عرض مشاركة واحدة
قديم 21-05-2005, 07:19 AM   #8
المخرج
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
المشاركات: 3,587

 
افتراضي

لماذا يقفز السعر السوقي عن سعر الاكتتاب إلى 1000 % ؟
د.عبدالرحمن البراك
21/05/2005
تعد ظاهرة فرق سعر الاكتتاب عن السعر السوقي للسهم في أول أيام تداول Underpricing phenomena من الظواهر التي شغلت تفكير كل من الأكاديميين ورجال الأعمال على حد سواء. فقد تم تسجيل هذه الظاهرة في عدد كبير من الأسواق المالية العالمية. ففي المملكة المتحدة والولايات المتحدة مثلاً يرتفع السعر السوقي للأسهم المدرجة حديثاً عن سعر الاكتتاب كمتوسط من 10 في المائة إلى 15 في المائة. وقد توصلت إحدى الدراسات إلى أن أعلى أرقام سجلت على مستوى العالم في الصين حيث وصل متوسط الفرق بين سعر الاكتتاب عن السعر السوقي في أول أيام التداول إلى 948 في المائة. وتأتي في المرتبة الثانية ماليزيا حيث كان متوسط الفرق 166 في المائة.
ولأن هذه الفروقات تؤثر ما سلباً أو إيجاباً على الشركات المدرجة حديثاً، وكذلك على المتعاملين في الأسواق المالية، فقد حاول الكثير من الباحثين إيجاد تفسيرات مقنعة. وبالفعل تم التوصل حتى الآن إلى أكثر من سبعة عشرة فرضية ناقشت هذه الظاهرة بإسهاب. و تعد فرضية الاختيار المعاكس Adverse Selection Hypothesis الأكثر تأييداً من قبل الباحثين في معظم الدول الغربية. و يعتقد مؤيدو هذه الفرضية أن الشركات المدرجة حديثاً تمتلك معلومات خاصة وسرية Inside Information تساعدهم على تحديد القيمة الحقيقية للشركة. والعكس تماما للمكتتبين الجدد فهم لا يمتلكون هذه المعلومات فبالتالي يصعب عليهم تقييم الشركة بشكل دقيق. لذلك و حتى يحمي المكتتبون أنفسهم من التلاعب في سعر الاكتتاب، لا يقومون بالاكتتاب بالأسهم المطروحة إلا إذا كانت معروضة بأسعار منخفضة نسبياً. لذلك تضطر الشركات الراغبة في دخول السوق المالية بعرض أسهمها عند الاكتتاب بأسعار منخفضة حتى تجتذب أكبر قدر ممكن من المكتتبين وبالتالي تضمن نجاح الاكتتاب. و بعد الإدراج ومع توافر معلومات أكثر عن الشركة يكتشف المتعاملون في السوق بأن سعر السهم منخفض ومما يؤدي إلى زيادة الطلب عليه.
والفرضية الثانية الأكثر تأييداً وتسمى نافذة الفرصWindow of Opportunity Hypothesis تُرجع سبب هذه الفروقات إلى أن الشركات تختار وقت تحولها في زمن يكون فيه سوق الأسهم يعيش طفرة في جميع قطاعاته. فبالتالي يكون هناك طلب عال على الاكتتابات الحديثة مما يدفع بالأسعار إلى مستويات عالية. فعلى سبيل المثال، عندما كانت سوق الأسهم السويدية تعيش حالة من الانتعاش في التسعينيات من القرن السابق زاد عدد الشركات المساهمة وبشكل ملحوظ جداً حيث تم تفسير ذلك علمياً بأن هذه الشركات كانت ترغب في الاستفادة من تلك الطفرة من خلال ضمان نجاح عملية الاكتتاب وكذلك بيع أسهمها بأسعار عالية.
وعند النظر إلى سوق الأسهم السعودية نجد أنه تم تسجيل أرقام قياسية جداً تجعلنا وللأسف في المرتبة الأولى عالمياً (فسهم بنك البلاد مثلاً ارتفع في أول يوم تداول إلى ما يزيد على 1000 في المائة). فالخروج الواضح لهذه الظاهرة في سوق الأسهم السعودية يثير تساؤلات عديدة عن الأسباب الكامنة وراء هذا الفرق الكبير! فهل الطفرة التي تعيشها سوق الأسهم السعودية هي السبب؟ أم الطرق والمعايير المتبعة من قبل الجهات الحكومية المعنية في تحديد سعر الاكتتاب العادل هي السبب؟ أم أن الشركات المدرجة حديثاً تجد صعوبة بعض الشيء في تحديد القيمة العادلة للشركة؟
ونظراً لأن سوق الأسهم السعودية تتأثر ببعض المتغيرات وكذلك تتميز بصفات تجعلها مختلفة إلى حداً كبير عن الأسواق المالية الأخرى، فإن من الصعوبة تبرير ما يحدث في المملكة بما حدث أو يحدث في الأسواق الأخرى. فمثلاً لا يمكن تبني النظرية الثانية لسبب بسيط هو صعوبة وطول الإجراءات المطلوبة للإدراج أو الاكتتاب العام مما يصعّب على الشركات توقيت الدخول في السوق ليتوافق مع الطفرة السوقية. لكن يمكن القول إن الوضع الاقتصادي العام الذي تعيشه السعودية والظروف الحالية التي نمر بها ساعدت إلى حد كبير في خلق هذا الفرق الهائل في الأسعار. وعلى سبيل المثال فعدد المضاربين في سوق الأسهم السعودية في عام 2002 كان قرابة 79800 متعامل ثم قفز ليصل في بداية 2004 إلى 428074 متعاملا ثم تضاعف مع بداية 2005 ليصل إلى أكثر من مليون متعامل. إضافة إلى أن السوق تعاني من انخفاض الفرص الاستثمارية المطروحة في ظل وجود سيولة عالية في السوق بشكل عام تبحث عن قنوات استثمارية مربحة وذات مخاطر منخفضة.
وفي النهاية لا يمكن تحميل الجهات الحكومية وكذلك الشركات الراغبة في طرح أسهمها للاكتتاب العام المسؤولية الرئيسية عن هذه الفروقات بسبب تبنيهم الطرق نفسها المستخدمة عالمياً في تحديد القيمة العادلة للسهم مثل معدل العائد على الأصول ومعدل العائد على حقوق الملكية. و للتأكد من ذلك ليس علينا سوى التذكر بأن شركة الزامل الصناعية لم تسجل أرقاماً قياسية حين تم إدراجها في سوق الأسهم السعودية عندما كانت السوق في وضع مستقر تماماً.
المخرج غير متواجد حالياً