متى نتخلص من فقر إعلانات الشركات؟
مشهور الحارثي
15/10/2005
بدأ موسم إعلان أرباح الشركات المُساهمة للربع الثالث وانهمر علينا بعض من هذه الإعلانات، الكُل يُقر بأن هيئة السوق المالية مشكورةً قد أنجزت مرحلة جيدة في دفع الشركات نحو نشر نتائجها المالية، و لولا الحزم من الهيئة لما وصلنا لهذه المرحلة التي تُعد إحدى المراحل الأولى من مراحل الوصول إلى الإفصاح والشفافية، لكن من راقب إعلانات الشركات في الربعين الماضي والحالي يجد أنه قد أصبح لدى المُستثمر كم من الإعلانات ذات جودة ضعيفة، فالإعلان قد كُتب في أسطر بسيطة يتحدث عن حجم الربح المحقق فقط، وإن زادت الأسطر وكان الإعلان طويلاً فإنه لا يُسمن و لا يُغني من جوع لأنه مُلئ بعبارات إنشائية و خلا من لغة الأرقام، لقد أصبحنا الآن بحاجة إلى إعلانات ذات جودة عالية و مُشبعة بالحقائق الرقمية.
إن الوصول إلى صياغة إعلان أرباح ذي جودة عالية يقودنا للحديث عن مكونات إعلان الأرباح الكامل الذي يضمن الإفصاح والشفافية، ومكونات الإعلان الناجح ليست بالكثيرة فهي أن تُفصح الشركة عن حجم الأرباح للربع الحالي وهذا ما قامت به الشركات المُساهمة السعودية ولا غبار عليه ولكن بقي أن تُفصح دائماً عن حجم الأرباح التشغيلية، وتُفصح أيضاً عن مقدار مصروفاتها وحجم مبيعاتها والديون وحقوق المُساهمين والسيولة المتوفرة لديها، وبعد ذكر كل بند من البنود السابقة يجب أن تقارن بينه وبين ما يُماثله في الربع السابق من العام الحالي والربع المماثل له من العام السابق لتحقيق الشفافية وتُبرر الفروقات إن كانت سلبية أو إيجابية.
ليس صحيحا أن نطلب من المُستثمر الانتظار حتى تُعلن الشركات قوائمها الفصلية في الصحف حتى يتعرف على هذه المعلومات بل يجب أن يكون إعلان أرباح الشركة المنشور في موقع تداول بمثابة مُلخص يحوي أهم البنود المالية ويُكتب بلغة الأرقام و يبتعد عن العبارات الإنشائية ليتخذ المُستثمر قراره الاستثماري بسرعة بعد الإعلان، إن إلزام الشركات المُساهمة بذكر تلك البنود المالية سيضمن تحقيق هدف الإفصاح، أما هدف الشفافية فيتحقق جزء منها بمقارنة الفصل الحالي بالفصول السابقة.
ليس هذا كل شيء بل يجب أن تتحدث إلينا الشركات في بيانها عن توقعاتها للربع التالي وتوقعاتها حتى نهاية العام الجاري، مثلما المُستثمر بحاجة إلى معرفة ما أُنجز فإنه بحاجة إلى معرفة توقعات الشركة المُستقبلية، وتُبين أمام حاملي أسهمها هل ستنخفض مصاريفها أم ستزيد، ومبيعاتها هل ستنخفض أم ترتفع، يجب أن تُتقن الشركات المُساهمة الحديث عن المُستقبل بدل أن تترك الإشاعات تعصف بالمُستثمرين، إفصاح الشركات عن توقعاتها المالية إن تحقق سيُصيب كبد الشفافية ويجعل حاملي أسهمها يقفون على أرض الحقيقة، إلزام هيئة السوق المالية للشركات المُساهمة بالتحدث عن توقعاتها المُستقبلية أحد الحلول الممكنة للحدّ من رواج الإشاعات.
مرةً أخرى ليس هذا كل شيء بل يجب أن تُلزم الشركات بتقديم تاريخ ووقت مُحدد لإعلان نتائج أرباحها و يُنشر في موقع تداول، وأقصد بالزمن المُحدد أي وقت الإعلان هل سيكون قبل افتتاح أو بعد إغلاق السوق، ما الذي يمنع أن تكون هناك أجندة واضحة للجميع تُبين وقت إعلان الشركات لنتائجها، وجود هذه الأجندة سينقذ هيئة السوق المالية من تأفف ولومّ كثير من المُستثمرين لها بأنها تنشر الإعلانات في أوقات سيئة تُضر بحركة السوق، كما أن معرفة وقت الإعلان سيُخفف من حدة المُضاربات ويُكسب سوق الأسهم سمة السوق المنتظمة زمنياً. إن أي إعلان مهما كُتب بجودة عالية و أُتبع بنشر القوائم المالية فإنه لا بد أن تثور استفسارات و تبرز علامات الاستفهام لدى المُستثمرين، و لا يُطفئ نار هذه الاستفسارات إلا مدير الشركة المُساهمة صاحبة الإعلان أو المُتحدث الرسمي باسمها، لذا فإنه من الضروري بعد نمو سوق الأسهم السعوديّة ووصوله لهذا الحجم أن تُلزم هيئة السوق المالية الشركات المُساهمة بعقد مؤتمر في مقر الشركة نفسها، ويُعقد مرتين في العام على الأقل، ويحضره حملة أسهم الشركة والمُستثمرون الذين يدرسون وضع الشركة ومديرو الصناديق الاستثمارية ومؤسسات الاستشارات والمختصون ومندوبو الصحف، ولا ننسى مندوب عن هيئة السوق المالية، ويكون المؤتمر ضمن وقت كاف ليتم نقاش كل ما استشكل على الجميع فهمه بعد إعلان نتائج الشركة، إن هذا حق مشروع لكل مُستثمر في سوق الأسهم السعودية حتى لو لم يتملك سهم هذه الشركة صاحبة المؤتمر فقد يتحول فيما بعد إلى مُستثمر يتملك أسهم هذه الشركة.
إن إلزام هيئة السوق المالية للشركات المُساهمة بصياغة إعلان أرباح كامل المُحتوى سيمنع بعض هذه الشركات من نشر إعلانات أرباح مُضللة وبعضها غامض أشبه ما يكون بالطلاسم، كما أنه سيرفع مستوى الثقافة الاستثمارية لدى المُستثمرين وسيعرف كيف يحكم على أداء الشركات ويُقارن ويُفاضل بينها