منتديات تداول - هيئة سوق المال : تعاقب الضحية ردعـاً للمجــرم .. وسطر التاريخ يازمن

توطئة : هناك من يبني التاريخ في عدة أيام ، وغيرهم لايكفيهم التاريخ بأكمله لإنجاز موقف واحد يعتز به !!

بديهي مانراه من رقي في كيفية العيش عند المواطن المنتمي للبلدان الغربية ، وبديهي أن تجد المواطن الغربي رغم أطنان الحسد التي نصبها عليه إلا أنه يشتكي المعاناة من قصور جهة خدمية من تحقيق رغباته في دقيقة واحدة بعد أن استغرق تنفيذها لديه دقيقة وعشر ثوانٍ ، والسبب وراء ذلك أنه يعيش في زمن يشهد ثورة علمية وصناعية هائلة ، وقد أتت من نتاج جهود ومثابرة العقول النيرة التي لاتهدأ ولا تستكين في سبيل تحقيق مايخدم وطنه وأمته ، ولا شك بأن أصحاب تلك الإنتاجية هم أناس أثبتوا قدرتهم على قيادة اقتصاد بلدانهم والبلوغ به إلى آفاقٍ لم يكن يعتقدها أن تحدث بهذا التسارع المذهل ، ولكن هذه العقول المنتجة ماكانت لتبلغ هذا المبلغ لولا أن بلدانهم تدار اقتصاداتها بعقول أكبر من عقولهم ، وبعزم أقوى وأشد من عزمهم ، وبانتماءٍ لأوطانهم تولد عنه حرصهم عليه أكثر من حرصهم على بيوتهم وأسرهم ، فنجدهم يبهرونا هذه الأيام بكل جديد .. إلا أن هذا المبهر ماهو إلا حصيلة أفكار ماقبل عشر سنوات مضت ، إذاً هم في هذه اللحظة يصنعون ويطورون متطلبات عيش واقتصاد بلدانهم لما بعد عام 2016 على الأقل ( أناس تبني التأريخ ). وبديهي أن تكون الجهات القائمة على اقتصاد أي دولة قادرة على محاكاة الحس الوطني بكل تفرعاته وعلى رأسها المواطن ، وأن تكون قادرة على تلمس معاناة المواطن البسيط أولاً ومن ثم العمل على إيجاد المخارج السريعة والفعالة لمعالجة أسبابها وإحلال الرفاهية وراحة البال مكانها ، فهذا هو عملهم المطلوب منهم ، كما أنهم يرون أن أي شيء يصب في تلك القناة ؛ فإن عليهم ينفذوه بكل حرفية ويتم طرحه قبل موعده ، أو في نفس الموعد مع اعترافهم بأن عملهم ذلك واكبه بعض القصور مقدمين الأسباب والاعتذار ( ولكل عصرٍ دولة ورجال ) .

لكن من غير البديهي أن تجد المواطن السعودي لايجيد الوقوف في صفواف وطوابير أي خدمة يرى ضرورة التمتع بها . ومن غير البديهي أن تجد مواطناً يقبل بجاهزية خدمة معينة قبل موعدها بيوم أو يومين ؛ لأنه يخشى أن تكون مقلدة إذا كانت بضاعة ، أو ناقصةً إن كانت معاملة لدى إدارة حكومية ، فهو متمرس في اكتشاف هذه الحالات قبل وقوعها ، وقد صقلته التجارب السابقة إلى حدٍ لايسمح بالتلاعب عليه وإنجاز طلبه في أو قبل موعده ( خليك عدل يحتار الهندي اللي بعدك فيك ) . ومنطقي إلى الأبد ألا ترى فئآم من الشعب يسكنون في بيوت الشعر والخيام والمساكن الإسمنتية التي لم تعد صالحة حتى لمجرد التسمية ، فكل متطلبات الحياة لايمكنه الوصول إليها إلا بعد أن تكلفه عشرة أضعاف ثمنها ، وبما أنه عربي أصيل ... فإنه يخصص كل دخله في الحياة للسيطرة على الجزئيات الضرورية وتأمينها ، تاركاً المنازل المتكاملة والتي يراها من عظائم الأمور للمقتدرين من أبناء الكواكب الأخرى مردداً : " لوكانت لنا ( لاسمح الله ) ..لكانت لغيرنا .. ( ويستاهل الطيب ) . ومنطقي لدرجة القنتاعة التامة أن نجد المواطن الفقير الباحث عن قوت أبنائه يزداد فقراً ( وجلهم كذلك ) وتجد الغني يزداد فحشاً في الثراء حيث سفرياتهم تحتاج الكثير من المال " والجهد " فأصبح لزاماً تسلط أصحاب الثراء على ويحاول العيش به الفقراء ، لكن يجب أن تكون الممارسة برعاية رسمية ، حيث العبثية والفوضوية لامجال لها في الأنظمة والقوانين الرسمية ، وإيماناً بمبدأ ( البقاء للأصيع ) . لكن من غير المنطقي أن أن تقنع أحد صغار المتداولين بعدم ضلوع هيئة سوق المال في هذا التلاعب العلني بأموالهم التي هي في مجملها لاتعادل عمولة أحد الذين تم تسليطهم لتسويق الوهم ، والاستحواذ بموجبه على نضف رؤوس أموال هؤلاء البسطاء ( من أمن القوبة أخذ أوال الشعب بالباطل ) . ومن غير المجدي أن يبقى قرار الهيئة 5% محل تقدير أولئك الصغار ، لاسيما بعد أن وجدوا أنه لم يكن إلا غطاء تستظل به الهيئة باعتبار أنها استبقت وقوع الكارثة ، فما الفرق بين القتل في نصف ساعة والقتل الفوري ؟!!! ففي كلتا الحالتين الموت واقع لامفر منه ( أسمع جعجعة ولا أرى طحناُ ) . وإنه من سخرية القول أن يعجز القاتون عن ردع المجرم ، وأن عقابه لاتظهر نتائجه إلا على من أجرم بحقهم ، فلو كان الأمر كذلك فما الفائدة من وجود نظام ذهب نصف الشعب ضحايا لثلاثة قرارات اتخذها في سبيل حمايتهم ؟!! أم أننا نخضع لقاعدة " الصديق الأحمق " الذي أراد نفع صاحبه فقتله ، وكذلك فعل دب مع صاحبه عندما رأى على وجهه ذبابة ( لاخيرك ولا كفاية شرك ).

إن المتابع حتى ولو بشكل عابر وسريع لما يدور في السوق المالية لدينا يستنتج على الفور أن المواطن العادي قد جُعل منه هدفاً يصوب عليه كل متنفذٍ أو صاحب أطماع ، ولا أستبعد من ذلك المتطلع أن ينقله الوضع الذي يراه إلى خانة الشك الموصل للقناعة بأن من تم وضعه لحماية المواطن أضحى أول المتآمرين عليه ، بل وإنه لم يأتيه الضرر إلا في أوقات التدخل لحمايته .

وأنا أجزم بأن الهيئة تريد توجيه المتعاملين وإبعادهم عن السوق ، وإلا لكانت أوجدت الحل لكل مايعترض سبيل السوق ـ وطالما أنها تعتبر نفسها جهة تحمي اقتصاد البلد ، فكيف تتمكن منذلك وهي عاجزة عن السيطرة عليه الآن وهو لازال في المهد ؟!! ( التاريخ كله لايكفي لتطبيق قرار واحد )

المتلاعبون بالسوق وبأموال المواطنين يجدون مباركة الهيئة على كل تصرفٍ يقومون به ، وهذا الأمر أصبح مكشوفاً ولا يمكن القبول إلا بإيجاد عكسه وهو الحزم والحسم إذا توفرت المصداقية في التنفيذ ، أما غير ذلك فعليهم التحفظ عليه حتى لايكون مجال السخرية من تطبيق الأنظمة أوسع مما نحن عليه ، وأنا أرى أن اقتصادنا معرض لكارثة كبيرة على يد جهاز مشلول لايقدر إلا على البسطاء الكادحين . هذا والله الموفق .