الفوزان والجوهر وابانمى واراءهم فى ماحدث للسوق فى الفتره الماضيه
 

«هوامير السوق» يستفيدون من انشغال الناس بالحرب ويحققون أرباحا طائلة من سوق الأسهم السعودي

الرياض: عبد المحسن المرشد

في ظل انشغال غالبية السعوديين بتقدم القوات الاميركية باتجاه العاصمة بغداد، قفزت فجأة الاسهم في السوق السعودية وارتفعت ايضا مع انباء سقوط نظام صدام، وعكست الثقة بحرب سريعة وحاسمة، وواصلت ارتفاعها، وكان سهم الاتصالات فرس الرهان في هذا المجال بارتفاعه بنسب كبيرة وسط تداول كمي كبير لسهم الاتصالات وصلت الى ملايين الاسهم المتداولة (36 مليون سهم وبقيمة 960 مليون دولار)، وما زال السهم يواصل تذبذبه مع احتفاظه بالارتفاع، وقد تباينت الآراء حول اسباب الصعود والارتفاع المفاجئ والكبير والتي ارجعها البعض الى ما يقال عنهم «هوامير» الاسهم او كبار المضاربين وبين تأثيرات الحرب، والبعض يقول ان هذا الارتفاع طبيعي وان سعر السهم الحالي غير عادل وانه يجب ان يكون اكثر من ذلك، كما ارجع البعض الارتفاع الى اتجاه المستثمرين للاسهم لانها اكثر واسرع عائد من الفوائد البنكية في الداخل والخارج وسهولة تحويلها الى سيولة مالية اضافة الى انخفاض الرسوم التي تتقاضاها الحكومة من الشركة والتي ستصب في بند الارباح وقرب الاعلان عن نتائج الربع الاول.

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء ثلاثة من خبراء الاسهم والمتعاملين فيها ولكل منهم رأيه الذي يعتد به بين المساهمين، وكان الرأي الاول لعبد الله بن عبد اللطيف الفوزان، العضو المنتدب لشركة عبد اللطيف ومحمد الفوزان التي تدير سلة استثمارية عالية في العديد من النشاطات المختلفة.

يشير الفوزان الى ان سهم الاتصالات ما زال دون قيمته الحقيقية وهو مرشح للارتفاع مستقبلا وسيتفوق على اسهم الشركات الأخرى. ويقول الفوزان: ان المتابع لسوق الاسهم السعودية يلاحظ ان هناك حالة ارتفاع عام لمؤشر السوق شمل غالبية القطاعات المكونة للسوق، حيث يعزى هذا الارتفاع الى جملة من العوامل هي: التطورات السياسية الجارية بالمنطقة، انخفاض اسعار الفائدة، قلة الفرص الاستثمارية المتاحة بالاسواق العالمية وظهور النتائج المالية للشركات المساهمة للربع الاول والتي كانت ايجابية، وقد أدت جملة تلك العوامل مجتمعة الى حدوث حالة من الانتعاش بالسوق شمل من سهم الاتصالات السعودية الذي جاء ارتفاع قيمته على خلفية الارتفاع للسوق بشكل عام وبالتالي فإن قيمة السهم مرشحة للارتفاع في المستقبل وبنسبة اكبر من باقي اسهم الشركات الأخرى.

من جهته اشار خالد الجوهر، احد خبراء الاسهم ونائب رئيس مجلس ادارة شركة جمال وخالد الجوهر للاسهم والاستثمارات الى ان للمضاربات من قبل البعض دورا في رفع سعر الاتصالات، لكنه لم يغفل الجوانب الأخرى ولكنه يطالب بدخول القطاع الحكومي بقوة في سوق الاسهم لتكون صانع سوق وتساعد على عمل توازن سواء بطرح اسهم تملكها او ان تقوم بعمليات شراء من السوق من اجل خلق عملية توازن قوية ومؤثرة لانها ستصبح اللاعب الاساسي والمؤثر في سوق الاسهم.

ويقول خالد الجوهر عن الارتفاع الاخير للسهم سواء للاتصالات او الكهرباء او «سابك» او بنك الرياض: مما لا شك فيه ان الارتفاع الذي واكب سوق المال السعودي المحلي كان طبيعيا ويعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني وفي اداء الشركات المساهمة، لكن حدث استغلال من قبل بعض المضاربين لهذا الارتفاع فقاموا من خلال ذلك بزيادة وتيرة سرعة المضاربة والمبالغة في رفع اسعار هذه الشركات مستغلين تأخر بعض الشركات المساهمة الكبرى والمهمة في سوق الاسهم في اعلان ونشر بياناتها المالية السنوية او الربع سنوية مما اتاح لهم فرصة كبيرة لنشر الشائعات والتكهنات عن صافي الارباح السنوية ومؤشرات الربع الاول لهذه الشركات. وهذه المبالغة في الاسعار ساعدت في دفع الاسعار الى الاعلى دون حركة ميكانيكية مقبولة مما يدفع المستثمرين العاديين او اصحاب المدخرات المتوسطة أو دونها الى الاندفاع في الشراء من دون تركيز، مما تكون عواقبه غير حميدة. كما هو معروف ان الارتفاع السريع يواكبه انخفاض سريع ومن هنا تأتي المخاوف والقلق. وبما ان السوق السعودي يعتبر سوقا محليا فإنه يمكن من خلاله حماية هذا السوق من هذه التقلبات السريعة سواء كانت صعودا او هبوطا من خلال وجود الدولة كشريك رئيسي في العديد من الشركات المساهمة الكبرى والمؤثرة في السوق تأثيرا فعليا. ومن خلال هذه المشاركة تستطيع ان تكون صانع سوق وتوجد توازن العرض والطلب وتحميه من أي تقلبات قد تحدث له سواء المبالغة في الهبوط او الصعود على حد سواء. وحول ما يشاع حاليا من ان سبب الصعود الكبير لسهم شركة الاتصالات هو دخول عدد من كبار المضاربين، يقول الجوهر: مما لا شك فيه ان المضاربات الكثيرة التي صاحبت الصعود الكبير لسهم شركة الاتصالات نشأت من استغلال بعض المضاربين لمتانة الشركة في تسريب العديد من الشائعات عن الارقام الخيالية لارباح الشركة خلال الربع الاول من هذا العام. ولم الشركة تؤكد او تنفي هذه الشائعات، خاصة انه يوجد تأخير في نشر البيانات المالية السنوية مما اجبر العديد من المضاربين على المزايدة على السعر من دون الحصول على معلومة صحيحة تحدد قرارهم الصحيح. وقد يصاب المتداولون بخيبة أمل اذا اظهرت البيانات الفعلية اداء اقل من الشائعات المروجة في السوق، لذلك يجب الحذر من الانسياق وراء الشائعات التي يستفيد منها بشكل كبير كبار المضاربين وتكون على حساب الآخرين وقد تتبخر كل مكاسبهم عند ظهور النتائج الفعلية.

وعما تردد في السوق حاليا من ان بعض المضاربين حققوا ارباحا تصل الى %30 من استثماراتهم خلال الفترة حاليا، يقول خالد الجوهر: نظرا لمحلية السوق فإن تركيز رأس المال على عدد من الشركات، لا سيما مع توفر السيولة الموجودة في السوق، يجعل من الممكن الوصول بسعر هذه الشركات، الى حدود بعيدة قد تكون مُبالغا فيها، لكن بيع كل هذه الاسهم المشتراة يمثل عقبة كبيرة امام كبار المضاربين نظرا لانهم المصدر الرئىسي للطلبات في هذه الشركات مما يجعلهم يكسبون ارباحا كبيرة عند تقييم محافظهم الاستثمارية دون تحقيق ذلك فعليا في الكثير من الاحيان.

ويشير الجوهر الى ان سوق الاسهم السعودي سوق محلي يتسم بالكثير من سبل الحماية، لا سيما من توفر السيولة والامان فيه، لكن لتحقيق استقرار للسوق على المدى البعيد يجب على القائمين على السوق حمايته من المضاربات العشوائية التي يستفيد منها بعض المضاربين على حساب الآخرين.

من جهته اشار الدكتور وليد بن سليمان أبانمي، وهو احد خبراء الاسهم والعضو المنتدب لشركة المعرفة السعودية ويعمل ضمن مجموعة سليمان أبانمي الاستثمارية التي تتركز استثماراتها في الاسهم السعودية، الى ان ارتفاع الاسهم بشكل عام يرجع الى عدة اسباب منها انخفاض اسعار الفائدة الذي اعطى الاسهم جاذبية، خاصة الاسهم ذات العائد العالي مثل اسهم البنوك وشركات الاسمنت والتطورات الحالية للحرب ضد العراق، بالاضافة الى الاحداث العالمية، خاصة بعد احداث سبتمبر (ايلول) 2001 التي جعلت الكثير من المستثمرين يترددون في الاستثمار في الخارج او يقومون بسحب بعض اموالهم من هناك مما أدى الى زيادة السيولة التي من الطبيعي ان توجه الى سوق الاسهم.

كذلك ساهمت توقعات نتائج الربع الاول بانها ستكون جيدة، خاصة شركة الاتصالات السعودية التي من المتوقع ان يكون الربع الاول استثنائيا، حيث ستظهر فيه نتائج انخفاض الرسوم التي تتقاضاها الحكومة من ايرادات شركة الاتصالات من %27 الى %20، كذلك هناك زيادة في عدد المشتركين ومن المتوقع ان تكون الشركة قد قامت بتسوية موضوع التقاعد المبكر للموظفين.

هذا بالاضافة الى الارتفاع في سعر النفط في الآونة الاخيرة، حيث ان السوق السعودي له علاقة ايجابية مع تحركات اسعار النفط، رغم ان اسعار النفط تحركت سلبا منذ بداية الحرب، الا ان تأثير نتائج سير المعارك كان اكبر من تأثير الانخفاض الأخير في اسعار النفط.

واشاد الدكتور وليد أبانمي بعمق السوق السعودي الذي زادت قيمته السوقية اكثر من 350 بليون ريال سعودي، حيث وصل التداول الى اكثر من 36 مليون سهم و 3.6 بليون ريال في يوم واحد، وهذا يعتبر رقما قياسيا ويساعد كبار المساهمين على توجيه استثماراتهم في سوق الاسهم، حيث يسهل تسييل تلك الاسهم متى ما رأوا ذلك، بعكس سوق العقار مثلا.

ويشير الدكتور وليد أبانمي الى ان ما يقال عن كبار المساهمين غير دقيق حيث ان اغلبية كبار المساهمين يقومون باستثمار أموالهم لفترات طويلة وذلك لقناعتهم بجدوى الاستثمار. اما صغار المساهمين او المضاربون الذين يقومون بالشراء والبيع لفترة قصيرة، فانهم يقومون بدور مهم الا وهو ايجاد سيولة في الاسهم صعودا ونزولا مما يغري مستثمرين جددا للدخول الى السوق. اما بالنسبة للتلاعب في الاسهم فإن الاجراءات التي تقوم بها مؤسسة النقد تحد كثيرا من ذلك. كما ان حجم التداول اليومي الكبير يُصعب كثيرا من التأثير على الاسهم.

ويطالب الدكتور وليد أبانمي بزيادة درجة الافصاح في نشر البيانات المالية، خاصة لشركات الاسمنت التي لا تفصح عن مبيعاتها، مما يفوت على المستثمر فرصة مقارنة مدى كفاءة شركة عن أخرى. الا اننا رأينا بعض الشركات بدأت تقوم بذلك وهذا تطور ايجابي. ويؤيد الدكتور أبانمي طرح شركات جديدة لسوق الاسهم من فترة لأخرى، لكن يجب ان يتم اختيار الوقت والسعر بدقة.