http://www.aleqt.com/images/Header_12.jpg
لا تتركوا النفط يضر الازدهار العالمي
رودريجو دي راتو
10/11/2005
تضاعفت أسعار النفط تقريبا منذ عام 2003، ومن المحتمل أن تبقى عن مستويات عالية من الناحية التاريخية في المستقبل المنظور. ولحسن الحظ، استمر التوسع الاقتصادي العالمي بالرغم من وجود إشارات ببطء النمو وبتضخم متصاعد في بعض الدول.
غير أنه من أجل المحافظة على ازدهار عالمي، يحتاج منتجو ومستهلكو النفط وصناع السياسة إلى التعاون لتقليل الأخطار التي تواجه النمو والتضخم، ولضمان عدم تذبذب أسعار النفط بشكل كبير كما حدث في السبعينيات.
وهناك عاملان رئيسيان ساهما في ارتفاع أسعار النفط. أحدهما الزيادة الكبيرة وغير المتوقعة في الطلب العالمي للنفط الخام، نتيجة للنمو القوي والسريع في النشاط الاقتصادي العالمي.
والعامل الآخر هو توقع استمرار نقص الإمدادات في الأسواق العالمية. أما عالميا، كان هناك استثمار محدود فقط في القطاع النفطي خلال العقدين الماضيين.
في مثل هذه الظروف الخاصة بالسوق، يمكن لتطورات جغرافية سياسية غير متوقعة، ومخاوف من توقف إمدادات النفط ونشاط المضاربات أن تسلطا ضغطا هائلا على الأسعار. وقدم إعصار كاترينا إيضاحا بيانيا لمدى حساسية السوق لأي عوامل طارئة. ويمكن تفادي الزيادات في الأسعار فقط من خلال الاحتياطيات الاستراتيجية، وبعرض من الأوبك بتعزيز الإنتاج كلما كان ذلك مطلوبا.
وحتى الآن، كان تأثير أسعار الطاقة المرتفعة في الدول الصناعية بسيطا جدا. ويأتي ضغط الأسعار أولا من الطلب العالي المفاجئ للنفط، أكثر من النقص المفاجئ في الإمدادات، كما حدث في السبعينيات.
لكن قد لا تستمر مثل هذه الظروف الطيبة، كما يتضح مما يحدث الآن في بعض الدول. ويمكن أن تكون هناك حاجة إلى تعديلات في السياسة النقدية إذا بدأت أسعار النفط العالية في التأثير على التضخم.
وقد أحست السوق الناشئة والاقتصادات النامية بتأثير أسعار النفط العالية على الإنتاج والميزان التجاري والتضخم. أما بالنسبة للدول الفقيرة، هذه ضربة أخرى لإمكانية تحقيق نسب عالية في نمو الدخل المطلوب لتخفيض الفقر.
ولتخفيض الأخطار الناتجة عن أسعار النفط العالية، يجب أن نحسن توظيف سوق النفط. إذ تحتاج البلدان المصدرة للنفط، شركات النفط الدولية, ومستهلكو النفط إلى العمل سوية والتعاون لإيجاد الحلول المناسبة.
ويمكن أن يسير نمو استهلاك النفط بشكل معتدل وذلك من خلال السماح للسوق بالعمل. ويجب أن يواجه العديد من البلدان حقيقة أن تقديم إعانات مالية كبيرة وعشوائية على منتجات النفط تخلق تشوهات اجتماعية واقتصادية. وفي دول قليلة، ستكون القضية هي النظر في سياسات النظام الضريبي. فعلى سبيل المثال، تعتبر ضرائب البنزين منخفضة جدا في الولايات المتحدة، أكبر دولة مستهلكة للنفط الخام في العالم.
كما أن تباطؤ نمو الطلب على النفط يتوقف على إجراء آخر أيضا لتشجيع مصادر بديلة للطاقة والترويج لحماية الطاقة بتبني معايير كفاءة ملائمة وفرض ضرائب على الطاقة.
ويجب تخفيف المخاوف من نقص الإمدادات في المستقبل بزيادة الاستثمار في الإنتاج وفي طاقة التكرير. وسيتضمن ذلك الحد من اللوائح التنظيمية التي تعوق الاستثمارات وكذلك الحد من سيطرة الحكومات على قطاع النفط.
وتحتاج أكثر البلدان فقرا إلى مزيد من المساعدة من المجموعة الدولية لمقاومة تأثير أسعار النفط العالية. وقد اقترح صندوق النقد الدولي تقديم دعم مالي مؤقت إلى الدول ذات الدخل المنخفض لمساعدتها في تجاوز صدمات أسعار السلع، بما في ذلك أسعار النفط العالية.
كما يمكن للدول المصدرة للنفط أن تساعد العالم أيضا على تجاوز ظروف النقص الحالي في إمدادات النفط وضمان الاستفادة من إيرادات النفط العالية على أفضل وجه. وبالنسبة للبعض من الدول المصدرة للنفط لا بد من انتهاز هذه الفرصة لتخفيض أعباء الديون المترتبة عليها. أما بالنسبة للعديد من الدول الأخرى، التي تتمتع بأوضاع اقتصادية سليمة ومستقرة، يمكن أن ترفع من مستوى النمو لديها من خلال إنفاق الأموال التي تجنيها من الأسعار العالية في مشاريع تنموية مفيدة.
ويجب على منتجي ومستهلكي النفط وصناع سياسة تحمل المسؤولية المشتركة لضمان عمل الأسواق بكل كفاءة حتى يكون النفط متوافرا للجميع بصورة لا تؤثر على نمو الاقتصاد العالمي.
** (رودريجو دي راتو مدير إدارة صندوق النقد الدولي )
"إنترناشيونال هيرالد تريبيون"