حينما تمشي في الشارع او في احدى المولات التجارية ، تجد شخصا قادما في اتجاهك ، وكل منكما يمشي في اتجاه الأخر حتى تكاد تصدم به ، هنا يجب على احدكم ان يتنحى بتغير المسار يمينا او يسارا ويترك الأخر مستمرا في طريقة حتى لا يصطدما ، هل حصلت معاك هذه الواقعة ؟

قلت له بالتاكيد حصلت لي فسالني ولكن من الذي كان ينحى انت ام الشخص القادم نحوك ؟ من الذي بعد عن طريق الأخر انت او هو ؟ قلت له وهل تفرق ؟

قال لي طبع تفرق وتفرق جدا بعد ! لماذا انا الذي اغير مساري لماذا لا يغيره هو ؟ إنها لحظة بل اقل من الثانية أحدنا الذي يتخذ قرار ، اما اتنحى انا او يتنحى هو وليس قرارا سهلا على فكرة.

هذا ما قاله لي صديقي المفكر وهو يلعب في شاربه ورددت عليه وانا اداعب شاربي انا الأخر قائلا : يا اخي انت مكبر الموضوع انت تجي هنا او هو يجي هنا وكل واحد يروح لحاله .

قال صارخا .. لالا .. لا يا حبيبي أسف مادام قبلت انك تبعدني عن طريقك يعني انت تبغى تقهرني ! أفهم الموضوع صح ، قلت له : ليش يقهرك ؟ واحد ماشي في الشارع وما بينك وبينه اي شي وما يعرفك ، قالي اذا ما يعرفني خله يعرفني ! ويعرف مين الي يمشي قدامه وما يبعدني عن طريقة بالسهولة هذي .

شعرت أن المسألة تحتاج زيارة لدكتور نفسي ، فقلت له هدي نفسك وارتاح في البيت الظاهر اعصابك تعبانه ومحتاج انك ترتاح في البيت كم يوم وما تطلع ابد ما دام المشي يضايقك ، قال لي انا جلست في بالبيت كم يوم وانا اعاتب نفسي والومها ،بنجن ! اتخيله حتى في البيت يمشي قدامي ، صورته ما تفارق خيالي احس اني حشرة اني ضعيف اني جبان وما اقدر اواجهه.

وصرخت فيه من شدة الغيظ : مين هذا ؟ قال الرجل الي كان ماشي في اتجاهي .. وانا انحنيت له !
وتركت صديقي يفكر واخذت انا الأخر أفكر لماذا ننحني .. لماذا نتنازل قليلا او كثيرا ؟

التنازل بمعناه الحقيقي انما يعني المرونة في التعامل مع الطرف الاخر، وكذلك هو استيعاب الشريك وفهم نمط تعامله ومتطلباته، كما ان التنازل لابد ان يكون مدروسا وليس اعتباطي بمعنى أن ي لاتصبح التنازلات تباعا ما يؤدي لإلغاء الشخصية تماما...

فهناك مَن يقدّر التنازلات ويثمّنها ويعتز بها ويعتبرها نوعا من التفاني والتضحية والرغبة في الاستمرار، وهناك مَن يستخف بها بل يطالب بالاكثر فالأكثر.




تحيــــاتي ...