بعد خسارة المؤشر 712 نقطة خلال دقائق
من أطلق شرارة الانهيار الوقتي؟
كثيرا ما نتساءل عما يحدث في سوق الأسهم، ونجتهد من أجل فك شفرات السوق ومحاولة فهمه الفهم الذي يقودنا إلى التوازن لا إلى الإقلاع. ودائما ما نواجه بخيبة الأمل؛ فالسوق أكبر من أن نفهمه، وأعظم من أن تسيطر عليه جهاته التنظيمية. هو كالدمية التي تتحرك بين أصابع الصناع، سمها ما شئت، وأسميها (قوة التحكم والنفوذ) التي تقود إلى الجشع فتتقازم دونها الأنظمة والقيم. فلسفة أدبية ليس لها علاقة بأرقام السوق ومؤشراتها، فمن قال: إن السوق تعتمد على الأرقام والمؤشرات قد جانبه الصواب، فالواقع يثبت أنها تعتمد في تحركاتها على قوة الصناع وجبروتهم وفي أحيان أخرى تكون أداة لتصفية الحسابات.
فعندما تحقق شركة الاتصالات السعودية أرباحا صافية تزيد على 12.4 مليار ريال سعودي ويوصي مجلس إدارتها بمنح سهم لكل ثلاثة أسهم وتوزيعات نقدية بواقع 20% من قيمة السهم الإسمية ويعجز سهمها عن معانقة النسبة القصوى صعودا، في وقت تغلق فيه شركة الباحة، الموقوفة قبل أشهر معدودة، على النسبة القصوى، تيمنا بشركة المواشي التي سبقتها إلى النسبة القصوى يوم أمس الأول على الرغم من إعلانها تحقيق خسائر متراكمة، عندها نجزم بأن السوق تتحرك وفق إرادة (قوة التحكم والنفوذ) ولا شيء غير ذلك.
أليس من المخجل حقا أن تتجاوز أسعار الشركات التي تعاني من تآكل رساميلها تلك الشركات التي تمثل قاعدة السوق الحقيقية كشركتي سابك والاتصالات السعودية؟.
إنها سوق (اللامعقول). فمن أراد أن يطبق عليها المنطق والحكمة خسر، ومن واصل الركض خلف صناع السوق واقتدى بهم بيعا وشراء كسب.
(قوة التحكم والنفوذ) هي التي عصفت بمؤشر أسعار الأسهم ليوم أمس فجعلته كريشة في وسط ريح، تتقاذفه إلى القمة حينا وتهبط به إلى القاع السحيق أحيانا أخرى.
في دقائق معدودة ينخفض المؤشر بمعدل 712 نقطة من أعلى نقطة بلغها المؤشر إلى أدنى نقطة، وتغلق كثير من الشركات على النسب الدنيا فتصيب الجميع، عدا محركي السوق، بالهلع والخوف. ثم يتراجع المؤشر محققا مكاسب عن افتتاح اليوم نفسه ثم يعاود معانقا القاع من جديد، وهكذا دواليك حتى أغلق المؤشر على 18549.82 نقطة بانخفاض بلغ 64.81 نقطة وخسارة مانسبته 0.35 % من إغلاق يوم السبت، وإغلاق تسع شركات على النسبة الدنيا.
خسارة المؤشر بنسبة 0.35% في يوم واحد خسارة لا تكاد تذكر في لغة المال ولكن الخسارة الحقيقية هي التي أخفيت ما بين الدفتين. الخسارة الحقيقية هي ما تعرض لها صغار المستثمرين الذين لا يجيدون فن اللعبة. بعض صغار المستثمرين خسر أكثر من 20 في المائة من رأس ماله في دقائق معدودات، والبعض الآخر خسر أكثر من ذلك عندما حاول تعويض خسارته فأقدم على الشراء عند ارتفاع السوق واضطر للبيع مرة أخرى بعد الانهيار الثاني.
ما جرى للسوق يوم أمس لم يكن تعاملا طبيعيا أو لم يكن وفق قواعد السوق المقبولة بقدر ما كان تلاعبا في ثروات المواطنين ومدخراتهم، وكنا نخشى أن تفتح السوق للأجانب فيستغلونها لتوجيه ضرباتهم الاقتصادية للسوق السعودية، كما فعلو مع دول شرق آسيا، وإذا بالخطر يداهم السوق من الداخل، وهي لعمري الطامة الكبرى. المتلاعبون بسوق الأسهم السعودية، والذين أثبتوا قدراتهم الفائقة للجميع، يجب أن لا يسمح لهم بالتمادي في تدمير السوق وتبديد مدخرات المواطنين وتحدي الجهات التنظيمية، بل يفترض أن يقدموا للمساءلة والمحاسبة، ووسيلة تتبعهم ليست بالمستحيلة مع توفر الأدوات التقنية والرقابية.
أعتقد أن جميع المستثمرين يتساءلون عن من أطلق شرارة الانهيار الوقتي؟ ومن الذي يعوض الخاسرين باعتبار أن ما حدث كان أمرا مدبرا لا طبيعيا كما يسوق له المتلاعبون في سوق الأسهم السعودية؟.
فضل بن سعد البوعينين f.albuainain*************