منتديات تداول - اسرار وخفايا سوق الاسهم السعودي منذ عام 2006 حتي عام 2024

الحلقة الأولى

ليس هناك من سيختلف معي حول القول : بأن الإدارة هي المحرك الرئيسي لعجلة أي عمل ، فهي إما أن تدفعه بطريقة متوازنة تجعله يستمر في خط النجاح ، وكذلك تعمل على صنع مجسات تضمن السير بدون انحرافاتٍ عن المسار الصحيح ، وإما أن تدفعه بتهور يفضي به الى السقوط في أحد الأودية السحيقة ، وليس هناك أيضاً من يرغب في أن تكون نتائج جهده هي السقوط ، فالكل يسعى جاهداً في سبيل تحقيق النجاح ، وكذلك الرقي المستمر في درجاته ومراتبه ، لكن هناك نجاح وهناك فشل ، فكلاهما وارد لكنهما لايجتمعان في عمل واحد .

طالما أننا اقتنعنا بأنه لايوجد إدارة تسعى لتحقيق الفشل ، فهل يأتي الفشل على كل المستويات ؟

الجواب على هذا التساؤل هو : ان الفشل هوصنيعة الجهل وأحد مخرجاته ، ولكن هناك مايجعل الفشل أكثر فتكاً وأشد إيلاماً في نتائجه ، وهو عندما يقترن الجهل بالغرور ، وهذا النوع هو ما وجدناه يحكم سيطرته على عقل وأفكار مدير هيئة سوق المال ، وأنا هنا لن أكيل التهم جزافاً بل سأذكر بعض قراراته التي أوصلت سوق المال الى النقطة 15641 ، وذلك خلال مدة لايصدق العقل وصوله خلالها ، وقبل ذلك صعد السوق صاروخياً وفي فترة وجيزة جداً تدل على أنه اكتنفها خلل في المسارين ، وأكاد أجزم بأن هذا الرجل عندما يتحرك تفكيره ... فإن من الصواب أن نربط الأحزمة ونلتزم بأشد درجات الحذر ، لأن وقوع الكارثة في هذا الحال قاب قوسين أو أدنى ، والمسألة هي مسألة وقت لا غير .

1 - فقد شرع معاليه في التفكير ذات يومٍ وأفرز تفكيره قرار بإيقاف بعض المحافظ وفرض الغرامات على أصحابها بحجة ممارسة الوهم في كمية العروض أو الطلب وبيع التدوير ، عندها تلقينا أولى كوارث صاحب المعالي ونتج عنها مانتج ، لكن معاليه كان حصيفاً ولم يترك السوق للهرج والمرج ، إذ علمنا أنه كان بقلبه معنا أثناء ذلك .

2 - ولشدة حرص معاليه فإنه لم يعط عقله إجازة سوى أسابيع قليلة وبعدها انتفض وقرر أن يفكر ، ففكر ثم فكر وبعد ذلك قرر ، وكان القرار هو : إلغاء هامش التذبذب السعري فألغى أجزاء الريال " الربع ، النصف ، الثلاثة أرباع " وهنا بدأ معاليه في رسم ملامح عدة كوارث مشمولة جميعها بخاصية واحدة وهي : اختصار مراحل الصعود وكذلك الهبوط ، وكانت بمثابة زرع خلية ملقحة وقابلة للانشطار والنمو في أي وقت ، أو بمثابة الشرارة التي أشعلت وقود الدفع للسوق وبسرعة مخلة .

3 – فكر معاليه مرة ثالثة أو استعان بخبراء تفكير .. لا أعلم لكن أجزم أنه فكر وقرر وحدد نسبة الإفصاح عن حجم التملك في حال بلوغه 5% فما فوق ، وعلى الفور حسب تعودنا " جنينا أرباح أفكاره فوراً " لدرجة أن البعض أوشك على القسم بأن هيئة سوق المال منشأة أهلية تقبض أتعابها من الهوامير والمضاربين .

4 – عاود معاليه التفكير بعد فترة في خطوة اعتبرها الغالبية أنها إنسانية بحتة ، وأنه لايقدم عليها الا أصحاب القلوب الرحيمة والعقول السليمة ومن لديهم بعد نظر ، إذ أنه بفطنته وحنكته خشي علينا العجز عن شكر النعمة ، كما خشي علينا من زيادة أرباحنا ، مما يجعلنا نحقق ثراءً فاحشاً في عدة أسابيع ، وهذا سيدفعنا لمغادرة السوق المالية .. وذلك يؤثر على نفسيته بعد ان اعتاد على ألفتنا وتقاربنا ، على ضوء ذلك اتخذ معاليه القرار التأريخي ووجه البنوك بعدم إعادة العمولات للمتداولين أو المضاربين .. ولا أشك في أن قراره أيضاً لشدة خوفه من تبييض العملة ـ وقرر أن يجعلها سائغة للبنوك التي تعاني من شح الموارد وقلة الدخل ، بدلاً من أن تكون لنا فنصرفها في البذخ والفساد مثل " كسوة الأطفال ومتطلبات الإعاشة وما شابهها .

5 – ما انفك معاليه يفكر وبعمق ، لكنه هذه المرة أتى بما لم تأت به الأوائل ، لدرجة أن ما توصل إليه يعد اختراعاً وليس مجرد فكرة أو رؤية ، واستناداً لأهمية هذا الاختراع قام بتنفيذه على الفور لضمان سرعة حدوث النتائج وسرعة وصولنا لها .

الاختــراع هـو : تخفيض نسبة التذبذب من 10% الى 5% ، وبالفعل كانت النتائج فتاكة ولله الحمد ، فلم نستغرق للوصول من 20900 الى 15641 إلا بمقدار المسافة بين موضع قدم معاليه وبين حافة الهاوية ، والكل شاهد هذا اليوم كيف أصبح كل متداول يمتلك القدرة على تركيع سهم سابك برشتين ، إذ أنه في السابق كان الذي يحاول اللعب بذلك السهم ، فإنه يحتاج لكمياتٍ كبيرة من الأسهم ، وكثير من الجهد حتى يتمكن من دفنها في أوحال النسبة الدنيا ، أما الآن فمن أراد ذلك فليجرب يوم غد مهما كانت محفظته صغيرة .

بهذا أثبت لنا معالي الوزير مقدار الحنكة التي يتمتع بها ، إذ أنه تمكن من جعل الوصول الى حقل الألغام في غاية السرعة والسهولة ، كما جعل العودة الى الهاوية ... بمجرد اتخاذ القرار في ذلك فقط ، حيث الوصول بسرعة الضوء وهذا على ضمانة معاليه . ومن شدة حرص معاليه على إتمام مابدأ به من مكارم ، فإننا لانستبعد منه أن يطلق رصاصة الرحمة على سوق المال في أي وقت ، ويريحكم من هذا العناء الذي تتنكبون الصعاب في سبيل بلوغه ، إذ لايكلفه ذلك سوى مجرد العزم على التفكير .

إذاً حيوا هذه العقول النيرة التي تسهر على مصالح الوطن وأبناء الوطن ، فلولا معاليه ماكنا تعرفنا على مدى أثر العلم عندما تعشقه وتحتويه العقول النيرة ـ ولكن كما قيل : " الشيء يعرف بضده "

هذا وإلى الحلقة التالية والله الموفق .