و سوقنا الاقتصادي فهل يا ترى ما حصل من مؤامرة على السوق المحلي بفعل فاعل لكي يصيب السواد الأعظم من المسلمين في بلادنا في مقتل أليم انتقاما كما وضحنا هنا؟
هذا ما دعانا لتوخي الحذر قبل النكسة و النصح لمن نحن على اتصال بهم وقتها للتخفيف من حمولة السوق و لله الحمد كانت الأضرار محدودة في المحافظ و النقد مرتفع بعد جني الأرباح من ارتفاعات الشهرين الأوليين من هذه السنة
و هو ما دفعنا للظهور علنا وقت النكسة لكي نطمئن من هو في السوق أن ما يحصل هو بفعل فاعل و ليس عامل اقتصادي يستدعي انهيار السوق
و لله الحمد عادت الأمور إلى نصابها في السوق و سوف نرى أرقام ايجابية كثيرة في الأيام القادمة بإذن الله
الغريب و الملفت أن الأسهم الزراعية هي التي كان لها النصيب الأكبر من النكسة و لا زالت تعاني من الجروح حتى اليوم. فهل يا ترى المنتقمون للزبدة الدانمركية من الأيدي الخفية في مؤسساتنا المالية لهم دور و باع كبير في هذه المجزرة التي أصابت محافظ الكثير من صغار المستثمرين في سوقنا المحلية و خاصة التي ساهمت في الأسهم الزراعية؟
هذا أمر محزن لنا أن نرى أخوان لنا يصابون بنكبات مالية في الأسهم الزراعية و نسأل الله أن يفك تعليقاتهم. (و أعتقد أن دانمركيين يتمنون نفس الشيء لمستثمريهم في الشركات الزراعية التي أصيبت في مقتل من مقاطعتنا لهم)
نحن نعيش في عالم متشابك و لكل فعل ردة فعل و للأسف الإنسان بطبعه قصير النظر و الغالبية لا تستطيع أن ترى أبعد من أنفها و ترى العالم فقط بمنظارها فقط
هذا ما يجعل الحياة مثيرة و خطيرة و لكن أيضا ممتعة و المقولة تبقى صحيحة أنه لولا اختلاف الأذواق لما نفقت سلعة.
فما بالك في اختلاف العقول و النظر لسكان هذه المعمورة المتشابكة؟
و السلام