كيف نتصدى بفعالية لجريمة توظيف الأموال؟!
07/09/2005 أصدرت هيئة السوق المالية أخيرا لائحتي أعمال الأوراق المالية، والأشخاص المرخص لهم، اللتين تهدفان إلى تنظيم مقدمي خدمات أعمال الأوراق المالية في السوق، والعمل على إرساء الضوابط والقواعد المنظمة للحقوق والواجبات المترتبة على تقديم خدمات ممارسة أعمال الأوراق المالية في السوق المحلية، بما في ذلك الترخيص لممارسة هذه الأعمال ومراقبة أداء ونشاطات المنشآت المرخصة للتأكد من التزامها باللوائح والتنظيمات التي ستكفل تقديم أفضل الخدمات الممكنة للمستفيدين من خدماتها، ثم أصدرت الهيئة تحذيراً يوضح عدم شرعية ومخالفة القيام بتجميع الأموال بهدف استثمارها سواء في سوق الأسهم أو في أي نشاط آخر من الأنشطة التجارية أو الخدمية، إلا بعد الحصول على ترخيص منها. وبالنظر إلى ما تعاني منه السوق المحلية من تشوهات قائمة الآن، والمتمثلة في انتشار ظاهرة تجميع الأموال بصورة غير مشروعة من مختلف شرائح المجتمع، وتدويرها في السوق المحلية أو المتاجرة في الأسواق العالمية الخارجية - على حد زعم الجهات المنظمة لعمليات التجميع- نعتقد أن العمل المضاد المفترض اتخاذه تجاه استشراء تلك العمليات يتطلّب جهوداً كبيرة من قبل الهيئة، ومن كافّة الأطراف ذات العلاقة سواءً الرسمية أو الأهلية أو أفراد المجتمع.
فلا بد بداية أن يُعلن للعموم عن قائمة الجهات المرخص لها من فترة لأخرى، بصورة مستمرة ومتقاربة زمنياً، والإعلان أيضاً عن الجهات المشبوهة التي تورّطت في عمليات تجميع أموال الأفراد بصورة غير نظامية قبل وبعد صدور اللوائح المنظمة لعمل الأوراق المالية، وذلك حتى تكتمل الصورة في أذهان مختلف شرائح المجتمع، وتقطع بذلك الطريق على أي اختراقات يمكن أن تلجأ إليها تلك الجهات المشبوهة للاستمرار في ممارسة أعمال تجميع وإدارة الأموال في الاقتصاد الوطني. تتطلب مواجهة مثل هذه الأشكال المخالفة نظامياً من تجميع وتوظيف الأموال، والآثار الخطيرة المترتبة عليها على مستوى الاقتصاد الوطني بوجه عام، والسوق المحلية بوجه خاص، أن يتم اتخاذ أقصى درجات التأهب والمراقبة والتنفيذ والعقاب بهدف القضاء على أي نوعٍ من أنواع تلك الممارسات المشبوهة، وتنقية بيئة الأعمال في القطاع المالي والاستثماري في السعودية منها، لعل من أخطر آثارها اتساع دائرة الاقتصاد الموازي في السعودية، وما يحمله ذلك من تشوهات فادحة التكاليف يمكن أن يتحمل وزرها الاقتصاد الوطني، وإحداث الخلل المدمّر في مستويات التنمية، وتشويه السياسات المالية والاقتصادية، وتحريفها عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية، لعل من أبرزها الإخلال بكفاءة توزيع الدخول بين أفراد المجتمع، إضافةً إلى المخاطر السياسية والأمنية المرتبطة بما يمكن أن تُستغل فيه تلك المقدرات المالية الوطنية، كتمويل الإرهاب أو التورّط في عمليات غسل الأموال، أو تغذية بيئة الجريمة ورفع خطرها إلى مستوى الجريمة المنظّمة. إن ما يجب التأكيد عليه بصدد هذه القضية المهمة، أن الجميع تقع عليه مسؤولية التصدي لتلك المخالفات المالية والاقتصادية بمختلف أشكالها، بهدف حماية مصالح الاقتصاد والمجتمع.
جدير بالذكر، أن الإسراع بالتطبيق الصارم لما نصّت عليه تلك اللوائح التنفيذية من إجراءاتٍ تنظيمية وعقوبات، وإعلانها للعموم من شأنه أن يخدم بصورة كبيرة توجهات الهيئة الجادة نحو القضاء على تلك الظواهر السلبية في الاقتصاد الوطني. ويقع على مختلف وسائل الإعلام مسؤولية الاضطلاع بالدور التوعوي في هذا المجال، عن طريق كشف أي عمليات مشبوهة من هذا النمط، وتعزيز مستوى الثقافة المالية والاستثمارية لدى مختلف شرائح المجتمع في هذه المجالات، بما يؤهل الأفراد لعدم الوقوع فريسةً لأي تلاعب أو خداع تلجأ إليه عادة تلك الجهات المشبوهة لاستغلالهم وسرقة أموالهم ومدخراتهم.
|