26-08-2005, 04:19 AM
|
#9
|
الفريق الاعلامي لتداول
تاريخ التسجيل: Jun 2004
المشاركات: 3,518
|
تأرجح السوق النفطية بين الخامات وقوانين البيئة يعوق استثمارات المصافي
كبير الباحثين في الشؤون البترولية ورئيس المجموعة العالمية لاستراتيجيات الطاقة لـ(عكاظ):
تأرجح السوق النفطية بين الخامات وقوانين البيئة يعوق استثمارات المصافي
* محمد المداح (واشنطن)
مع استمرار ارتفاع أسعار النفط الى معدلات اقتربت من 70 دولارا للبرميل, بات هناك العديد من التساؤلات حول أسباب ذلك وهل يمكن لنا الرجوع بالاسعار الى معدلات معقولة, واذا ما كان جزء كبير من المشكلة يكمن فى محدودية مصافى البترول, فلماذا لا تستثمر الدول المستهلكة للنفط فى انشاء مصافى تكرير كافية وما هى السبل الكفيلة لاقامة المزيد منها, وهل بات من الممكن دخول الدول المصدرة للنفط فى شراكات مع الدول المستهلكة للبترول لبناء المزيد من هذه المصافى.
أسئلة عديدة حملتها (عكاظ) وذهبت بها الى معهد هادسون للأبحاث السياسية أحد أهم مراكز الفكر السياسي والاقتصادى فى العاصمة الأمريكية حيث التقت هناك مع كبير الباحثين فى الشأن البترولى الدكتور Paul Michael Wihbey والذى يرأس أيضا المجموعة العالمية لاستراتيجيات المياه والطاقة Global Water and Energy Strategy team والتى مقرها العاصمة الأمريكية الذي قال لـ(عكاظ): أنه فى الوقت الراهن هناك نقص شديد فى الاستثمارات الأمريكية ليس فقط فى مجالات مصفيات تكرير البترول ولكن أيضا فى مجالات التنقيب والانتاج البترولى وفى الشهر القادم سوف يفتتح الكونجرس هنا فى واشنطن جلسات استماع حول هذه القضية. ويرى الدكتور ويبى أن شركات البترول الأمريكية العملاقة مثل شيفرون, وتكساكو, وأكيسون, وميبول وغيرها ليسوا متأكدين فيما اذا كانوا يستطيعون القيام باستثمار أموالهم فى عمليات التنقيب والتكرير للبترول الخفيف أو أنهم يستثمرونها فى مجالات أكثر كلفة مثل التنقيب فى البحار وتحت المياه العميقة لاستخراج البترول الثقيل فى بلاد مثل فنزويلا وكندا, أما البترول القادم للولايات المتحدة من السعودية فهو يتطلب معامل تكرير مختلفة فى امكانياتها وقدراتها وتجهيزاتها وربما كان أكثر تكلفة من معامل التكرير للبترول الثقيل ولذلك فان المشكلة الحقيقية الآن تكمن فى شركات البترول التى تراقب السوق اليوم ولا تعرف بالتحديد أى اتجاه يسير نحوه هذا السوق للاستقرار عنده على المدى البعيد, هل هو سوق النفط الخفيف أم النفط الثقيل.
ويستطرد الدكتور ويبى فيقول لـ(عكاظ): السؤال الذى يواجه الكثير من هذه الشركات التى ترغب فى الاستثمار البترولى هو : هل العراق لديه احتياطى كبير بالفعل وهل آبار هذا الاحتياطى قد دمرت بسبب عمليات حقن الغاز الذى استخدمها صدام حسين للحفاظ على مستويات أنتاجيه منخفضة, فهناك نظريات تقول أن آبار الشمال فى كركوك يتراجع انتاجها بصورة كبيرة. كما وأن هناك أيضا تساؤلات حول مدى امكانية استمرارية ضخ البترول الخفيف فى منطقة الخليج. فمثل هذه التساؤلات وعدم امكانية تحديد اجابة عليها يحول دون امكانيات شركات البترول فى معرفة امكانيات السوق المستقبلية وبالتالى صعوبة توجيه أستثماراتها نحو أى معامل التكرير يمكنها أن تنشئها أو تقيمها بصرف النظر عن اقامتها داخل الولايات المتحدة أو فى اى مكان آخر فى العالم حيث أن تجهيزات واعداد معامل الزيت الخفيف يختلف تماما عن معامل تكرير الزيت الثقيل كما هو معروف. فاذا ماكانت الاجابة على مثل هذه الأسئلة غير معروفة فان الاستثمارات فى مجالات التكرير سوف تتوقف بصفة عامة الى أن تتضح الاجابة على مثل هذا السؤال على المدى الطويل وأى نوع من البترول سوف نتعامل معه, وهل هو البترول الخفيف أم البترول الثقيل. هذا الى جانب قضية أخرى مهمة خاصة بتلوث البيئة حيث أن هناك العديد الآن من القوانين التى تحول دون امكانية أستحداث أى معامل جديدة من شأنها أن تلوث البيئة كما وأن هناك جهات فدرالية وأخرى عالمية مسؤولة عن صيانة وحماية البيئة والتأكد من تطبيق كل القوانين الخاصة بالحفاظ على بيئة خالية من التلوث. ويمتد هذا ليس فقط لمنع انشاء معامل تكرير جديدة ولكن أيضا لتوسيع المعامل الموجودة حاليا. فان ذلك قضية رئيسية ترصدها بدقة قرارات ولوائح الوكالة الأمريكية لحماية البيئة, ولذا فان مثل هذه اللوائح والقوانين تعوق انشاء معامل جديدة لتكرير البترول داخل الولايات المتحدة.
ويرى الدكتور ويبى أنه حتى لو تم تحريك بعض القوانين الى صالح انشاء معامل للتكرير اذا ما تم تحرك كافى فى هذا الاتجاه من قبل الكونجرس الأمريكى, الا أنه سيظل هناك تساؤل من قبل المستثمرين حول ماهية نوع معامل التكرير التى سيتم الاستثمار فيها هل هى المعامل الخاصة بالنفط الخفيف أم الأخرى الخاصة بالثقيل خاصة فى ظل شكوك فى الوقت الحالى أن هناك تراجعا عالميا فى انتاجية النفط الخفيف أو حتى امكانية انتاجه على مستوى كاف فى المستقبل. كما ويرى الدكتور ويبى أن هناك ضغوطا سياسية سوف تثار من قبل أعضاء فى الكونجرس خاصة عند فتح جلسات استماع لذلك الشهر القادم حيث أن سعر الجالون للجازولين قد وصل الى ثلاثة دولارات بالفعل فى ولايات مثل كاليفورنيا وأن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبيا على صناعة النقل الأمريكية والتى تعد من أهم قطاعات الاقتصاد فى الولايات المتحدة. ويتخوف كبير الباحثين فى مجالات الطاقة بمعهد هادسون عن الموقف القادم فى الشتاء خلال شهور نوفمبر وديسمبر ويناير على أفتراض بقاء الأسعار على ماهى عليه الآن وربما الوصول الى 70 دولارا للبرميل او تجاوزه. فعندما يتضاعف سعر التدفئة داخل البيوت والمصانع والمكاتب عما كان عليه الحال فى العام الماضى, اضف الى ذلك السعر العالى للبنزين حاليا فان ذلك من شأنه أن يؤثر على أسعار المنازل وحركة البيع والشراء فى هذا القطاع الاقتصادى الأمريكى الهام.
ويضيف الدكتور ويبى لـ(عكاظ) فيقول : ولهذا السبب بات يتحدث بعض الاقتصاديين الأمريكيين عن احتمالات الدخول فى دورة كساد مرة أخرى خلال الفترة القصيرة القادمة.
ويؤكد الدكتور ويبى أن هناك عوامل ضرورية من الواجب توفرها لتحقيق نوع من الاستقرار فى السوق النفطى فيما يخص السعر فالمسألة ليست فقط متعلقة بارتفاع السعر للنفط انما هى أيضا مرتبطة بعدم الاستقرار لهذا السعر. فالأسعار قد ارتفعت بصفة شديدة على مدى قليل من الوقت وهذا من شأنه أن يربك قطاعات الاستهلاك على المستوى القومى الأمريكي.
ويعتقد الدكتور ويبى أن المطلوب هو خلق آلية جديدة تستقر عندها أسعار النفط على المدى الطويل وعند معدلات محددة.
ويرى كبير باحثي معهد هادسون أن دول الأوبك أصبحت عاجزة فى الوقت الحالى عن تحقيق آلية هذا الاستقرار فى أسعار النفط بعدما لعبت بالفعل دورا مهما فى هذا الصدد على مدى العقود الثلاثة الأخيرة. كما ويعتقد خبير البترول الأمريكى أن عجز الأوبك عن تحقيق استقرار السعر بسبب تغير هيكلة السوق النفطى فى الوقت الحالى عنه فى السابق. ولهذا السبب فقد بات أمر خلق آلية جديدة للسعر النفطى أمرا حيويا لاستقرار أسعار السوق النفطية. ويضيف الدكتور ويبى فيقول : لتحقيق مستوى جديد لاستقرار سعر برميل البترول علينا أن ننظر الى منطقتين مختلفتين لنمط الاستهلاك فى العالم المنطقة الأولى تنحصر فى أوروآسيا وهى تضم كلا من روسيا والصين ودول آسيا ومنطقة الشرق الأوسط. أما المنطقة الأخرى هى النصف الغربى من الأرض والتى تضم الأمريكيتين والجانب الغربى من أفريقيا. وهاتان المنطقتان تشكلان فى مجموعهما مجالات الانتاج والاستهلاك النفطى فى العالم. فكما هو معروف لا تحصل الولايات المتحدة على نسبة كبيرة من بترول الخليج العربى حيث يشكل ما تحصل عليه من هذه المنطقة هو 10 فى المائة فقط من بين البترول المستورد ولكن الـ 90 فى المائة من واردات النقط للولايات المتحدة تأتى له من الغرب فى المكسيك وفنزويلا وكندا ونيجيريا. فمشكلة الأمريكيين لن تتأثر كثيرا بالنفط الخليجى بقدر تأثرها بنفط الغرب ولذلك فان هناك اكتفاء ذاتيا من منطقتين مختلفتين فى العالم ربما كان هناك اتصال فيما بينهما ولكن من المهم أن تكون هناك آلية سعرية لكلا المنطقتين لامكانية خلق طبيعة استقرارية للسعر فى كل منطقة منهما وذلك لكبار المستهلكين للنفط فى العالم. ويعتقد الدكتور ويبى أن خلق سلة بالدولار وسلة أخرى باليورو ويمكن فيهما أيضا خلط السلتين معا اذا ما أردنا ذلك حيث أن هاتين السلتين هما اللتان ستحددان السعر النفطى فى العالم واستقراره على المدى الطويل.
ويرى الدكتور ويبى أن اسواق النفط قد تغيرت كثيرا عما كان عليه الحال فى منتصف السبعينات من القرن الماضى حيث أن دول الأوبك لم تتكيف حتى الآن مع هذه التغيرات التى طرأت على هذه الأسواق. فالأوبك عندما تحسست تغير أنماط السوق النفطى كان عليها وقتئذ أن تأخذ دور القيادة لخلق نظام سعرى جديد لكنها لم تفعل. ولم ترى الطريق الطبيعى فى الاتجاهين المرسومين له من أجل ان تعيد التحكم فى الموقف. فقد يكون من الصعب تغيير الاسلوب ما لم تكن هناك قيادة سياسية للتحرك فى هذا الاتجاه, كما وأن النظام الذى عملت به دول الأوبك هو نظام تقليدى مضى عليه الزمن. ويقول الدكتور ويبى أنه اذا ما كانت هناك رغبة حقيقية فى الابقاء على صناعة النفط قوية واعتبارها المصدر الرئيسى للطاقة على المدى البعيد فلا بد من ايجاد وسيلة للتحكم فى السعر واستمرار فى امدادات النفط وتحقيق نوع كبير من الاستقرار فى أسواق النفط العالمية. ويعتبر الدكتور ويبى أن هناك حقائق جديدة لابد من تقبلها بشكل طبيعى كالاختراعات الجديدة التى يمكن أن تفاجأ بها الأسواق بعد سنة من الآن أو بعد عشر سنوات المهم أن هناك تحركا فى هذا الاتجاه قد يؤثر تماما على الصناعة النفطية فى العالم فى وقت من الأوقات. ولذلك على القائمين على هذه الصناعة التوصل الى آليات جديدة تحل محل النظام الموجود المعمول به فى الأوبيك حاليا .
|
|
|