eyadh
25-08-2004, 04:31 AM
فينانشيال تايمز العدد رقم 3970 - 24/08/2004م
أين رجل الدولة الذي يمكن أن ينقذ الولايات المتحدة من الخراب؟
مارتن وولف من لندن
24/08/2004 / تحتاج رقصة التانجو إلى شخصين، لكن يكون هناك قائد واحد فقط وفي رقصة الاقتصاديات الكلية فإن الولايات المتحدة ليست هي القائد لكنها أدت الدور وعموما تعرض دول العالم على الولايات المتحدة فائضا في الإنتاج على الإنفاق أو صادرات مقابل واردات قدره 600 مليار دولار في السنة وفي استجابتها تضع الولايات المتحدة اعتبارا لعامل واحد فقط الوظائف ويفسر عاملان ـ فائض إنتاج بقية العالم والهدف الأمريكي في التوظيف الكامل ـ صورة الاقتصاد الكلي العالمي.
لقد ناقشت الأسبوع الماضي مسألة أن حكومات اقتصادات الأسواق الناشئة في آسيا أبدت تصميمها على إدارة مواقف حسابات جارية قوية على الأقل منذ الأزمتين الماليتين في 1997 و1998 ومع المعدلات المرتفعة غير الطبيعية للمدخرات من السهل جدا لهذه الدول أن تفعل ذلك كما أن اليابان وألمانيا، ثاني وثالث أكبر اقتصادات العالم، تحققان فوائض كبيرة جدا ففي هذا العام يتوقع أن تديرا فوائض حساب جار أو مدخرات بنحو 265 مليار دولار وقد انضم لهما لاعبون صغار آخرون.
أين يترك ذلك الولايات المتحدة؟ الإجابة هي عجز هائل فمنذ 1996 وحتى 2003 نما الطلب الأمريكي الحقيقي بأسرع من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي سنويا وعندما نما الطلب ببطء كما في 2001 نما الناتج بصورة أكثر بطئا وعليه، كان على السلطات الأمريكية أن تحقق نموا أسرع للطلب من الناتج المحتمل، مع تدفق الفرق إلى بقية العالم من خلال العجز المتنامي في الحساب الجاري.
لفهم النتائج المترتبة على ذلك، لننظر إلى الموازين المالية الأمريكية فالفرق بين الدخل والإنفاق أو المدخرات والاستثمار للأجانب، الحكومة، والقطاع الخاص فمنذ الأزمات المالية في الأسواق الناشئة انفجر الفائض المالي للأجانب مع الولايات المتحدة لكن ما تغير هو نظيره المحلي وخلال الطفرة في التسعينيات، تحول الميزان المالي للقطاع الخاص الأمريكي من فائض قدره 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول 1992 إلى عجز غير مسبوق دون 6 في المائة وهكذا نما إنفاق القطاع الخاص بنسبة 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وبأسرع من الدخل وأتاحت الطفرة الهائلة التي أطلقها ذلك للقطاع العام أن يتحول إلى الفائض مؤقتا وبعد انهيار أسواق الأسهم تحرك القطاع الخاص تجاه التوازن، بعد أن تقلص قطاع الشركات وكان النظير لهذا التحول الأعجاز المتنامية للقطاع العام إلى الازدهار الهائل للقطاع العام لينتقل إلى فائض مؤقت ومن ثم ، بعد الانهيار المفاجئ لسوق الأسهم، تحرك القطاع الخاص نحو الموازنة، مع تخفيض نفقات قطاع الشركات وكان النظير لهذا التحول هو العجز المتنامي في القطاع العام.
على أن ذلك لا يخبرنا ماذا يحرك الاقتصاد؟ وإن كانت الإجابة لهذا السؤال واضحة إلى حد معقول فعجز الحساب الجاري ارتفع خلال الطفرة والركود، بدفع من سلوك الاقتصاد الكلي، وسياسات أسعار الصرف لبقية العالم وفي غضون ذلك دعم القطاعان العام والخاص الطلب المحلي.
هل كان التدهور المالي حتميا؟ لا، وكان في الإمكان تجنبه فقط إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لقبول الكساد ومع ذلك ليست هناك إدارة أمريكيةلكي تتحمل هذه النتيجة ولو كان آل جور رئيسا، فإن الوضع المالي كان أيضا سيتدهور بصورة هائلة بطريقة مختلفة وللسبب نفسه فإن رغبة كل من المرشحين الحاليين للرئاسة في تخفيض العجز المالي في السنوات المقبلة لا تعني شيئا دون تغير في الموقف الخارجي وقد أثيرت هذه النقطة بقوة أخيرا في سلسلة من الأوراق التي كتبها واين جودلي وزملاؤه في معهد ليفي للاقتصاد.
إن نقطة البداية يجب أن تكون مع عجز الحساب الجاري والورقة متفائلة إلى حد ما في هذا الجانب فهي تفترض أن يرتفع الإنتاج العالمي بمعدل حقيقي 4 في المائة سنويا بين أوائل 2004 ونهاية 2008، وأن ينمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل 3.2 في المائة خلال نفس الفترة ويبقى معدل الإنفاق أقل 9 في المائة من ذروته أوائل 2002 على مؤشر الاحتياطي الفيدرالي وعلى هذه الافتراضات، يصل العجز التجاري الذروة عند 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، قبل أن يستقر ولكن وضع صافي المطلوبات للولايات المتحدة يستمر في التدهور، في حين أن معدلات الفائدة المحلية سترتفع ووفق افتراضات معقولة فإن التأثير المشترك هو توليد عجز في صافي الدخل الاستثماري بنحو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2008 وعندئذ سيصل عجز الحساب الجاري 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بحلول تلك السنة.
ولننظر الآن في النظائر المحلية ويفترض معدو الورقة أن أي زيادة في الإنفاق من قبل الشركات يعوضها بعض الانكماش في إنفاق الأسر وهذا يولد تحرك القطاع الخاص نحو فائض مالي متواضع قدره 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن دون المتوسط التاريخي تحت 2 في المائة قليلا وإذا كان ذلك سيحدث، فإن العجز المالي سيقفز، بناء على افتراضاتهم، إلى 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال نحو أربع سنوات من الآن.
إن ذلك يبدو أمرا غير مألوف لكن حتى إذا عاد القطاع الخاص نحو عجز مالي قدره 3 في المائة من الناتج المحلي، سيظل العجز المالي يحتاج إلى أن يكون في حدود 5 في المائة من الناتج المحلي للحفاظ على الطلب في المستويات المطلوبة للتوظيف الكامل في إطار تسرب قدره 8 في المائة من الطلب إلى عجز الحساب الجاري.
ولنكن صرحاء حول ذلك إن الولايات المتحدة الآن على مسار الخراب إنها مدفوعة على طريق العجز والدين المتزايدين باستمرار، على الصعيدين الخارجي والمالي، وهو خطر يهدد مصداقية البلاد والدور العالمي لعملتها ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة لا يمكن إدارتها في الحمائية الأمريكية وأسوأ من ذلك أنه كلما طالت العملية كلما كانت الصدمة النهائية أكبر على الدولار ومستويات الإنفاق المحلي الحقيقي وما لم تتغير هذه النزعات، فإن الولايات المتحدة ستكون عليها بعد عشر سنوات، ديون مالية ومطالبات خارجية يزيد كل منها على 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وعندها ستفقد التحكم في مصير اقتصادها.
إن ما لا يستطيع أن يستمر فلن يستمر حسب التعليق الشهير للراحل هيرب شتاين لكننا نستطيع أن نختار كيف يحدث التغير والسلطات الأمريكية يمكن أن تترك للأشياء تأخذ مسارها أو تطور سياسة لعكس هذه النزعات وجوهر التغييرات المطلوبة واضح جدا تخفيض كبير آخر في قيمة الدولار، وزيادة كبيرة الحجم في الطلب المحلي كنسبة من الناتج الإجمالي المحتمل.
إن السياسيين ينتظرون حتى تقع الأزمات ورجال الدولة يتنبأون ومن ثم يتصرفون لمنع الأزمات فما هي فرصة بروز رجل دولة اقتصادي بعد الانتخابات؟ أخشى أنه لا أحد.
أين رجل الدولة الذي يمكن أن ينقذ الولايات المتحدة من الخراب؟
مارتن وولف من لندن
24/08/2004 / تحتاج رقصة التانجو إلى شخصين، لكن يكون هناك قائد واحد فقط وفي رقصة الاقتصاديات الكلية فإن الولايات المتحدة ليست هي القائد لكنها أدت الدور وعموما تعرض دول العالم على الولايات المتحدة فائضا في الإنتاج على الإنفاق أو صادرات مقابل واردات قدره 600 مليار دولار في السنة وفي استجابتها تضع الولايات المتحدة اعتبارا لعامل واحد فقط الوظائف ويفسر عاملان ـ فائض إنتاج بقية العالم والهدف الأمريكي في التوظيف الكامل ـ صورة الاقتصاد الكلي العالمي.
لقد ناقشت الأسبوع الماضي مسألة أن حكومات اقتصادات الأسواق الناشئة في آسيا أبدت تصميمها على إدارة مواقف حسابات جارية قوية على الأقل منذ الأزمتين الماليتين في 1997 و1998 ومع المعدلات المرتفعة غير الطبيعية للمدخرات من السهل جدا لهذه الدول أن تفعل ذلك كما أن اليابان وألمانيا، ثاني وثالث أكبر اقتصادات العالم، تحققان فوائض كبيرة جدا ففي هذا العام يتوقع أن تديرا فوائض حساب جار أو مدخرات بنحو 265 مليار دولار وقد انضم لهما لاعبون صغار آخرون.
أين يترك ذلك الولايات المتحدة؟ الإجابة هي عجز هائل فمنذ 1996 وحتى 2003 نما الطلب الأمريكي الحقيقي بأسرع من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي سنويا وعندما نما الطلب ببطء كما في 2001 نما الناتج بصورة أكثر بطئا وعليه، كان على السلطات الأمريكية أن تحقق نموا أسرع للطلب من الناتج المحتمل، مع تدفق الفرق إلى بقية العالم من خلال العجز المتنامي في الحساب الجاري.
لفهم النتائج المترتبة على ذلك، لننظر إلى الموازين المالية الأمريكية فالفرق بين الدخل والإنفاق أو المدخرات والاستثمار للأجانب، الحكومة، والقطاع الخاص فمنذ الأزمات المالية في الأسواق الناشئة انفجر الفائض المالي للأجانب مع الولايات المتحدة لكن ما تغير هو نظيره المحلي وخلال الطفرة في التسعينيات، تحول الميزان المالي للقطاع الخاص الأمريكي من فائض قدره 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول 1992 إلى عجز غير مسبوق دون 6 في المائة وهكذا نما إنفاق القطاع الخاص بنسبة 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وبأسرع من الدخل وأتاحت الطفرة الهائلة التي أطلقها ذلك للقطاع العام أن يتحول إلى الفائض مؤقتا وبعد انهيار أسواق الأسهم تحرك القطاع الخاص تجاه التوازن، بعد أن تقلص قطاع الشركات وكان النظير لهذا التحول الأعجاز المتنامية للقطاع العام إلى الازدهار الهائل للقطاع العام لينتقل إلى فائض مؤقت ومن ثم ، بعد الانهيار المفاجئ لسوق الأسهم، تحرك القطاع الخاص نحو الموازنة، مع تخفيض نفقات قطاع الشركات وكان النظير لهذا التحول هو العجز المتنامي في القطاع العام.
على أن ذلك لا يخبرنا ماذا يحرك الاقتصاد؟ وإن كانت الإجابة لهذا السؤال واضحة إلى حد معقول فعجز الحساب الجاري ارتفع خلال الطفرة والركود، بدفع من سلوك الاقتصاد الكلي، وسياسات أسعار الصرف لبقية العالم وفي غضون ذلك دعم القطاعان العام والخاص الطلب المحلي.
هل كان التدهور المالي حتميا؟ لا، وكان في الإمكان تجنبه فقط إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لقبول الكساد ومع ذلك ليست هناك إدارة أمريكيةلكي تتحمل هذه النتيجة ولو كان آل جور رئيسا، فإن الوضع المالي كان أيضا سيتدهور بصورة هائلة بطريقة مختلفة وللسبب نفسه فإن رغبة كل من المرشحين الحاليين للرئاسة في تخفيض العجز المالي في السنوات المقبلة لا تعني شيئا دون تغير في الموقف الخارجي وقد أثيرت هذه النقطة بقوة أخيرا في سلسلة من الأوراق التي كتبها واين جودلي وزملاؤه في معهد ليفي للاقتصاد.
إن نقطة البداية يجب أن تكون مع عجز الحساب الجاري والورقة متفائلة إلى حد ما في هذا الجانب فهي تفترض أن يرتفع الإنتاج العالمي بمعدل حقيقي 4 في المائة سنويا بين أوائل 2004 ونهاية 2008، وأن ينمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل 3.2 في المائة خلال نفس الفترة ويبقى معدل الإنفاق أقل 9 في المائة من ذروته أوائل 2002 على مؤشر الاحتياطي الفيدرالي وعلى هذه الافتراضات، يصل العجز التجاري الذروة عند 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، قبل أن يستقر ولكن وضع صافي المطلوبات للولايات المتحدة يستمر في التدهور، في حين أن معدلات الفائدة المحلية سترتفع ووفق افتراضات معقولة فإن التأثير المشترك هو توليد عجز في صافي الدخل الاستثماري بنحو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2008 وعندئذ سيصل عجز الحساب الجاري 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بحلول تلك السنة.
ولننظر الآن في النظائر المحلية ويفترض معدو الورقة أن أي زيادة في الإنفاق من قبل الشركات يعوضها بعض الانكماش في إنفاق الأسر وهذا يولد تحرك القطاع الخاص نحو فائض مالي متواضع قدره 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن دون المتوسط التاريخي تحت 2 في المائة قليلا وإذا كان ذلك سيحدث، فإن العجز المالي سيقفز، بناء على افتراضاتهم، إلى 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال نحو أربع سنوات من الآن.
إن ذلك يبدو أمرا غير مألوف لكن حتى إذا عاد القطاع الخاص نحو عجز مالي قدره 3 في المائة من الناتج المحلي، سيظل العجز المالي يحتاج إلى أن يكون في حدود 5 في المائة من الناتج المحلي للحفاظ على الطلب في المستويات المطلوبة للتوظيف الكامل في إطار تسرب قدره 8 في المائة من الطلب إلى عجز الحساب الجاري.
ولنكن صرحاء حول ذلك إن الولايات المتحدة الآن على مسار الخراب إنها مدفوعة على طريق العجز والدين المتزايدين باستمرار، على الصعيدين الخارجي والمالي، وهو خطر يهدد مصداقية البلاد والدور العالمي لعملتها ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة لا يمكن إدارتها في الحمائية الأمريكية وأسوأ من ذلك أنه كلما طالت العملية كلما كانت الصدمة النهائية أكبر على الدولار ومستويات الإنفاق المحلي الحقيقي وما لم تتغير هذه النزعات، فإن الولايات المتحدة ستكون عليها بعد عشر سنوات، ديون مالية ومطالبات خارجية يزيد كل منها على 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وعندها ستفقد التحكم في مصير اقتصادها.
إن ما لا يستطيع أن يستمر فلن يستمر حسب التعليق الشهير للراحل هيرب شتاين لكننا نستطيع أن نختار كيف يحدث التغير والسلطات الأمريكية يمكن أن تترك للأشياء تأخذ مسارها أو تطور سياسة لعكس هذه النزعات وجوهر التغييرات المطلوبة واضح جدا تخفيض كبير آخر في قيمة الدولار، وزيادة كبيرة الحجم في الطلب المحلي كنسبة من الناتج الإجمالي المحتمل.
إن السياسيين ينتظرون حتى تقع الأزمات ورجال الدولة يتنبأون ومن ثم يتصرفون لمنع الأزمات فما هي فرصة بروز رجل دولة اقتصادي بعد الانتخابات؟ أخشى أنه لا أحد.