عرض مشاركة واحدة
قديم 26-10-2005, 11:01 PM   #1
توااارن
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 2,093

 

افتراضي فقر الرأسمالية ورأسمالية الفقر (د.علي دقاق)

:619:


د. علي دقاق
26/10/2005
لم يعد مقبولا ذلك الارتباط العضوي بين الرأسمالية والاقتصاد الحر من جهة, واقتصاد الرفاه كهدف استراتيجي للدول من جهة أخرى . ففي عالمنا الحاضر ومنذ موقعة المؤتمر الأول للبيئة الذي عقد في ستوكهولم في السويد عام 1972، تحت عنوان " البيئة البشرية " وما تبعه من مؤتمرات ولقاءات كان أهمها مؤتمر قمة الأرض الذي عقد في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1992، الذي شهد ميلاد النظام العالمي الجديد والتوجه العولمي المخطط له والذي جاء متضمنا فيما يعرف بأجندة القرن الواحد والعشرين بتوجهاته السياسية والاقتصادية والثقافية ونحن من سيئ إلى أسوأ فيما يتعلق بالبيئة البشرية التي كما يروج على أنها محور التنمية بمعنى أن الإنسان هو عنصر التنمية وهدف التنمية.

والسؤال: أين موقع الإنسان في واقعنا الحالي ومرحلتنا الحياتية الحالية التي تصنف بحقبة المعلومات والاتصالات وتسارع التقنيات؟ وما الذي تغير منذ عصر إقطاع العصور الوسطى؟

الجواب نجده في العديد من الظواهر الاقتصادية الاجتماعية التي يأتي في مقدمتها الفقر والبطالة والمجاعات خاصة في إفريقيا وآسيا والهيمنة السياسية والحروب المنظمة.
الوعد الذي أطلقته مجموعة الدول الغنية عام 1974 للقضاء على الفقر عام 2000، بهدف الارتقاء بدخل الفرد ليصبح فقط فوق دولارين يوميا ليخرجه من خانة تصنيف الفقر لم يتحقق، بل على العكس فقد انضم ما يقارب 100 مليون شخص إلى القائمة ليصبح من يعيش بدخل أقل من دولارين 2800 مليون نسمة منهم 1300 مليون نسمة يعيشون بأقل من دولار بسبب عدم الوفاء بالالتزامات من قبل المجموعات السياسية المسيطرة في الدول الغنية والحاكمة في الدول الفقيرة.

لقد كان واضحا لكل متابع مستقل مدى سوء السياسات التجارية والمالية والتكنولوجية التي اعتمدتها تلك المجموعات المسيطرة والتي أملاها التوجه العولمي والتحولات الاقتصادية نحو اقتصاديات السوق ذات التوجه الرأسمالي التي ترسخ أسباب الفقر والإفقار المتواصل للشعوب. وكما قيل ويقال إن النظام الرأسمالي يزيد الغني غنى ويزيد الفقير فقرا.

ولا يفوتنا التعريج على نظرية السلام الموعود حيث وبمقارنة بسيطة نجد أن عدد الحروب قد زاد أطرافا ومواقع وتوّجها بعد أحداث أيلول (سبتمبر) 2001، إدخال العالم في حرب طويلة الأمد ضد الإرهاب الذي لم تبارك الولايات المتحدة تعريفا محددا له حتى اختلط الحابل بالنابل وأصبح معها رجل المقاومة يصنف بالإرهابي واتجهت المنافسة والسباق بين الدول لتثبت كل دولة أمام الولايات المتحدة مدى جديتها في مكافحة الإرهاب الحابل بالنابل بدلا من أن توجه المنافسة لزيادة جودة الحياة وتخفيض التكاليف على الشعوب وأصبحنا نعيش مفهوم الحرب من أجل ترسيخ السلام ليغيب مع ذلك دستور الحضارة الغربية القائم على المنافسة لتحقيق الرفاه ولتحل مكانه منافسة من شكل آخر ما هي إلا ذريعة لتفسير استمرارية وتبرير الفقر والحرب والبطالة وكأن الفقر والحرب والبطالة صفات حتمية وطبيعية في إطار العولمة التي عكست المتوقع بإلغاء وتحييد الــ نحن وترسيخ الــ أنا بعد الهدف الطموح لإلغاء الفقر عام 2000. الآن وبعد الموافقة على إعلان "أهداف الألفية للتنمية " في أيلول (سبتمبر) من عام 2000 جاء التأكيد على تخفيض عدد الأشخاص شديدي الفقر إلى النصف بحلول عام 2015.. يبدو هدفا طموحا للأشخاص الذين يعيشون بأقل من دولار يوميا .... لاحظوا التحول نحو حتمية الفقر!!!.

عبودية العصور الوسطى كانت غير شرعية تولد عنها وعلى شكل رد فعل عنيف الرأسمالية التي أطّر لها الاقتصادي آدم سميث لتحدث بعد ذلك وعبر عصور العبودية الشرعية التي نعيشها في عصر الحرب هي المدخل للسلام !!! .
فأين نحن من أساس بناء دولة الرعاية التي تبنت مبدأ أنه " ليس من حق أي إنسان أن يكون فقيرا ومبدأ لو كان الفقر رجلا لقتلته؟

وماذا عن حق العمل ومبدأ ليس من حق أي إنسان أن يكون عاطلا ألا يجعل ذلك الرأسمالية في واد والاقتصاد الحر في واد آخر ليبقى من باب أولى عدم قبول ذلك الربط العضوي بين الرأسمالية والاقتصاد الحر من جهة واقتصاد الرفاه من جهة أخرى. فرأسمالية الفقر نعيشها وفقر الرأسمالية بدأ يلوح في الأفق بدءاً بجنون البقر ومرورا بمبدأ الحرب من أجل السلام وحتمية الفقر والبطالة لنصل إلى مرحلة جديدة من الجنون بدأت ملامحها منذ كانون الثاني (يناير) 2001م وترسخت بعد أيلول (سبتمبر) 2001م

أخيرا, ماذا يفيدنا تخصيص المياه " الأنا " والناس شركاء في الماء " الـ نحن"؟


** أستاذ الاقتصاد ـ جامعة الملك عبد العزيز في جدة
توااارن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس