عرض مشاركة واحدة
قديم 25-06-2005, 02:27 AM   #3
كناريا
أبو عبدالرحمن
 
تاريخ التسجيل: Dec 2004
المشاركات: 6,953

 
افتراضي

كوندوليزا رايس والعلاقات الاقتصادية السعودية ـ الأميركية

د. عبد العزيز حمد العويشق*
أثارت وزيرة الخارجية الأميركية جدلاً كبيراً خلال زيارتها إلى المنطقة بسبب تصريحاتها حول عدد من القضايا السياسية المتعلقة بمصر والمملكة العربية السعودية. ولعل الاهتمام الكبير الذي حظيت به تلك التعليقات غطى على تصريحاتها التي قد لا تقل أهمية عن العلاقات الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة. وكان من أهم تلك التعليقات ما قالته الوزيرة في لقاء صحافي عقدته يوم الثلاثاء 21 يونيو (حزيران) الحالي، وتضمن اللقاء، كما يُقال بالإنجليزية، أخباراً جيدة وأخرى سيئة، فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين الجانبين. في الجانب الإيجابي، أعلنت الوزيرة كونداليزا رايس ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين في اجتماع القمة الذي عُقد في شهر أبريل (نيسان) الماضي في كراوفورد ـ تكساس من تشكيل لجنة مشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين. ومن خلال إعلان الوزيرة في اللقاء الصحافي يوم الثلاثاء تبدو هذه اللجنة شبيهة باللجنة المشتركة التي شُكًلت عام 1975 وتم حلها عام 2000، وإن كانت اللجنة الجديدة تبدو ـ بخلاف سابقتها ـ غير مقصورة على النواحي الاقتصادية، بل سوف تشمل القضايا السياسية مثل قضية فلسطين ومحاربة الإرهاب. وفي حين كانت اللجنة السابقة برئاسة وزير المالية السعودي ووزير الخزانة الأميركي، فإن اللجنة الجديدة سيرأسها وزيرا خارجية الدولتين.

ومثلما كان متبعاً في اللجنة السابقة، فمن المقرر أن تجتمع اللجنة مرتين في العام; مرة في واشنطن ومرة أخرى في الرياض، وتشكل فرق عمل متخصصة في كل موضوع يقع تحت نطاق عملها. ولما كانت اللجنة السابقة واجهت العديد من الصعوبات، وربما بعض الأخطاء، التي قللت من فاعليتها بمرور الوقت وأدت إلى حلها في نهاية المطاف، فلعل اللجنة الجديدة تنجح في تجنب تلك العقبات.


وإذا كانت (إعادة) تشكيل اللجنة المشتركة السعودية ـ الأميركية دليلا على رغبة الطرفين في تعزيز العلاقات بينهما، فإن تعليقات الوزيرة الأميركية في اللقاء الصحافي نفسه عن موقف الولايات المتحدة من انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية كانت على النقيض من ذلك بشكل يثير الدهشة في ضوء التفاؤل الذي أعقب مفاوضات الجانبين في واشنطن في شهر أبريل الماضي. فخلال تلك الجولة التفاوضية عبر عدد من المسؤولين عن أن الاتفاق بين الطرفين بشأن المطالب الأميركية أصبح وشيكاً ـ «خلال أيام أو أسابيع»، وأنه لم يبق سوى عدد من «التفاصيل الفنية». وفي مقابل ذلك، أشارت رايس في لقاء الثلاثاء بوضوح إلى أن هناك عدداً من القضايا الصعبة التي تتطلب وقتاً قبل التوصل إلى اتفاق بشأنها. كما أشارت إلى الصعوبات المتعلقة بضرورة موافقة الكونغرس على أي اتفاق يتم إبرامه. فإجابة عن سؤال عما إذا كانت تعتقد بأن المملكة سوف تنضم إلى المنظمة في اجتماع هونغ كونغ في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، امتنعت رايس عن الإجابة مباشرة، لكنها قالت إننا «لا نستطيع القفز على متطلبات منظمة التجارة العالمية، ولذلك فإن هناك الكثير مما يجب على الجانب السعودي القيام به لكي يصل إلى تلك المرحلة»، ثم أضافت أن «أي اتفاق على انضمام السعودية إلى المنظمة يجب أن يمر عبر الكونغرس، ولذلك فإن أي اتفاق نتوصل إليه يجب أن يتم بطريقة تمكنه من الصمود عندما يُعرض على الكونغرس». وأوضحت الوزيرة طبيعة القضايا المتبقية بأنها من «أصعب القضايا، كما هو الحال في المفاوضات، حيث تظل أصعب القضايا إلى آخر المطاف، وهذا هو السبب في التقدم البطيء في المفاوضات».

ويجب عدم الاستخفاف بمعارضة الكونغرس لعقد اتفاق أميركي مع السعودية بشأن انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. فمع أن تلك المعارضة في الأساس بدأت بين أنصار إسرائيل من النواب ومجموعات الضغط التي تعمل لصالحها، إلا أنها أصبحت تشمل عدداً من كبار أعضاء مجلس الشيوخ مثل جون ماكين وجون كيري، المرشحين السابقين لرئاسة الجمهورية، وهيلاري كلينتون السيدة الأولى السابقة والتي يعتقد الكثير أنها مرشحة مقبلة للرئاسة في انتخابات عام 2008 . وقد نجح أنصار هذه الحملة في جمع توقيعات لـ 45 عضواً من مجلس النواب على رسالة إلى روب بورتمان، الممثل التجاري الجديد للولايات المتحدة، (أي ما يعادل وزير التجارة الخارجية) تطالبه فيها بعدم عقد أي اتفاق مع السعودية بخصوص انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية ما لم تعدل عدداً من سياساتها. كما يتم حالياً جمع التواقيع في مجلس الشيوخ على رسالة مشابهة قد تكون أكثر تأثيراً وتتضمن الكثير من الشروط قبل توقيع أي اتفاق.

وتثير الصعوبات المتعلقة بالموضوعات الاقتصادية، والتي أشارت إليها وزيرة الخارجية الأميركية، والمعارضة التي يبديها كثير من أعضاء الكونغرس، التساؤل فيما إذا كان التفاؤل سابقاً لأوانه بقرب عقد اتفاق أميركي ـ سعودي يمهد لانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية هذا العام، ما لم يتم بذل جهود مساوية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي لمواجهة هذه التحديات.

* خبير اقتصادي سعودي
كناريا غير متواجد حالياً