التدريب المهني مرة أخرى
المحامي ماجد محمد قاروب*
في مقال سابق تحدثنا فيه عن التدريب المهني بشكل عام والتدريب القانوني المتخصص بشكل خاص وأوضحنا فيه كيف أخذ التدريب الأهمية والمكانة لدى القيادة الرشيدة ودللنا على ذلك بكلمة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز في كلمة المملكة في حفل استقبال مجلس الأعمال السعودي الأمريكي في نيويورك عندما ذكر في كلمته - حفظه الله - (نسير وفق برنامج مخطط ومدروس لترشيد الإنفاق وتطوير البنية التحتية وتحديث التعليم والتدريب) وها نحن اليوم نرى كيف أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - إلى بعض الدول الآسيوية التي بدأت في الصين كان من ثمارها التوقيع على خمسة اتفاقيات بين المملكة والصين شملت مجال التدريب وكذلك زيارته - حفظه الله - إلى الهند وماليزيا مما أثمر عن توقيع اتفاقيات تضمنت مجال التدريب أيضاً وفي باكستان شملت الاتفاقيات مجال التعليم العالي كل ذلك يؤكد على أهمية ومكانة التدريب المهني بشكل خاص لتطوير كامل منظومة العمل في البلاد لأهميته في توطين الوظائف وسعودتها وتجويد أدائها وهو ما يفرض بأن تطور المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وبخاصة التدريب الأهلي من آليات أعمالها ونظرتها إلى كيفية الترخيص للدورات والدبلومات والبرامج التي تعقدها وتنظمها مراكز التدريب بشكل عام والتدريب النوعي في كل المجالات وبخاصة المجال القانوني لحاجة المجتمع للكثير من الجرعات القانونية في مختلف الأنظمة والقوانين وحسناً فعلت وزارة التعليم العالي في إدراج تخصص القانون ضمن التخصصات العلمية التي أعلنت عن رغباتها في ابتعاث الطلبة في جميع المراحل فوق الثانوية لدراسة القانون مما يؤكد الحاجة الضرورية والماسة لأعداد كبيرة جداً من دارسي القانون ومن حملة الشهادات العليا في الماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات التي تتنوع بين المدني والجنائي والتجاري والدولي والخاص والعام ويندرج تحت كل مسمى العديد من التفصيلات التي تتصل بالتخصصات النوعية في القانون إلى العشرات من تلك التخصصات التي يحتاجها المجتمع بشكل كبير ويعاني من نقص كبير وشديد فيها نوعاً وكماً، وعلى سبيل المثال وباختصار شديد عند التحدث عن القانون التجاري فإنه يندرج تحته العديد من الأنظمة منها أنظمة الملكية الفكرية التي تتمثل في عدة أنظمة كنظام حماية حقوق المؤلف ونظام المطبوعات والنشر واتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية واتفاقية بيرن لحماية المصنفات الأدبية والفنية ونظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية والأصناف النباتية والنماذج الصناعية، وعند الحديث عن الأنظمة التجارية يندرج تحتها العديد من الأنظمة الرئيسية مثل نظام الأسماء التجارية ونظام السجل التجاري ونظام الأوراق التجارية ونظام التسوية الواقية من الإفلاس ونظام الشركات ونظام الوكالات التجارية ونظام الرهن التجاري، وعند الحديث في مثال آخر عن الأنظمة المالية نجد أنها تتجسد في أنظمة وقوانين عديدة منها نظام السوق المالية ونظام الاستثمار الأجنبي ونظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ونظام مراقبة البنوك ونظام ضريبة الدخل، وعند الحديث عن الأنظمة الاقتصادية نجد أنها تتمثل في نظام مكافحة التستر ونظام مكافحة الغش التجاري، ولكل منها تفصيلاته التي تأخذ صفحات فقط لسردها، وبالتالي يكون من المناسب زيادة أعداد موظفي وكالة المؤسسة للتدريب المشترك وتنويعهم ورفع كفاءتهم بل تدريبهم للقيام بعملهم على أحسن وجه لمساعدة مراكز التدريب للقيام بأعمالها على خير وجه وفق عوامل السوق والعرض والطلب ومعايير الجودة التي يحكمها السوق الذي تطورت آليات أعماله في ظل حوكمة الأعمال ودور الشركات المساهمة الكبرى في الاقتصاد والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية التي تحتم ضرورة الاستعانة بالخبراء الأجانب والمنظمات الإقليمية والعربية والدولية ذات الاختصاص والصفة الأمر الذي يحقق مكاسب مهنية وإعلامية وسياسية واقتصادية للمملكة هي أحوج إليها عن أي وقت مضى لدفع مسيرة التنمية والإصلاح الذي ستؤدي فيه المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وبخاصة التدريب الأهلي دوراً محورياً هاماً إيجابياً؛ ولذلك فإننا ندعو للقائمين عليه بالتوفيق والنجاح.
والله ولي التوفيق
* رئيس مركز القانون السعودي للتدريب