منتدى القادة في دبي يدعو الى استراتيجية لتأمين الوظائف
دبي
دعت مجموعة من المفكرين السياسيين والاقتصاديين في مؤتمر القادة في دبي 2005، قمة القيادة العالمية، الى بلورة استراتيجية عربية تركز على تأمين وظائف من خلال تعاون اكثر جدية، ويعتمد على الشفافية بين الحكومات والقطاع الخاص، ومن شأنه استقطاب المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة الى المنطقة التي تتمتع بسيولة عالية بفعل ارتفاع اسعار النفط.
ورات صحيفة الحياة في عددها الصادر اليوم ان بعضهم رأى فرصة في استقطاب مؤسسات هندية تعاني من قوانين معقدة وبيروقراطية. واكدوا على الا ينصب التركيز على الصين وحدها، على اعتبار انها ستعاني مستقبلاً نقصاً في القوى البشرية بسبب سياستها التي تفرض طفلاً واحداً لكل عائلة، وعلى رغم طغيان الجانب السياسي على مداولات منتدى القادة الذي انطلق في دبي امس، بكلمة للرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون وحضور وزيرة خارجيته مادلين اولبرايت، غير ان مشكلة البطالة اطلت برأسها كأكبر تهديد للانظمة القائمة في المنطقة.
وأيد الرئيس الاميركي السابق في كلمة القاها عبر الاقمار الاصطناعية، ما قالته اولبرايت بوجوب الانسحاب الاميركي من العراق، مقترحاً «توجه القوات الى دول مجاورة او الى منطقة الاكراد شمال العراق»، وقال ان من شأن هذه الخطوة «ضرب عصفورين بحجر واحد»، بتقليلها من المخاطر التي تتعرض لها القوات الاميركية في العراق من قبل العناصر المسلحة من جهة، وقدرتها على مساعدة الحكومة العراقية في تأسيس دولة ديموقراطية، من خلال وجودها في مناطق قريبة من بغداد.
ولم يغفل الرئيس الاميركي السابق مدح امارة دبي التي تحتضن المنتدى، على خلفية قدرتها على تأسيس اقتصاد لا يعتمد على النفط. وقال: «ما حدث في دبي يمكن ان يحدث في اماكن اخرى في المنطقة».
وقالت اولبرايت: «يجب توفير مئة مليون فرصة عمل في المنطقة التي يشكل فيها الشباب اكثر من 50 في المئة»، مشيرة الى وجوب «تعاون القطاعين العام والخاص لتأمين فرص عمل وتوفير البيئة المناسبة وتشجيع رواد الاعمال العرب».
وسرعان ما كسبت اولبرايت في المنتدى الذي حضره نحو 1500 من الشخصيات القيادية وكبار رجال الاعمال والمفكرين من المنطقة والعالم، بعض التعاطف من الحضور بعدما اعتذرت «علناً عن تصريحاتها السابقة التي ايدت فيها استخدام القوة ضد اطفال العراق». وقالت: «يجب علينا كقادة ومسؤولين ان نندم ونعتذر عما بدر منا، وكان نتيجته قتل اطفال ابرياء». اذ اعتبرت ان «لا شيء يبرر استباحة دماء الابرياء»، منتقدة الوجود الاميركي في العراق الذي اعتبرته «السبب في حال عدم الاستقرار هناك».
ولاحظ المش
ولاحظ المشاركون في المنتدى ان «خطاب اولبرايت السياسي الحالي، يختلف عنه حين كانت مسؤولة في البيت الابيض، اذ حضت حكومة بلادها على ألا تتورط في حرب جديدة مع إيران وسورية كالتي خاضتها مع العراق».
وكشفت أولبرايت بأن الولايات المتحدة «تحاول تجنب الصدام مع سورية»، مشيرة الى ان بلادها «طلبت من المملكة العربية السعودية بأن تحاول اقناع النظام السوري بضرورة التعاون في شأن التحقيقات الدولية الجارية، لمعرفة مرتكبي اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق مطلع العام الحالي».
واعتبرت ان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات «فوت فرصة كبيرة ونادرة لحل المشكلة الفلسطينية نتيجة رفضه العرض الذي تقدم به كلينتون في مفاوضات كامب ديفيد». لكنها نفت إمكان استعادة هذه «الفرصة» ثانية بسبب اختلاف الموقف الإسرائيلي الآن.
واشارت اولبرايت الى ان «احداث ايلول (سبتمبر) نتجت عن الوجود العسكري الاميركي في منطقة الخليج، وكره الفقراء المتأصل للاغنياء». واوضحت ان «كثيرين يكرهون الولايات المتحدة لاعتقادهم بأنها دولة غنية».
استراتيجية بعيدة من النفط
ويبدو ان وجود شخصيات قيادية من مجالات مختلفة تنوعت خبراتها، عكس نفسه على المنتدى الذي لم يترك موضوعاً سياسياً او اقتصادياً لم يتطرق اليه، اذ تنقل المتحدثون من موضوع القيادة الحكيمة الى حرية المرأة والارهاب والدين والسياسة والعولمة، فضلاً عن افضل السبل لادارة اقتصاد المنطقة التي تراكمت لديها السيولة بفعل ارتفاع اسعار النفط.
وقال احد أبرز المتخصصين في مجال وضع الاستراتيجيات الخاصة بالاعمال والمؤسسات كينيتشي أومي لـ»الحياة» على هامش المنتدى انه «لا يرى استراتيجية تنتهجها المنطقة لادارة ثرواتها واقتصادها بعيداً من النفط».
واكد وجوب ان تركز «الاستراتيجية المستقبلية للمنطقة على السياحة، خصوصاً الطبية منها، وعلى استقطاب الشركات من الدول المحيطة خصوصاً الهند التي تعاني من قوانين مقيدة للحرية الاقتصادية». لكنه نصح القادة العرب بالابتعاد عن الصين التي رجح ان «تتراجع قوتها الاقتصادية في العقد المقبل، على خلفية تحديدها طفلاً واحداً لكل عائلة، بينما ستتعزز قوة الهند الاقتصادية بسبب الجانب الديموغرافي».
واعتبر اومي المعروف باسم «مستر استراتيجي» ان السياسة التي تنتهجها امارة دبي بالابتعاد من النفط «مثل يجب ان يحتذى به». واكد ان التقدم الذي تشهده دبي الآن على مختلف الصعد يشكل «نموذجاً مثالياً للعولمة الاقتصادية ولنجاح حكومة الإمارة في ترسيخ مكانتها على الخريطة الدولية».
وأشار الى ان العالم «يتجه إلى إجراء تغييرات راديكالية. وستسمح تقنية المعلومات للمستثمرين، من مختلف الدول حتى الصغيرة منها، بتعزيز موقعهم في قطاعات الأعمال». كما اكد ان المحور الرئيس لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة «يتمثل في اتخاذ منحى اقليمي مع التركيز على صناعات محددة». ونبه الى ان استراتيجية اعتماد سياسات موحدة في كل القطاعات «لم تعد تجدي في هذا المجال». وتحدث دان بينك، أحد صانعي التوجهات الإستراتيجية في العالم، عن الأنظمة الاقتصادية العالمية التي يراها «تتجه الى الاعتماد على مناهج التفكير الإبداعي»، حيث سيتولى المصممون والمطورون مقاليد القيادة في هذا المجال. وعزا ذلك إلى «عدم امكان تقليد إنجازاتهم أو إعادة إنتاجها على نطاق واسع باستخدام التقنيات الحديثة».
|