[محمد السويد]

مافيا الربا الإسلامي





محمد عبدالله السويّد ٭
منذ فترة ليست بالبعيدة خرج علينا أشخاص أو مؤسسات يقومون بإدارة الأموال (الأصول) بشكل غير نظامي وبدون ترخيص من الجهات المختصة (وهذا طبعا عائد لخلل النظام المالي المحلي) واستمرت بعض هذه المجموعات في العمل لسنين عديدة معتمدين على حجم أرباح يوزعونه بشكل شهري وثابت، وأشهرهم ما سمعنا عنهم في المنطقة الشرقية والتي تم إيقافها قبل أكثر من سنة.

نشاط هذه المجموعات بدأ ينشط مرة أخرى وأصبحت هذه المجموعات تتنافس على نسب الأرباح التي تقدمها للمستثمرين حتى أن إحدى هذه المجموعات أصبحت تعطي عوائد شهرية تزيد على 50٪ شهريا كعائد على رأس المال مدعية بأنها إما تعمل في الأسهم السعودية أو في البورصات العالمية.

المعروف عن الاستثمار في أسواق رأس المال سواء الأسهم أو العملات أو حتى السلع بأنه خطر جدا، ولا يمكنك أن تحقق نسبة معينة بشكل مستمر، بالإضافة أن أفضل مدراء المحافظ في العالم لا يتجاوز حجم أدائهم السنوي 40٪ مع العلم أنهم أناس محترفون جدا ويملكون من القدرات التي نعجز نحن في العالم العربي أن نملك مثلها.

إذا علمنا هذه المعلومات فكيف تستطيع هذه المجموعات على تقديم عوائد لمستثمريها يتجاوز 5٪ شهريا وبشكل مستمر بدون أن يكون هناك خسائر أو ما شابه كما نعهده في مثل هذه الأسواق، هل لديهم خلطة سحرية تجعلهم يكسبون هذا القدر من الأرباح، أم أنهم منخرطون في أعمال مشبوهة كغسيل الأموال.

الحقيقة المفجعة هي أنهم مرابون من الدرجة الأولى، نعم مرابون يحاربون الله ورسوله مع أنهم يظهر عليهم علامات الصلاح والطهارة، فهم كالبنوك تماما يستقبلون ودائع المستثمرين مدعين استثمارها في مختلف المجالات ومن ثم يعطون عوائد شهرية أو ربع سنوية مع أن استثماراتهم خاسرة، إلى درجة أن إحدى هذه المجموعات لديهم خسارة في محفظتهم أكثر من 40٪ ولكنهم مازالوا يصرفون للمستثمرين عوائد بنسبة 10٪ شهريا مستفيدين من المودعين الجدد ومستغلين عدم وجود رقابة من أنظمة البلد، والبعض الآخر منهم يستخدم أموال المودعين لاستخراج ضمانات بنكية يقوم باستخدامها أيضا لاقتراض مبالغ ضخمة بفوائد ربوية صريحة متجاهلين ما يظهرونه لعملائهم.

نعم أخي القارئ من المفجع أن نكتشف أن نظامنا المالي في الطريق لأن يصبح ربويا بواجهة إسلامية إلى درجة أن بعض هذه المجموعات تقوم بدعم نشاطاتهم بفتاوى وشخصيات دينية متجاهلين أن ما يقومون به هو عين الربا، وأثق بأنه لن تكون لديهم الشجاعة بأن يصرحوا بذلك لأن هذا يعني انهيار أعمالهم الخاصة بمختلف مسمياتهم والنشاطات التي يدعونها سواء في جدة أو الرياض أو المنطقة الشرقية.

أعتقد أن الوقت يداهم مؤسسة أو هيئة سوق المال بهذا الخصوص حيث ان هذه المجموعات بدأت تنتشر مثل النار في الهشيم، فعلى الأقل يفترض أن يتم الكشف عن نشاطات هذه المجموعات ومطالبتهم بتقارير رسمية عن نشاطاتهم وحقيقة استثماراتهم التي يدعون أنها توفر لهم عوائد تتجاوز 1٪ شهريا وبشكل ثابت وغير منطقي، أو توفير تراخيص بنكية لهم لكي ينظموا عملهم بشكل واضح وصريح بدون التمويه على المستثمرين.

أتمنى ألا أرى ما حدث مع المجموعات التي تم تجميدها في المنطقة الشرقية يحدث في المجموعات الأخرى في بقية المناطق في بلدنا الحبيب، فمثل هذا الأمر من الممكن أن يعرض نظامنا المالي إلى فوضى ويسهل المجال لشركات النصب والاحتيال الدولية ويتركنا لقمة سائغة لهم، فحسب ما وصلني مؤخرا أن هناك شخصا عربيا في المنطقة الغربية يروج لطريقة يضمن بها الاحتيال على المستثمرين هنا بشكل نظامي.


٭محلل مالي



http://www.alriyadh.com/2005/06/03/article69491.html