http://www.shura.gov.sa/ArabicSite/Acv/Img%5CImg102.jpg
نشرته العربية نت
من المستحسن قراءته جيداً وفهم مابين السطور
========================
طُـزَّ !؟
هذه الكلمة "الترحيبية" سيقول بها بعض القراء، والبعض الآخر سيتساءل من هو الدكتور محمد القنيبط حتى يعتزل أو لا يعتزل؛ في حين سيقول من بينهما لماذا يعتزل القنيبط الكتابة ؟!
بالطبع آمل ألا يبالغ المحبون في التفاؤل بأنَّ القنيبط سيجد معارضة كبيرة لاعتزاله، كتلك التي حظي بها الدكتور عائض القرني. فالقنيبط لم تصل مبيعات كتابه الوحيد حتى نصف الألف، في حين تجاوزت مبيعات كتاب واحد للشيخ القرني المليون نسخة، وبازدياد زاده الله من فضله. أما الثانية، وهي الأهم من وجهة نظري، فهي الاختلاف الواضح بين الشخصيتين، والرسالة التي يتبناها كل منهما. وأترك القارئ الكريم لاستنباط ما يراه في هذا الاختلاف.
لذلك من حق القارئ أن يتساءل: لماذا يعتزل القنيبط الكتابة الصحفية المتخصصة ؟!
القفاز الحريري !؟
الكتابة الصحفية وغير الصحفية أشبه ما تكون بالشعر أو الأدب القصصي، فحين يجد الكاتب موضوعاً يثير قريحته للكتابة، تجد الصفحات تمتلئ سريعاً بالجمل والكلمات، ولا يحُدُّه أو يُقيِّده سوى المساحة التي تخصصها له الصحيفة أو المجلة.
لذلك يمكن أن تُضيِّق على الكاتب وتمنعه من الكتابة بطريقتين: الأولى هي الطريقة الكلاسيكية، وذلك من خلال المنع المباشر من قبل رئاسة التحرير استجابة لضغط جهة حكومية أو خاصة ذات علاقة أو سلطة على المطبوعة. الطريقة الثانية، هي طريقة أو استراتيجية "القفاز الحريري" كما وصفها الدكتور عبدالله النفيسي، وذلك من خلال منع الكاتب من الكتابة في التخصص الذي يجيده.
وهذا هو الطريق الذي وجدتني عليه، عبر التلميح أو التصريح بضرورة تجنب الكتابة عن الاقتصاد والسوق المالية، أو بمعنى أدق تجنب الكتابة عن وزارة المالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية !؟
وبالتالي فكأنك تطلب من الشاعر أن يكتب أي شيء سوى الشعر !؟ وهذا الخيار "الحريري" اللطيف، ذكَّرني بالمقولة الشهيرة للصناعي هنري فورد، رائد صناعة السيارات مطلع القرن الماضي، حينما قال: يمكننا صناعة سيارتك بأي لون ترغبه طالما كان أسود !؟
فالرسالة التي وصلت تلميحاً وتصريحاً هي بإمكانية استمراري بالكتابة طالما تجنبت مواضيع تتعلق بوزارة المالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية، باختصار تجنب الكتابة عن الاقتصاد والسوق المالية !؟
تخيل عزيزنا القارئ، يوضع هذا الخيار الليبرالي جداً أمام كاتب مهني متخصص؛ وليس ذلك فحسب بل يرأس مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، ويعمل عضواً بمجلس الشورى لثلاث دورات متتالية رأس خلالها لجنة الشئون الاقتصادية والطاقة لأربع سنوات متتالية، ونائب لرئيس ذات اللجنة لثلاث سنوات !؟ وبالتالي هل لدى القارئ إجابة لكيفية التعامل مع هذا الخيار "الحريري" الواسع جداً الذي طُرِح أمامي ؟!
ولكن لماذا تضييق واسع ؟! لماذا لم أعط هذا الخيار قبل سنة أو ثلاث أو خمس أو عشر ؟! لماذا لم يوقف القنيبط بطريقة كلاسيكية بحتة، كالتي تتم مع بقية الصحفيين ؟! حقيقة، كم وددت لو تم استخدام الطريقة الكلاسيكية في منعي من الكتابة؛ ولكن هنا يتضح النبوغ والإبداع في تضييق واسع !؟
تلفزيون للسعوديين !؟
ولكن هل كان التضييق فقط على الكتابة الصحفية ؟! بكل تأكيد لا، ولم أكن لأقدم على قرار اعتزال الكتابة لو أنه كان كذلك.
ولكن التضييق، بل الإهانة كانت عبر منع الظهور على التلفزيون السعودي !؟ نعم، عزيزنا القارئ، تخيل منع ظهور عضو مجلس الشورى السعودي بالمؤهلات الاقتصادية المتخصصة وفي برنامج متخصص، هو برنامج المؤشر في قناة الإخبارية السعودية، هذه القناة التي قيل أنها ستحدث نقلة حضارية في صناعة التلفزة السعودية؛ وليتها لم تفعل !؟ وهذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
ففي مساء الجمعة 24 صفر 1427هـ، وقبل موعد حلقة برنامج المؤشر بأربعين دقيقة تلقيت اتصال من مدير البرامج بقناة الإخبارية يقول بحدوث "خلل فني" يحول دون بث برنامج المؤشر، وأنه يعتذر أشد الاعتذار على هذا الخلل الفني !؟ بعد انتهاءه من شرحه لهذا "الخلل الفني"، سألته: هل قناة الإخبارية متوقفة تماماً عن البث هذا اليوم ؟! فقال بالطبع لا. فقلت له: آمل من رؤساءك على الأقل احترام درجة ذكائي، وإبلاغي مباشرة بأنَّ ظهوري على الإعلام السعودي غير مرغوب به.
تُرى لماذا ؟! لماذا يُمنع عضو مجلس الشورى السعودي من الظهور في برنامج اقتصادي على قناة تلفزيونية سعودية ؟! ولماذا يمنع من الكتابة في مواضيع اقتصادية هي من صميم دراسته وتخصصه وعمله بمجلس الشورى ؟! هل أغضبت كتابات ومقابلات القنيبط القيادة السياسية السعودية ؟! أم أنَّ القنيبط ولأكثر من أحد عشر سنة لم تكن كتاباته وظهوره التلفزيوني النادر سوى قدحاً وشتماً للقيادة ورموزها الكريمة ؟! هل ..... وهل ..... وهل ..... !؟
الشهادة التي أستطيع أن أواجه بها البارئ عز وجل، هي أنني ولأكثر من أحد عشر سنة لم أجد سوى التقدير، بل التقدير الكبير جداً من لدن كبار ولاة الأمر الذين تشرفت بمعرفتهم تمام المعرفة، بدءاً من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وتدرجاً حتى أصغرهم. وما يزيد من حدة الألم والمرارة هي أنَّ وزير الإعلام والثقافة هو زميل سابق بمجلس الشورى !؟
إذاً، لماذا هذا التضييق ؟! ولماذا يتم ذلك في هذه الفترة بالذات التي نفاخر بها عالمياً ؟!
الوزير !؟
هذا اللفظ أو اللقب السحري في دوائر المجتمع الحكومي والخاص، عرفته المملكة لأول مرة حينما أسبغه مؤسس هذا البلد العظيم، الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، على عبدالله بن سليمان، الذي استمر يعرف بلقب الوزير فقط، دون الحاجة مطلقاً إلى ذكر اسمه. فالوزير هو إبن سليمان، وإبن سليمان هو الوزير، لأنه لا يوجد آنذاك وزير غيره. وحيث أن إبن سليمان كان وزيراً للمالية حتى وفاة المؤسس أبو تركي يرحمه الله، فقد كان لوزارة المالية قوة خرافية بل "قدسية" إدارية، استمرت معها ومع كل من شغل منصب "الوزير"، إلى يومنا هذا.
وهنا تتضح الإشكالية التي أوقعت كتابات القنيبط عن وزارة المالية في المحذور البيروقراطي: نقد "الوزارة" !؟
فوزارة المالية ليست مثل بقية الوزارات. فالوزارة "والوزير" كلمتين مترادفتين، كل منهما تعني الأخرى. فكلمة "الوزارة" تعني وزارة المالية، وكلمة "الوزير" تعني وزير المالية، فقط لا غير. وكل الطرق تمر عبرها أو عبره، والكل يسعى إلى خطب ودها أو وده، والتقرب منه أو منها، أملاً وطمعاً بحظوة ودعم "الوزير" أو "الوزارة". وهنا تتضح خطورة الفكر الإداري السائد في وزارة المالية على القرار الحكومي، وبالتالي القرار التنموي اقتصادياً كان أم اجتماعي. والشواهد ظاهرة للعيان كيف أن الاختلاف مع "الوزير" أدى إلى تدهور خدمات تلك الوزارة أو الجهاز الذي استعدى رئيسه معالي "الوزير".
أسود أو أبيض ؟!
وهنا يدخل الصورة الدكتور القنيبط عبر زاوية أكاديميات بمجلة اليمامة. وعبر هذه المقالات، وفي مجتمع عربي أصيل تشيع فيه ثقافة المديح والهجاء، دون وجود أي منطقة ولو رمادية بين هذين الحدين أو الطرفين النقيضين، كان من السهل جداً وصف كتابات القنيبط عن الأجهزة الحكومية، وبصفة خاصة عن وزارة المالية، بأنها كتابات تنبع من مواقف شـخصية فقط لا غير. وقد واجهت هذا الاتهام مؤخراً في برنامج إضاءات بقناة العربية، الذي يقدمه المحاور الشاب تركي الدخيل. بل لقد قال بهذا الاتهام وزير المالية بشحمه ولحمه، حينما أعياه البحث عن مبرر يقنعه لسبب كتاباتي عن وزارة المالية والفكر الإداري "المتطور" الذي ترتكز عليه.
لذلك لا غرابة مطلقاً أن يتصدى معالي وزير الإعلام والثقافة لتأكيد هذه "الشخصنة" ويقوم بالاتصال بصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن سلمان رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، متذمراً من مقالي بصحيفة الاقتصادية (20/2/1427هـ) بأنه شخصي ضد معالي "الوزير" !؟ ويكفيني فخراً تبرئة سموه الكريم للمقال من تهمة الشخصنة المؤلمة، على الرغم من أنني لست من كُتَّاب الاقتصادية.
تُرى لماذا تثور حميِّة وزير إعلام وثقافة "تنويري" كنا نأمل منه الكثير على مقال اقتصادي متخصص كتبته تعقيباً على تعقيب الدكتور عبدالعزيز العريعر على مقال وزير المالية السابق الدكتور سليمان السليم عن أسباب الانهيار المؤلم لسوق الأسهم، الذي نزف حوالي تريليون ريال من القيمة السوقية للأسهم السعودية خلال شهر ؟!
تُرى لماذا لم يُكلِّف وزير الإعلام والثقافة نفسه، ومن باب الزمالة واللباقة، بل من باب التقدير والاحترام الواجب والمستحق لمجلس الشورى الذي ضمَّه لست سنوات، ويتصل ليبلغني باعتقاده بأنَّ تعقيبي كان "شخصياً" على "الوزير" ؟!
ولكن قبل هذا السؤال، تُرى لماذا يسمح وزير الإعلام والثقافة بتوجيه إهانة غير مقبول بأدنى المعايير بحق عضو مجلس شورى ونائب رئيس لجنة الشئون الاقتصادية والطاقة، بمنعه من الظهور في قناة سعودية وفي برنامج اقتصادي سعودي ضمن تخصصه وعمله، خاصة وأنَّ مدير قناة الإخبارية ـ كما هو متبع ـ يعلم بإسمي قبل موعد اللقاء بأربعة أيام طوال ؟! لماذا الإمعان في إهانة عضو مجلس الشورى بالانتظار حتى قبل بدء البرنامج بأربعين دقيقة، ليتولى موظف صغير بالاتصال لإبلاغه بوجود "خلل فني" يحول دون بث البرنامج ؟! لماذا لم يُكلِّف وزير الإعلام والثقافة مدير قناة الإخبارية ليقوم شخصياً بالاعتذار لعضو مجلس الشورى السعودي الذي التزم لهم بموعد أجبره على إلغاء جميع ارتباطاته ؟! لماذا ..... ولماذا ..... ولماذا ..... ؟!
أسئلة مؤلمة جداً، حينما يأتي الظلم، بل الإهانة من "ذوي القربى".
مجلس إعاقة !؟
فالأمر لا يتوقف عند موضوع إلغاء حلقة تلفزيونية بعذر ساذج عن وجود "خلل فني" يلغي برنامج واحد فقط، بل يتعدى ذلك إلى تأكيد التهميش الذي يمارسه بعض أصحاب المعالي الوزراء بحق مجلس الشورى ووظيفته المحورية في تطور وتقدم الأمم والشعوب.
وهنا تبدأ المعاناة في هذا الأمر، عند مقارنة التعامل الحضاري والراقي جداً الذي تسبغه القيادة السعودية الكريمة على مجلس الشورى وأعضاءه، مقرونة بتطلعات وطموحات كبيرة من لدن القيادة الكريمة من هذا الكيان التشريعي المهم في جميع دول العالم المحترمة؛ وما يقابل ذلك من تهميش ونظرة دونية من قبل بعض، وأؤكد على كلمة "بعض"، أصحاب المعالي الذين لا يرون في مجلس الشورى سوى عائق من العوائق البيروقراطية، بل وأنه لا يوجد لديه ما يقدمه للوطن والمواطن، حيث الحل والعقد والعلم والمعرفة كاملة غير منقوصة موجودة فقط لدى الوزارة، وقبل ذلك معالي الوزير.
فإن لم يتفق القارئ الكريم مع نظرة التهميش هذه لمجلس الشورى وأعضاءه، فكيف يفسر "تطنيش" السفير السعودي في دولة مهمة جداً ليس بحق عضو مجلس شورى حلَّ ضيفاً على تلك الدولة لحضور مؤتمر دولي، بل بحق رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق معه !؟ هل تريد معرفة المزيد من هذه المسرحية المؤلمة !؟
حسناً، فصاحب المعالي السفير لم يكلف نفسه عناء الخروج للمطار لاستقبال معالي رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق لحضور مؤتمر دولي في هذه الدولة، ولم يقم بزيارة رئيس مجلس الشورى في مقر إقامته، بل ولم يقم حتى بدعوة فضيلته لزيارة مقر سفارة خادم الحرمين الشريفين !؟ في حين يجد معالي السفير الوقت الكافي لحضور حفل موسيقي تزامن مع وجود وفد مجلس الشورى !؟
إذاً، هل يحق لعضو مجلس شورى بإسم محمد القنيبط أن يعتب على وزير الإعلام والثقافة لماذا لم يتصل به ويعتذر عن منع خروجه في برنامج اقتصادي على التلفزيون السعودي ؟!
هل تريد الإجابة، عزيزي القارئ !؟ بعد الموقف المحرج، بل المعاملة المهينة التي قام بها ذلك السفير السعودي بحق فضيلة رئيس مجلس الشورى السعودي، لا يجوز بل لا يحق لي مطلقاً التذمر أو حتى العتب من التصرف الحضاري للزميل السابق معالي وزير الإعلام والثقافة الأستاذ إياد مدني، بل يجب أن أُقدِّم لمعاليه وافر الشكر والتقدير على توجيهه موظف صغير للاتصال بي، حيث حمدت الله عز وجل أنَّ قناة الإخبارية اعتذرت لي على الهاتف قبل مغادرتي المنزل بأربعين دقيقة؛ وليس عند مدخل مبنى التلفزيون، كما حدث لأحد ضيوفهم !؟
النظرة الدونية التي أرى بوجودها لدى بعض أصحاب المعالي الوزراء لمجلس الشورى ووظيفته وما هو مأمول منه، ليست خيال أكاديمي أو ردة فعل لهذه المواقف المؤلمة التي تعرض لها محمد القنيبط مؤخراً، بل هي حقيقة واقعة سبق وأن كتبت عن بعضها، وذلك من واقع تباين النظرة الملكية الكريمة الطموحة لمجلس الشورى والدور الكبير الذي تأمله وتتوقعه بل تراه القيادة واضحاً جداً؛ وبين النظرة "المعالية" الدونية التي ينظر بها أولائك "البعض".
أعان الله أبا متعب
وحيث أننا في موضوع سوق الأسهم وانهياره وأنه هو السبب الذي أدى إلى ردود فعل أغضبت معالي "الوزير"، حتى هب لنصرته زملاءه من خلال استراتيجية "القفاز الحريري"، فقد أدت النظرة الدونية لدور مجلس الشورى من قبل وزارة التجارة والصناعة إلى سحب نظام الشركات قبل حوالي ثلاث سنوات، ولم تعده إلى الآن للمجلس؛ مما تسبب في إحراج القائد الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما تم تغيير نص المادة (49) من نظام الشركات والمتعلقة بالسعر الاسمي لأسهم الشركات المساهمة، وهو الأمر الذي كان سيتم لو أنَّ وزير التجارة والصناعة قبل عرض لجنة الشئون الاقتصادية والطاقة بمجلس الشورى آنذاك بالتعاون غير المحدود لمنع سحب نظام الشركات من مجلس الشورى لتسهيل خروجه إلى النور الذي لم يره إلى الآن؛ وبالتالي عدم إقحام القيادة الكريمة في التدخل لتصحيح أخطاء تسببت بها أجهزة ووزارات المال والتجارة.
ولكن، وبسبب النظرة السلبية من قبل هذه الوزارة وغيرها من بعض الوزارات والأجهزة الحكومية لدور مجلس الشورى، دفع الاقتصاد الوطني خلال شهر واحد فقط ـ وعبر مدخرات صغار المستثمرين ـ حوالي تريليون ريال لخلل تسببت به نظرة أو فكر إداري مالي نقل لمقام نظر الوالد القائد أبي متعب على أنَّ الانهيار هو تصحيح طبيعي يتم في جميع أسواق العالم !؟
ولكن حس القائد، ومتابعته اللصيقة، رغم كثافة الضباب التي حاولت الأجهزة المعنية وضعه حول القائد من أنَّ ما يجري هو تصحيح طبيعي، جعل أبي متعب ـ يحفظه الله ـ يتدخل شخصياً ويتولى إدارة الأزمة أو بالأحرى الكارثة الاقتصادية بمهارة الربان العارف ببواطن الأمور، فأعاد الثقة للسوق، واختصر لجنة الستة أيام إلى ستة ساعات، وقفز فوق الروتين واستراتيجية "أمر الله من سعه" لكثير من أصحاب المعالي، فغير المادة (49) خلال 48 ساعة، وأنشأ أكبر بنك سعودي مساهم، ونسف نسبة 30% الشهيرة للاكتتاب، حين خصَّصَ 70% من رأس مال هذا البنك العملاق لصغار المواطنين.
باختصار شديد، أعاد أبو متعب ـ يحفظه الله ـ الثقة التي فقدها سوق الأسهم السعودي لأكثر من شهر، وكاد أن يستمر في الانهيار حتى الإفلاس؛ في حين فشلت الأجهزة ذات العلاقة فشلاً ذريعاً، وليس ذلك فحسب، بل غضب وزرائها أشد الغضب من أي شخص يُصرِّح أو يُلمِّح بإخفاق أجهزتهم؛ بل وهب لنجدتهم أبناء العمومة "لتكريم" كل من أراد أن يقول الكلمة الصادقة أمام الوطن وقيادته الكريمة.
ولهذا السبب الأخير، لم يكن لي خيار سوى رفع الحرج عن أصحاب المعالي الغاضبين من كتاباتي، وبالتالي تسهيل مهمتهم في تفسير الأمور والأحداث للمقام السامي كما ينظرون لها.
السبب الآخر والأهم في قرار اعتزالي الكتابة الصحفية الناقدة، إنما هو اعتراض على إهانة عضو مجلس الشورى السعودي من قبل وزارة الإعلام والثقافة السعودية؛ وليس اعتراض على تضييقها على محمد القنيبط، الكاتب الصحفي. فلا يؤدي القسم الغليظ المغلظ أمام خادم الحرمين الشريفين سوى أعضاء مجلس الوزراء وأعضاء مجلس الشورى، فهل يعقل أن يخون الوطن ويحنث بهذا القسم العظيم شخص أداه ثلاث مرات ؟! وهل يحق لغير الملك سحب هذه الثقة عمَّن أدى القسم أمامه ؟!
لذلك آثرت الحفاظ على ما بقي لي من رصيد الاحترام والتقدير لدى "بعض" أصحاب المعالي، من خلال التوقف عن الكتابة حتى لا يغضب هؤلاء "البقية"، ثم نكون مثل صاحب "مَعيِّد القريتين" !؟
الشكر واجب
وقبل إغلاق ملف أكاديميات والقيام بواجبات طالما تمنيت لو أنَّ اليوم 48 ساعة حتى أتمكن من الوفاء بها، فالأمانة والاعتراف بالجميل يحتمان أن أعترف لكل من كان سبباً وراء نجاح زاوية أكاديميات لأكثر من أحد عشر عام بدأت مطلع 1416هـ.
فمهما كتبت وتحدثت لن أوفي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حقه لقاء ما شرفني به بعد أول مقال كتبته عن المياه قبل أكثر من 13 سنه، وذلك بتفاعله مع الموضوع الحيوي آنذاك وتكليفي بإعداد دراسة متخصصة عن المياه والزراعة مع زملاء آخرين. فلأبي خالد الشكر والتقدير على كل ما تفضَّلَ به على كاتب أكاديمي، كان ولا يزال همُّه الأول والأخير شحذ الهمم من خلال فتح أبواب الحوار والنقاش مع المهتمين والمختصين في مواضيع اهتماماته وتخصصه، وبعيداً عن التجريح والشخصنة التي برأني منها أبي خالد، يحفظه الله.
الشكر مقرون كذلك لصاحب الابتسامة الدائمة وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، الذي لا يترك مناسبة عند لقاءه إلا ويذكرني بموضوع من كتاباتي. والشكر كذلك لرجل الإعلام الأول أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي يقرأ ما بين السطور في حين يتعفف عن الإدعاء بقراءة ما في الصدور. فلأبي فهد أطنان الشكر والتقدير على الدعم المتواصل لكافة الإعلاميين السعوديين.
آخراً وليس أخيراً، فمهما كتبت لن أوفي رئيس تحرير مجلة اليمامة سعادة الدكتور عبدالله الجحلان حقه، باستثناء توريطي بدخول الكتابة الصحفية، وبالتالي كسب "صداقة" حميمة جداً من كثير من أصحاب المعالي. فقد تكبد عناء مواجهة غضب كبار المسئولين الذين كانت أجهزتهم مواضيع كتاباتي، دون أن أشعر بذلك، ودون أن يؤثر في "خطي" في الكتابة، حتى "بلغ السيل الزُبا". فلأبي محمد الشكر والتقدير، ومنه أطلب العذر على أي إحراج تسببت به.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وأن آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد الصادق الأمين.
للمعلوميه : الموضوع إختفى حتى من العربية نت
كان الله فى العون