18-06-2005, 09:00 AM
|
#10
|
متداول نشيط
تاريخ التسجيل: Jun 2004
المشاركات: 3,587
|
أين كانت قبل ذلك؟
ماجد محمد قاروب
18/06/2005 حسمت صيغة توفيقية الخلاف الناشب بين هيئة سوق المال ووزارة التجارة والصناعة منذ ستة أشهر حول فصل الاختصاصات المتداخلة بين الجهتين فيما يتعلق بالبت في زيادة رساميل الشركات القائمة وتنظيم الاكتتابات في أسهم الشركات الجديدة، وتوصلت لجنة مشكلة لفصل الصلاحيات وبعضوية عدد من الجهات الحكومية المعنية إلى توصيات رفعت إلى المقام السامي تمخضت عن إسناد مسؤولية زيادة رساميل الشركات المساهمة القائمة إلى هيئة سوق المال، فيما قررت اللجنة في توصياتها إبقاء مسؤولية تأسيس شركات أو تحويل نوعها لدى وزارة التجارة.
وكان خلاف قد برز بين الهيئة والوزارة حول بعض الصلاحيات المتداخلة قد ظهر للعيان عند تحديد موعد لاكتتاب شركة اتحاد اتصالات الفائزة بالرخصة الثانية لتشغيل الهاتف الجوال في السعودية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، نتيجة لتحديد موعد الاكتتاب قبل الترخيص للشركة، مما أدى إلى صدور قرار بإعفاء الشركة من بعض المتطلبات، كما نتج عن هذا التداخل تأخير البت في رفع رساميل عشرات من الشركات المساهمة التي تقدمت بطلبات لذلك.
وما تقدم هو ما نشر في الصحف، ووفق مصادر ''الاقتصادية'' فإن هذه التطورات تنتظر موافقة المقام السامي بعد أن وافقت عليها وزارة التجارة وهيئة الخبراء التي كان لها تحفظ على توصيات سابقة بنقل زيادة الرساميل للشركات المساهمة إلى هيئة سوق المال، أدت إلى إعادة اجتماع اللجنة المكلفة بدراسة فصل الصلاحيات مرة أخرى ومناقشتها من جديد، وتضمنت التوصيات الجديدة المرفوعة إسناد مهمة التأكد من دراسات الجدوى الاقتصادية التي تقدمها الشركات المساهمة بهدف طرح أسهم جديدة للاكتتاب العام أو زيادة الرساميل، إضافة على صلاحية إدراج ومراقبة الشركات المدرجة في سوق الأسهم ضمن صلاحيات هيئة السوق، فيما أسندت لوزارة التجارة والصناعة مهمة الترخيص بتأسيس الشركات المساهمة، وتحويل نوعها، وكذلك مراجعة ميزانيات وجمعيات مساهمي الشركات المساهمة، إلى جانب تطبيق نظام الشركات في هذا الخصوص.
إن التساؤل الذي يثار: أين كانت وزارة التجارة ومؤسسة النقد وهيئة الخبراء قبل صدور نظام هيئة سوق المال؟ إن المتتبع للدورة التشريعية للأنظمة والقوانين الجديدة يدرك أن وزارة المالية باعتبارها الجهة الحكومية التي ترغب في إصدار نظام جديد أو تعديله تقوم بإرسال مشروع النظام إلى مجلس الوزراء الذي يحيله بدوره إلى جميع الوزارات والهيئات الحكومية لإبداء الملاحظات والمرئيات ومن ثم يعود مرة أخرى للوزارة ثم يحال بعد ذلك المشروع في صيغته النهائية من خلال مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى الذي يحيله إلى اللجنة المختصة التي تدرس مشروع النظام ومن ثم يقوم المجلس الموقر بهيئته العامة بالتصويت عليه ثم يعيده المجلس إلى رئيس مجلس الوزراء لإصدار مرسوم ملكي بإصدار النظام.
إن هذه الحالة وغيرها تدعونا إلى مراجعة الملاحظات التي قدمتها تلك الجهات المعنية عندما طلب منها إبداء الملاحظات، وكذلك مراجعة أعمال اللجنة المعنية في مجلس الشورى التي قامت بمراجعة مشروع النظام المشفوع بمرئيات تلك الجهات وكذلك مراجعة محاضر اجتماعاتها مع ممثلين أو مندوبين من بعض الجهات.
التساؤل: لماذا لم تقدم تلك الجهات مرئياتها بعد أن سمحت لها الدورة التشريعية أن تقدم مرئياتها ثلاث مرات وإذا قدمت لِمَ لَمْ يؤخذ بها؟ أين التقصير هل في المستوى الإداري الذي عولجت به المعاملة ـ وهذا هو المصطلح الحكومي الذي يعبر عن مستوى التعامل ـ أم أنها عوملت على أنها مشروع نظام جديد أحيل إلى المستشارين والخبراء من اللحظة الأولى؟ أم أن العمل في هذه الدورة يغلب عليه إجراءات الصادر والوارد دون فحص أو اطلاع؟ وماذا درست اللجنة المعنية في المجلس الموقر؟ وهل دراستها أدت إلى تراخي باقي أعضاء المجلس فأجازوا النظام تباعا بأن غيرهم من أعضاء اللجنة قاموا بالعمل، والمطلوب هو سرعة إتمام إجراءات التصديق حتى لا يتهم المجلس الموقر بتأخير مشاريع الأنظمة؟
إن هذه الحالة مثيلتها في نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني وتداخلاته مع العديد من الأنظمة والجهات ذات العلاقة تدعو للتأمل ومراجعة الدورة التشريعية بالكامل لمعرفة مكامن الضعف والخلل، هل هي في الآلية أم في الأفراد أم الإمكانيات، فمن غير المعقول أو المقبول أن يظهر هذا التضارب والتعارض بعد اعتماد الأنظمة وكأن الجهات ذات العلاقة لم تكن موجودة أو لا تعلم عن تلك الأنظمة، فأين كانت قبل ذلك؟
وكنا نطالب في مقالات سابقة المجلس الموقر بأن يراقب اللوائح التنفيذية للأنظمة لتقليل التعارض والمبالغات في اللوائح التي يصدرها الوزراء بعيدا عن الأنظمة التي تصدر بمراسيم ملكية واجبة وملزمة للجميع، حتى يتسنى الالتفات إلى إلغاء التعاميم التي يصدرها رؤساء الأقسام ووكلاء الوزارات التي تتم وفق كل حالة يتعرضون لها فيكون حلها من خلال تعميم يفرض، بل الأدهى أنه ينفذ بشكل أكثر إلزاما من اللوائح التنفيذية وأكثر صرامة من القوانين الصادرة بالمراسيم الملكية.
وعوضا عن ذلك نفاجأ بأن ممارسات المجلس الموقر تؤدي إلى استحداث مذكرات تفاهم بين الوزارات وهيئة الخبراء ترفع للمقام السامي الكريم، ونرى أن ذلك تنازل سلبي من مجلس الشورى لصالح الجهات الحكومية الأخرى، وهذا أمر غير نظامي ويؤثر سلبا على الدورة التشريعية للأنظمة، الأمر الذي يزيد ويربك الدورة رغم أن للمجلس الموقر دورا إيجابيا مفترضا في تطوير العملية التشريعية ومكانتها ومخرجاتها والقائمين عليها في جميع المراحل والمواقع.
وبالتالي يتكرر لنا السؤال: أين كانت قبل ذلك حين لم تنجح الدورة التشريعية المتوجة بمجلس الشورى في وضع منظومة جديدة داخل الوضع القائم عن نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ولائحته التنفيذية وكذلك مجلس الضمان الصحي التعاوني، ولذلك لاحظ وكتب وعلق الكثيرون من المتخصصين حول التداخل والتشابك بين مؤسسة النقد وهيئة الاستثمار ووزارة الصحة وهيئة سوق المال ووزارة التجارة، وفشلت جميع تلك الوزارات والهيئات في بدء تنفيذ النظام وتفننت الجهات في التصريح والتنفيذ من العرقلة الكاملة إلى الترخيص في خلال 24 ساعة بلا فائدة، فكيف ترخص هيئة الاستثمار خلال يوم لشركات التأمين الأجنبية ولا تسجل وزارة التجارة الشركات؟ وكيف رخصت الهيئة لشركات لم تحصل على ترخيص مؤسسة النقد؟ وكيف وضعت اشتراطات بعيدة كل البعد عن النظام واللائحة ومجمل الأنظمة الاقتصادية المعمول بها في البلاد؟ بل إن مؤسسة النقد ليس لديها سوى مستشار للتأمين كان مسؤولا عن ملف التأمين ويمكن تخيل كيف تقدر المؤسسة الموضوع حق قدره بهذا الشكل وتفشل في تنفيذ النظام مما أدى إلى صدور قرار مجلس الوزراء الموقر الأخير استنادا لقرار لجنة مشكلة من عدة جهات إضافة إلى هيئة الخبراء حول الترتيبات اللازمة لممارسة الشركات الأجنبية نشاط التأمين التعاوني بعيدا عن مجلس الشورى.
والسؤال الموجه إلى تلك الجهات: أين كانت قبل ذلك، ولماذا لم تقدم ما تتقدم به الآن من قبل وإذا كانت قد قدمت فمن المسؤول عن عدم سماع أو قراءة ما قدمت.. هل هو مجلس الشورى الموقر أم الإدارات والجهات المعنية فقط؟ ولأجل الصالح العام ولسمعة ومكانة الأنظمة وهيبتها نريد أن نعرف أين كانت قبل ذلك؟
|
|
|