مشاهدة النسخة كاملة : سفر أيوب- (المقطع الرابع)- بدر شاكر السياب
قهوة الصباح
19-12-2004, 06:20 PM
أتكئُ على قصيدةٍ طالما أحببتها .. أهديها للشعرِ أولاً ..وللتذوقِ ثانياً .. وثالثاً ورابعًا وخامساً إليكم..إنها لبدر شاكر السياب الشاعر الأكثر جمالية .. والذي طالما أحببت أن أقرأ له فإليكم كلماته والمقطع الرابع من قصيدته:
"سفر أيوب"
يا رب أيوب قد أعيا به الداء
في غربة دونما مال ولا سكن
يدعوك في الدجن
يدعوك في ظلموت الموت : أعباء
نادَ الفؤاد بها، فارحمه إن هتفا
يا منجيا فلك نوح مزق السدفا
عني. أعدني إلى داري، إلى وطني !
***
أطفال أيوب من يرعاهم الآنا ؟
ضاعوا ضياع اليتامى في دجىً شاتِ
يا رب أرجع على أيوب ما كانا :
جيكور و الشمس و الأطفال راكضة
بين النخيلات
و زوجة تتمرى وهي تبتسم
أو ترقب الباب، تعدو كلما قرعا :
لعله رجعا
مشاءةً دون عكازٍ به القدم !
***
في لندن الليل موت نزعه السهر
و البرد و الضجر
وغربة في سواد القلب سوداء
يا رب يا ليت أنى لي إلى وطني
عود لتلثمني بالشمس أجواء
منها تنفست روحي : طينها بدني
وماؤها الدم في الأعراق تنحدر
يا ليتني بين من في تربها قبروا
لأنه منك .. حلو عندي المرض
حاشا ..
فلست على ما شئت أعترض
و المال ؟ رزق سيأتي منه موفور
هيهات أن يذكر الموتى وقد نهضوا
من رقدة الموت كم مصّ الدماء بها دود
ومد بساط الثلج ديجور !
آني سأشفى ..
سأنسى كل ما جرحا
قلبي ، وعرّى عظامي فهي راعشة و الليل مقرور،
وسوف أمشي إلى جيكور ذات ضحى !
بدر شاكر السياب
لندن 29 - 12 - 1962
صدى الحرمان
19-12-2004, 08:56 PM
أهنئك أخي الكريم على ذوقك بهذا الإختيار واحدة من أجمل القصائد
وأعشق بالدرجه الأولى سفر أيوب (المقطع الثاني)
وهذا إهدى مني لجميع الأعضاء
أنشودة المطر
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
.أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء .. كالأقمار في نهر
يرجه المجداف وهنا ساعة السحر
... كأنما تنبض في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضباب من أسى شفيف
كالبحر سرح اليدين فوقه المساء
دفء الشتاء فيه و ارتعاشة الخريف
و الموت و الميلاد و الظلام و الضياء
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء
.كنشوة الطفل إذا خاف من القمر
كأن أقواس السحاب تشرب الغيوم
.. وقطرة فقطرة تذوب في المطر
وكركر الأطفال في عرائش الكروم
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودة المطر
مطر
مطر
مطر
تثاءبي المساء و الغيوم ما تزال
.تسح ما تسح من دموعها الثقال
:كأن طفلا بات يهذي قبل أن ينام
بأن أمه - التي أفاق منذ عام
فلم يجدها، ثم حين لج في السؤال
قالوا له : " بعد غد تعود" -
لابد أن تعود
و إن تهامس الرفاق أنها هناك
في جانب التل تنام نومة اللحود
،تسف من ترابها و تشربي المطر
كأن صيادا حزينا يجمع الشباك
ويلعن المياه و القدر
و ينثر الغناء حيث يأفل القمر
المطر
المطر
أتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟
و كيف يشعر الوحيد فيه بالضياع؟
،بلا انتهاء_ كالدم المراق، كالجياع
كالحب كالأطفال كالموتى - هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروق
سواحل العراق بالنجوم و المحار
كأنها تهم بالبروق
.فيسحب الليل عليها من دم دثار
اصح بالخيلج : " يا خليج
"يا واهب اللؤلؤ و المحار و الردى
فيرجع الصدى
:كأنه النشيج
يا خليج"
".. يا واهب المحار و الردى
أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
و يخزن البروق في السهول و الجبال
حتى إذا ما فض عنها ختمها الرجال
لم تترك الرياح من ثمود
.في الواد من اثر
أكاد اسمع النخيل يشرب المطر
و اسمع القرى تئن ، و المهاجرين
،يصارعون بالمجاذيف و بالقلوع
:عواصف الخليج و الرعود ، منشدين
مطر"
مطر
مطر
وفي العراق جوع
وينثر الغلال فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان و الجراد
و تطحن الشوان و الحجر
رحى تدور في الحقول … حولها بشر
مطر
مطر
مطر
وكم ذرفنا ليلة الرحيل من دموع
ثم اعتللنا - خوف أن نلام - بالمطر
مطر
مطر
و منذ أن كنا صغارا، كانت السماء
تغيم في الشتاء
،و يهطل المطر
وكل عام - حين يعشب الثرى- نجوع
ما مر عام و العراق ليس فيه جوع
مطر
مطر
مطر
في كل قطرة من المطر
.حمراء أو صفراء من أجنة الزهر
و كل دمعة من الجياع و العراة
وكل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على ف الوليد
في عالم الغد الفتي واهب الحياة
مطر
مطر
مطر
".. سيعشب العراق بالمطر
أصيح بالخليج : " يا خليج
"يا واهب اللؤلؤ و المحار و الردى
فيرجع الصدى
:كأنه النشيج
يا خليج"
" يا واهب المحار و الردى
وينثر الخليج من هباته الكثار
على الرمال ، رغوه الاجاج ، و المحار
و ما تبقى ن عظام بائس غريق
من المهاجرين ظل يشرب الردى
من لجة الخليج و القرار
و في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق
. من زهرة يربها الرفات بالندى
و اسمع الصدى
يرن في الخليج
مطر"
مطر
مطر
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنة الزهر
وكل دمعة من الجياع و العراة
وكل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتي ، واهب الحياة "
ويهطل المطر
بدر شاكر السياب
قهوة الصباح
23-12-2004, 11:29 PM
الأخ صدى الحرمان أشكرك لمرورك ولإضافتك المميزة..حين نذكر السياب فلابد أن نذكر الحزن والغربة والوطن والمرض ..
صـوتٌ تفجـَّـرَ فـي قرارة نفسـيَ الثـَّكلى : عـراقْ ،
كالـمَـدِّ يصعـدُ ، كالسحابةِ ، كالدموعِ إلى العيونِ
الريـحُ تصرُخُ بي : عـراقْ
و الموجُ يعولُ بي : عـراقْ ، عـراقْ ، ليسَ سِوى عراقْ !
البحرُ أَوسَـعُ ما يكونُ ، و أنتَ أبعـدُ ما تكونُ
و البحرُ دونـَكَ يــــا عـراقُ .
لا الموج ولا الرياح هتفت بالعراق بل نفس الشاعر تصيح من خلالهما, هي معاناه النفس حين تستحيل الى وساوس عندما يتعاظم انفعالها.. !
ديمه جده
23-12-2004, 11:37 PM
اخى
قهوة الصباح
القصيده جدا جدا رائعه
وفقك الله
وجزاك الله الف خير
أخترت فأبدعت الاختيار ..من أروع درر بدر شاكر السياب .. لطالما أبكاني هذا المقطع
***
أطفال أيوب من يرعاهم الآنا ؟
ضاعوا ضياع اليتامى في دجىً شاتِ
يا رب أرجع على أيوب ما كانا :
جيكور و الشمس و الأطفال راكضة
بين النخيلات
و زوجة تتمرى وهي تبتسم
أو ترقب الباب، تعدو كلما قرعا :
لعله رجعا
مشاءةً دون عكازٍ به القدم !
***
vBulletin® v3.8.3, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.