منتديات تداول

منتديات تداول (https://www.tdwl.net/vb/index.php)
-   تداول الآداب والشــعر (https://www.tdwl.net/vb/forumdisplay.php?f=58)
-   -   صلى الله عليه وعلى آله وسلم (https://www.tdwl.net/vb/showthread.php?t=324442)

أليا صهل 20-03-2013 09:15 PM

الموقع الر سمي لسماحة الشيخ
عبد العزبز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى



أخلاق المؤمنين والمؤمنات
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، والهدى، هو الخبر الصادق والعلم النافع، ودين الحق، هو الشرائع والأحكام التي جاء بها عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[1]، والله سبحانه وتعالى أرسله إلى الجن والإنس والعرب والعجم والذكور والإناث، أرسله جل وعلا رحمة للعالمين جميعا وإماما للمتقين، أرسله عليه الصلاة والسلام يعلم الناس دينهم ويفقههم في دينهم ويوضح لهم أسباب النجاة ويحذرهم من أسباب الهلاك بعثه بدين الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ}[2]، بعثة بالهدى ودين الحق بالأخبار الصادقة والعلوم النافعة والشرائع المستقيمة والأحكام العادلة، بعثه يدعو إلى كل خير وينهى عن كل شر، بعثه يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وينهى عن سفاسف الأخلاق وسيئ الأعمال، قال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذيراً}[3]، وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[4]، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[5]، وقال قبلها: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِوَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[6].
هذه حال هذا الدين العظيم، وحال هذا النبي الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، بعثه الله رحمة للعالمين، الجن والإنس، والذكور والإناث، والعرب والعجم، حتى الدواب رحمها الله ببعثته; لأنه أوصى بها خيرا وأوصى برحمتها والإحسان إليها. وبين الله سبحانه وتعالى أنه خلق الجن والإنس ليعبدوه فقال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[7]، والمعنى: إلا ليخلصوا لي العبادة ويفردوني بها ويطيعوا أمري وينتهوا عن نهيي، هذه هي العبادة، طاعة أوامره سبحانه وترك نواهيه عن إخلاص له سبحانه وعن إيمان به وبرسله وعن رغبة ورهبة وعن تصديق لأخباره وأخبار رسوله عليه الصلاة والسلام، وعن وقوف عند حدوده.
وقد أمرهم بذلك فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[8]، وهذا يعم الذكور والإناث، والجن والإنس والعرب والعجم, وقال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شيْئاً}[9]، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}[10]، وقال عز وجل:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[11]، وعلمهم في سورة فاتحة الكتاب وهي: (الحمد) أن يسألوا الله الهداية لصراطه المستقيم، وهو دينه الذي جاء به نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، وهو الإسلام والإيمان والهدى والتقوى والصلاح، فقال جل وعلا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[12]، وهذا كله ثناء على الله سبحانه وتعالى وتوجيه للعباد إلى أن يعترفوا بأنه المعبود بالحق، وأنه المستعان في جميع الأمور سبحانه وتعالى، ثم علمهم أن يقولوا بعد ذلك: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[13]، لما حمدوه وأثنوا عليه واعترفوا بأنهم عبيده وأنه المستعان وحده، علمهم أن يقولوا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[14]، والصراط المستقيم هو دينه وهو الإسلام والإيمان والعلم النافع والعمل الصالح، وهو طريق المنعم عليهم من أهل العلم والعمل، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان ومن سبقهم من الرسل وأتباعهم. هذا هو الصراط المستقيم، صراط من أنعم الله عليهم، وهم الذين عرفوا الحق وعملوا به، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رفيقاً}[15]، هذا الصراط المستقيم صراط هؤلاء، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم, ويخصنا منهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام, فإننا مأمورون باتباعه صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه والسير على ما سلكه أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم من العلم والعمل، كما قال جل وعلا: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[16]، فهذا الصراط هو دين الله، وهو ما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم من العلم والعمل، من العلم النافع والعمل الصالح، وهو الهدى ودين الحق الذي بعث الله به نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام وهو ما بينه في كتابه جل وعلا، هذا الصراط العظيم هو فعل الأوامر وترك النواهي التي بينها سبحانه في كتابه العظيم وعلى لسان رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، فالواجب على أهل الإسلام أن يتدبروا كتاب الله ويتعقلوه، وهو القرآن ويتعلموا سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ويستقيموا عليهما، ففي كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام بيان الأوامر والنواهي التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها بيان الأخلاق التي مدحها سبحانه وأثنى عليها من أخلاق المؤمنين وأخلاق المؤمنات وصفاتهم وأعمالهم، ومن تدبر كتاب الله وتعقله وجد ذلك، ومن تدبر السنة -وهي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحاديثه-، من تدبرها وجد ذلك وعرف ذلك، ومن ذلك ما أوضحه الله سبحانه في آخر سورة الفرقان حيث قال سبحانه: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً }[17]، أي من يشرك بالله أو يقتل نفسا بغير حق أو يزني يلقى آثاما، أي عذابا عظيما، فسره سبحانه بقوله: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً}[18]، أي في العذاب: {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً}[19]، كل هذا من أخلاق أهل الإيمان من الرجال والنساء ثم قال: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}[20]، أي لا يحضرونه، والزور هو الباطل والمنكر من سائر المعاصي والكفر، لا يشهدونه بل ينكرونه ويحاربونه {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}[21]، أعرضوا عنه كما في الآية الأخرى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}[22] الآية {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَاناً}[23]، بل يخرون عن خشوع وعن إقبال على الله وعن تعظيم لله، هكذا المؤمن والمؤمنة، إذا ذكروا بآيات الله خشعوا لذلك ولانت قلوبهم وعظموا ربهم وبكوا من خشيته، يرجون ثوابه ويخشون عقابه سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[24].
كل هذا من صفات المؤمنين والمؤمنات، وهم عباد الرحمن على الحقيقة والكمال، وقرة العين أن ترى ولدك من ذكر وأنثى متخلقا بصالح الأعمال، والولد إذا أطلق يشمل الذكر والأنثى، والذكر يقال له ابن والأنثى يقال لها بنت، وهكذا كلمة الذرية تشمل الذكر والأنثى، ومنه الحديث: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) فالولد يشمل الذكر والأنثى كما تقدم، فقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}[25]، يعني ذرية تقر بهم العين لكونهم مطيعين لله مستقيمين على شريعته، وهكذا الأزواج، الزوج إذا رأى زوجته على طاعة الله قرت بها عينه، وهكذا الزوجة إذا رأت زوجها على طاعة الله وهي مؤمنة قرت بذلك عينها، فالزوج الصالح قرة عين لزوجته والزوجة الصالحة قرة عين لزوجها المؤمن، والذرية الطيبة قرة عين لآبائهم وأمهاتهم وأقاربهم المؤمنين والمؤمنات {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[26]، يعني أئمة في الخير هداة للخلق، ثم أوضح سبحانه جزاءهم فقال: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}[27]، وهي الجنة، سميت غرفة لارتفاعها، لأنها في أعلى مكان فوق السماوات تحت العرش، فالجنة في أعلى مكان ولهذا قال: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}[28]، يعني الجنة {بِمَا صَبَرُو} أي بسبب صبرهم على طاعة الله، وصبرهم عن محارم الله، وصبرهم على المصائب، فلما صبروا جازاهم الله بالجنة العالية العظيمة، لما صبروا على أداء حق الله وصبروا عن محارم الله وصبروا على المصائب المؤلمة من مرض وفقر وغير ذلك، جزاهم الله بأحسن الجزاء {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فيها}[29]، أي في الجنة {تَحِيَّةً وَسَلامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَاماً}[30]، هذه من صفات أهل الإيمان الكامل من الذكور والإناث أهل السعادةوالنجاة، وفي القرآن آيات كثيرات بين الله فيها سبحانه صفات المؤمنين والمؤمنات وأخلاقهم، ومن ذلك ما في سورة البقرة حيث يقول سبحانه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[31]، هذه حالة الأتقياء من الذكور والإناث، هذه صفاتهم بينها سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة من سورة البقرة بقوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} الآية، والمعنى: ولكن ذا البر أي صاحب البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين آمن بالله ربا وإلها سبحانه وتعالى، وآمن بأنه معبوده الحق، وأنه خالقه ورازقه وأنه سبحانه موصوف بالأسماء الحسنى والصفات العلى، لا شبيه له ولا كفؤ له ولا ند له، بل هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه، بل له الكمال المطلق من كل الوجوه كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[32] وآمن باليوم الآخر، أي بالبعث بعد الموت، هذه الدنيا تزول ويأتي اليوم الآخر، وهو يوم القيامة، لابد من هذا اليوم، سوف يأتي وسوف يبعث الله عباده كما قال جل وعلا: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}[33]، وقال تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[34]، فاليوم الآخر هو: يوم الحساب والجزاء والجنة والناروالميزان والصراط، وإعطاء الصحف باليمين والشمال ونصب الميزان ووزن الأعمال، ثم بعد ذلك كله ينتهي الناس إلى الجنة أو النار، فالمؤمنون إلى الجنة والسعادة والكرامة، والكافرون إلى النار والعذاب المهين نسأل الله العافية. وهكذا الإيمان بالملائكة الذين هم في طاعة ربهم وجند من جنوده وسفراء بينه وبين عباده في تبليغ أوامره ونواهيه سبحانه وتعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[35]، خلقهم الله من نور ينفذون أوامره كما قال جل وعلا: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[36] عليهم الصلاة والسلام، ويقول فيهم جل وعلا: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[37]هكذا الإيمان بالكتاب، والمراد به الكتب المنزلة من السماء، وأعظمها القرآن الكريم، فأهل الإيمان يؤمنون بجميع الكتب المنزلة على الأنبياء الماضين وآخرها وأعظمها وأشرفها القرآن العظيم، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا المؤمنون يؤمنون بالنبيين والمرسلين جميعا، ويصدقونهم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتمهم وأفضلهم، وهكذا المؤمنون يتصدقون بالمال على حبه، وهو معنى قوله سبحانه وتعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى}[38]، ينفقون المال على حبه، في الفقراء والمساكين من الأقارب وغيرهم، وفي المشاريع الخيرية، وفي جهاد أعداء الله، هكذا أهل الإيمان والبر، ينفقون أموالهم في سبيل الخيرات، وفي آية أخرى يقول عز وجل: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[39]، ويقول سبحانه: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}[40]، وفي هذه الآية - آية البقرة - يقول سبحانه: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}[41]، المعنى أنهم ينفقون في هذه الجهات، في القرابات وفي الأيتام الفقراء، وفي المساكين غير الأقارب من الضعفاء وفي أبناء السبيل وهم الذين يمرون بالبلد وليسوا من أهلها وتنقطع بهم النفقة، وهكذا السائلون وهم الذين يسألون الناس لحاجتهم ومسكنتهم، أو سائلون مجهولون لا تعرف حالهم، فيعطون ما يسد حالهم، وقوله: {وَفِي الرِّقَابِ} المعنى: ينفقون في عتق الرقاب، أي في عتق العبيد والإماء وفي عتق الأسارى وفك أسرهم، ثم قال سبحانه وتعالى: {وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ}، والمعنى: أن المؤمنين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة يحافظون على الصلوات، ويقيمونها في أوقاتها، كما شرعها الله، ويؤدون الزكاة كما شرعها الله، ثم قال سبحانه: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا}، أي إذا أعطوا عهدا وفوا ولم يغدروا، ثم قال سبحانه: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ}، أي في حالة البأساء، وهي: حالة الفقر، والضراء وهي: الأمراض والأوجاع والجراحات ونحو ذلك، وحين البأس: حين القتال والحرب، ثم قال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[42]، هؤلاء هم أهل الصدق، لكونهم حققوا إيمانهم بأعمالهم الطيبة، وتقواهم لله عز وجل. وذكر في سورة الأنفال صفات أخرى، وفي سورة براءة، وفي سورة المؤمنون قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[43]، وفي مواضع أخرى ذكر صفات المؤمنين وأخلاقهم ومن نظر في القرآن الكريم وتعقله وجد ذلك، ولهذا يقول سبحانه وتعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[44]، ويقول سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[45]، ويقول عز وجل: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}[46]، ويقول سبحانه وتعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالها}[47]، فنصيحتي لإخواني وأخواتي في الله وعموم الناس، نصيحتي لهم جميعا ولنفسي: العناية بالقرآن وتدبر معانيه وحفظه عن ظهر قلب، والحرص على تلاوته باستمرار من المصحف تارة وعن ظهر قلب تارة أخرى إن كان القارئ ممن يحفظه بالتدبر والتعقل وطلب الفائدة، كما قال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[48]، وتطبيق ذلك بالعمل والفهم والفقه، فالله سبحانه قد أنزل هذا الكتاب للعمل والعلم والفقه، قال عز وجل: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[49]، فهو منزل للعمل والاتباع، لا لمجرد القراءة والحفظ. لأن الحفظ والقراءة وسيلة، والمقصود هو العلم بالكتاب والسنة مع الإيمان بالله ورسوله وتنفيذ أوامر الله وترك نواهيه، ويجمع ذلك قوله تعالى في سورة التوبة:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[50]، فهذه الآية من أجمع الآيات في بيان صفات المؤمنين والمؤمنات وأخلاقهم العظيمة، وما يجب عليهم، فقوله سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} يدل على أن المؤمنين والمؤمنات أولياء يتناصحون ويتحابون في الله، ويتواصون بالحق والصبر عليه ويتعاونون على البر والتقوى، هكذا المؤمنون والمؤمنات جميعا، المؤمن ولي أخيه وولي أخته في الله، والمؤمنة ولية أخيها في الله وأختها في الله، كل واحد منهما يحب الخير للآخر، ويدعوه إليه ويفرح باستقامته عليه، ويدفع عنه الشر، لا يغتابه ولا يتكلم في عرضه ولا عليه، ولا يشهد عليه بالزور ولا يسبه، ولا يدعي عليه دعوى باطلة، هكذا المؤمنون والمؤمنات.
فإذا رأيت من نفسك إيذاء لأخيك أو أختك في الله بالغيبة أو بالسب أو بالنميمة أو بالكذب أو غير هذا، فاعرف أن إيمانك ناقص وأنك ضعيف الإيمان، لو كان إيمانك مستقيما كاملا لما فعلت ما فعلت من ظلم أخيك، والتعدي عليه بالغيبة والنميمة، أو الدعوى الباطلة أو الشهادة بالزور أو اليمين الكاذبة أو السباب، ونحو ذلك، فالإيمان بالله ورسوله والتقوى لله والبر والهدى، كل ذلك يمنع صاحبه عن التعدي على أخيه في الله وأخته في الله، لا بالغيبة ولا بالشتم ولا بالكذب ولا بالدعوى الباطلة ولا بشهادة الزور ولا غير ذلك من أنواع الظلم، فإيمانه يحجزه عن ذلك ويمنعه من كل أذى، ثم قال سبحانه بعد ذلك: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} هذا واجب عظيم فيه صلاح الأمة، وبه نصر الدين، وبه القضاء على أسباب الهلاك والمعاصي والشرور، فالمؤمنون والمؤمنات يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر المؤمن لا يسكت إذا رأى من أخيه منكرا، ينهاه عنه، وهكذا إن رأى من أخته أو عمته أو خالته أو غيرهن، إذا رأى منهن منكرا نهاهن عن ذلك، وإذا رأى من أخيه في الله أو أخته في الله تقصيرا في الواجب أنكر عليه ذلك، وأمره بالمعروف، كل ذلك بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، فالمؤمن إذا رأى أخا له في الله يتكاسل عن الصلوات أو يتعاطى الغيبة أو النميمة أو شرب الدخان أو المسكر أو يعصي والديه أو أحدهما أو يقطع أرحامه أنكر عليه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، لا بالألقاب المكروهة والأسلوب الشديد، وبين له أن هذا الأمر لا يجوز له، وهكذا إذا رأى من أخته في الله منكرا أنكر عليها ذلك، كأن يراها تعصي والديها، أو تسيء إلى زوجها أو تقصر في تربية أولادها، أو تتساهل بالصلاة أنكر عليها، سواء كان زوجها أو أباها أو أخاها أو ابن أختها أو ابن أخيها، أو ليس قريبا لها بل من الناس الذين عرفوا ذلك منها، وهي كذلك إذا رأت من زوجها تقصيرا نهته عن ذلك، كأن رأته يشرب الخمر أو رأته يدخن أو رأته يتساهل بالصلاة، أو يصلي في البيت دون المسجد تنكر عليه بالأسلوب الحسن وبالكلام الطيب، كأن تقول له: يا عبد الله، اتق الله وراقب الله، هذا لا يجوز لك حافظ على الصلاة في الجماعة، دع عنك ما حرم الله عليك من المسكرات أو التدخين أو حلق اللحية، أو إطالة الشوارب، أو إسبال الملابس. كل هذهالمنكرات يجب على كل واحد من المؤمنين والمؤمنات والصلحاء إنكارها، وعلى الزوج والزوجة وعلى الأخ والقريب وعلى الجار وعلى الجليس وعلى غيرهم القيام بذلك كما قال الله تعالى في وصف المؤمنين والمؤمنات: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وقال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وهذا عام لجميع المنكرات سواء كانت في الطريق، أو في البيت أو في المسجد أو في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في أي مكان، وهو يعم الرجال والنساء جميعا، المرأة تتكلم والرجل يتكلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأن في هذا صلاح الجميع ونجاة الجميع، ولا يجوز السكوت عن ذلك من أجل خاطر الزوج أو خاطر الأخ أو خاطر فلان وفلان، لكن يكون بالأسلوب الحسن والكلمات الطيبة، لا بالعنف والشدة، ومع ملاحظة الأوقات المناسبة، فقد يكون بعض الناس في وقت لا يقبل التوجيه ولكنه في وقت آخر يكون متهيئا للقبول، فالمؤمن والمؤمنة يلاحظان للإنكار والأمر بالمعروف الأوقات المناسبة ولا ييأس إذا لم يقبل منه اليوم أن يقبل منه غدا، فالمؤمن لا ييأس، والمؤمنة لا تيأس، بل يستمران في إنكار المنكر، وفي الأمر بالمعروف وفي النصيحة لله ولعباده مع حسن الظن بالله والرغبة فيما عند الله عز وجل، ثم قال الله سبحانه: {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} هكذا المؤمنون والمؤمنات يقيمون الصلاة ويحافظون عليها في أوقاتها، ويقيمها الرجال في المساجد، ويحافظون عليها مع إخوانهم في الجماعة، ويسارعون إليها إذا سمعوا المنادي يقول: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) ويبادرون إليها في جميع الأوقات.
والواجب على كل مؤمن أن يراقب الله في ذلك ويحذر مما ابتلي به كثير من الناس والعياذ بالله من أدائها في البيت، والتخلف عن صلاة الجماعة حتى شابهوا أهل النفاق في ذلك، فيصلي في البيت وقد عافاه الله وربما أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس إلى أن يقوم للعمل، فيصلي وربما تركها بالكلية، وهذا هو البلاء العظيم والمنكر الخطير، فالصلاة عمود الإسلام، من حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، من تركها كفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وهذا يعم الرجال والنساء، ويقول عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فلا يجوز للمؤمن التساهل بهذا الأمر ولا للمؤمنة، ولا يجوز للرجل فعلها في البيت، بل يجب الخروج إلى المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) وجاءه رجل فقال يا رسول الله أنا رجل أعمى ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال(هل تسمع النداء بالصلاة) ؟ قال: نعم، قال: (فأجب) فلم يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعمى ليس له قائد يلائمه، فكيف بحال الصحيح البصير.
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم) وهذا يدل على عظم الأمر. فالواجب العناية بالصلاة والمسارعة إليها في المساجد، والحذر من التكاسل عنها والتثاقل، فإن الكسل عنها والتثاقل من صفات أهل النفاق - نعوذ بالله من حالهم - كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قليلاً}[51]، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بالصلاة التي هي عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها ضيع دينه ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومن المحافظة عليها ومن إقامتها الخشوع فيها وعدم مسابقة الإمام، يقول الله سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[52]، ويقولصلى الله عليه وسلم أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته قيل يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟ قال:(لا يتم ركوعها ولا سجودها) ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا قد أساء في صلاته، فلم يتم ركوعها ولا سجودها أمره أن يعيد الصلاة، وقال له: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) وكثير من الناس ينقرها نقرا، ولا شك أن ذلك منكر عظيم؛ لأن من نقرها بطلت صلاته للحديث المذكور، فلابد من الطمأنينة في الركوع والسجود والاعتدال بعد الركوع وبين السجدتين، مع الحذر من مسابقة الإمام، فإذا كنت مع الإمام فلا تسابقه، إذا كبر فلا تكبر حتى يكبر وينقطع صوته، وإذا قال: "الله أكبر" راكعا، فلا تركع حتى يستوي راكعا وحتى ينقطع صوته، ثم تركع، وهكذا في السجود لا تسابق الإمام ولا تكن مع الإمام، لا معه ولا تسابقه، لا هذا ولا هذا، يقول صلى الله عليه وسلم: (إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف)، ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد) وهذا الأمر واضح بين - لكل من وفقه الله - ولكن بعض الناس لا يصبر، بل يسارع ويسابق الإمام والعياذ بالله فالواجب الحذر من ذلك.
ومما يعين على المحافظة على صلاة الفجر في وقتها وعلى أدائها في الجماعة التبكير بالنوم وعدم السهر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها. فالمشروع لكل مؤمن ومؤمنة بذل المستطاع في المحافظة على أداء الصلاة في وقتها وعدم السهر بعد العشاء؛ لأن ذلك قد يسبب النوم عن صلاة الفجر، وينبغي أن يستعان بالساعة المنبهة على ذلك. كما ينبغي التعاون على ذلك بين الرجل وأهله في هذا الأمر، لقول الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[53]، ويقول سبحانه وتعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[54] فلا بد من التناصح والتواصي بالحق والتعاون على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قبل حلول العقوبة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه)،وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة) قيل لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم). والمشروع للمسلم إذا سمع الفائدة أن يبلغها غيره، وهكذا المسلمة تبلغ غيرها ما سمعت من العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) وكان صلى الله عليه وسلم إذا خطب الناس يقول: (ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع) ويقول صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة)، ويدخل في هذا الحديث العظيم كل من جاء إلى مسجد أو أي مكان فيه حلقة علم أو موعظة يطلب العلم ويستفيد. ويقول عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين). ويقول عليه الصلاة والسلام: (نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) وهذا يدل على شرعية المسابقة إلى حلقات العلم، والعناية بها والحرص على الاجتماع على تلاوة القرآن ومدارسته.
ومن ذلك سماع البرامج الدينية والأحاديث المفيدة التي تذاع من إذاعة القرآن الكريم، ويتولاها المعروفون بالعلم والبصيرة، وحسن العقيدة. ثم من المعلوم أن الله سبحانه خلق الثقلين لعبادته، والعبادة لابد فيها من العلم. والإنسان لا يعرف العبادة التي كلف بها إلا بالتعلم والتفقه في الدين، والله يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[55]، فما هي العبادة التي لا بد أن تتعلمها، ولابد أن تتفقه فيها؟، هي كل ما شرعه الله وأحبه لعباده من صلاة وزكاة وصوم وغير ذلك، ثم قال سبحانه وتعالى بعد الصلاة: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} فالزكاة حق المال، يجب على المسلم أن يؤدي زكاة أمواله إلى أهلها، مخلصا لله، راجيا ثوابه، خائفا من عقابه، سبحانه وتعالى، وقد بين الله أهلها في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}[56] الآية من سورة التوبة، ثم قال بعدها: {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} بعدما ذكر الصلاة والزكاة والموالاة بين المؤمنين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال: {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يعني في كل شيء، كما يطيعونه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الصلاة والزكاة، يطيعونه في كل شيء، هكذا المؤمن والمؤمنة، يطيعون الله ورسوله في كل الأوامر والنواهي أينما كانوا، ولا يتم الدين إلا بذلك، ثم قال تعالى: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} فأوضح سبحانه بذلك أن الذين استقاموا على دين الله وأدوا حقه وأطاعوه، وأطاعوا رسوله عليه الصلاة والسلام، هم المستحقون للرحمة في الدنيا والآخرة لطاعتهم لله، وإيمانهم به، وأدائهم حقه، فدل ذلك على أن المعرض الغافل المقصر قد عرض نفسه لعذاب الله وغضبه، فالرحمة تحصل بالعمل الصالح والجد في طاعة الله والقيام بأمره، ومن أعرض عن ذلك وتابع الهوى والشيطان فله النار يوم القيامة، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[57]. فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وسائر المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، وأن يرزقنا التواصي بالحق والتواصي بالصبر، والتعاون على البر والتقوى وإيثار الآخرة على الدنيا، والحرص على سلامة القلوب وسلامة الأعمال، والحرص على نفع المسلمين أينما كانوا، كما أسأله سبحانه أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين عموما، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم وأن يمنحهم الفقه في دينه وأن يشرح صدورهم لتحكيم شريعته والحكم بها، والاستقامة عليها، وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين في كل مكان من مضلات الفتن، وطوارق المحن، وأن يخذل أعداء الإسلام أينما كانوا، وأن يجعل الدائرة عليهم، وأن ينصر إخواننا المجاهدين في سبيل الله في كل مكان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

[1]سورة الصف الآية 9.
[2] سورة آل عمران الآية 19.
[3] سورة سبأ الآية 28.
[4] سورة الأنبياء الآية 107.
[5] سورة الأعراف الآية 158
[6] سورة الأعراف الآية 157.
[7] سورة الذاريات الآية 56.
[8] سورة البقرة الآية 21.
[9] سورة النساء الآية 36.
[10] سورة الإسراء الآية 23.
[11] سورة الأنعام الآية 152.
[12] سورة لفاتحة الآيات 2-5.
[13] سورة الفاتحة الآية 6
[14] سورة الفاتحة الآيتان 6-7
[15] سورة النساء الآية 69.
[16] سورة التوبة الآية 100.
[17] سورة الفرقان الآيات 63-68.
[18] سورة الفرقان الآيات 69-71.
[19] سورة الفرقان الآيات 69-71.
[20] سورة الفرقان الآية 72.
[21] سورة الفرقان الاية 72.
[22] سورة القصص الآية 55.
[23] سورة الفرقان الآية 73
[24] سورة الفرقان الآية 74.
[25] سورة الفرقان الآية 74.
[26] سورة الفرقان الآية 74.
[27] سورة الفرقان الآية 75.
[28] سورة الفرقان الآية 75.
[29] سورة الفرقان الآية 75.
[30] سورة الفرقان الآيتان 75-76.
[31] سورة البقرة الآية 177.
[32] سورة الإخلاص كاملة.
[33] سورة المؤمنون الآيتان 15-16.
[34] سورة الحج الآية 7.
[35] سورة التحريم الاية 6.
[36] سورة الأنبياء الآيات 26-28.
[37] سورة التحريم الآية 6.
[38] سورة البقرة الآية 177.
[39] سورة السجدة الآية 16.
[40] سورة الحديد الآية 7.
[41] سورة البقرة الآية 177.
[42] سورة البقرة الآية 177.
[43] سورة المؤمنون الآيتان1-2
[44] سورة ص الآية 29.
[45] سورة الإسراء الآية 9.
[46] سورة فصلت الآية 44.
[47] سورة محمد الآية 29.
[48] سورة ص الآية 29.
[49] سورة الأنعام الآية 155.
[50] سورة التوبة الآية 71.
[51] سورة النساء الآية 142.
[52] سورة المؤمنون الآيتان 1-2.
[53] سورة المائدة الآية 2.
[54] سورة العصر كاملة.
[55] سورة الذاريات الآية 56.
[56] سورة التوبة الآية 60.
[57] سورة النازعات الآيات 37-41








http://www.binbaz.org.sa/mat/8199

أليا صهل 20-03-2013 11:11 PM

http://islam.makcdn.com/image4458_500_361/500X361.jpg

http://www.al-wed.com/pic/7732.gif

أليا صهل 20-03-2013 11:14 PM

http://imagecache.te3p.com/imgcache/...afd39254bf.jpg

أليا صهل 21-03-2013 02:23 AM

الموقع الر سمي لسماحة الشيخ
عبد العزبز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى


الدعاء هل يغير المكتوب








هل الدعاء يغير المكتوب عند الله تعالى؟

الدعاء من القدر والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران: قدر محتومٌ لا حيلة فيه، وقدرٌ معلق، سيكون بعض القدر معلق بالدعاء فإذا دعا أزال المعلق، قد يكون معلق أن الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلّى، إذا صام، إذا فعل كذا، فهذا قدرٌ معلق فالله جل وعلا يرفعه عنه بما فعل من الطاعات والأعمال الصالحات والتوبة، فالأقدار تعالج بالأقدار، مثل ما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزواته إلى الشام ووقع الطاعون، أشاروا عليه بالرجوع، وأشار بعضهم بعدم الرجوع ثم استقر أمره على الرجوع إلى المدينة، وعدم القدوم على الطاعون فقال: تفر من قدر الله، فقال -رضي الله عنه-: نفر من قدر الله إلى قدره، الله أمرنا بأن لا نقدم عليه، لا نقدم على هذا، فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه-، فأخبر عمر بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أمر بأن لا يقدم عليه، ففرح عمر بذلك وأن الله وفقه لما جاء به النص بعدما استشار الصحابة، وهكذا الإنسان تصيبه الحمى فيتعاطى الأسباب يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع يأكل حتى يزول الجوع يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد أو يتروش يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه مرض في عينيه فيعالجها بأنواع العلاج يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع العبادات كلها فرار من قدر الله إلى قدر الله.


http://www.binbaz.org.sa/mat/10342

أليا صهل 21-03-2013 08:34 AM

لموقع الر سمي لسماحة الشيخ
عبد العزبز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى

تهيئة الفرصة أمام المرأة للدعوة إلى الله عز وجل
هل من سبيل إلى تهيئة الفرصة أمام المرأة الداعية إلى الله سبحانه؟



لا أعلم مانعا في ذلك متى وجدت المرأة الصالحة للقيام بالدعوة إلى الله سبحانه، فينبغي أن تعان، وأن توظف، وأن يطلب منها أن تقوم بإرشاد بنات جنسها؛ لأن النساء في حاجة إلى مرشدات من بنات جنسهن، وأن وجود المرأة بين النساء قد يكون أنفع في تبليغ الدعوة إلى طريق الحق من الرجل، فقد تستحي المرأة من الرجل فلا تبدي له كل ما يهمها، وقد يمنعها مانع في سماع الدعوة من الرجل، لكنها مع المرأة الداعية بخلاف ذلك؛ لأنها تخالطها وتعرض ما عندها وتتأثر بها أكثر.
فالواجب على من لديها علم من النساء أن تقوم بالواجب نحو الدعوة والتوجيه إلى الخير حسب طاقتها لقول الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[1]، وقوله عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي[2] الآية، وقوله سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[3]، وقوله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[4] والآيات في هذا المعنى كثيرة وهي تعم الرجال والنساء. والله ولي التوفيق.
[1] سورة النحل الآية 125.
[2]سورة يوسف الآية 108.
[3] سورة فصلت الآية 33.
[4] سورة التغابن 16.







مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السابع


أليا صهل 23-03-2013 11:27 AM

http://imagecache.te3p.com/imgcache/...fb257cd797.jpg

أليا صهل 23-03-2013 05:29 PM

http://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphoto...04622269_n.jpghttp://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphoto...04622269_n.jpghttp://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphoto...04622269_n.jpg
http://www.4muhammed.com/du3a.gif
قراءة صوتية صحيح البخاري

http://archive.org/details/bokhari

http://www.saaid.net/twage3/014.gif

أليا صهل 23-03-2013 07:46 PM

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى


حكم إنشاء جمعيات الموظفين ونحوهم

هل ما يسمى بالجمعية والتي يدفع كل فرد منها مبلغ يقبضه الآخر مرة واحدة، وهكذا يدور على كل واحدٍ في الجمعية، هل فيه ربا؟

الصواب لا بأس به، وقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء بأنه لا حرج في ذلك إذا اتفقوا على أمرٍ بينهم، كل واحد يأخذ ألفين إذا جاء الدور، أو كل واحد يأخذ ثلاثة أو عشرة لا بأس، سواءً رجال أو نساء، لأنه قرض ما فيه زيادة، ما فيه تفاضل، بل المثل بالمثل.
http://www.binbaz.org.sa/mat/12964

أليا صهل 23-03-2013 07:47 PM

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى


القرض من البنوك له حكم القرض من الأفراد

هل قرض البنك العقاري والزراعي يُعتبر دَيناً على الشخص إذا استقرضه وتُوفي قبل أن يسدده؟ ثم ماذا يجب على الورثة تجاه ذلك؛ لأنهم يريدون في الواقع راحة الميت، إذا لم يستطيعوا أن يسددوا البنك بسرعة فما الحكم؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالقرض الذي للبنك العقاري ولغيره من البنوك الزراعية ونحوها مثل غيره من الديون يجب أن يسدد في وقته في حق الحي والميت، وإذا مات الإنسان وعليه دين للبنك وجب أن يسدد من التركة في أوقاته إذا التزم به الورثة، فإن لم يلتزموا سدد في الحال من التركة حتى يستريح الميت من تبعة الدين، وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه)، لكن إذا كان الدين مؤجلاً والتزم الورثة أو بعضهم بأنه يُؤدَّى في وقته فإنه يتأجل ولا يحل ولا يضر الميت؛ لأنه مؤجل فإن لم يلتزم أحدٌ به في وقته وجب أن يسدد من التركة حتى يسلم الميت من تبعة ذلك. المقدم: شيخ عبد العزيز إذا كانت هذه القروض على شكل أقساط، فما هو توجيهكم؟ الشيخ: مثلما تقدم، كل قسط في وقته يسدد في وقته، إلا إذا لم يوجد من الورثة من يلتزم بذلك فإنه يسدد الجميع من نفس التركة كالدين الحال.
http://www.binbaz.org.sa/mat/12981

أليا صهل 23-03-2013 11:45 PM

http://www.mexat.com/vb/images-cache...9dc722201c.gif

أليا صهل 24-03-2013 12:39 AM

http://sphotos-b.xx.fbcdn.net/hphoto...51911020_n.jpg

أليا صهل 24-03-2013 08:32 AM

http://www.waraqat.net/2011/08/jebal_ser1.jpg


http://www.waraqat.net/2011/08/jebal_ser2.jpg


http://www.waraqat.net/2011/08/jebal_ser3.jpg


http://www.waraqat.net/2011/08/jebal_ser4.jpg


http://www.waraqat.net/2011/08/jebal_ser5.jpg


http://www.waraqat.net/2011/08/jebal_ser6.jpg


http://www.waraqat.net/2011/08/jebal_ser7.jpg

أليا صهل 24-03-2013 10:45 PM

http://sphotos-b.xx.fbcdn.net/hphoto...51911020_n.jpg

أليا صهل 25-03-2013 02:30 AM

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى



واجب المسلمين تجاه دينهم ودنياهم





الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[1] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[2] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[3] أما بعد : فأسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا وأشكره سبحانه على ما من به من هذا اللقاء في سبيل الله وفي طاعته جل وعلا والتواصي بالحق وأسأله جل وعلا أن يجعله لقاء مباركا وأن يعيننا جميعا على ما فيه رضاه ويعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .
ثم أشكر أخي صاحب هذا المسجد الأخ سليمان الراجحي على دعوته لي لهذا اللقاء وأسأل الله أن يبارك فيه وفي أخيه صالح وفي ذريتهما وأن يعينهم على كل خير وأن يبارك في جهودهم ويجعلنا وإياهم من الهداة المهتدين ثم أشكر أخي الشيخ عائض بن عبد الله القرني على كلمته وعلى قصيدته المباركة وأسأل الله أن يجزيه عن ذلك خيرا .
أما ما ذكره عن الفتاوى واستنباطها من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقول : إن هذا هو الواجب على أهل العلم وهو الذي نفعله ونهدف إليه ونحرص على تطبيق فتاوانا عليه . ولكنني لست معصوما فقد يقع الخطأ مني ومن غيري من أهل العلم ولكني لا آلو جهدا في تطبيق ما يصدر مني على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا آلو جهدا في استنباط ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما يصدر مني من قليل أو كثير هذا هو جهدي . وأسأل الله أن يجعل ذلك موفقا ومصيبا للحق .
وأما ما يتعلق بسؤال أهل العلم والاستفتاء منهم فهذا أمر معلوم قد شرعه الله لعباده فإن الله جل وعلا أمر بسؤال أهل العلم - وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل العلم النافع والعمل الصالح - فقال سبحانه فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[4] وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوم أفتوا بغير علم : ((ألا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال)) فالواجب على طالب العلم وعلى كل مسلم أشكل عليه أمر من أمور دينه أن يسأل عنه ذوي الاختصاص من أهل العلم وأن يتبصر وأن لا يقدم على أي عمل بجهل يقوده إلى الضلال . فعلى المسلمين أن يسألوا وعلى أهل العلم أن يبينوا فالعلماء هم ورثة الأنبياء وهم خلفاء الرسل في بيان الحق والدعوة إليه والإفتاء به وعلى جميع المسلمين أن يسألوا عما أشكل عليهم وأن يستفتوا أهل العلم . وأهل العلم هم علماء الكتاب والسنة وهم الذين يرجعون في فتاواهم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء هم أهل العلم وليس أهل العلم من يقلد الرجال ولا يبالي بالكتاب والسنة إنما العلماء هم الذين يعظمون كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ويرجعون إليهما في كل شيء هؤلاء هم أهل العلم . وعلى طالب العلم أن يتأسى بهم ويجتهد في سلوك طريقهم وعلى عامة المسلمين أن يسألوهم عما أشكل عليهم في أمر دينهم ودنياهم . لأن الله جل وعلا بعث الرسل لإصلاح أمر الدين والدنيا جميعا ولا سيما خاتمهم وإمامهم وأفضلهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فإن الله بعثه للناس عامة للجن والإنس وجعل رسالته عامة وفيها صلاح أمر الدنيا والآخرة فيها صلاح العباد والبلاد في كل شيء فيها خلاصهم من كل شر وفيها صلاحهم فيما يتعلق بدنياهم وأمر معاشهم وفيها صلاحهم فيما يتعلق بطاعة ربهم وعبادته وأداء حقه وترك ما نهى عنه وفيها صلاحهم في كل ما يقربهم من الله ويباعد من غضبه سبحانه وتعالى وفيها صلاحهم بتوجيه العباد وإرشادهم إلى ما ينفعهم ويهديهم إلى الطريق السوي ويبعدهم عن طريق النار وطريق الهلاك والدمار .
وعنوان الكلمة : " واجب المسلمين تجاه دينهم ودنياهم " . فالمسلمون عليهم واجبات تتعلق بدينهم وبالاستقامة عليه كما شرع الله وكما أمرهم الله فإن الله خلقهم ليعبدوه وأرسل الرسل بذلك قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [5]وهذه هي العبادة التي أمرهم الله بها في قوله سبحانه وتعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[6] وفي قوله سبحانه وبحمده : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا[7] وفي قوله عز وجل : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[8] وفي قوله تعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[9] وفي قوله عز وجل : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ[10] والله بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم كما بعث الرسل قبله بالدعوة إلى هذه العبادة والدعوة إلى هذا الدين بعثه إلى الثقلين الجن والإنس رحمة للعالمين كما قال سبحانه وبحمده : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ[11] بعثه معلما ومرشدا وهاديا إلى طريق النجاة معلما لهم كل ما فيه صلاحهم ونجاتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة وجعله خاتم الأنبياء ليس بعده نبي ولا رسول ومن ادعى النبوة بعده فهو كاذب كافر بإجماع أهل العلم والإيمان . فمن ادعى أنه نبي أو أوحي إليه بشيء كالقاديانية فهو كافر بالله ضال مضل مرتد عن دين الإسلام إذا كان يدعي الإسلام فهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين كما قال جل وعلا : مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ[12] وقد تواترت عنه عليه الصلاة والسلام الأحاديث الصحيحة بأنه خاتم الأنبياء لا نبي بعده فالواجب على جميع الثقلين اتباعه والاستقامة على دينه والتفقه في ذلك والسير على ذلك حتى الموت وهذه العبادة التي خلقوا لها لا بد أن يتفقهوا فيها ولا بد أن يعرفوها بالأدلة من الكتاب والسنة فهم خلقوا ليعبدوا الله وتفسير هذه العبادة يؤخذ عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم . وقد فسرها الله في كتابه العظيم وفسرها نبيه عليه الصلاة والسلام فأصلها توحيد الله والإخلاص له كما قال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[13] هذا أصل هذه العبادة فأصلها توحيد الله وتخصيصه بالعبادة قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ[14] وبهذا أنزلت الكتب جميعها من الله سبحانه وتعالى لبيان هذه العبادة كما قال تعالى : كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ[15] فالكتب المنزلة من السماء وآخرها القرآن كلها تدعو إلى توحيد الله والإخلاص له وطاعة أوامره وترك نواهيه. والرسل كلهم جميعا كذلك يدعون إلى توحيد الله وطاعة أوامره وترك نواهيه واتباع شريعته والحذر مما نهى عنه سبحانه وتعالى . فعلى جميع المكلفين من إنس وجن وعرب وعجم ورجال ونساء عليهم جميعا أن يعبدوا الله وحده وأن ينقادوا لما جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قولا وعملا ، فعلا وتركا فأصل الدين وأساسه هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . وهذا هو أصل هذه العبادة وأساسها أن يعبد الله وحده دون كل ما سواه : بالدعاء والرجاء والخوف والنذر والذبح وسائر العبادات كما قال سبحانه وتعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[16] وقال سبحانه : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[17] وقال عز وجل : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[18] وقال سبحانه : قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين[19] وقال سبحانه : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[20] فالعبادة حق الله لا تصلح لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل ولا لصنم ولا لجن ولا لوثن ولا غير ذلك بل هي حق الله عليك أن تعبده وحده بدعائك ورجائك وخوفك وذبحك ونذرك وصلاتك وصومك وحجك وصدقاتك وغير ذلك . لأنه سبحانه هو المعبود بالحق وما سواه معبود بالباطل قال تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[21] وكان العرب وغيرهم من الأمم إلا من رحم الله - وهم قليل - حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الشرك بالله منهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الأنبياء ومنهم من يعبد الأصنام المنحوتة على صورة فلان وفلان ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ومنهم من يعبد القبور ومنهم من يعبد النجوم ويستغيث بها وينذر لها إلى غير ذلك فبعث الله هذا النبي العظيم محمدا صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى توحيد الله وينذرهم من هذا الشرك الوخيم فقام بذلك أكمل قيام عليه الصلاة والسلام ودعا إلى الله وأرشد إلى دينه جل وعلا الذي رضيه للناس وعلم الناس توحيد الله . مكث صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو فيها إلى توحيد الله والإخلاص لله وترك عبادة ما سواه جل وعلا . وبعد مضي عشر سنين فرض الله عليه الصلوات الخمس قبل أن يهاجر أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى السماء وتجاوز السماوات السبع جميعا ورفع إلى مستوى فوق ذلك عليه الصلاة والسلام وكلمه الله جل وعلا وأوحى إليه الصلوات الخمس فنزل بها عليه الصلاة والسلام وعلمها الناس وقام بها المسلمون في مكة ثم هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وفرض الله عليه بقية أمور الدين من زكاة وصيام وحج وغير ذلك .
فالواجب على جميع المكلفين من الجن والإنس والعرب والعجم والذكور والإناث والحكام والمحكومين والأغنياء والفقراء الواجب عليهم جميعا في وقته صلى الله عليه وسلم وبعد وقته وفي وقتنا هذا إلى يوم القيامة الواجب على الجميع أن يعبدوا الله وحده وأن ينقادوا لشرعه وأن يتبعوا ما جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قولا وعملا وعقيدة . هذا واجب الجميع نحو دينهم يجب عليهم أن يعبدوا الله ويطيعوا أوامره ويزكوا نواهيه فالعبادة هي : طاعة الأوامر إخلاصا لله ومحبة له وتعظيما له من صلاة وزكاة وحج وبر بالوالدين وصلة للرحم وجهاد في سبيل الله بالنفس والمال وصدق في الحديث وغير هذا مع ترك كل ما حرم الله من الشرك بالله وهو أعظم الذنوب فالشرك الذي هو : صرف العبادة أو بعضها لغير الله أعظم الذنوب وهو الشرك الأكبر : كدعاء الملائكة أو الأنبياء أو الجن أو أصحاب القبور فيستغيث بهم أو ينذر لهم أو يذبح لهم وهذا ينافي قول لا إله إلا الله فإن قول لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله وهي كلمة التوحيد وهي أصل الدين وأساس الملة فدعاء الأموات والأصنام وغيرهم والاستغاثة بهم والنذر لهم ينقض هذه الكلمة وينافيها وهو الشرك الأكبر والذي يأتي الأموات ويدعوهم ويستغيث بهم وينذر لهم ويسألهم النصر على الأعداء أو شفاء المرضى أو يدعو الملائكة أو الرسل أو يدعو الجن ويستغيث بهم أو ينذر لهم ويذبح لهم كل هذا من الشرك بالله وكل هذا يناقض قول : لا إله إلا الله ويخالف قوله سبحانه : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[22] ويناقض قوله سبحانه : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ[23] وبهذا يعلم كل مسلم أن ما يفعله بعض الجهال عند بعض القبور فيأتي إلى القبر ويقول : يا سيدي فلان اشف مريضي أو انصرني على عدوي . أو أنت تعلم ما نحن فيه انصرنا أو ما أشبه ذلك . هذا من الشرك الأكبر وهذا هو دين الجاهلية نسأل الله السلامة والعافية .
ولا بد أيضا مع توحيد الله والإخلاص له والحذر من الكفر به لا بد من الشهادة بأن محمدا رسول الله . هاتان الشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة فعلى كل مكلف أن يؤمن بأن محمدا رسول الله هو عبده ورسوله إلى الثقلين الإنس والجن وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني أرسله الله حقا إلى جميع الثقلين . يجب الإيمان به بالقلب واللسان والعمل فيؤمن المكلف بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي هو رسول الله حقا إلى جميع الناس وهو خاتم الأنبياء إيمانا صادقا لا نفاق فيه ويحققه بالعمل بطاعة الأوامر وترك النواهي بطاعة أوامر الله من صلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذلك وترك محارم الله من الشرك بالله والزنا والسرقة وشرب المسكرات وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وأكل الربا وأكل مال اليتيم إلى غير ذلك مما حرم الله .
تحقق هاتين الشهادتين يا عبد الله بطاعة الأوامر وترك النواهي هذا حق الله عليك أيها العبد وحق الرسول عليك . فعليك أن تعبد الله وحده بطاعة الأوامر وترك النواهي والإيمان بأنه ربك وإلهك الحق وأنه إله الجميع وأنه سبحانه خالق الكون ومصرف أحوال الجميع وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا كل هذا داخل في الإيمان بالله وحده فهو سبحانه رب الجميع وخالقهم ومصرف أحوال العباد فهو سبحانه الخلاق الرزاق مدبر الأمور مصرف الأشياء ليس للعباد خالق سواه ولا مدبر سواه فهو النافع الضار المانع المعطي الخالق لكل شيء القادر على كل شيء الرزاق للعباد بيده تصريف الأمور كلها سبحانه وتعالى .
وهذا ما يسمى توحيد الربوبية وهو وحده لا يدخل في الإسلام بل لا بد مع ذلك من الإيمان بأنه هو المستحق للعبادة فلا يستحقها سواه وهذا معنى لا إله إلا الله . أي لا معبود حق إلا الله وهذا هو توحيد العبادة وهو تخصيصه سبحانه بالعبادة وإفراده بها من دعاء وخوف ورجاء وتوكل وصلاة وصوم وغير ذلك مع الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات وهو الإيمان بأنه سبحانه هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله له الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته لا شريك له ولا شبيه له ولا كفو له سبحانه وتعالى . وهذا هو توحيد الأسماء والصفات كما تقدم . قال تعالى : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[24] وقال سبحانه : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[25] فعلى جميع المكلفين من الثقلين الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن الكريم كالعزيز والحكيم والسميع والبصير والخلاق والرزاق والرحمن الرحيم إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى وعلى الجميع أيضا الإيمان بما ثبت في السنة سنة النبي صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته ثم إمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل ولا زيادة ولا نقصان بل نؤمن بها ونقرها ونمرها كما جاءت لا نحرف ولا نغير ولا نزيد ولا ننقص ولا نئول شيئا من صفات الله بل هي حق كلها يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله مع الإيمان القطعي بأنه سبحانه لا يشبه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا .
كما أنه لا يشبههم في ذاته وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان وهو الذي أجمعت عليه الرسل ونزلت به الكتب التي أعظمها وأكملها القرآن الكريم وهو الحق الذي لا ريب فيه فعليك يا عبد الله أن تؤمن به وأن تعض عليه بالنواجذ . ولا بد مع هذا كله من الإيمان بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم واتباعه مع الإيمان بجميع المرسلين ولا بد أن تؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله من الملائكة والكتب وأمر الجنة والنار والبعث والنشور والحساب والجزاء وعذاب القبر ونعيمه والإيمان بالقدر خيره وشره . لا بد من الإيمان بهذا كله من جميع المكلفين من الرجال والنساء والأحرار والعبيد والعرب والعجم والأغنياء والفقراء والحكام والمحكومين والجن والإنس على الجميع الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله . هذا واجبهم نحو دينهم وواجب عليهم جميعا أن يؤمنوا بكل ما أخبر الله به ورسوله مما كان في الدنيا من الرسل الماضين من آدم ومن بعده من الرسل وما جاءوا به من الهدى وأن الله جل وعلا بعثهم لدعوة الناس إلى الخير والهدى والتوحيد وأنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة عليهم الصلاة والسلام ولا بد من الإيمان أيضا بكل ما مضى من أخبار الماضين مما جرى على قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ممن قص الله عليناأخبارهم .
فعليك يا عبد الله أن تؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله في كتابه العزيز وفيما جاءت به سنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة لا بد من هذا الإيمان ومن ذلك : الإيمان بعذاب القبر ونعيمه كما تقدم فإن القبر إما روضة من رياض الجنة للمؤمن أو حفرة من حفر النار للكافر . أما العاصي فهو على خطر وقد يناله في قبره ما شاء الله من العذاب إلا من رحم الله . وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر على قبرين فقال : ((إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير)) ثم قال ((بلى أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من البول)) الحديث . ومعنى : ( لايستتر من البول ) أي لايتنزه كما جاء ذلك في رواية أخرى ((فعذبا في قبريهما بهاتين المعصيتين)) وهذا عذاب معجل . وهذا الحديث يبين لنا أن أمر المعاصي خطير وأن الواجب على المؤمن أن يستقيم على دين الله قولا وعملا وعقيدة وأن يحافظ على ما أوجب الله عليه وأن يحذر ما نهى الله عنه سبحانه وتعالى . وأن يؤمن بكل ما أخبر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما يتعلق بأحوال القبر وأحوال الناس في قبورهم فالقبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار والميت أول ما يوضع في قبره يسأله ملكان عن ربه وعن دينه وعن نبيه . فالمؤمن يثبته الله فيقول : ربي الله والإسلام ديني ومحمد صلى الله عليه وسلم نبي . لأنه كان ثابتا في الدنيا على الحق قبل أن يموت فكان بصيرا بدينه ثابتا عليه فلهذا يثبته الله في القبر . وأما الكافر والمنافق إذا سئل فإنه يقول : هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه الإنسان لصعق . وهكذا يحاسبهم الله ويجازيهم بأعمالهم . فالناس يبعثون ويجازون بأعمالهم بعد قيام الساعة وقد دل الكتاب والسنة على أن إسرافيل عليه السلام ينفخ في الصور فيموت الناس الموجودون ثم ينفخ فيه نفخة أخرى بعد ذلك فيبعثهم الله ويقومون من قبورهم ومن كل مكان من البحار وغيرها ويجمعهم الله ويجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر هذا حق لا ريب فيه فلا بد من الإيمان بهذا كله والإعداد له العدة الصالحة لتوحيد الله وطاعته واتباع شريعته والحذر من معصيته سبحانه وتعالى ثم بعد هذا المحشر والقيام بين يدي رب العالمين ومجازات الناس بأعمالهم جنهم وإنسهم ينصب الله الموازين ويزن بها أعمال العباد فهذا يرجح ميزانه وهو السعيد وهذا يخف ميزانه وهو الهالك وهذا يعطى كتابه بيمينه وهو السعيد وهذا يعطى كتابه بشماله وهو الشقي نسأل الله السلامة والعافية .
فهذا المقام العظيم وهذا الأمر الجلل لا بد من أن نستحضره وأن نعد له عدته فيوم القيامة يوم عظيم وهو يوم الأهوال والشدائد ومقداره خمسون ألف سنة كما قال في كتابه الكريم : تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا[26]. فلا بد من الإعداد لهذا اليوم والإيمان بأنه حق . فعليك يا عبد الله أن تعد له العدة الصالحة بتوحيد الله وطاعته واتباع شريعته وتعظيم أمره واجتناب نهيه والتعاون على البر والتقوى مع إخوانك المسلمين والتواصي بالحق والصبر عليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الضال وتعليم الجاهل إلى غير ذلك من وجوه الخير والنصح . فعليك يا عبد الله وعليك يا أمة الله العناية بهذا الأمر والإعداد له وعلى الجميع أن يتقوا الله ويطيعوا أمره ويتواصوا بالحق والصبر عليه وأن يعلموا الجاهل ويرشدوا الضال وينصحوا لله ولعباده وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر كما قال تعالى في كتابه العظيم : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[27] ويقول سبحانه وبحمده : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[28] ويقول سبحانه وتعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[29] والمؤمنون يرون ربهم يوم القيامة رؤية حقيقية يكلمهم سبحانه ويريهم وجهه الكريم هذه عقيدة أهل السنة والجماعة . أجمع أهل السنة والجماعة على أن الله سبحانه يراه المؤمنون يوم القيامة يريهم وجهه الكريم جل وعلا ويحجب عنه الكفار كما قال سبحانه وتعالى : كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ[30] فالمؤمنون يرونه سبحانه والكفار محجوبون عنه هذه الرؤية العظيمة آمن بها أهل السنة والجماعة وأجمعوا عليها وهكذا في الجنة يراه المؤمنون وذلك أعلى نعيمهم كما قال عز وجل : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ[31] فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل مع ما يزيدهم الله به من الخير والنعيم المقيم الذي فوق ما يخطر ببالهم . وقال عز وجل : إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ[32] وقال سبحانه وتعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ[33] فالمؤمنون يرون الله سبحانه في القيامة وفي الجنة رؤية عظيمة حقيقية لكن من دون إحاطة . لأنه سبحانه أجل وأعظم من أن تحيط به الأبصار من خلقه كما قال تعالى : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[34] والمعنى أنها لا تحيط به . لأن الإدراك أخص والرؤية أعم كما قال تعالى في قصة موسى وفرعون : فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ[35] فأوضح سبحانه أن الترائي غير الإدراك . وقال جمع من السلف في تفسير الآية المذكورة منهم عائشة رضي الله عنها : إن المراد أنهم لا يرونه في الدنيا . وعلى كلا القولين فليس فيها حجة لمن أنكر الرؤية من أهل البدع . لأن الآيات القرآنية الأخرى التي سبق بيانها مع الأحاديث الصحيحة المتواترة كلها قد دلت على إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة وفي الجنة . وأجمع على ذلك الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم من أهل السنة وشذت الجهمية والمعتزلة والإباضية فأنكروها وقولهم من أبطل الباطل ومن أضل الضلال . نسأل الله العافية والسلامة مما ابتلاهم به ونسأل الله لنا وللموجودين منهم الهداية والرجوع إلى الحق .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ، ألم تدخلنا الجنة ، وتنجنا من النار ؟ . قال : فيكشف لهم الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل )) رواه مسلم . فيرونه سبحانه وتعالى رؤية حقيقية وذلك أعلا نعيمهم وأحب شيء إليهم جعلنا الله وإياكم منهم . وقد أجمع أهل الحق من أهل السنة والجماعة على هذه الرؤية كما تقدم . وقد حكى ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري في كتابه : " مقالات الإسلاميين " وحكى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وذكر إجماع أهل السنة على ذلك وذكر أن جمهور أهل السنة يكفرون من أنكر هذه الرؤية . فجمهور أهل السنة والجماعة يرون أن من أنكر هذه الرؤية فهو كافر نسأل الله السلامة والعافية .
أما في الدنيا فإنه سبحانه لا يرى فيها . فالرؤية نعيم عظيم والدنيا ليست دار نعيم ولكنها دار ابتلاء وامتحان ودار عمل فلهذا ادخر الله سبحانه رؤيته ادخرها لعباده في الدار الآخرة حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في الدنيا عند جمهور العلماء كما سئل عن ذلك فقال (( رأيت نورا )) فلم ير عليه الصلاة والسلام ربه يقظة.
وقال عليه الصلاة والسلام : ((اعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت)) أخرجه مسلم في صحيحه فليس أحد يرى ربه في الدنيا أبدا لا الأنبياء ولا غيرهم وإنما يرى في الآخرة سبحانه وتعالى .
فعلى المسلم أن يؤمن بهذا وبكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن الجنة حق والنار حق وأن أهل الإيمان يدخلون الجنة ويرون ربهم سبحانه في القيامة وفي الجنة كما يشاء سبحانه وأن الكفار يصيرون إلى النار مخلدين فيها نعوذ بالله من ذلك وأنهم عن ربهم محجوبون لا يرونه سبحانه وتعالى لا في القيامة ولا في غيرها بل هم عن الله محجوبون لكفرهم وضلالهم وأما العاصي فهو على خطر لكن مآله إلى الجنة وإن دخل النار بسبب معصيته فإنه لا يخلد فيها بل يخرج منها فيصير إلى الجنة كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه أهل السنة خلافا للخوارج ومن تابعهم .
وأما المسلم الموحد العاصي فهو على خطر من دخول النار بمعاصيه ومن تعذيبه في القبر بمعاصيه كما تقدم ولكن مصيره إلى الجنة بعد ذلك وإن دخل النار وإن جرى عليه بعض العذاب . فأهل السنة والجماعة مجمعون على أن العصاة لا يخلدون في النار خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم فأهل السنة والجماعة مجمعون على أن العاصي الموحد المؤمن لا يخلد في النار بل هو تحت مشيئة الله كما قال الله سبحانه : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[36] فإن شاء الله عفا عنه ودخل مع إخوانه في الجنة من أول وهلة وإن لم يعف عنه صار إلى النار وعذب فيها على قدر معاصيه ثم بعد التعذيب والتطهير يصير إلى الجنة كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . هكذا قال أهل السنة والجماعة وقد يعذب العاصي في قبره وقد يعذب في النار . لأنه مات على الزنا أو على شرب الخمر أو على عقوق الوالدين أو على الربا أو على غير ذلك من الكبائر إن لم يعف الله عنه وقد أخبر الله سبحانه في الآية السابقة أن الشرك لا يغفر لمن مات عليه كما أخبر الله سبحانه في آية أخرى أن من مات عليه فله النار - والعياذ بالله - مخلدا فيها لا يغفر له كما قال تعالى : وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[37] وقال سبحانه : مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ[38] وأما العاصي فهو تحت مشيئة الله إن شاء ربنا غفر له وعفا عنه فضلا منه وجودا وكرما بسبب أعماله الصالحة أو بشفاعة الشفعاء أو بمجرد فضله وإحسانه بدون شفاعة أحد أو بأسباب أخرى من أعمال صالحة تكون سببا لعفو الله إلى غير ذلك من الأسباب هذا إذا لم يتب . أما من تاب فإن الله جل وعلا يلحقه بإخوانه المؤمنين من أول وهلة فضلا منه وإحسانا . ومن تمام حق الله عليك يا عبد الله في هذه الدار أن تعتني بصلاتك وتحافظ عليها في جماعة مع إخوانك المسلمين وأن تبتعد عن مشابهة المنافقين المتكاسلين عنها الذين ذمهم الله في قوله تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلًا[39]
ومن حق الله عليك أن تؤدي الزكاة زكاة مالك بكل عناية طيبة بها نفسك وأن تصوم رمضان كما أمرك الله وأن تحج البيت مرة واحدة في العمر . لأن الله سبحانه أوجب عليك ذلك مع الاستطاعة وأن تؤدي ما أوجب الله عليك من بر والديك وصلة أرحامك وصدق الحديث وأداء الأمانة والجهاد في سبيل الله إذا تيسر ذلك بالنفس وبالمال وباللسان . وأنتم الآن عندكم جهاد ، جهاد إخوانكم الأفغان للشرك بالله والشيوعية هؤلاء الإخوان المجاهدون لهم حق عليكم أن تساعدوهم بالنفس والمال واللسان فهم مجاهدون للشرك والإلحاد والشيوعية فنوصيكم جميعا بمساعدتهم بالنفس والمال واللسان ومن قال : إنه لا يساعد إلا فلانا منهم أو فلانا فقد غلط وأخطأ بل الواجب أن يساعد الجميع حتى يفتح الله عليهم ويمكنهم من عدوهم ومن جملتهم الشيخ جميل الرحمن وفقهم الله جميعا ونصرهم على عدوهم فكلهم مستحقون للمساعدة كلهم يجب أن يساعد وكلهم بحمد الله على جهاد شرعي وجهاد إسلامي وما قد يقع من بعضهم من الخطأ والغلط يعالج بالتي هي أحسن فكل بني آدم خطاء فإذا وقع الخطأ والغلط من بعض القادة أو غيرهم ينبه إلى خطئه وليس أحد منهم معصوما بل يجب أن يبين له ما قد أخطأ فيه ويوجه إلى الخير ويجب أن يعان الجميع على البر والتقوى وأن يجاهد مع الجميع بالنفس والمال واللسان . لأن جهادهم جهاد عظيم وجهاد شرعي لأكفر دولة وأخبثها . ومكاتب هيئة استقبال التبرعات موجودة في الرياض وغيرها وهكذا محل الراجحي ومحل السبيعي كلها تستقبل المساعدة للمجاهدين بأمر خادم الحرمين الشريفين وفقه الله .
وهكذا إخواننا في فلسطين لهم حق على جميع الدول الإسلامية وأغنياء المسلمين أن يساعدوهم في جهادهم وأن يقوموا معهم حتى يتخلصوا من عدو الله اليهود .
فاليهود شرهم عظيم وبلاؤهم كبير وقد آذوا إخواننا المسلمين في فلسطين فالواجب على الدول الإسلامية وعلى جميع المسلمين القادرين أن يساعدوهم في جهاد أعداء الله اليهود حتى يحكم الله بينهم وبين المسلمين وهو خير الحاكمين وذلك بنصر الله لهم على اليهود وإخراجهم من بلاد المسلمين أو الصلح بينهم وبين دولة فلسطين صلحا ينفع المسلمين ويحصل به للفلسطينيين إقامة دولتهم وقرارهم في بلادهم وسلامتهم من الأذى والظلم فيجب على الدول الإسلامية أن تقوم بهذا الأمر حسب الطاقة والإمكان .
وأما بقاؤهم في حرب مع اليهود وفي أذى عظيم وضرر كبير على رجالهم ونسائهم وأطفالهم فهذا لا يسوغ شرعا بل يجب على الدول الإسلامية والأغنياء والمسئولين من المسلمين أن يبذلوا جهودهم ووسعهم في جهاد أعداء الله اليهود أو فيما يتيسر من الصلح - إن لم يتيسر الجهاد - صلحا عادلا يحصل به للفلسطينيين إقامة دولتهم على أرضهم وسلامتهم من الأذى من عدو الله اليهود مثلما صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة . وأهل مكة ذلك الوقت أكثر من اليهود . لأن المشركين الوثنيين أكفر من أهل الكتاب فقد أباح الله طعام أهل الكتاب والمحصنات من نسائهم ولم يبح طعام الكفار من المشركين ولا نساءهم وصالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض وكان في هذا الصلح خير عظيم للمسلمين وإن كان فيه غضاضة عليهم بعض الشيء لكن رضيه النبي صلى الله عليه وسلم للمصلحة العامة .
فإذا لم يتيسر الاستيلاء على الكفرة والقضاء عليهم فالصلح جائز لمصلحة المسلمين وأمنهم وإعطائهم بعض حقوقهم .
وهذا أمر مطلوب وقد علم في الأصول المعتبرة أن ما لا يدرك كله لا يترك كله ولهذا صالحهم صلى الله عليه وسلم عشر سنين على وضع الحرب وصبر على بعض الغضاضة في ذلك لمصلحة المسلمين وأمنهم حتى يتصلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وحتى يسمعوا القرآن .
ولهذا كان صلحا عظيما وفتحا مبينا نفع الله به وصار الناس يتصلون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصحابة ودخل بسبب هذا الصلح جم غفير وأمم كثيرة في الإسلام دخلوا في دين الله وتركوا الكفر بالله عز وجل فعلى جميع المسلمين أيضا أن يتعاونوا على البر والتقوى ويتواصوا بالحق والصبر عليه ويتعلموا دينهم ويتفقهوا فيه حتى يكونوا على بصيرة بجهادهم وسلمهم وصلحهم وحربهم . هكذا يجب على المسلمين أن يتعلموا فالإنسان ما خلق عالما بل خلق جاهلا قال تعالى : وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[40] فالواجب على الجميع من الرجال والنساء التعلم والتفقه في الدين من طريق المكاتبة ومن طريق سماع المقالات العلمية في إذاعة القرآن الكريم وغيرها ومن برنامج نور على الدرب فهو برنامج مفيد عظيم وهو يذاع كل ليلة مرتين ؟ في نداء الإسلام وفي إذاعة القرآن الكريم وهذا البرنامج له فائدته العظيمة وكذلك سماع المواعظ والمحاضرات التي تذاع في إذاعة القرآن الكريم وغيرها . وكذا العناية بخطب الجمعة والاستفادة منها ومن المحاضرات والندوات التي يقوم بها العلماء وحضور حلقات العلم والاستفادة منها . وهذا واجب على الجميع على الرجال والنساء أن يتعلموا ويتفقهوا في دينهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) فخيار الناس أهل القرآن الذين يتعلمونه ويعلمونه الناس ويعملون به . وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) وهذا يدل على أن الذي لا يتفقه في الدين ما أراد الله به خيرا نسأل الله العافية .
فالواجب التعلم والتفقه في الدين على الرجال والنساء قال عليه الصلاة والسلام : ((من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة)) فأوصيكم جميعا أيها الأخوة من الرجال والنساء وأوصي جميع من تبلغه هذه الكلمة أن يتقي الله وأن يتعلم ويتفقه في الدين وأن يعتني بكتاب الله القرآن الكريم وأن يكثر من تلاوته ويحفظ ما تيسر منه فإنه كتاب الله فيه الهدى والنور كما قال سبحانه : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ[41] وقال تعالى : قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ[42] ويقول سبحانه : وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[43] ويقول جل وعلا : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[44] ويقول سبحانه : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[45] فالوصية للجميع العناية بالقرآن الكريم والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه والسؤال عما أشكل عليك إذا كنت طالب علم وهكذا المرأة إذا كانت طالبة علم فعلى كل منهما أن يعالج ويراجع كتب التفسير فيما أشكل عليه كتفسير ابن كثير والبغوي وغيرهما من كتب التفسير المعروفة التي تذكر الأدلة . فعلى طالب العلم من الرجال والنساء أن يتأمل ويتدبر ويتفقه ويتعلم وهكذا العامة عليهم أن يسألوا ويسمعوا خطب الجمعة والمحاضرات والندوات و " نور على الدرب " الذي يسره الله في كل ليلة ففيه سؤالات وأجوبة مهمة تفيد من يسمعها إذا قصد الفائدة . أما التهاون والإعراض فهذا من عمل الكفار قال الله تعالى : وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ[46] وقال سبحانه : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ[47] فالواجب التعلم والتفقه في الدين وسؤال أهل العلم عما أشكل . وهذا كتاب الله بين أيدينا فيه الهدى والنور . وهكذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بين أيدينا تدل على الحق وترشد إليه وتبين ما قد يخفى من كتاب الله عز وجل كما قال سبحانه : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[48] والعلماءموجودون بحمد الله نسأل الله أن يبارك فيهم ويعينهم على أداء الواجب ويكثرهم ويمنحهم التوفيق ويوفقهم لكل خير ويعينهم على ما ينفع الأمة في دينها ودنياها إنه جواد كريم . وقد أخذ الله الميثاق بذلك على الناس أن يتعلموا ويتبصروا ويسألوا ولا يستحيوا من طلب العلم فإن الله لا يستحي من الحق فأم سليم امرأة أبي طلحة رضي الله عنها قالت والناس يسمعون : يا رسول الله : إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :((نعم إذا هي رأت الماء)) يعني المني . فإذا احتلم الرجل أو المرأة في النوم في الليل أو النهار فعليهما الغسل إذا رأيا المني فإذا لم يريا المني فلا غسل عليهما . وهكذا إذا قبل زوجته أو نظر إليها أو تفكر وأنزل المني عليه الغسل وهكذا المرأة إذا قبلت زوجها أو نظرت إليه أو تفكرت ثم أنزلت المني فعليها الغسل . فالتعلم والتفقه في الدين من أهم الواجبات ولا سيما في عصرنا هذا عصر الغربة قلة العلم والعلماء . فالواجب التعلم والتفقه في الدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) متفق على صحته .
ومما يبشر بالخير أن في كل مكان بحمد الله يقظة عظيمة وصحوة ظاهرة ورغبة في التعلم والتفقه في الدين في هذه البلاد وفي أوروبا وفي أمريكا وفي آسيا وفي إفريقيا . ففي كل بلد بحمد الله حركة إسلامية ونشاط إسلامي نسأل الله أن يسدد رأيهم وأن يعينهم على كل خير ونسأل الله أن يصلح القائمين على كل نشاط إسلامي كما نسأله تعالى أن يمنحهم القادة الصالحين . والعلماء الموفقين حتى يقودوا هذه الحركات الطيبة إلى الهدى وإلى الأمام على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى .
وعلى كل منا أن يعتني بهذا الأمر ويساهم فيه بقدر طاقته في تعليم الناس وتوجيههم إلى الخير بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن والإخلاص لله سبحانه وتعالى وعلى كل منا أن ينصح لله ولعباده عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله ؟ قال ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم في صحيحه . فكل واحد منا من الرجال والنساء عليه النصيحة لله ولعباده . ومن النصيحة لله وللعباد تعليم الجاهل وإرشاد الضال والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن لا بالعنف والشدة إلا من ظلم كما قال تعالى : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ[49] والظالم المعتدي له شأن آخر من جهة ولاة الأمور لكن أنت أيها الناصح تدعو إلى الله بالتي هي أحسن فتعلم وتوجه وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالحكمة والكلام الطيب وبالأسلوب الحسن عملا بالآية السابقة وبقوله عز وجل : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[50] وقوله عز وجل : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ[51] الآية .
ومن النصيحة لله ولعباده الدعاء لولاة أمور المسلمين وحكامهم بالتوفيق والهداية والصلاح في النية والعمل وأن يمنحهم الله البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير وتذكرهم به . وهذا حق على كل مسلم في كل مكان في هذه البلاد وفي غيرها الدعوة لولاة الأمر بالتوفيق والهداية وحسن الاستقامة وصلاح البطانة وأن يعينهم الله على كل خير وأن يسدد خطاهم ويمنحهم التوفيق لما فيه صلاح العباد والبلاد . فكل مسلم يدعو الله لولاة أمور المسلمين بأن يصلحهم الله وأن يردهم للصواب وأن يهديهم لما يرضيه سبحانه هكذا يجب عليك يا عبد الله أن تدعو لولاة الأمور بأن يهديهم الله ويردهم للصواب إذا كانوا على غير هدى تدعو الله لهم بالهداية والصلاح حتى يستقيموا على أمر الله وحتى يحكموا شريعة الله ففي تحكيم شريعة الله صلاح للجميع في كل مكان وفي تحكيم شريعة الله واتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم صلاح الدنيا والآخرة . لأن الله إذا عرف من عبده نية صالحة وعزيمة صادقة سدد رأيه وأعانه على كل عمل يرضيه في أي مكان . لأن في اتباع الشريعة وتعظيم أمر الله ورسوله صلاح أمر الدنيا والآخرة . فكل مسلم في دولته عليه أن يسأل الله لها التوفيق والهداية وينصح لها ويعينها على الخير ويسأل الله لها التوفيق والسداد ولا يسأم ولا يضعف وعليه أن يستعمل الحكمة والأسلوب الحسن والكلام الطيب لعل الله يجعله مباركا في دعوته ونصيحته فيكون سببا لهداية من أراد الله له الهداية من أمير أو حاكم أو غيرهما ممن له شأن في الأمة . لأن هداية المسئول وهداية من له شأن في الأمة ينفع الله بها العباد والبلاد ويقتدي به الكثير من الأمة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله)) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر ليدعو اليهود : ((لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ))،وهذه نعمة عظيمة لا تتم إلا بالصدق والإخلاص والصبر والحذر من الأسلوب الشديد العنيف الذي ينفر الناس من الحق ويسبب الفتن والشرور بل على الداعي إلى الله والناصح لدين الله أن يتحرى الأساليب المناسبة التي تعين على قبول الحق وعلى الرضا به وتنفيذه وعلى المسلم أيضا أن يجتهد فيما يصلح دنياه كما يجتهد في صلاح دينه وصلاح أهل بيته فأهل البيت لهم حق عليك كبير بأن تجتهد في إصلاحهم وتوجيههم إلى الخير لقول الله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ[52] فعليك أن تجتهد في إصلاح أهل بيتك . وهم زوجتك وأولادك الذكور والإناث وإخوانك فجميع أهل البيت تجتهد في تعليمهم وتوجيههم وإرشادهم وتحذيرهم مما حرم الله . لأنك مسئول عنهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته)) ثم قال صلى الله عليه وسلم ((ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)) فعلينا أن نجتهد في صلاحهم من جهة الإخلاص لله في جميع الأعمال والصدق في متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والإيمان به ومن جهة الصلاة وغيرهما مما أمر الله به سبحانه ومن جهة البعد عن محارم الله . فعلى كل واحد من الرجال والنساء النصح في أداء ما يجب عليه فالمرأة عليها أن تجتهد والرجل كذلك . إذ صلاح البيوت من أهم الأمور قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا[53] وقال سبحانه عن نبيه إسماعيل : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا[54] فينبغي التأسي بالأنبياء والأخيار والعناية بأهل البيت لا تغفل عنهم يا عبد الله من زوجة أو أم أو أب أو جد أو جدة أو إخوة أو أولاد عليك أن تجتهد في صلاحهم وأن تأمر بنيك وبناتك بالصلاة لسبع وتضربهم عليها لعشر ضربا خفيفا يعينهم على طاعة الله ويعودهم أداء الصلاة في وقتها حتى يستقيموا على دين الله ويعرفوا الحق كما صحت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكل واحد منا عليه ذلك الدور وكل امرأة عليها ذلك فعلى المرأة والرجل التعاون على البر والتقوى في صلاح البيوت وتحذير الأولاد مما يضرهم فيعلمون ما أوجب الله عليهم ذكورا وإناثا وينهون عما حرم الله عليهم كالتخلف عن الصلوات وشرب المسكر وتعاطي المخدرات والتدخين وحلق اللحى أو تقصيرها وإسبال الثياب والنميمة والغيبة وسماع الأغاني والملاهي وغير ذلك من المعاصي هـذا مما يجب عليك نحو ولدك وأختك وغيرهما من أهل البيت .
فالتعاون واجب على البر والتقوى . لأن الله يقول : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى[55] ويقول سبحانه : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[56] هؤلاء هم الرابحون من الرجال والنساء في سابق الزمان وفي الزمان الحاضر وفيما يأتي من الزمان وهم الذين آمنوا بالله ورسوله إيمانا صادقا ثم نفذوا الإيمان وحققوه بالأعمال الصالحة بفعل ما أوجب الله وترك ما حرم الله ثم تواصوا بالحق فدعوا إلى الله وعلموا الناس وأرشدوهم وتواصوا بالصبر .
هؤلاء هم الناجون وهم الرابحون وهم السعداء في الدنيا والآخرة وهكذا قوله تعالى :وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ[57] يعني أنهم أحبة فيما بينهم لا يغتاب بعضهم بعضا ولا ينم بعضهم على بعض ولا يخونه في الأمانة ولا يؤذيه ولا يظلمه ولا يشهد عليه بالزور إلى غير ذلك من الأعمال والأقوال التي تنافي الولاية والمحبة . فهم إخوة أحباب متعاونون على كل خير ثم قال سبحانه وبحمده : يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[58] والمعنى أنهم لا يسكتون عن إنكار المنكر ولا يداهنون بل كل منهم يأمر أخاه بالمعروف وينهاه عن المنكر بالكلام الطيب والأسلوب الحسن ثم قال سبحانه : وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ[59] وَرَسُولَهُ هكذا المؤمنون الصادقون والمؤمنات الصادقات هذا شأنهم يستقيمون على دين الله ويتباعدون عن محارم الله ويقفون عند حدود الله ويرشدون الناس إلى الخير وينصحونهم بعبارات حسنة وأسلوب جيد مع الإخلاص لله والصبر والمصابرة . وهكذا المؤمن يسعى في أمور دنياه لا يكون كلا على الناس يكتسب الكسب الحلال ويبيع ويشتري ويفعل كل ما يصلح أمر دنياه فيتخذ المزرعة كما كان الأنصار رضي الله عنهم ويبيع ويشتري كما كان المهاجرون رضي الله عنهمُ لا يكون عالة على الآخرين يسألهم ويشق عليهم بل يجتهد في أن يغنيه الله عن الناس يتعاطى الأسباب المشروعة والكسب الحلال ويجتهد في طلب الرزق بالطرق المباحة والشرعية . من بيع وشراء وزراعة وحرفة أخرى مباحة كالحدادة والنجارة والخرازة والخياطة أو يشتغل عند الناس في مزارعهم وفي بنائهم وفي غير ذلك من الأعمال المباحة فيستخدم هذا الجسم الذي أنعم الله عليه به في طاعة الله ورسوله وفي كسب الحلال الذي يغنيه الله به عن الناس ويشرع له أن يتعاطى الأدوية المباحة التي يعينه الله بها على بقاء صحته وسلامة جوارحه .
والخلاصة : أن المشروع للمسلم أن يفعل الأسباب المباحة التي تنفعه في دنياه وأخراه وفي صحة بدنه وفي كسب الحلال وترك الحرام وفي الاستغناء عن الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير)) ثم قال صلى الله عليه وسلم : ((احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان)) رواه الإمام مسلم في صحيحه .
وقال صلى الله عليه وسلم : ((ما أكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)) رواه البخاري في الصحيح وسئل صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب ؟ قال ((عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور)) أخرجه البزار وصححه الحاكم . فأنت يا عبد الله اجتهد في طلب الرزق واكتسب الحلال واستغن عن الحاجة إلى الناس وسؤالهم وعليك بالكسب الحلال الطيب البعيد عن الغش والخيانة والكذب واكتسب المباح بالصدق وأداء الأمانة سواء كان ذلك في بيع وشراء أو تجارة أو حدادة أو خرازة أو كتابة أو بناء أو غير ذلك من الأعمال المباحة وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) متفق على صحته . أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما يرضيه وأن يرزق الجميع الاستقامة على الحق وأن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا في كل مكان وأن يولي عليهم خيارهم وأن يوفق ولاة أمر المسلمين لكل ما فيه رضاه ولكل ما فيه صلاح العباد والبلاد وأن يعينهم على كل خير وأن يصلح لهم البطانة ويجعلهم هداة مهتدين صالحين مصلحين وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده وإلزام الشعوب بها وأن يعيذهم من نزغات الشيطان ومضلات الفتن إنه ولي ذلك والقادر عليه وأن يوفق المسلمين في كل مكان للفقه في الدين والاستقامة عليه والتعاون على البر والتقوى وأن يعيننا وإياكم على كل ما فيه رضاه وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان .

[1] - سورة آل عمران الآية 102.
[2] - سورة النساء الآية 1.
[3] - سورة الأحزاب الآيتان 70- 71.
[4] - سورة الأنبياء الآية 7.
[5] - سورة الذاريات الآية 56.
[6] - سورة البقرة الآية 21.
[7] - سورة النساء الآية 36.
[8] - سورة البينة الآية 5.
[9] - سورة النحل الآية 36.
[10] - سورة الأنبياء الآية 25.
[11] - سورة الأنبياء الآية 107.
[12] - سورة الأحزاب الآية 40.
[13] - سورة البينة الآية 5.
[14] - سورة الأنبياء الآية 25.
[15] - سورة هود الآيتان 1- 2.
[16] - سورة الإسراء الآية 23.
[17] - سورة الفاتحة الآية 5.
[18] - سورة البينة الآية 5.
[19] - سورة الأنعام الآيتان 162- 163.
[20] - سورة الكوثر الآيتان 1- 2.
[21] - سورة الحج الآية 62.
[22] - سورة الفاتحة الآية 5.
[23] - سورة البينة الآية 5.
[24] ـ سورة الإخلاص كاملة .
[25] ـ سورة الشورى , الآية 11 .
[26] - سورة المعارج الآيات 4- 7.
[27] - سورة التوبة الآية 71.
[28] - سورة العصر كاملة .
[29] - سورة المائدة الآية 2.
[30] - سورة المطففين الآية 15.
[31] - سورة يونس الآية 26.
[32] - سورة المطففين الآيات 22- 24.
[33] - سورة القيامة الآيتان 22- 32.
[34] - سورة الأنعام الآية 103.
[35] - سورة الشعراء الآية 61.
[36] - سورة النساء الآية 48.
[37] - سورة الأنعام الآية 88.
[38] - سورة التوبة الآية 17.
[39] - سورة النساء الآية 142.
[40] - سورة النحل الآية 78.
[41] - سورة الإسراء الآية 9.
[42] - سورة فصلت الآية 44.
[43] - سورة الأنعام الآية 155.
[44] - سورة النحل الآية 89.
[45] - سورة ص الآية 29.
[46] - سورة الأحقاف الآية 3.
[47] - سورة الكهف الآية 57.
[48] - سورة النحل الآية 44.
[49] - سورة العنكبوت الآية 46.
[50] - سورة النحل الآية 125.
[51] - سورة آل عمران الآية 159.
[52] - سورة التحريم الآية 6.
[53] - سورة طه الآية 132.
[54] - سورة مريم الآيتان 54- 55.
[55] - سورة المائدة الآية 2.
[56] - سورة العصر كاملة .
[57] - سورة التوبة الآية 71.
[58] - سورة التوبة الآية 71.
[59] - سورة التوبة الآية 71.


أليا صهل 25-03-2013 03:03 AM

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى

نصيحة عامة


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد : فهذه نصيحة أقدمها لإخواني في الله للتذكير بحقه والدعوة إلى طاعته عملا بقوله تعالى : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ[1] وقوله سبحانه : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[2] وقوله سبحانه : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[3] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله ؟ قال ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم .
وأعظم ما أوصيكم به ونفسي تقوى الله سبحانه في جميع الأحوال وهي وصية الله ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ[4] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في خطب كثيرة : ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة)) وحقيقة التقوى فعل ما أوجب الله من الطاعة واجتناب ما حرم الله من المعصية وقد أمر الله بالتقوى ووعد أهلها بتفريج الكروب وتيسير الأمور وغفران السيئات وإعظام الأجر والرزق من حيث لا يحتسبون قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ[5] وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[6] وقال تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[7] وقال سبحانه : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا[8] وقال تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[9] والآيات في الأمر بالتقوى والحث عليها وبيان ما أعد لأهلها من الخير الكثير كثيرة معلومة . فالواجب علينا وعليكم أيها الإخوة في الله تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية والشدة والرخاء وذلك بفعل ما أوجب الله عليكم من الصلاة والزكاة وغير ذلك من الطاعات وترك ما حرم الله عليكم من جميع الذنوب والمنكرات فمن فعل ما أوجب الله عليه واجتنب ما نهاه الله عنه رغبة في ثواب الله وحذرا من عقابه فهو من المتقين الموعودين بالنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة . وأعظم ما يجب على العبد إخلاص العبادة لله وحده وترك الشرك كله كما قال تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[10] وقال تعالى : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ[11] وقال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ[12] وهذا معنى لا إله إلا الله . لأن معناها بإجماع أهل العلم لا معبود حق إلا الله كما قال سبحانه في سورة الحج : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[13] فمن صلى لغير الله أو صام لغير الله أو سجد لغير الله أو دعا غير الله كالأموات والأشجار والأحجار ونحو ذلك فقد أشرك بالله وأبطل قول لا إله إلا الله كذلك من ذبح لغير الله كالذين يذبحون للأولياء والجن والزيران تقربا إليهم أو خوفا من شرهم فكل هذا من الشرك الذي حرمه الله وتوعد أهله بالنار كما قال تعالى : قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ[14] والنسك هو الذبح قال تعالى :فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[15] وقال تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[16] وقال تعالى إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[17] وقال النبي صلى الله عليه وسلم ((من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ((من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لعن الله من ذبح لغير الله)) ومن الشرك الأصغر الرياء والحلف بغير الله كالحلف بالكعبة والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم والحلف بالأمانة وغير ذلك من المخلوقات لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)) قالوا يا رسول الله ما هو ؟ قال ((الرياء ))وقال النبي صلى الله عليه وسلم ((من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)) متفق عليه وقال عليه الصلاة والسلام ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) رواه أبو داود والترمذي وحديث ابن عمر رضي الله عنهما بإسناد صحيح وروى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من حلف بشيء دون الله فقد أشرك)) وقال صلى الله عليه وسلم ((من حلف بالأمانة فليس منا ))
والأحاديث في النهي عن الحلف بغير الله والترهيب في ذلك كثيرة فالواجب على جميع المسلمين الحذر والتحذير من ذلك وتخصيص الله سبحانه بالحلف مع تحري الصدق في ذلك ؛ لأن الحلف تعظيم للمحلوف به والله سبحانه هو المستحق لكل تعظيم وإجلال . ومن أنواع الشرك الأصغر قول ما شاء الله وشئت يا فلان وهذا من الله ومنك لولا الله وأنت ولولا الله وفلان وهذا كله من الشرك الأصغر لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان)) وقال ابن عباس في قول الرجل لصاحبه ما شاء الله وشئت ولولا الله وفلان هذا كله بالله شرك وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت قال ((أجعلتني لله ندا ؟ ما شاء الله وحده)) فالواجب على كل مسلم أن يتفقه في دينه وأن يحذر الشرك كله قليله وكثيره وصغيره وكبيره وأن يتفقه في الدين ويسأل عما أشكل عليه لقول الله تعالى فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[18] وقال تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[19] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين))
ومن المنكرات الشركية أيضا : السحر والكهانة والتطير وتعليق التمائم سواء كانت من القرآن أو غيره والرقى التي فيها شرك والتي لا يعرف معناها . وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((اجتنبوا السبع الموبقات)) قلنا وما هن يا رسول الله ؟ قال ((الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) وروى النسائي عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه)) وقال صلى الله عليه وسلم : ((ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)) وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين ليلة)) وقال صلى الله عليه وسلم : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا)) رواه مسلم .
والرقى التي لا يعرف معناها يجب تركها والنهي عنها مخافة أن يكون فيها شرك وروى الإمام أحمد رحمه الله عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)) وفي رواية له ((ومن تعلق تميمة فقد أشرك)) وقال ابن مسعود رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الطيرة شرك الطيرة شرك)) وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك)) قالوا فما كفارة ذلك يا رسول الله ؟ قال ((أن تقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك)) والأحاديث في التحذير من الكهانة والسحر والطيرة والترهيب من سؤال الكهان والسحرة وتصديقهم كثيرة فالواجب على المسلم الحذر من هذه المنكرات وإنكارها على من تعاطاها حذرا من عقاب الله وطلبا لثوابه وامتثالا لأمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .
ومن أعظم المنكرات التي يجب تركها والتحذير منها : ترك الصلاة والتهاون بها وعدم أدائها في الجماعة وقد قال الله تعالى : حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى[20] وقال سبحانه : وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[21] وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) وقال عليه السلام : ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت)) ،ومن أهم واجبات الصلاة وإظهار شعائر الإسلام : أداء الصلاة في المساجد في الجماعات كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون ذلك وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من الحطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)) وقال عليه السلام : ((من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)) وقال ابن مسعود رضي الله عنه : (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة خطاها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط بها عنه سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) رواه مسلم . وقد أخبر الله سبحانه في كتابه العظيم أن التكاسل عن الصلوات من صفات أهل النفاق قال الله تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلًا[22] وقال تعالى في شأن المنافقين : وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ[23] وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا)) ،فالواجب علينا وعليكم أيها المسلمون المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد والتناصح في ذلك والإنكار على من تخلف عنها وهجره وترك مجالسته حتى يتوب اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتباعدا عن مشابهة المنافقين الذين توعدهم الله بالدرك الأسفل من النار . نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية والتوفيق لما يرضيه وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا وأن يمن علينا بخشيته ومراقبته وأن ينصر دينه ويخذل أعداءه وأن يوفق ولاة أمرنا وسائر أمراء المسلمين لما يرضيه ويصلح بطانتهم وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن آمين . وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا [24].
[1] - سورة الذاريات الآية 55.
[2] - سورة المائدة الآية 2.
[3] - سورة العصر كاملة .
[4] - سورة النساء الآية 131.
[5] - سورة الحج الآية 1.
[6] - سورة الأحزاب الآيتان 70- 71
[7] - سورة الطلاق الآيتان 2- 3.
[8] - سورة الطلاق الآية 5.
[9] - سورة التغابن الآية 16.
[10] - سورة الإسراء الآية 23.
[11] - سورة الزمر الآيتان 2- 3.
[12] - سورة البينة الآية 5.
[13] - سورة الحج الآية 62.
[14] - سورة الأنعام الآيتان 162- 163.
[15] - سورة الكوثر الآية 2.
[16] - سورة النساء الآية 48.
[17] - سورة المائدة الآية 72.
[18] - سورة النحل الآية 43.
[19] - سورة البقرة الآية 282.
[20] - سورة البقرة الآية 238.
[21] - سورة البقرة الآية 43.
[22] - سورة النساء الآية 142.
[23] - سورة الآية 54.
[24] - أعيدت كتابتها من النسخة المصورة من قاضي الخرج سماحة الشيخ حفظه الله التي نسخها الشريف عبد الرحمن بن علي بن محمد القحطاني في 29/ 5 / 1371 هـ بعدما قرئت على سماحته وأقرها بعد تعديلها فجر الجمعة 6 / 5 / 1371 هـ .


http://www.binbaz.org.sa/mat/8339

أليا صهل 25-03-2013 07:49 AM

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى

العذر بالجهل

قضية قرأتها في كتاب أثرت في نفسي كثيراً ولم أقتنع بما قرأت، وهي قضية العذر بالجهل، من هم الذين يُعذرون بجهلهم؟ وهل يُعذر الإنسان بجهله في الأمور الفقهية أم في أمور العقيدة والتوحيد؟ ولو أن المرء الذي أقر بالشهادة قام بأمور تنافي هذه الشهادة من زيارة لقبور

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن دعوى الجهل والعذر بالجهل فيه تفصيل، وليس كل أحد يعذر بالجهل، فالأمور التي جاء بها الإسلام وبينها الرسول للناس وأوضحها كتاب الله وانتشرت بين المسلمين فإن دعوى الجهل لا تقبل، ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة وأصل الدين، فإن الله -عز وجل- بعث نبيه - صلى الله عليه وسلم- ليوضح للناس دينهم وليشرح لهم دينهم، وقد بلغ البلاغ المبين، وأوضح للأمة حقيقة دينها، وشرح لها كل شيء، وتركها على البيضاء ليلها كنهارها، وفي كتاب الله الهدى والنور، فإذا ادعى بعض الناس الجهل بما هو معلوم من الدين بالضرورة قد انتشر بين المسلمين كدعوى الجهل بالشرك وعبادة غير الله -عز وجل-، أو دعوى أن الصلاة غير واجبة أو أن صيام رمضان غير واجب أو الزكاة غير واجبة أو الحج مع الاستطاعة غير واجب هذا كله لا يقبل؛ لأن هذا أمر معلوم بين المسلمين قد علم بالضرورة من دين الإسلام وقد انتشر بين المسلمين فلا تقبل الدعوى في ذلك، وهكذا إذا ادعى أنه يجهل ما يفعله المشركون عند القبور أو عند الأصنام من دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات والذبح لهم والنذر لهم، أو الذبح للأصنام، أو للكواكب أو للأشجار والأحجار، والاستغاثة بهم وطلب الشفاء أو النصر على الأعداء من الأموات أو الأصنام أو الجن أو الملائكة أو الأنبياء، فكل هذا معلوم من الدين بالضرورة وأنه شرك أكبر، قد أوضح الله في كتابه كل ذلك وأوضحه رسوله - صلى الله عليه وسلم –وبقي ثلاث عشرة سنة في مكة وهو ينذر الناس هذا الشرك، وهكذا في المدينة عشر سنين، ويوضح لهم وجوب إخلاص العبادة لله وحده، ويتلو عليهم كتاب الله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ..(الإسراء: من الآية23) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة:5) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ.. (البينة:5) فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ(الزمر: من الآية2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ..(الزمر: من الآية3) ..فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً(الجـن: من الآية18). ويقول سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (الأنعام:162-163) ويقول سبحانه يخاطب نبيه -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ*فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (الكوثر:1-2) ويقول -عز وجل-: فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً (الجـن: من الآية18) ويقول سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (المؤمنون:117)، وهكذا الاستهزاء بالدين والطعن في الدين والسخرية والسب كل هذا من الكفر الأكبر، ومما لا يعذر فيه من تعاطاه؛ لأنه معلوم من الدين بالضرورة أن سب الدين أو سب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الكفر الأكبر وهكذا الاستهزاء والسخرية قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ..(التوبة: 65-66). فالواجب على أهل العلم في أي مكان أن ينشروا هذا بين الناس وأن يظهروه حتى لا يبقى للعامة عذر وحتى ينتشر بينهم هذا الأمر العظيم، وحتى يدَعوا التعلق بالأموات والاستغاثة بالأموات، في أي مكان: في مصر أو الشام أو العراق أو المدينة عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو في مكة أو في غير ذلك حتى ينتبه الحجيج وينتبه الناس ويعْلَموا شرع الله ودينه، فسكوت العلماء من أسباب هلاك العامة وجهلهم، فيجب على أهل العلم أينما كانوا في أي مكان أن يبلغوا الناس دين الله وأن يعلموهم توحيد الله وأنواع الشرك بالله حتى يدَعوا الشرك على بصيرة، وحتى يعبدوا الله وحده على بصيرة. وهكذا ما يقع عند قبر البدوي أو الحسين -رضي الله عنه- أو عند قبر الشيخ عبدالقادر الجيلاني، أو عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم – في المدينة أو عند غيرهم، يجب التنبيه على هذا الأمر وأن يعلم الناس أن العبادة حق الله وحده ليس لأحد فيها حق، كما قال -عز وجل-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّيْنَ..(البينة: من الآية5) وقال سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ*أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ..(الزمر 2-3)، وَقَضَى رَبُّكَ -يعني أمر ربك- أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (الإسراء:23). فالواجب على أهل العلم في جميع البلاد الإسلامية وفي كل مكان وفي الأقليات الإسلامية وفي كل مكان أن يُعلِّموا الناس توحيد الله وأن يبصروهم بمعنى عبادة الله وأن يحذروهم من الشرك بالله -عز وجل- الذي هو أعظم الذنوب، وقد خلق الله الثقلين ليعبدوه وأمرهم بذلك، يقول سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (الذاريات:56) وعبادته بطاعته وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإخلاص العبادة له، وتوجيه القلوب إليه، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة:21). أما المسائل التي قد تخفى في مسائل المعاملات في بعض شئون الصلاة في بعض شئون الصيام فقد يعذر فيها الجاهل في بعض المسائل؛ كما عَذر النبي - صلى الله عليه وسلم – الذي أحرم في جبه وتلطخ بالطيب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم-: (اخلع عنك الجبة واغسل عنك هذا الخلوط واصنع بعمرتك ما أنت صانع بحجك)، ولم يأمره بالفدية لجهلة، كونه أحرم بالجبة وكونه تلطخ بالطيب لم يأمره بالفدية لجهله، هكذا بعض المسائل التي قد تخفى يُعلَّم فيها الجاهل يُبصَّر فيها الجاهل، أما الأمور الأصولية، أصول العقيدة، أركان الإسلام، المحرمات الظاهرة فلا يقبل من أحد عذر في ذلك، فلو قال أحد: أني ما أعرف أن الزنا حرام وهو بين المسلمين ما يعذر، يقام عليه حد الزنا، أو قال: ما أعرف أن الخمر حرام وهو بين المسلمين لا يعذر، أو قال: ما أعرف أن عقوق الوالدين حرام ما يعذر، يضرب يؤدب، أو قال: ما أعرف أن اللواط وهو إتيان الذكور حرام، لا يعذر؛ لأن هذه أمور ظاهرة معروفة عند المسلمين معروفة في الإسلام، لكن لو كان في شواطئ أمريكا وبعض البلاد البعيدة عن الإسلام أو في مجاهل أفريقيا التي ليس حولها مسلمون، قد يقبل منه دعوى الجهل في هذه البلاد البعيدة عن الإسلام، إذا مات على ذلك يكون أمره إلى الله، يكون حكمه حكم أهل الفترة, والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة ويؤمرون فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار، أما الذي بين المسلمين ويتعاطى أنواع الكفر بالله ويترك الواجبات المعلومة فهذا لا يعذر؛ لأن الأمر واضح، والمسلمون -بحمد الله- موجودون يعملون بهذه الأعمال يصلون يصومون يحجون، كل هذا معلوم، يعرفون أن الزنا حرام، وأن الخمر حرام، وأن العقوق حرام، معروف بين المسلمين، و... بين المسلمين، فدعوى الجهل دعوى باطلة، والله المستعان.



http://www.binbaz.org.sa/mat/10649

أليا صهل 25-03-2013 10:23 AM

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى

الراجح وجوب الزكاة في الذهب والفضة


لقد اختلفت أقوال العلماء بالنسبة لزكاة حلي النساء المستعملة بين موجب للزكاة ومسقط لها، لذا أرجو وضع حد لهذه الاختلافات وقولاً فاصلاً، وإذا كان الجواب بالوجوب فماذا تفعل المرأة التي ليس لديها سوى حليها ؟

قد اختلف العلماء رحمهم الله والصحابة قبلهم في زكاة الحلي للنساء من الذهب والفضة من القلائد والأسورة والخواتم وأشباه ذلك إذا بلغت النصاب ، وهو عشرون مثقالاً من الذهب ، ومائة وأربعون مثقالاً من الفضة ، مقداره من الذهب المستعمل أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه ، ومقداره من الفضة ستة وخمسون درهماً أو ما يعادلها من العمل الورقية ، هذا أقل نصاب ، وما زاد عليه فمن باب أولى ، فقال بعض أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم : إن عليها الزكاة في الحلي إذا بلغت النصاب ؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة . وقال آخرون : لا تجب فيها الزكاة ؛ لكونها معدة للاستعمال . والراجح وجوب الزكاة فيها ؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته أم سلمة عن الحلي : أكنز هو قال : (( ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز ))[1] ، ولأنه صلى الله عليه وسلم سأل امرأة عليها سواران من ذهب : " هل تؤدين زكاتهما ؟ " فقالت : لا ، فقال عليه الصلاة والسلام: (( أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار ..)) [2] الحديث . وإذا كانت المرأة ليس لديها ما تزكي به سوى الحلي فعليها أن تبيع من الحلي أو تقترض ما تزكي به ، وإن زكى عنها زوجها أو غيره بإذنها فلا بأس . والله ولي التوفيق .

--------------------------------------------
[1] رواه أبو داود في ( الزكاة ) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم 1564
[2] رواه أبو داود في ( الزكاة ) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم 1563 ، والنسائي في ( الزكاة ) باب زكاة الحلي برقم 2479

ضمن أسئلة موجهة لسماحته بعد محاضرته عن ( الزكاة ومكانتها في الإسلام ) في الجامع الكبير بالرياض - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الرابع عشر
http://www.binbaz.org.sa/mat/1402

أليا صهل 25-03-2013 02:54 PM

القرآن الكريم
http://quran.ksu.edu.sa/index.php#ay...ry&trans=ar_mu

أليا صهل 27-03-2013 03:27 AM

رجل يسأل الشيخ محمد الشنقيطي*
:: انا أسكن بجوار والدتي وأقضي حوائجها الخاصه بها لكن زوجتي تغار من هذا الفعل ::
أنظروا إلى رد الشيخ عليه ؟؟؟
http://www.3refe.com/vb/showthread.php?t=176108

أليا صهل 28-03-2013 03:44 AM

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رحمه الله تعالى
حكم صلاة الفجر بعد ساعة من الأذان

إذا كان الفجر يؤذن في الخامسة وخمس دقائق مثلاً، وأصلي في السادسة، هل هذا يُعتبر من التأخير؟

ليس من التأخير لكن الأفضل البدار ولو أخرت إلى أن أسفر فلا بأس، لكن البدار بغلس: وهو اختلاط الليل بالنهار، أي اختلاط الظلمة بالنور بعد طلوع الفجر بربع ساعة ثلث ساعة نصف ساعة يكون هذا أفضل، لكن لو أخرت أو أخر الرجل قبل طلوع الشمس فلا حرج في ذلك؛ لكنه ترك للأفضل والسنة أن يُصلَّى بغلس، الرجال والنساء، يصلي فجر بغلس، المرأة في بيتها والرجل في المسجد، وإن صلت مع الرجال متسترة متحجبة متبعدة عن أسباب الفتنه فلا بأس. والتأخير لا حرج فيه؛ لكنه يفوت الأفضل، ولا يجوز تأخيره بعد طلوع الشمس بل هذا حرام ومنكر، بل يجب أن تفعل قبل طلوع الشمس تفعل كلها.
http://www.binbaz.org.sa/mat/14889


الساعة الآن 02:46 AM. حسب توقيت مدينه الرياض

Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.