23-11-2005, 11:35 AM
|
#25
|
أبو عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: Dec 2004
المشاركات: 6,953
|
http://www.aleqt.com/images/Header_12.jpg
السعودية والعولمة الاقتصادية
د. علي دقاق
23/11/2005
http://www.aleqt.com/SiteImages/RayAuthors/318.jpg قراءة لاتجاهات العولمة ـ خاصة الاقتصادية ـ ومع الانضمام إلى عضوية منظمة التجارة العالمية ـ يبقى مطلوباً تعزيز مسيرة الإصلاح الاجتماعي في مجرى الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ ما يزيد على ست سنوات استعداداً لما هو قادم من عولمة للأنظمة الاقتصادية والاجتماعية بالإصرار على تحقيق الكفاءة الاقتصادية.
المملكة كغيرها من البلدان وحتى قبل توحيد أجزائها على يد الملك عبد العزيز ـ رحمه الله, عاشت وتعيش التفاعل مع تحديات العولمة بتبنيها نظام الاقتصاد الحر بداية الذي يسعى فيما يسعى إليه إلى تعظيم الفرص وتحجيم القيود, ومع ذلك يظل السؤال حول إيجابيات "العولمة" وسلبياتها وبعبارة أخرى يثار السؤال التقليدي ماذا بعد الانضمام إلى عضوية منظمة التجارة العالميةWTO ؟
وفي هذا السياق أريد أن أطرح سؤالاً أراه مهماً, وهو: "هل نحن في الوقت الراهن في مأزق" أمام تحديات العولمة الاقتصادية التي بدت متسارعة منذ اجتماع قمة الأرض في ريو دي جانيرو في البرازيل في حزيران (يونيو) من عام 1992, حيث أسس بعد تلك القمة لما يعرف بالنظام العالمي الجديد الذي قاد ويقود إلى تحولات وتغيرات شملت مختلف الجوانب في حياة الإنسان من خلال محاورها الرئيسية التي كان فيها الاقتصاد الأكثر جبروتاً ومداولة إلى جانب المحور السياسي والثقافي المعلوماتي والتي بدورها أفرزت ثلاثة تحولات أساسية وملموسة أشار إليها العديد من التقارير الاستراتيجية وتتلخص في ذلك التحول المتسارع من المجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات وما أدراك ما المعلومات, وثانيها, انفتاح (اندماج) شتى الاقتصادات, وأخيراً, المحاولات المستميتة لتنميط أوجه الحياة الإنسانية كافة سواء منها الاقتصادية أو غير الاقتصادية, وربما نرى تفعيلاً قوياً لشروط واتفاقيات منظمة التقييس العالمية ISO التي مازالت محصورة بشكل أو بآخر في السلع, الخدمات, البيئة, والصحة, وبدأت ولو بنسبة بسيطة للتلويح بتنميط التعليم كما نمطت الإرهاب وبصورة تخدم مصالح الدول الكبرى والمهيمنة على مسارات الأنشطة الاقتصادية ذات التقييم الدولاري تجارة وأوراقاً مالية وناتجاً إجماليا.
نعود للسؤال حول المأزق النسبي الحالي... لماذا؟
دعونا نتكلم بواقعية.. جاء انفتاح الاقتصاد السعودي على الاقتصادات العالمية خاصة القوية عبر البترول, وأخيرا, عبر البتروكيماويات, ولكن هل استفادت المملكة من التجارب السابقة التي جعلت منها مصدراً للطاقة الرخيصة؟ بالطبع الإجابة عن مثل هذا السؤال تحتاج إلى إجابة تقييمية تخلو من المجاملة وتتصف بالواقعية ولنا في الطفرة الأولى خلال السبعينيات خير مثال. حيث أشرت إلى نتائج الطفرة السابقة في مقال الأسبوع الماضي تحت عنوان "حتى لا تتكرر العشوائية". فقد غاب التحليل الموضوعي النقدي الذي نتج عنه افتقاد الرؤية الاستراتيجية التي توضح الأولويات والسياسات والإجراءات والبدائل التي تؤسس للتفاعل الإيجابي مع تحديات العولمة.
لا ننكر أن اقتصاد السوق انتصر على الاقتصاد الموجه والمخطط مع أنهما "في نظري" وجهان لعملة واحدة لأن كليهما جاء كردة فعل قاسية لنظام سبقه كالاقطاع بالنسبة إلى النظام الرأسمالي وجاءت الاشتراكية ردة فعل أخرى للنظام الرأسمالي ولكن لم تعمر. هذا الانتصار لاقتصاد السوق بمؤشراته الرئيسية من تحرير وتنامي التجارة الدولية ونمو الاستثمار المباشر وغير المباشر وتحرير نسبي لأسعار الصرف وأسواق المال وتحركات الرساميل الملموسة في القرية العالمية نتجت عنه وظائف أفضل وإنتاجية مرتفعة أسهمت نسبياً في تقليل الفقر العالمي!
ولكن ما ترتب على بدايات العولمة الاقتصادية من مكاسب وفرص وثروات هائلة بدى توزيعها غير متكافئ وسيظل كذلك طالما ظللنا بعيدين عن منافع العولمة وطالما بقي دورنا مهمشاً في إدارة العولمة الاقتصادية، حقيقة لا نريد أن تكون استجاباتنا للتغيرات الحاصلة من حولنا مبنية على ردود أفعال قد تكون هشة ولكن مع هذه الطفرة القادمة نريدها موضوعية مبنية على فهم التحولات التاريخية الموضوعية.
يجب ألا يغيب عنا التغيير الحاصل في الأولويات في البيئة العالمية الذي يركز على المنافسة بين المجتمعات والتجمعات والشركات والاهتمام الجاد بنوعية التعليم والبرامج الصحية وبناء القدرات الوطنية علمياً وفنياً ومهنياً وإعادة صياغة أخلاقيات العمل بما يحقق كرامة الإنسان ويحافظ على حقوقه.
وقراءة لاتجاهات العولمة ـ خاصة الاقتصادية ـ ومع الانضمام إلى عضوية منظمة التجارة العالمية ـ يبقى مطلوباً تعزيز مسيرة الإصلاح الاجتماعي في مجرى الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ ما يزيد على ست سنوات استعداداً لما هو قادم من عولمة للأنظمة الاقتصادية والاجتماعية بالإصرار على تحقيق الكفاءة الاقتصادية.
وعبر التنفيذ ـ ربما الإجباري في بعض الأحيان – لبرامج صندوق النقد الدولي IMF وبرامج البنك الدولي للتصحيحات الهيكلية واتفاقيات منظمة التجارة العالمية لتحرير السلع والخدمات يجعل من إعادة صياغة السياسات الاقتصادية من مالية ونقدية وقانونية ضرورة وفقا للتحول النوعي المتوقع نحو اقتصاد السوق الذي تقوده المنافسة والمعلوماتية والشفافية ومحاربة الفساد. فهل أعددنا العدة بخطة ـ ليست أية خطة ـ وإنما خطة استراتيجية واضحة الرؤية تأخذ في الحسبان المشاركة المجتمعية عبر القطاعين العام والخاص بدءاً من مجالس الأحياء وانتهاء بمجلس الوزراء الموقر لنقف أمام معلومة اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية مكتملة الدائرة.
أخيراً نقول: الفطرة السليمة تصنع الإنسان الناجح، وسر النجاح ليس في الثروة أو السلطة أو النفوذ أو المركز الاجتماعي وإنما فيما يقدمه من إنجاز يفيد أكبر عدد من الناس.
** أستاذ الاقتصاد ـ جامعة الملك عبد العزيز
|
|
|