عرض مشاركة واحدة
قديم 14-11-2005, 08:46 AM   #23
المخرج
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
المشاركات: 3,587

 
افتراضي

الرهن العقاري والقروض ومؤسسة النقد

14/11/2005
من المتوقع خلال الأيام المقبلة صدور نظام الرهن العقاري، وهي خطوة عملية حاسمة ومهمة في سبيل تعزيز التنمية العمرانية والإسهام في حل مشكلة الإسكان القائمة منذ سنوات. فسوف يتاح للأفراد الاقتراض من البنوك لبناء مساكنهم ولسوف تجد البنوك نفسها أمام مورد استثماري جديد ومضمون باعتبارها راهنة للمساكن نفسها. إلا أن تبادل المنافع هذا ينبغي عدم تركه عرضة لمعوقات أو مصاعب جراء تطبيقه دون مراجعة لفوائد ورسوم الإقراض.
إذا كان من حق البنوك البحث عن الربح وضمان حقوقها فهذا مكفول بنسبة الفائدة التي تتقاضاها وبرهن المسكن نفسه وهذا حق لا جدال فيه. لكن في المقابل ينبغي حماية الأفراد المقترضين من الإجحاف والحيلولة دون وقوع الناس في ضائقات اقتصادية، خصوصا ذوي الدخول المحدودة نتيجة دفعهم لأقساط الإقراض بفوائد غير عادلة على الإطلاق. فمعلوم أن الرسوم والفوائد البنكية تحسب بطريقة مركبة.
يقال للمقترض إن الفائدة مثلا هي 5 في المائة أو 6 في المائة كما هو السائد، لكن في الواقع يكون قد دفع في النهاية ما يقارب 25 في المائة وربما أكثر. كيف يدفع مواطن يقترض 300 ألف ريال مثلا على مدى عشر سنوات نحو 150 ألف ريال؟ أليس هذا خيارا عسيرا يثقل الكواهل المثقلة أصلا؟
ما يأمله المواطنون هو أن يعاد النظر من قبل مؤسسة النقد في طريقة احتساب فوائد القروض.
أن يصبح احتساب القروض على كل الأقساط بطريقة مركبة شيئا من الماضي، خصوصا ونحن البلد الوحيد في العالم، الذي يمضي في هذا الطريق. والذي نجم عنه خلال السنوات الماضية تعثر السداد والمشاكل الاجتماعية وتكدس القضايا أمام المحاكم والجهات القانونية. حان أوان الوقوف إلى الجانبين بعدالة: البنوك والمقترضين. فقد أسفرت تجربة السنوات الماضية عن أن البنوك لم تكن في وارد التفكير على الإطلاق في خفض نسبة الفوائد على القروض، حتى في عام 2004، الذي وصل فيه سعر الفائدة عالميا 1 في المائة ظل سيف القروض مسلولا بثقله المعهود، ليس أقل من 5 في المائة على كل قسط.
هذا السياق هو ما أفرز ما يقرب من 17 في المائة من غير القادرين على السداد، سواء من المقترضين بغرض شراء سيارات وأثاث وخلافه أو أولئك المتورطين في الثقب الأسود للبطاقات الائتمانية.
وفي انتظار صدور نظام الرهن العقاري ينبغي ألا يترك الرهن العقاري يتحول من فرصة طيبة للتخفيف عن المواطنين إلى مصدر للكدر لمن صدر من أجلهم النظام لبناء منزل العمر، بل فرصة لوقفة حازمة عادلة للنظر في طرق احتساب الفوائد والقروض بشكل عام حتى ولو تسمت بالتورق الإسلامي. لأن من شأن هذا التوجه الإسهام في تعزيز السلم الاجتماعي بحماية الناس من أنفسهم عن الاندفاع تحت ضغط الحاجة إلى الإقدام على الاقتراض دون حساب للعواقب. مؤسسة النقد هنا تمثل أحد مصادر صناعة السلم الاجتماعي عبر مراجعتها لأنظمة البنوك وسبل الإقراض. لأن أرباحا مركبة تعني إجحافا على النفوس تترك آثاره ندوبا في وجدانات الناس وتجعلهم يحسون بتأزم نفسي ينعكس على تربية أسرهم ويعكر اطمئنانهم علاوة على ما قد ينشأ عنها من مشاكل قانونية وقضائية أو جنح وحوادث مؤسفة.
نقول يمكن لمؤسسة النقد أن تلعب دورا إنسانيا وطنيا بوقفتها هذه، وأن تكون بمثابة المشرف الاجتماعي الذي يرش البلسم على النفوس حتى لا تتعسها الفلوس!!
المخرج غير متواجد حالياً