تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الاندلس 711 /1492 م


المناوب
21-05-2003, 04:40 AM
امتطى ابو عبدالله الصغير صهوة فرسه مولياً ظهره لقصر الحمراء الشهير في يوم بارد من ايام كانون الثاني 1492م. علت وجه أبي عبدالله سحابة كثيرة من الحزن وخيم على الركب الصغير صمت طويل ينبئ عما يكتنف قلوب هذا الركب من غم شديد. سار ابو عبدالله تتبعه امه وبعض من اهله وصحبه في ذلك الطريق الملتوي الطويل الذي يمر بين شعاب غرناطه وجبالها متجهاً إلى منفاه ليفارق غرناطة إلى الابد. كانت الشمس قد آذنت بالغروب واخذت تعكس باشعتها الذهبية على جدران قصر الحمراء لتكسي حجارته بصبغة حمراء باهتة فتضفي عليه سحراً وجاذبية. توقف أبو عبدالله قليلاً عند تلة صغيرة تُشرف على وادي غرناطة المكتظ ببيوته البيضاء ليلقي نظرة وداع اخيرة على مدينته الحزينة التي يتوسطها قصره الشهير.. تسارعت في ذهن أبي عبدالله ذكريات الصبا وأيامه الجميلة التي قضاها في صالات وأروقة هذا القصر وفي حدائقه الفناء الواسعة كان ابو عبدالله يعرف ان تلك الوقفة سوف تكون الاخيرة وان تلك النظرة ستكون النهائية اذ ليس يأمل ابداً بأن يرى مدينته المحبوبة ثانية، تمنى ابو عبدالله لو تطول تلك الوقفة لعله يستطيع ان يملأ عينيه بتلك المناظر الساحرة التي تثير في نفسه ذكريات الصبا، إلاّ ان الحزن الذي يعتصر قلبه سرعان ما استحوذ على عينيه وإذا بهما تنهمران دمعاً ساخناً حاول جاهداً ان يخفيه عن نظرات امه الحادة التي عاجلته بلسانها الذرب.

إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً***لم تحافظ عليه مثل الرجال

نسيت عائشة الام انها كانت سبباً هاماً لسقوط غرناطة اخر معقل للاسلام في الديار الاندلسية بسبب غيرتها وتسلطها على ولدها أبي عبدالله واحابيل مكرها التي كانت تنسج شباكه في غرف القصر وصالاته. وهكذا غادر ابو عبدالله آخر سلاطين بني الاحمر غرناطة تاركاً اهلها المسلمين لرحمة الاسبان الذين لم تعرف الرحمة يوماً إلى قلوبهم سبيلاً، ولتبدأ مرحلة بائسة طويلة مليئة بالاحزان والدموع، متسربلة بالدماء.. وليسدل الستار اخيراً على الاسلام في الاندلس بعد بضعة قرون من السنين. كان رحيل أبي عبدالله آخر ملوك بني الاحمر بداية النهاية للحكم الاسلامي في تلك البقاع كما سنرى. فتح الاندلس كانت شبه الجزيرة الايبرية «اسبانيا» تحت حكم الملوك القوط الذين هاجروا اليها من داخل اوروبا وقد عانى الاسبان كثيرا من ظلمهم وسوء ادارتهم وقد كانوا يتحينون الفرص للتخلص منهم. حانت الفرصة عندما جاء ملك القوط لذريق إلى الحكم بعد ان اغتصب الحكم من الملك الشرعي واغتياله. فقد طلب بعض الاسبان النجدة من موسى بن نصير الذي أرسل قائداً شاباً مع جيش صغير من المسلمين. كان هذا القائد هو طارق بن زياد الذي وطأت اقدامه هو وجيشه ارض الاندلس في شهر رجب 92 هـ «711م» عند المضيق المسمى باسمه لهذا اليوم «جبل طارق». استطاع المسلمون من هزيمة لذريق وقتله وتشتيت جيشه بصورة تامة وبهذا بدأ الفتح الاسلامي لهذه البلاد وبدأ حقبة جديدة في تاريخ اسبانيا.

ابوفهد
21-05-2003, 10:15 PM
مشكور المناوب

متوازن
23-05-2003, 01:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

قصيدة لأبي البقاء الرندي في رثاء الأندلـــــس

لـكــل شــيء إذا ما تـم نـقـصـان ُ ** فــلا يُـغـرُّ بطيب العـيـش إنسـان ُ
هــي الأمــور كما شاهــدتها دولٌ ** من سـره زمـن ُساءتـــه أزمـــان
تــبكي الحنيفية البيضاء من أسف ** كمـا بـــكي لفراق الإلـــف هيمان
علي ديــار مـن الإســلام خاـــيةٍ ** قد أقـفـرت ولهــا بالـكـفر عمران
يا غافـلا ً وله في الدهـر موعظة ٌ ** إن كـنت في سِـنـَـةٍ فالـدهر يقظان ُ
يا راكبين عتاق َ الخيــل ضـامرة ً ** كـــأنها في مجال السَّـبـق عـــقبان
وحامليـن سيــوف الـهند مرهـفـة ً ** كـــــأن في ظـــلال اللـيـل نـيـران
وراتـعــيـن وراء النهـر فـي دعـةٍ ** لـهــم بــــأوطانهم عــزٌ وسلــطان
أعـنــدكــم نبــأ ٌمن أهــل أندلــس ٍ ** فقد ســرى بحديث الـقــوم ركبان
كم يسـتـغيث صناديد الرجال وهم ** أســـرى وقتلى فلا يـهـتـز إنــسان
ماذا الـتـقاطع في الإســلام بـينكـُمُ ** وأنـتــــمُ يـا عـــباد الله إخـــــــوان
الا نــفــوس أبـِــيـِّـاتٌ لـــها هــِمَـمٌ ** أمـــا على الخير أنــصارٌ وأعوانُ
وطفلة ٌ مثل حسن الشمس إذ طلعت ** كــأنـــمـا هي ياقـوت ٌ ومرجان ُ
يـقـودها العـلج لـلمكـروه مُـكـُرهة ً ** والعـيـن باكـيــة ٌ والـقـلب حيران
لـمـثـل هذا يــذوب القلب من كـَـمدٍ ** إن كــان في القلب إسـلامٌ وإيمان



متــــــــوازن

المناوب
24-05-2003, 02:03 PM
شكراً للأخوين
وأسأل الله أن يعيدها الى دائرة الاسلام