21-05-2005, 07:21 AM
|
#9
|
متداول نشيط
تاريخ التسجيل: Jun 2004
المشاركات: 3,587
|
الاقتصاد السعودي.. من الطفرة الأولى إلى الطفرة الثانية!
د. أمين ساعاتي
21/05/2005 http://aleqtisadiah.com/SiteImages/RayAuthors/17.jpg قد لا يحبذ بعض الاقتصاديين استخدام عبارة (طفرة) مصطلحا يعبر عن المرحلة التي يمر بها الاقتصاد السعودي في هذه الأيام.
ولذلك نود أن نوضح أننا نستخدم هذا التعبير لأنه أصبح مصطلحاً دارجاً استخدمه الإعلام السعودي على نطاق واسع لعشر سنوات بدأت مع بداية خطة التنمية الثانية عام 1395هـ (1975م) حينما كان الاقتصاد السعودي في حالة انتعاش جارف ومفاجئ أربك القطاع الخاص وقطاعات الدولة التي لم تستطع أن تستثمر تلك الفرص المتاحة بالشكل الأمثل.
ولذلك إذا جاز استخدام مصطلح (الطفرة) في المرة الأولى، فلا نجد غضاضة في استخدامه في هذه المرة حتى ولو من باب التفاؤل بالنشاط الاقتصادي الواعد.
ونستطيع القول إن الطفرة الحالية نستشعر معالمها تتحرك في أوصال وقنوات الاقتصاد الوطني في أكثر من صعيد. وفي هذه المرة نتوقع أن تستثمر قطاعات الدولة هذه الطفرة بشكل أفضل بكثير من الطفرة الأولى.
وإذا جازت المقارنة فإن المراقبين يقدرون الطفرة الحالية بإمكانية استمرارها لدورة قد تتواصل إلى عشر سنوات مع بلوغ سعر النفط حاجز الـ 80 دولاراً للبرميل الواحد، ومع هذه الطفرة نتوقع أن تتضافر القوى الاقتصادية في القطاعين العام والخاص للاستفادة من هذه الفرصة التي قد لا تتكرر في القريب وأن يكون استثمارها بمعدلات عالية من الأداء الجيّد والتنمية المستدامة الشاملة في القطاعات كافة.
ومما لا شك فيه أن الطفرة الأولى اقترنت بكثير من السلبيات رغم إيجابياتها الكثيرة بحيث لم تستطع برامج التنمية التي تم تنفيذها من القضاء على المشاكل التي كان يعانيها المجتمع بل كانت ثلة المشاريع حلولاً وقتية، ولذلك بعد مرور نحو 20 عاماً استدارت المشاكل مرة أخرى على المجتمع وأخذت تطل بأنيابها وتؤذي المجتمع في قطاعات كثيرة من معاشه وكأننا لم ننفذ برامج للتنمية ولم نحقق تقدماً في جميع أوجه الحياة.
ولعل السبب هو أن الطفرة الأولى لم تتمتع بديناميكية المواجهة، بل اهتمت بالبرامج الجامدة ولم تؤسس للتنمية المستدامة بحيث تفرز - أوتوماتيكياً - وسائل علاج المشاكل العارضة التي قد يتعرض لها المجتمع في مسيرته التنموية.
ودعونا نقول باختصار إن السعوديين في الوقت الحالى أصبحوا من أصحاب العلم والخبرة والممارسة وأصبحوا مجتمعاً معرفياً، وانتهوا من بناء مؤسسات التنمية، وقادرون على قراءة المستقبل واغتنام الفرص واستثمارها، وأن إمكاناتهم العلمية والبشرية تؤهلهم لوضع حسابات دقيقة للتنمية المستدامة في جميع مجالات الحياة.
ونلاحظ ذلك من خلال أربع مناسبات انطلقت في يوم واحد وهدفها التسويق في السوق العالمية لفرص استثمارية ضخمة تعبر عن الطفرة التي يأمل المواطن السعودي أن يكون قدومها خيرا وبركة عليه وعلى أبنائه وأحفاده من بعده.
والمملكة ـ بهذه المشاريع ـ تريد أن تغازل الرساميل في كل أنحاء العالم وبالذات في الولايات المتحدة التي تربطها بالمملكة علاقات اقتصادية، ثقافية، وسياسية عميقة ومتجذرة في جميع المجالات.
فى يوم السبت الماضي السابع من أيار (مايو) 2005م غادر فريق يربو على الـ 50 من رجال الأعمال السعوديين في رحلة Road Show إلى خمس مدن أمريكية، هي: نيويورك، أتلانتا، هيوستن، شيكاغو، وسان فرانسسكو، والهدف من هذه الزيارة هو اطلاع المستثمر الأمريكي على سلة من المشاريع الاستثمارية التي تقدر بنحو تريليوني ريال وتستمر حتى عام .2020
ومن المشاريع التي حملها الفريق السعودي وطرحها أمام المستثمر الأمريكي مشاريع البنية الأساسية والتي تقدر بنحو 140 مليار دولار ومشاريع للبتروكيماويات تصل إلى 92 مليار دولار، فيما تبلغ مشاريع قطاعي الكهرباء والمياه نحو 180 مليار دولار، أما قطاع الاتصالات فإن الفريق السعودي حمل في جعبته مشاريع تقدر بنحو 60 مليار دولار بينما تبلغ المشاريع المقدرة لتكنولوجيا المعلومات 11 مليار دولار، السياحة 54 مليار دولار، الغاز الطبيعى 50 مليار دولار، والزراعة 30 مليار دولار.
وهذا يعني أن الفريق السعودي ذهب إلى المستثمر الأمريكي بمجموعة مشاريع تعبر عن إمكانيات واسعة لطفرة اقتصادية حقيقية تقوم على أسس من الاستراتيجية بعيدة المدى.
وفي اليوم نفسه، من ذاك السبت الذي غادر فيه الـ 50 ثرياً العاصمة الرياض إلى بلاد العام سام.. افتتح الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية، في المنطقة الشرقية، مؤتمر المشاريع العملاقة التي يرتجى تحقيقها في الـ 20 عاماً المقبلة.
واستعرض المؤتمر مجموعة من الفرص الاستثمارية في مجالات النفط، الغاز، التعدين، التحلية، الكهرباء، البتروكيماويات، والمواصلات وانعقدت ست جلسات تناولت محاورها العديد من العناوين التنموية المهمة والتي ناقشت الدور الحالي والمستقبلي للشركات الرئيسية في المملكة، وقرأ الدكتور رونالد سبيرز المدير التنفيذي لشركة الطاقة العالمية، ورقة بعنوان مشاريع الماء والكهرباء في المملكة من منظور عالمي، في مقابل ذلك قدم المهندس فريد الياقوت رئيس الشركة الوطنية للطاقة، ورقة بعنوان الأعمال والفرص في مجال الطاقة من منظور محلي، قرئت في المؤتمر أوراق على جانب كبير من الأهمية وتناولت إضافة إلى ذلك قطاع البتروكيماويات، تقنية المعلومات، والمياه والكهرباء.
ولا شك أن التوصيات التي تمخض عنها المؤتمر كانت في مستوى الأهمية الذي عقد المؤتمر من أجلها، ولا سيما الاتفاق على اختيار موقع رأس الزور لإنشاء المدينة الصناعية التعدينية، باعتباره أفضل مكان للوصول إلى المياه العميقة التي تساعد على تصدير منتجات الصناعة التعدينية.
وإذا كان المؤتمر قد طرح المشاريع الصناعية العملاقة التي يأمل أن تجد طريقها إلى الوجود، فإنه لم ينس أن يشير إلى أن هذه المشاريع ستوفر نحو 750 ألف وظيفة للسعوديين.
ورغم أن لهذا النوع من المؤتمرات خصوصيته وحضور المتخصصين.. إلا أن نسبة الحضور كانت لافتة جداً حيث اكتظت القاعات بالحضور الغفير الذي كان حاضراً للمناقشة قبل المشاركة.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن المؤتمرات ذات الطابع الفني لها رواد ومهتمون لا يقلون عن المؤتمرات ذات الصبغة الإعلامية أو الاحتفالية، مما يؤكد على أن حجم الوعي لدى شرائح متعددة من المجتمع السعودي اتسع كثيراً عن ذي قبل.
وفى مساء يوم السبت نفسه (7 مايو 2005م)، افتتح الأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، المؤتمر الدولي لأنظمة تقنيات وتطبيقات الاستشعار عن بعد، الذي نظمته مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتنقية، تحت شعار ''الاستشعار عن بعد'' كأداة لتحسين الحياة والتنمية، وشارك في المؤتمر نحو 500 باحث وخبير من 29 دولة وبحث المؤتمر في سبعة محاور رئيسية، من أهمها: مهام أقمار الفضاء لمراقبة الأرض مع تسليط الضوء على مقاييس أجهزة الاستشعار، شبكات الأقمار ومنظوماتها وتطور منصات الإطلاق والمحطات الأرضية والتصميمات الهندسية والتصميمات الإشعاعية والنظم الذكية، كما بحث المؤتمر الناتج الزراعي، الغابات، مصادر المياه، الري، التصحر، استكشاف المعادن، والنفط، كما بحث المؤتمر الاستثمار في المشاريع الفضائية والتعاون الدولي في مجالات الاستشعار عن بعد.
ويوم غد الإثنين الثامن من ربيع الأخر (16 مايو 2005) ينظم البرنامج الوطني لإدارة وترشيد الطاقة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتنقية في مدينة الرياض، ورشة عمل تناقش 25 ورقة عمل، ودعا إلى المشاركة فيها نحو 100 خبير عالمى لمناقشة استكشاف الفرص في صناعة خدمات الطاقة، وهذه الورشة لا تقل أهمية عن مؤتمر المشاريع العملاقة ولاسيما وأنها تهدف إلى تعريف رجال الأعمال بآفاق إنشاء شركات خدمات الطاقة وكذلك توعية المستهلك بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة وعدم إهدارها، وكذلك تهدف الورشة إلى التعريف بالخبرات العالمية المتقدمة في مجال شركات خدمات الطاقة وتأسيس الدعم المؤسسي لمشروع كفاءة الطاقة والتعاون التكاملي بين شركات توليد الطاقة وشركات خدمات الطاقة.
ولا شك أن هذا الموضوع على جانب كبير من الأهمية، فالدولة التي تنتج الطاقة في أمس الحاجة إلى معرفة كيف تحافظ على الطاقة ولا سيما إذا كانت تعتبر هذه الطاقة من أهم ثرواتها القومية.
وهذا كاف للقول إن الاقتصاد السعودي يستشرف طفرة جديدة، ولكن طفرة واعية ومتوازنة وليست كتلك الطفرة التي شهدها الاقتصاد السعودي مع بداية خطة التنمية في عام 1395هـ (1975م).
وفي ضوء هذه المشاريع التي أخذت طريقها إلى الطرح فإننا نستطيع القول إن المملكة لن تكون في حالة طفرة اقتصادية ثانية فقط، بل ستقتحم بأقدام ثابتة عصر المعلوماتية وتكنولوجيا القرن الحادي والعشرين ولن تكون دولة مشاركة، بل ستكون ـ بإذن الله ـ دولة مساهمة في بناء الحضارة الإنسانية.
|
|
|