تركي فدعق
22-01-2005, 03:24 AM
تعتبر شركة فورد من أهم شركات إنتاج السيارات في العالم . ولد مؤسسها هنري فورد في 30/7/1863 في مزرعة في ولاية ميتشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية , و كان والده وليام فورد مزارعاً ناجحاً و نشيطاً , توفيت أمه العام 1876 ما سبب له صدمة و لم يعد يستطع أن يكمل في الزراعة ، ووجد بعد 3 سنوات عملاً كميكانيكي في ولاية ديترويت . و خلال تلك الفترة انضم المحرك البخاري إلى اهتمامات هنري فورد ، وانضم إلى ورشة في ديترويت نشاطها تصنيع و تصليح المحركات ، و كان عمره آنذاك 16 سنة .
عاش هنري فورد عند عمته في ديترويت بعد وفاة والدته . كان يعمل في النهار في ورشة ، و في الليل يصلح الساعات التي كان يعشقها لحاجته إلى المال . و ظلت فكرة تأسيس محل لتصنيع الساعات تراوده لمدة 3 سنوات ، لكنه عندما أحس بحجم المصاريف التي يحتاج إليها و طبيعة السوق , غير رأيه في الموضوع لأنه وجد أن عليه تصنيع عدد كبير من الساعات ليكون السعر منخفضاً و مقبولاً خاصة أن الساعات في تلك الأيام كانت من الكماليات ، و لأن الشوارع كانت مملوءة بالساعات الضخمة.
كان لدى هنري فورد قناعة و هي : " إذا استطعت أن تجد طريقة لتصنيع شيء يريده الناس بسعر منخفض فأنت على طريق يؤدي بك إلى نجاح عظيم ، خاصة أن الناس لا يعرفون دائما ماذا يريدون حتى تقول لهم ذلك " .
كان على هنري فورد البالغ من العمر 21 عاماً أن يضع طموحاته الكبيرة جانباً . لذلك وافق على العمل مع والده في تقطيع الأشجار وإدارة منجرة لسنوات تعرف خلالها إلى كلارابراينت التي أعجبتها رزانته واجتهاده و تزوج منها في 11/4/1888.
عندما استقر هنري عائلياً تسرب الملل و الضجر إلى نفسه من عمل الحقل ، و كان قد جذبه اختراع ميكانيكي جديد . ففي العام 1879 صمم المحامي الأميركي جورج بالدوين سيلدين محرك سيارة يستخدم محرك الوقود الذي اخترعه الألماني نيكولوس أوتو . و في الحقيقة لم يكن سيلدين مهندساً ، و لم يصنع السيارة ، إنما سجل براءة اختراع تمنع أي شخص من استخدام هذه الأفكار من دون أن يدفع له مالاً .
بلغت الأمور ذروتها عند هنري فورد في العام 1891 , و قرر الرحيل من الحقل إلى ديترويت مع زوجته . و من محاسن المصادفات التقى هنري زميلاً قديماً , و أدى ذلك إ لى توظيفه كمهندس في شركة أديسون للكهرباء في ديترويت , و كان فجر الكهرباء قد ابتدأ بالبزوغ .
و على الرغم من أن هنري تعلم الكثير من عمله الجديد إلا أن شغفه بالمحركات و عملها كان طاغياً في حياته ، و كان يحاول صنع واحد في مطبخ المنزل . و في العام 1893 رزق وكلارا بولد أسمياه " أدسيل " .
تعلم هنري فورد كيفية صنع المحركات ببطء شديد و جهد كبير ، و لم يكن ذلك سهلاً لأنه بدأ من الصفر تقريباً . و تعاون هنري مع ميكانيكي آخر اسمه جيم بيشوب ، و نجح الاثنان في تصميم سيارة تسير على الطريق بعد سنتين من الأبحاث . كانت السيارة عبارة عن دراجة هوائية وضعا لها محركاً مربوطاً بحزام مطاطي بالعجلة الخلفية و أسمياها " الدراجة ذات العجلات الأربع " . و كانت التجربة الأولى في شهر يونيو 1896, و كان الطقس يومها سيئاً جداً, و عندما كانت السيارة جاهزة كانت الساعة تشير إلى الرابعة صباحاً ، و لم يستطع الاثنان الانتظار على الرغم من التعب بعد السهر الطويل و المتواصل . و عندما حاولا إخراجها من الباب كان حجمها أكبر من الباب فتناول هنري مطرقة و كان قد فقد صبره , و كسر الحائط الذي يحيط بالباب لإخراجها .و هكذا نزلت أول سيارة لفورد إلى الشارع في الرابعة صباحاً .
تم تأسيس شركة ديترويت للسيارات عندما استقال هنري فورد ، البالغ من العمر 36 عاماً، من شركة أديسون ، و أصبح كبير المهندسين في الشركة الجديدة ، و كان الثمن أنه قبل براتب أقل .
على الرغم من أن فورد كان بارعاً في هندسة السيارات ، إلا أنه لم تكن لديه خبرة في إدارة الأعمال ، بخاصة أنه لم يكن بارعاً في الحسابات و الأرقام . فاجأته الحقيقة و حجم المصاريف في الحياة العملية ، إذ كان شخصاً لا يحب العمل مع الآخرين ، و لا يجب أن يعارضه الآخرون ، و يعتبر أنه إذا لم يوافق الآخرون 100 في المائة معه فمعنى ذلك أنهم ضده . بذلك كانت شخصيته تحتوي على العبقرية، و كذلك على ثقة في النفس تصل إلى حد الغرور .
كان يعتقد بأنه دائماً على حق ، ما جعل داعميه في حالة ضجر منه ،بخاصة أنه خلال 15 شهراً لم يتم تصنيع سوى بعض السيارات ، فيما الشركة مثقلة بالديون . و عندما ضاقوا ذرعاً به اجتمع الشركاء المديرون وقرروا في شهر نوفمبر تصفية الشركة وبيع المعدات ، و طرد هنري فورد من منصبه. و لم يحضر هنري الاجتماع ، و قال لزميل له " إذا سألوا عني ، قل لهم أنني تركت المدينة" , لأن هناك شيئاً واحداً لا يطيقه و هو أن يقول له أحد إنه فشل .
بعد شهور من الإحباط ، استطاع فورد أن يقنع بعض الممولين من الشركة القديمة بتأسيس شركة لتصميم سيارات للسباق . و على الرغم من أنه كان مقتنعاً بتصميم سيارات و بيعها بسعر منخفض, إلا أنه رضخ لتصميم سيارات مكلفة كسيارات السباق لأنها كانت رغبة الشركاء .
كانت سيارات السباق التي صممها فورد ناجحة ، و أصبح بطلاً للسباقات لأنه كان يقود واحدة منها في العام 1901 . و دامت الشركة الجديدة 16 شهر قبل أن يختلف فورد مع الذين دعموه مرة ثانية . و استمرت من دونه ، و تمت تسميتها باسم أصبح شهيراً في تصنيع السيارات الفخمة " كاديلاك " استمر فورد في تصميم سيارات السباق بدعم من متسابق كان يعرفه فاز بجائزة مادية اسمه توم كوبر . لكن هذه العلاقة لم تدم طويلاً ، و أصبح الناس يرونه كجالب للنحس, فعلى الرغم من كونه ميكانيكياً بارعاً إلا أنه كان من الصعب أن يتأقلم مع الناس .
كان عمر فورد 40 عاماً، عندما بدأت الأفكار تتزاحم في ذهنه، و كان أول من فكر في بيع السيارات في صالات العرض، و بذلك بدل أن ينتظر الناس ليتصلوا، يستطيعون الحضور و تجريب السيارة.
هذه الأفكار كانت ثورية في عالم صناعة السيارات . و قد مر 20 عاماً على اختراع المهندسين الألمانيين غوتليب ديملر و كارل بنز سيارات تعمل بمحرك الوقود ، لكن هذه السيارات كانت للأغنياء فقط ، و كانت تصنع باليد . أما حلم فورد فكان أن يصنع سيارات تكون في متناول الجميع ، و ليست حكراً على الطبقة الغنية ، كان يريد سيارة تركبها كل عائلة بجميع أفرادها .
اكتسب فورد خبرة في فن البيع و التسويق، لأنه اكتشف أن صناعة السيارات شيء وبيعها شيء أخر تماماً. و قد ذاعت شهرته في ديترويت , لكنها للأسف كانت سيئة .
رجل واحد كان يؤمن بهنري فورد يدعى الكسندر مالكولمسون وكان أهم تجار الفحم في المدينة . و تم تأسيس شركة لتصنيع السيارات التجارية , و في 16/6/1903 تم تأسيس شركة فورد لصناعة السيارات ، حيث تولى فورد منصب نائب الرئيس . و قد لعب محاسب مالكولمسون ، جيمس كوزنس ، و الذي انضم إلى شركة فورد كمدير عام للشركة . دوراً مهماً في بدايات الشركة و مراحل تطورها .
حصلت مواجهات بين فورد و داعميه الجدد . وكان اختلاف الرأي أن فورد يريد تصنيع السيارات بكل قطع غيارها ، أما داعموه فإنهم يريدون أن تشتري الشركة قطع الغيار . و خسر فورد المعركة .
بدأت الشركة بتصميم السيارات بشكل واسع ، و بدأ التطور شيئاً فشيئاً من سيارات فورد A التي تم إنتاج 600 سيارة , منها في السنة الأولى ، تبعتها السيارات المحسنة B,C,F,K,R and S و كانت الأحرف الناقصة موديلات لسيارات لم ترق إلى مستوى الإنتاج ، و لم تمض فترة بسيطة حتى كانت سيارات فورد A في الأسواق العالمية و جذبت الانتباه من أنحاء العالم .
كان هنري فورد مهندساً بالخبرة ، لذلك لم يكن باستطاعته قراءة الرسومات الهندسية , لذلك كان يعمل بحدسه و هذا سبب إزعاجاً لشركائه .
و بعد تطور الشركة نوعاً ما، عاد فورد إلى حلمه القديم و هو تصنيع سيارات بعدد كبير و بسعر قليل. و من دون أن ينتظر مناقشة الموضوع مع شركائه أعلن في صحف ديترويت في ربيع 1905 أنه يستطيع أن يصنع 10000 سيارة تباع الواحدة منها بسعر 400 دولار . و سبب ذلك دهشة و غضباً بين الشركاء و أصبحت القطيعة حتمية .
جمع فورد الشركاء و اشترى 85 في المائة من الأسهم ، و بقي معه جيمس كوزنس . و بذلك حقق حلمه الذي بدأ منذ رحيله من شركة ديترويت للسيارات . و يقول هنري عن ذلك " لقد استقلت ، و اتخذت قراراً بألا أتلقى أوامر من أحد " .
بدأ التوسع و سيارته الجديدة كانت كلها من فورد من الألف إلى الياء ، و ظهرت سيارة T , و بدأ التسويق عبر الإعلانات و المقابلات الصحفية ، و بدأ ببناء المصانع خارج الولايات المتحدة .
كثرت التهكمات على سيارات فورد ، و بدأ الناس ينعتها بنعوت مضحكة ، لكن فورد لم يأبه لذلك طالما أن الناس تشتريها .
و بما أن النجاح يجلب المشكلات و الضغوط، فقد كانت شركته تحت ضغط تنفيذ وعودها المعلنة في كل مكان، و تم حل هذه المشكلات عندما قرر فورد صناعة السيارة بطريقة التجميع. إذ كانت فلسفته " يجب جلب العمل إلى العامل ، و ليس العامل إلى العمل " .
تمت القطيعة بين جيمس كوزنس و هنري فورد العام 1915 بعد الحرب العالمية . و في العام 1919 أصبح أدسيل ابن هنري فورد ، رئيساً لشركة فورد و استمر هنري بإدارة الشركة على الرغم من وجود ابنه .
و في العام 1932 تم إنتاج 521 ،11 0, 2 سيارة ، و كان تصنيع السيارة الواحدة يستغرق نصف المدة التي يستغرقها تصنيع السيارة الثانية في الولايات المتحدة في ذلك الوقت " شيفرولية " .
توسعت " فورد " , و كانت قد بدأت بتصنيع سيارات الشحن العام 1917 , لكن حصول هبوط فجائي في مبيعات سيارات موديل T بحوالي نصف مليون دولار ، دفع الشركة في العام 1927 إلى الإعلان عن التوقف عن تصنيعها .
حصل إضراب للعمال في مايو من العام 1937, و بعدها تحول إلى تمرد على الظروف التي يعيشونها. و سمي التمرد معركة " ريفر روج " . و في العام 1941 دخلت الولايات الحرب العالمية الثانية و تحولت مصانع فورد إلى تصنيع آلات الحرب. و في العام 1943 توفي ابن هنري فورد بسبب سرطان المعدة ، و عاد هنري كرئيس للشركة ,و بعد سنتين ولعامل السن أصبح حفيد هنري فورد هنري الثاني رئيساً للشركة وهو في العشرينيات من عمره وكان لتوه قد أنهى دراسته الجامعية وعندما تولى رئاسة الشركة كانت تعاني من مشاكل عديدة أبرزها ذهاب المدراء الرئيسيين إلى الشركة المنافسة جنرال موتورز فأتبع مبدأ إداري مهم وهو التخصص وتقسيم العمل وأعاد المدراء القدامى وذوي الخبرة إلى أماكنهم السابقة وأعطاهم صلاحيات واسعة وإمكانيات كبيرة وأعاد تقسيم أعمال الشركة بمنهجية علمية حديثة كان لها أكبر الأثر في ثبات نمو الشركة بعد ذلك.
توفي هنري فورد في 4/7/1947 عن عمر يناهز الـ 83 سنة . و في العام 1959 تم تصنيع السيارة الرقم 50 مليوناً . و في العام 1967 تم طرح سيارة " فييستا " من شركة فورد,ونشأ تعاون بين شركة فورد و شركة مازدا في العام 1979 .
توفي هنري الثاني العام 1987 ، وبعدها أنشأت فورد علاقة تعاون مع الشركة الألمانية "فولكسفاكن " . و دخلت الأكياس الهوائية في جميع سيارات فورد , و في العام 1989 وافق وكلاء شركة نيسان على بيع سيارات فورد في اليابان .
أثبت فورد أن الفشل في البداية لا يعني اليأس .. هو مثال حي على إنسان آمن بفكرة و مبدأ و عمل لها بكل جهد و عزيمة حتى عندما كانت المصادر معدومة .
مع تحياتي ومودتي
تركي فدعق
عاش هنري فورد عند عمته في ديترويت بعد وفاة والدته . كان يعمل في النهار في ورشة ، و في الليل يصلح الساعات التي كان يعشقها لحاجته إلى المال . و ظلت فكرة تأسيس محل لتصنيع الساعات تراوده لمدة 3 سنوات ، لكنه عندما أحس بحجم المصاريف التي يحتاج إليها و طبيعة السوق , غير رأيه في الموضوع لأنه وجد أن عليه تصنيع عدد كبير من الساعات ليكون السعر منخفضاً و مقبولاً خاصة أن الساعات في تلك الأيام كانت من الكماليات ، و لأن الشوارع كانت مملوءة بالساعات الضخمة.
كان لدى هنري فورد قناعة و هي : " إذا استطعت أن تجد طريقة لتصنيع شيء يريده الناس بسعر منخفض فأنت على طريق يؤدي بك إلى نجاح عظيم ، خاصة أن الناس لا يعرفون دائما ماذا يريدون حتى تقول لهم ذلك " .
كان على هنري فورد البالغ من العمر 21 عاماً أن يضع طموحاته الكبيرة جانباً . لذلك وافق على العمل مع والده في تقطيع الأشجار وإدارة منجرة لسنوات تعرف خلالها إلى كلارابراينت التي أعجبتها رزانته واجتهاده و تزوج منها في 11/4/1888.
عندما استقر هنري عائلياً تسرب الملل و الضجر إلى نفسه من عمل الحقل ، و كان قد جذبه اختراع ميكانيكي جديد . ففي العام 1879 صمم المحامي الأميركي جورج بالدوين سيلدين محرك سيارة يستخدم محرك الوقود الذي اخترعه الألماني نيكولوس أوتو . و في الحقيقة لم يكن سيلدين مهندساً ، و لم يصنع السيارة ، إنما سجل براءة اختراع تمنع أي شخص من استخدام هذه الأفكار من دون أن يدفع له مالاً .
بلغت الأمور ذروتها عند هنري فورد في العام 1891 , و قرر الرحيل من الحقل إلى ديترويت مع زوجته . و من محاسن المصادفات التقى هنري زميلاً قديماً , و أدى ذلك إ لى توظيفه كمهندس في شركة أديسون للكهرباء في ديترويت , و كان فجر الكهرباء قد ابتدأ بالبزوغ .
و على الرغم من أن هنري تعلم الكثير من عمله الجديد إلا أن شغفه بالمحركات و عملها كان طاغياً في حياته ، و كان يحاول صنع واحد في مطبخ المنزل . و في العام 1893 رزق وكلارا بولد أسمياه " أدسيل " .
تعلم هنري فورد كيفية صنع المحركات ببطء شديد و جهد كبير ، و لم يكن ذلك سهلاً لأنه بدأ من الصفر تقريباً . و تعاون هنري مع ميكانيكي آخر اسمه جيم بيشوب ، و نجح الاثنان في تصميم سيارة تسير على الطريق بعد سنتين من الأبحاث . كانت السيارة عبارة عن دراجة هوائية وضعا لها محركاً مربوطاً بحزام مطاطي بالعجلة الخلفية و أسمياها " الدراجة ذات العجلات الأربع " . و كانت التجربة الأولى في شهر يونيو 1896, و كان الطقس يومها سيئاً جداً, و عندما كانت السيارة جاهزة كانت الساعة تشير إلى الرابعة صباحاً ، و لم يستطع الاثنان الانتظار على الرغم من التعب بعد السهر الطويل و المتواصل . و عندما حاولا إخراجها من الباب كان حجمها أكبر من الباب فتناول هنري مطرقة و كان قد فقد صبره , و كسر الحائط الذي يحيط بالباب لإخراجها .و هكذا نزلت أول سيارة لفورد إلى الشارع في الرابعة صباحاً .
تم تأسيس شركة ديترويت للسيارات عندما استقال هنري فورد ، البالغ من العمر 36 عاماً، من شركة أديسون ، و أصبح كبير المهندسين في الشركة الجديدة ، و كان الثمن أنه قبل براتب أقل .
على الرغم من أن فورد كان بارعاً في هندسة السيارات ، إلا أنه لم تكن لديه خبرة في إدارة الأعمال ، بخاصة أنه لم يكن بارعاً في الحسابات و الأرقام . فاجأته الحقيقة و حجم المصاريف في الحياة العملية ، إذ كان شخصاً لا يحب العمل مع الآخرين ، و لا يجب أن يعارضه الآخرون ، و يعتبر أنه إذا لم يوافق الآخرون 100 في المائة معه فمعنى ذلك أنهم ضده . بذلك كانت شخصيته تحتوي على العبقرية، و كذلك على ثقة في النفس تصل إلى حد الغرور .
كان يعتقد بأنه دائماً على حق ، ما جعل داعميه في حالة ضجر منه ،بخاصة أنه خلال 15 شهراً لم يتم تصنيع سوى بعض السيارات ، فيما الشركة مثقلة بالديون . و عندما ضاقوا ذرعاً به اجتمع الشركاء المديرون وقرروا في شهر نوفمبر تصفية الشركة وبيع المعدات ، و طرد هنري فورد من منصبه. و لم يحضر هنري الاجتماع ، و قال لزميل له " إذا سألوا عني ، قل لهم أنني تركت المدينة" , لأن هناك شيئاً واحداً لا يطيقه و هو أن يقول له أحد إنه فشل .
بعد شهور من الإحباط ، استطاع فورد أن يقنع بعض الممولين من الشركة القديمة بتأسيس شركة لتصميم سيارات للسباق . و على الرغم من أنه كان مقتنعاً بتصميم سيارات و بيعها بسعر منخفض, إلا أنه رضخ لتصميم سيارات مكلفة كسيارات السباق لأنها كانت رغبة الشركاء .
كانت سيارات السباق التي صممها فورد ناجحة ، و أصبح بطلاً للسباقات لأنه كان يقود واحدة منها في العام 1901 . و دامت الشركة الجديدة 16 شهر قبل أن يختلف فورد مع الذين دعموه مرة ثانية . و استمرت من دونه ، و تمت تسميتها باسم أصبح شهيراً في تصنيع السيارات الفخمة " كاديلاك " استمر فورد في تصميم سيارات السباق بدعم من متسابق كان يعرفه فاز بجائزة مادية اسمه توم كوبر . لكن هذه العلاقة لم تدم طويلاً ، و أصبح الناس يرونه كجالب للنحس, فعلى الرغم من كونه ميكانيكياً بارعاً إلا أنه كان من الصعب أن يتأقلم مع الناس .
كان عمر فورد 40 عاماً، عندما بدأت الأفكار تتزاحم في ذهنه، و كان أول من فكر في بيع السيارات في صالات العرض، و بذلك بدل أن ينتظر الناس ليتصلوا، يستطيعون الحضور و تجريب السيارة.
هذه الأفكار كانت ثورية في عالم صناعة السيارات . و قد مر 20 عاماً على اختراع المهندسين الألمانيين غوتليب ديملر و كارل بنز سيارات تعمل بمحرك الوقود ، لكن هذه السيارات كانت للأغنياء فقط ، و كانت تصنع باليد . أما حلم فورد فكان أن يصنع سيارات تكون في متناول الجميع ، و ليست حكراً على الطبقة الغنية ، كان يريد سيارة تركبها كل عائلة بجميع أفرادها .
اكتسب فورد خبرة في فن البيع و التسويق، لأنه اكتشف أن صناعة السيارات شيء وبيعها شيء أخر تماماً. و قد ذاعت شهرته في ديترويت , لكنها للأسف كانت سيئة .
رجل واحد كان يؤمن بهنري فورد يدعى الكسندر مالكولمسون وكان أهم تجار الفحم في المدينة . و تم تأسيس شركة لتصنيع السيارات التجارية , و في 16/6/1903 تم تأسيس شركة فورد لصناعة السيارات ، حيث تولى فورد منصب نائب الرئيس . و قد لعب محاسب مالكولمسون ، جيمس كوزنس ، و الذي انضم إلى شركة فورد كمدير عام للشركة . دوراً مهماً في بدايات الشركة و مراحل تطورها .
حصلت مواجهات بين فورد و داعميه الجدد . وكان اختلاف الرأي أن فورد يريد تصنيع السيارات بكل قطع غيارها ، أما داعموه فإنهم يريدون أن تشتري الشركة قطع الغيار . و خسر فورد المعركة .
بدأت الشركة بتصميم السيارات بشكل واسع ، و بدأ التطور شيئاً فشيئاً من سيارات فورد A التي تم إنتاج 600 سيارة , منها في السنة الأولى ، تبعتها السيارات المحسنة B,C,F,K,R and S و كانت الأحرف الناقصة موديلات لسيارات لم ترق إلى مستوى الإنتاج ، و لم تمض فترة بسيطة حتى كانت سيارات فورد A في الأسواق العالمية و جذبت الانتباه من أنحاء العالم .
كان هنري فورد مهندساً بالخبرة ، لذلك لم يكن باستطاعته قراءة الرسومات الهندسية , لذلك كان يعمل بحدسه و هذا سبب إزعاجاً لشركائه .
و بعد تطور الشركة نوعاً ما، عاد فورد إلى حلمه القديم و هو تصنيع سيارات بعدد كبير و بسعر قليل. و من دون أن ينتظر مناقشة الموضوع مع شركائه أعلن في صحف ديترويت في ربيع 1905 أنه يستطيع أن يصنع 10000 سيارة تباع الواحدة منها بسعر 400 دولار . و سبب ذلك دهشة و غضباً بين الشركاء و أصبحت القطيعة حتمية .
جمع فورد الشركاء و اشترى 85 في المائة من الأسهم ، و بقي معه جيمس كوزنس . و بذلك حقق حلمه الذي بدأ منذ رحيله من شركة ديترويت للسيارات . و يقول هنري عن ذلك " لقد استقلت ، و اتخذت قراراً بألا أتلقى أوامر من أحد " .
بدأ التوسع و سيارته الجديدة كانت كلها من فورد من الألف إلى الياء ، و ظهرت سيارة T , و بدأ التسويق عبر الإعلانات و المقابلات الصحفية ، و بدأ ببناء المصانع خارج الولايات المتحدة .
كثرت التهكمات على سيارات فورد ، و بدأ الناس ينعتها بنعوت مضحكة ، لكن فورد لم يأبه لذلك طالما أن الناس تشتريها .
و بما أن النجاح يجلب المشكلات و الضغوط، فقد كانت شركته تحت ضغط تنفيذ وعودها المعلنة في كل مكان، و تم حل هذه المشكلات عندما قرر فورد صناعة السيارة بطريقة التجميع. إذ كانت فلسفته " يجب جلب العمل إلى العامل ، و ليس العامل إلى العمل " .
تمت القطيعة بين جيمس كوزنس و هنري فورد العام 1915 بعد الحرب العالمية . و في العام 1919 أصبح أدسيل ابن هنري فورد ، رئيساً لشركة فورد و استمر هنري بإدارة الشركة على الرغم من وجود ابنه .
و في العام 1932 تم إنتاج 521 ،11 0, 2 سيارة ، و كان تصنيع السيارة الواحدة يستغرق نصف المدة التي يستغرقها تصنيع السيارة الثانية في الولايات المتحدة في ذلك الوقت " شيفرولية " .
توسعت " فورد " , و كانت قد بدأت بتصنيع سيارات الشحن العام 1917 , لكن حصول هبوط فجائي في مبيعات سيارات موديل T بحوالي نصف مليون دولار ، دفع الشركة في العام 1927 إلى الإعلان عن التوقف عن تصنيعها .
حصل إضراب للعمال في مايو من العام 1937, و بعدها تحول إلى تمرد على الظروف التي يعيشونها. و سمي التمرد معركة " ريفر روج " . و في العام 1941 دخلت الولايات الحرب العالمية الثانية و تحولت مصانع فورد إلى تصنيع آلات الحرب. و في العام 1943 توفي ابن هنري فورد بسبب سرطان المعدة ، و عاد هنري كرئيس للشركة ,و بعد سنتين ولعامل السن أصبح حفيد هنري فورد هنري الثاني رئيساً للشركة وهو في العشرينيات من عمره وكان لتوه قد أنهى دراسته الجامعية وعندما تولى رئاسة الشركة كانت تعاني من مشاكل عديدة أبرزها ذهاب المدراء الرئيسيين إلى الشركة المنافسة جنرال موتورز فأتبع مبدأ إداري مهم وهو التخصص وتقسيم العمل وأعاد المدراء القدامى وذوي الخبرة إلى أماكنهم السابقة وأعطاهم صلاحيات واسعة وإمكانيات كبيرة وأعاد تقسيم أعمال الشركة بمنهجية علمية حديثة كان لها أكبر الأثر في ثبات نمو الشركة بعد ذلك.
توفي هنري فورد في 4/7/1947 عن عمر يناهز الـ 83 سنة . و في العام 1959 تم تصنيع السيارة الرقم 50 مليوناً . و في العام 1967 تم طرح سيارة " فييستا " من شركة فورد,ونشأ تعاون بين شركة فورد و شركة مازدا في العام 1979 .
توفي هنري الثاني العام 1987 ، وبعدها أنشأت فورد علاقة تعاون مع الشركة الألمانية "فولكسفاكن " . و دخلت الأكياس الهوائية في جميع سيارات فورد , و في العام 1989 وافق وكلاء شركة نيسان على بيع سيارات فورد في اليابان .
أثبت فورد أن الفشل في البداية لا يعني اليأس .. هو مثال حي على إنسان آمن بفكرة و مبدأ و عمل لها بكل جهد و عزيمة حتى عندما كانت المصادر معدومة .
مع تحياتي ومودتي
تركي فدعق