eyadh
17-08-2004, 04:55 AM
الاثنين 12 ربيع الثاني 1425العدد 13128 السنة 40
الأسهم المحلية ودور المستثمرين "المضاربين" ومسؤوليتهم
http://www.alriyadh-np.com/Contents/31-05-2004/Economy/images/e20.jpg نبيل بن عبدالله المبارك*
لم احاول كتابة التحليل المالي كالمعتاد للشركات المساهمة والمتداول اسهمها في سوق الاسهم المحلي هذا الاسبوع، حيث بدأنا ومنذ اكثر من شهرين في سلسلة تحليلات مالية لشركات الاسمنت واوكد على كونها مالية وليست تحليلات فنية، اقول لم احاول الكتابة بشكل اعتيادي بسبب ما شهده السوق خلال الاسبوع المنصرم من تراجع حاد لمؤشر الاسهم جعل الجميع يقف مذهولاً ليس لانه غير متوقع ولكن للسرعة التي حدث بها وكأن المستثمرين اصبحوا مستثمراً واحداً اتخذ قراراً واحداً وبشكل سريع للخروج من السوق بعد تزايد مستمر في اعداد المستثمرين وفي قيمة المؤشر في الستة اشهر الأخيرة، وقد حدث التراجع الحاد لغالبية الشركات المتداول اسهمها سواء كانت تلك شركات رابحة او خاسرة، او سواء كانت قيمتها السوقية تمثل قيمتها الحقيقية او هي مسعرة بأعلى من ذلك او اقل (بمعنى ان منطق السوق توقف خلال هذا التراجع)، واصبح الجميع يبحث من اجابات لما حدث ولماذا حدث وكيف حدث. ولان الصحافة مرآة المجتمع الحديث فقد افردت جريدة "الرياض" وكذلك باقي الصحف المحلية العديد من صفحاتها للعديد من المواطنين للكتابة والبوح بما يعتلج في نفوسهم حول ما حدث او ما يحدث للسوق، واذكر هنا احد المواطني
ن كتب تحت عنوان "رسالة متداول تتحدث بمرارة عن لعبة سوق الاسهم" وآخر تحت عنوان "اتهامات تطول المضاربين بالتسبب في تراجع اسعار الاسهم واضرار كبيرة للمستثمرين الجدد" وغيرهم كثير. وقبل ان نحاول تصوير حال سوق الاسهم خلال فترة التراجع تلك، اود التأكيد على اني لست بصدد تقديم تحليل فني او مالي ولست بصدد تشخيص لمشكلة بقدر ما هي ملاحظات حول ما يجري وجرى لعل فيها ما يفيد المستثمرين الجدد قليلي الخبرة والذين ذكرت بعض المصادر ان عددهم تجاوز النصف مليون مستثمر نسبة كبيرة منهم دخلت السوق فقط منذ بداية العام المالي الحالي 2004م وغالبيتهم مضاربون قليلو الخبرة، فبعد ان سال لعابهم للأرباح التي يرون الآخرين يجنونها من استثمارهم في قطاعات سوق الاسهم الستة المختلفة وهي قطاعات البنوك والصناعة والاسمنت والخدمات والكهرباء والزراعة، التي يبلغ عدد الشركات المشكلة لتلك القطاعات مجتمعة اكثر من 70شركة.
وقد دخل غالبية هؤلاء المستثمرين الجدد بدون خبرة كما ذكرنا وبدون استشارة علمية واعتمادهم على احاديث المجالس والذي يحاول البعض من خلالها توجيه رغبة هؤلاء المستثمرين الصغار الى ما يخدم محافظهم الخاصة مستغلين عدم معرفة هؤلاء المستثمرين المندفعين. ورغم ان ما حدث خلال الاسبوع الماضي من تراجع كبير في مؤشرات سوق الاسهم المحلية يؤكد ما ذهبنا اليه في التحليلات المالية السابقة من ان الاستثمار يجب ان يمر اولاً وقبل كل شيء عبر التحليل المالي للشركات واجراء التقييم الحقيقي للاسهم المراد الاستثمار بها الا ان ما حدث قد يكون درساً مؤلماً للكثيرين، واعتقد ان الوقت قد حان لهؤلاء المستثمرين على اختلاف توجهاتهم الاستثمارية في سوق الاسهم ان يبدأوا اعادة تنظيم محافظهم بناء على رؤية مختلفة لما جرت عليه الامور سابقاً، الجميع واجه الدرس الصعب والمؤلم، ويجب العمل الآن على ان يكون الاستثمار مبنياً على التقييم العلمي للشركات المتداول اسهمها وترك الاساليب القديمة المعتمدة على احاديث المجالس التي توجه بجهاز تحكم من بعض المنتفعين داخل السوق.
وقد قرأت الكثير مما كتب ويكتب حول سوق الاسهم السعودية وحول ما يدور حولها وداخلها وخارجها وخصوصاً بعد التراجع الكبير للمؤشر خلال الاسبوع الماضي والذي لا يستطيع احد ان يحدد اتجاه القادم. والملاحظ فيما كتب في الوسائل الاعلامية وكذلك على صفحات الانترنت والمنتديات وجود سمة مشتركة في كل ذلك، الا وهي ان الجميع يكتب بصفة العالم والخبير الذي ينبه ويحذر ويوجه ويرشد الى افضل واحسن وابسط واسلم واحوط الطرق كما ذكر، حيث وصل الامر في بعض الكتابات الى حد تحديد وتوجيه واضح ومباشر بشراء اسهم شركات محددة او الطلب من المستثمرين ببيع اسهم أخرى (لدي بعض المقالات في هذا الخصوص لكتاب وهم اي هؤلاء الكتاب اما مستثمرون مباشرون في السوق او لديهم مكاتب استشارية تدير محافظ لعملائهم)، كما حاول الجميع ان يكون مستثمرين ومشرعين في نفس الوقت، واختلط الحابل بالنابل كما يقولون. كما ان كثيرين يعتقدون بأن اصحاب الشأن الذين يجب ان يتحدثوا نيابة عن السوق او يتخذوا الاجراءات التي يرونها ضرورية عند بعض المحطات المهمة في حركة سوق الاسهم غائبون او مغيبون بشكل كامل وكأنهم يريدون من هؤلاء المسؤولين ان يرشدوا كل مستثمر الى الطريق الذي يناسبه وكأن ذلك هو ال
دور المطلوب من المسؤولين عن السوق. صورة سوق الاسهم المحلي رغم ثراءها وغناها المادي والذي يحسدونا عليه الكثيرون صورة متعددة الالوان لدرجة افقدتها البريق (وهو امر متناقض طبعاً) والتركيز المطلوب لا يمكن ان يكون الا من خلال المثلث الثلاثي الاضلاع التنظيم والشفافية المقننة والتثقيف حيث انه مهما وصلت اي سوق الى اعلى درجات التنظيم وكامل الشفافية تبقى ثقافة المستثمرة عامل اساسي ومؤثر لأن قراراتهم هي المحرك الرئيس لسوق الاسهم، وقد شهدنا بعض التجارب لمستثمرين محليين دخلوا في اسواق الاسهم الغربية وخسروا مدخراتهم بسبب عدم معرفتهم ببواطن الامور في هذه الاسواق في حين ان آخرين استطاعوا تحقيق مكاسب جيدة عندما سلكوا الطريق المناسبة للاستثمار في اسواق الاسهم الغربية.
ومما يزيد من الغرابة والحيرة ان البعض يتحدث عن الخصوصية المحلية حتى في سوق الاسهم المحلية ويطالب باعتماد هذه الخصوصية وكأنه يريد ان يلبس السوق الشماغ او الغترة، سوق الاسهم المحلية ليست اول سوق بالعالم وقد سبقنا الكثيرون وقد نكون نحن آخر من وصل الى هذا المجال وهم متقدمون علينا بمراحل ومرت بهم تجارب مؤلمة ويجب ان نستفيد من تجارب من سبقونا في هذا المجال وهنا اتكلم عن ضرورة استفادة المستثمرين بالدرجة الاولى وليس غيرهم، ومن خلال اطلاعي على بعض اسواق الاسهم في الغرب في فترات سابقة كان من شبه المستحيل ان تجد من يحاول ان ينصحك بشراء اسهم معينة تطوعاً وحتى ان سئلت، او يأتيك على شكل ناصح ومرشد مجاني كما يفعل الكثيرون لدينا وخصوصاً من أمتهن الكتابة الصحفية، بل وصل الامر ان يحاولوا الزج بالناس زجاً لشراء اسهم معينة او بيعها، فهاهم اي الكتاب يكتبون مقابل مادي من الصحيفة ومع ذلك يحاولون من خلال كتابتهم توجيه المستثمرين البسطاء الى حيث يرغبون ويريدون، وكذلك ينطبق الحال والمقال على المكاتب الاستشارية او من تسمي نفسها استشارية والصحيح انها استثمارية والتي يسمح لها بكتابة تقارير موجهة عبر وسائل الاعلام، رغم انها تدعي الحيادية
وهي تدير محافظ كبيرة سواء لها مباشرة او لعملائها. واي شخص لديه معلومة حول محفظة هذه المكاتب او بعض الكتاب يستطيع ان يستلخص ان ما ذكر هو توجيه صريح ومباشر للسوق وليس تحليلاً فنياً محايداً، في المجتمعات الغربية خبراء يحاولون تسويق اسهم معينة ولكنه يأتيك بهذه الصفة بشكل صريح وليس بصفة الناصح الراشد للمواطنين والحريص على مصلحتهم ويقنعك بطريقة علمية بجدوى الاستثمار في هذا السهم او ذاك.
وهنا يلام الاعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص بعض الشيء على نشر مثل هذه الكتابات على صفحاتها واعطائها نفس الصفة التي يحاول كاتبها ان يضفيها على نفسه وهي الحياد، انا لا اطالب بمنعها لأن من يطالب بالشفافية لا يطالب بمنع احد من كتابة ما يريد ولكن يجب ان يذكر بشكل لا يحمل اللبس ان ما كتب ليس تحليلاً محايداً او ما شابه وانما هي وجهة نظر هذه الجهة او تلك وهي لديها هذه الاستثمارات حتى يكون الجميع على بينة، كما انه من الضروري ان توجد الانظمة والتشريعات التي تحدد مسؤوليات كل من يحاول توجيه السوق بطريقة غير مهنية. وكما ذكرنا فإننا لم نخترع سوق الاسهم وقد سبقنا الغرب بقرون ونادراً ما تجد من يرشدك الى اسواق الاسهم بشكل علني بما يهدف مصلحته ومجاناً حيث هناك من الأنظمة والقوانين ما يحمي جميع الأطراف المتعاملة من مثل تلك التصرفات ويردع المخالفين لتلك الأنظمة، بما في ذلك الشركات المتضررة من مثل ذلك التوجيه المتعمد وبدلا من ذلك هناك مكاتب مرخصة ومتخصصة تقوم بذلك الدور مقابل أجر مادي ومن خلال تحديد واضح للمسؤوليات المترتبة على جميع الأطراف والقرار في النهاية للمستثمر وحده.
كما أن على الإعلام وبالذات الصحافة تغير الطريقة التي تتعامل بها في ما يتعلق بأخبار وتحليلات السوق، وحان الوقت لأن يكون الإعلام الصحافي أكثر مهنية وحيادية وأن يقود التغيير المنشود في طريقة تفكير المستثمرين في السوق وخصوصاً أن لدينا شريحة كبيرة ليس لديها دراية وليس لديها مصادر معلومات محايدة تستطيع من خلالها تقييم استثماراتها وتوجيهها الوجهة المناسبة، يجب أن يكون الإعلام مصدرا موثوقا لما يدور في السوق ومرآة عاكسة لما يحدث خلف كواليسه.
وعودة على التراجع الحاد خلال الأسبوع الماضي، لا أحد يستطيع أن يحلل أسباب ما حدث بشكل دقيق رغم توفر البيانات المالية التي توضح نسب التراجع وتفاصيل الشركات المتراجعة حيث تراجع مؤشر سوق الأسهم خلال تسعة أيام من نحو 6280نقطة الى نحو 5114نقطة وبأكثر من 18% وقد شمل التراجع غالبية أسهم الشركات (ويوضح الجدول أعلاه أن التغير خلال الخمسة شهور الماضية ومنذ بداية العام إيجابياً في جميع القطاعات وبالتالي في المؤشر العام)، وربما يكون عامل الخوف غير المبرر من قبل المضاربين القليلي الخبرة هو السبب الرئيس لهذا التراجع الحاد حيث لا يوجد سبب واحد للخروج المتسرع من السوق، حيث ان معظم المؤشرات الاقتصادية المشجعة لم يتغير منها شيء، فأسعار البترول ما زالت تسجل ارتفاعات واضحة، وأرباح الشركات تتوالى وفي عمومها جيدة، والسيولة النقدية مازالت تحقق نموا واضحا كما ذكرت التقارير الرسمية، وكذلك القرارات الإصلاحية الاقتصادية من قبل الدولة متتالية وخطوات التخصيص مستمرة، والأنظمة التي يتحدث عنها البعض سواء موجودة أو مفقودة كانت قبل ذلك عندما سجل المؤشر زيادات بنسب غير مسبوقة ولمدة تجاوزت الستة أشهر، إذن ما الذي حدث، بطبيعة الحال ليس لدينا م
علومات حول نسب المستثمرين طويلي الأجل وعدد المضاربين، ولكن من خلال الاطلاع على ما يدور في سوق الأسهم فإن نسبة كبيرة منهم يصنفون أنفسهم على أنهم مضاربون يسعون الى تحقيق أرباح سريعة، ساعدهم توافر سيولة نقدية كبيرة وتسهيلات كبيرة وهي حالة استثنائية ان تجد نسبة المضاربين اعلى من المستثمرين الذي يسعون الى تحقيق ارباح من خلال عوائد الشركات ولديهم خطط واضحة لذلك، حيث ان جزءا رئيسيا من أساس الفكر الذي يرتكز عليه سوق الأسهم هو توظيف المدخرات لشريحة كبيرة من المجتمع وليس المضاربة المتسرعة.
أعتقد اننا بحاجة ماسة الى دور تثقيفي لهؤلاء المستثمرين الجدد أكثر من حاجتنا إلى أنظمة وتشريعات، لأن من دخل السوق دخل بوعي كامل وإدراك وكان يسعى للربح وعندما كان السوق مزدهرا لم يشك أحد أو يتذمر، والمفهوم الاقتصادي الذي يفهمه الجميع أن السوق ربح وخسارة. حتى أن بعض الخبراء مما لديهم العلم والمعرفة حاول تعليق جرس الإنذار منذ زمن ولم يستمع لهم أحد من هؤلاء المستثمرين عندما طالبوا الجميع بالتعقل في التعامل مع سوق الأسهم، وكما يعلم الجميع فإن المضاربة لا يمارسها كل مستثمر ومن يريد ذلك عليه أن يكون على اطلاع كامل على شروط اللعبة،، وكما يقولون القانون لا يحمي.....، وأعتقد ان خير من يقوم بهذا الدور التثقيفي المطلوب هو الصحافة المسؤولة القادرة على الوصول الى شريحة كبيرة من المجتمع لتوضيح الصورة الكاملة حول ما يحدث في السوق بشكل تفصيلي ومستمر، حيث أؤمن انها مؤهلة للعب هذا الدور، خصوصا أن تجربة سوق الأسهم لعدد ليس بالقليل من المستثمرين لدينا هي تجربة حديثة ويحتاجون الى توجيه إعلامي لا يكون بهدف توجيه السوق ولكن بهدف تثقيف هؤلاء المستثمرين على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية لمساعدتهم في توظيف أموالهم بشكل مدروس في الق
نوات التي تناسب قدرتهم على إدارتها. ومن هنا وجدت صناديق الاستثمار ومديرو المحافظ لمساعدة من ليس لديه القدرة المهنية على ادارة استثماراتهم نيابة عنهم. وكما يقول المثل (أعط الخبز خبازه ولو أكل نصفه).
وفي الختام آمل ان لا تكون ردات الفعل منفعلة ومفتعلة، وبالعامية نقول بالرزانة والرصانة تكون النتائج حيث ان جميع المؤشرات الاقتصادية تبشر بالخير للجميع ان شاء الله، والله من وراء القصد.
*محلل مالي
الأسهم المحلية ودور المستثمرين "المضاربين" ومسؤوليتهم
http://www.alriyadh-np.com/Contents/31-05-2004/Economy/images/e20.jpg نبيل بن عبدالله المبارك*
لم احاول كتابة التحليل المالي كالمعتاد للشركات المساهمة والمتداول اسهمها في سوق الاسهم المحلي هذا الاسبوع، حيث بدأنا ومنذ اكثر من شهرين في سلسلة تحليلات مالية لشركات الاسمنت واوكد على كونها مالية وليست تحليلات فنية، اقول لم احاول الكتابة بشكل اعتيادي بسبب ما شهده السوق خلال الاسبوع المنصرم من تراجع حاد لمؤشر الاسهم جعل الجميع يقف مذهولاً ليس لانه غير متوقع ولكن للسرعة التي حدث بها وكأن المستثمرين اصبحوا مستثمراً واحداً اتخذ قراراً واحداً وبشكل سريع للخروج من السوق بعد تزايد مستمر في اعداد المستثمرين وفي قيمة المؤشر في الستة اشهر الأخيرة، وقد حدث التراجع الحاد لغالبية الشركات المتداول اسهمها سواء كانت تلك شركات رابحة او خاسرة، او سواء كانت قيمتها السوقية تمثل قيمتها الحقيقية او هي مسعرة بأعلى من ذلك او اقل (بمعنى ان منطق السوق توقف خلال هذا التراجع)، واصبح الجميع يبحث من اجابات لما حدث ولماذا حدث وكيف حدث. ولان الصحافة مرآة المجتمع الحديث فقد افردت جريدة "الرياض" وكذلك باقي الصحف المحلية العديد من صفحاتها للعديد من المواطنين للكتابة والبوح بما يعتلج في نفوسهم حول ما حدث او ما يحدث للسوق، واذكر هنا احد المواطني
ن كتب تحت عنوان "رسالة متداول تتحدث بمرارة عن لعبة سوق الاسهم" وآخر تحت عنوان "اتهامات تطول المضاربين بالتسبب في تراجع اسعار الاسهم واضرار كبيرة للمستثمرين الجدد" وغيرهم كثير. وقبل ان نحاول تصوير حال سوق الاسهم خلال فترة التراجع تلك، اود التأكيد على اني لست بصدد تقديم تحليل فني او مالي ولست بصدد تشخيص لمشكلة بقدر ما هي ملاحظات حول ما يجري وجرى لعل فيها ما يفيد المستثمرين الجدد قليلي الخبرة والذين ذكرت بعض المصادر ان عددهم تجاوز النصف مليون مستثمر نسبة كبيرة منهم دخلت السوق فقط منذ بداية العام المالي الحالي 2004م وغالبيتهم مضاربون قليلو الخبرة، فبعد ان سال لعابهم للأرباح التي يرون الآخرين يجنونها من استثمارهم في قطاعات سوق الاسهم الستة المختلفة وهي قطاعات البنوك والصناعة والاسمنت والخدمات والكهرباء والزراعة، التي يبلغ عدد الشركات المشكلة لتلك القطاعات مجتمعة اكثر من 70شركة.
وقد دخل غالبية هؤلاء المستثمرين الجدد بدون خبرة كما ذكرنا وبدون استشارة علمية واعتمادهم على احاديث المجالس والذي يحاول البعض من خلالها توجيه رغبة هؤلاء المستثمرين الصغار الى ما يخدم محافظهم الخاصة مستغلين عدم معرفة هؤلاء المستثمرين المندفعين. ورغم ان ما حدث خلال الاسبوع الماضي من تراجع كبير في مؤشرات سوق الاسهم المحلية يؤكد ما ذهبنا اليه في التحليلات المالية السابقة من ان الاستثمار يجب ان يمر اولاً وقبل كل شيء عبر التحليل المالي للشركات واجراء التقييم الحقيقي للاسهم المراد الاستثمار بها الا ان ما حدث قد يكون درساً مؤلماً للكثيرين، واعتقد ان الوقت قد حان لهؤلاء المستثمرين على اختلاف توجهاتهم الاستثمارية في سوق الاسهم ان يبدأوا اعادة تنظيم محافظهم بناء على رؤية مختلفة لما جرت عليه الامور سابقاً، الجميع واجه الدرس الصعب والمؤلم، ويجب العمل الآن على ان يكون الاستثمار مبنياً على التقييم العلمي للشركات المتداول اسهمها وترك الاساليب القديمة المعتمدة على احاديث المجالس التي توجه بجهاز تحكم من بعض المنتفعين داخل السوق.
وقد قرأت الكثير مما كتب ويكتب حول سوق الاسهم السعودية وحول ما يدور حولها وداخلها وخارجها وخصوصاً بعد التراجع الكبير للمؤشر خلال الاسبوع الماضي والذي لا يستطيع احد ان يحدد اتجاه القادم. والملاحظ فيما كتب في الوسائل الاعلامية وكذلك على صفحات الانترنت والمنتديات وجود سمة مشتركة في كل ذلك، الا وهي ان الجميع يكتب بصفة العالم والخبير الذي ينبه ويحذر ويوجه ويرشد الى افضل واحسن وابسط واسلم واحوط الطرق كما ذكر، حيث وصل الامر في بعض الكتابات الى حد تحديد وتوجيه واضح ومباشر بشراء اسهم شركات محددة او الطلب من المستثمرين ببيع اسهم أخرى (لدي بعض المقالات في هذا الخصوص لكتاب وهم اي هؤلاء الكتاب اما مستثمرون مباشرون في السوق او لديهم مكاتب استشارية تدير محافظ لعملائهم)، كما حاول الجميع ان يكون مستثمرين ومشرعين في نفس الوقت، واختلط الحابل بالنابل كما يقولون. كما ان كثيرين يعتقدون بأن اصحاب الشأن الذين يجب ان يتحدثوا نيابة عن السوق او يتخذوا الاجراءات التي يرونها ضرورية عند بعض المحطات المهمة في حركة سوق الاسهم غائبون او مغيبون بشكل كامل وكأنهم يريدون من هؤلاء المسؤولين ان يرشدوا كل مستثمر الى الطريق الذي يناسبه وكأن ذلك هو ال
دور المطلوب من المسؤولين عن السوق. صورة سوق الاسهم المحلي رغم ثراءها وغناها المادي والذي يحسدونا عليه الكثيرون صورة متعددة الالوان لدرجة افقدتها البريق (وهو امر متناقض طبعاً) والتركيز المطلوب لا يمكن ان يكون الا من خلال المثلث الثلاثي الاضلاع التنظيم والشفافية المقننة والتثقيف حيث انه مهما وصلت اي سوق الى اعلى درجات التنظيم وكامل الشفافية تبقى ثقافة المستثمرة عامل اساسي ومؤثر لأن قراراتهم هي المحرك الرئيس لسوق الاسهم، وقد شهدنا بعض التجارب لمستثمرين محليين دخلوا في اسواق الاسهم الغربية وخسروا مدخراتهم بسبب عدم معرفتهم ببواطن الامور في هذه الاسواق في حين ان آخرين استطاعوا تحقيق مكاسب جيدة عندما سلكوا الطريق المناسبة للاستثمار في اسواق الاسهم الغربية.
ومما يزيد من الغرابة والحيرة ان البعض يتحدث عن الخصوصية المحلية حتى في سوق الاسهم المحلية ويطالب باعتماد هذه الخصوصية وكأنه يريد ان يلبس السوق الشماغ او الغترة، سوق الاسهم المحلية ليست اول سوق بالعالم وقد سبقنا الكثيرون وقد نكون نحن آخر من وصل الى هذا المجال وهم متقدمون علينا بمراحل ومرت بهم تجارب مؤلمة ويجب ان نستفيد من تجارب من سبقونا في هذا المجال وهنا اتكلم عن ضرورة استفادة المستثمرين بالدرجة الاولى وليس غيرهم، ومن خلال اطلاعي على بعض اسواق الاسهم في الغرب في فترات سابقة كان من شبه المستحيل ان تجد من يحاول ان ينصحك بشراء اسهم معينة تطوعاً وحتى ان سئلت، او يأتيك على شكل ناصح ومرشد مجاني كما يفعل الكثيرون لدينا وخصوصاً من أمتهن الكتابة الصحفية، بل وصل الامر ان يحاولوا الزج بالناس زجاً لشراء اسهم معينة او بيعها، فهاهم اي الكتاب يكتبون مقابل مادي من الصحيفة ومع ذلك يحاولون من خلال كتابتهم توجيه المستثمرين البسطاء الى حيث يرغبون ويريدون، وكذلك ينطبق الحال والمقال على المكاتب الاستشارية او من تسمي نفسها استشارية والصحيح انها استثمارية والتي يسمح لها بكتابة تقارير موجهة عبر وسائل الاعلام، رغم انها تدعي الحيادية
وهي تدير محافظ كبيرة سواء لها مباشرة او لعملائها. واي شخص لديه معلومة حول محفظة هذه المكاتب او بعض الكتاب يستطيع ان يستلخص ان ما ذكر هو توجيه صريح ومباشر للسوق وليس تحليلاً فنياً محايداً، في المجتمعات الغربية خبراء يحاولون تسويق اسهم معينة ولكنه يأتيك بهذه الصفة بشكل صريح وليس بصفة الناصح الراشد للمواطنين والحريص على مصلحتهم ويقنعك بطريقة علمية بجدوى الاستثمار في هذا السهم او ذاك.
وهنا يلام الاعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص بعض الشيء على نشر مثل هذه الكتابات على صفحاتها واعطائها نفس الصفة التي يحاول كاتبها ان يضفيها على نفسه وهي الحياد، انا لا اطالب بمنعها لأن من يطالب بالشفافية لا يطالب بمنع احد من كتابة ما يريد ولكن يجب ان يذكر بشكل لا يحمل اللبس ان ما كتب ليس تحليلاً محايداً او ما شابه وانما هي وجهة نظر هذه الجهة او تلك وهي لديها هذه الاستثمارات حتى يكون الجميع على بينة، كما انه من الضروري ان توجد الانظمة والتشريعات التي تحدد مسؤوليات كل من يحاول توجيه السوق بطريقة غير مهنية. وكما ذكرنا فإننا لم نخترع سوق الاسهم وقد سبقنا الغرب بقرون ونادراً ما تجد من يرشدك الى اسواق الاسهم بشكل علني بما يهدف مصلحته ومجاناً حيث هناك من الأنظمة والقوانين ما يحمي جميع الأطراف المتعاملة من مثل تلك التصرفات ويردع المخالفين لتلك الأنظمة، بما في ذلك الشركات المتضررة من مثل ذلك التوجيه المتعمد وبدلا من ذلك هناك مكاتب مرخصة ومتخصصة تقوم بذلك الدور مقابل أجر مادي ومن خلال تحديد واضح للمسؤوليات المترتبة على جميع الأطراف والقرار في النهاية للمستثمر وحده.
كما أن على الإعلام وبالذات الصحافة تغير الطريقة التي تتعامل بها في ما يتعلق بأخبار وتحليلات السوق، وحان الوقت لأن يكون الإعلام الصحافي أكثر مهنية وحيادية وأن يقود التغيير المنشود في طريقة تفكير المستثمرين في السوق وخصوصاً أن لدينا شريحة كبيرة ليس لديها دراية وليس لديها مصادر معلومات محايدة تستطيع من خلالها تقييم استثماراتها وتوجيهها الوجهة المناسبة، يجب أن يكون الإعلام مصدرا موثوقا لما يدور في السوق ومرآة عاكسة لما يحدث خلف كواليسه.
وعودة على التراجع الحاد خلال الأسبوع الماضي، لا أحد يستطيع أن يحلل أسباب ما حدث بشكل دقيق رغم توفر البيانات المالية التي توضح نسب التراجع وتفاصيل الشركات المتراجعة حيث تراجع مؤشر سوق الأسهم خلال تسعة أيام من نحو 6280نقطة الى نحو 5114نقطة وبأكثر من 18% وقد شمل التراجع غالبية أسهم الشركات (ويوضح الجدول أعلاه أن التغير خلال الخمسة شهور الماضية ومنذ بداية العام إيجابياً في جميع القطاعات وبالتالي في المؤشر العام)، وربما يكون عامل الخوف غير المبرر من قبل المضاربين القليلي الخبرة هو السبب الرئيس لهذا التراجع الحاد حيث لا يوجد سبب واحد للخروج المتسرع من السوق، حيث ان معظم المؤشرات الاقتصادية المشجعة لم يتغير منها شيء، فأسعار البترول ما زالت تسجل ارتفاعات واضحة، وأرباح الشركات تتوالى وفي عمومها جيدة، والسيولة النقدية مازالت تحقق نموا واضحا كما ذكرت التقارير الرسمية، وكذلك القرارات الإصلاحية الاقتصادية من قبل الدولة متتالية وخطوات التخصيص مستمرة، والأنظمة التي يتحدث عنها البعض سواء موجودة أو مفقودة كانت قبل ذلك عندما سجل المؤشر زيادات بنسب غير مسبوقة ولمدة تجاوزت الستة أشهر، إذن ما الذي حدث، بطبيعة الحال ليس لدينا م
علومات حول نسب المستثمرين طويلي الأجل وعدد المضاربين، ولكن من خلال الاطلاع على ما يدور في سوق الأسهم فإن نسبة كبيرة منهم يصنفون أنفسهم على أنهم مضاربون يسعون الى تحقيق أرباح سريعة، ساعدهم توافر سيولة نقدية كبيرة وتسهيلات كبيرة وهي حالة استثنائية ان تجد نسبة المضاربين اعلى من المستثمرين الذي يسعون الى تحقيق ارباح من خلال عوائد الشركات ولديهم خطط واضحة لذلك، حيث ان جزءا رئيسيا من أساس الفكر الذي يرتكز عليه سوق الأسهم هو توظيف المدخرات لشريحة كبيرة من المجتمع وليس المضاربة المتسرعة.
أعتقد اننا بحاجة ماسة الى دور تثقيفي لهؤلاء المستثمرين الجدد أكثر من حاجتنا إلى أنظمة وتشريعات، لأن من دخل السوق دخل بوعي كامل وإدراك وكان يسعى للربح وعندما كان السوق مزدهرا لم يشك أحد أو يتذمر، والمفهوم الاقتصادي الذي يفهمه الجميع أن السوق ربح وخسارة. حتى أن بعض الخبراء مما لديهم العلم والمعرفة حاول تعليق جرس الإنذار منذ زمن ولم يستمع لهم أحد من هؤلاء المستثمرين عندما طالبوا الجميع بالتعقل في التعامل مع سوق الأسهم، وكما يعلم الجميع فإن المضاربة لا يمارسها كل مستثمر ومن يريد ذلك عليه أن يكون على اطلاع كامل على شروط اللعبة،، وكما يقولون القانون لا يحمي.....، وأعتقد ان خير من يقوم بهذا الدور التثقيفي المطلوب هو الصحافة المسؤولة القادرة على الوصول الى شريحة كبيرة من المجتمع لتوضيح الصورة الكاملة حول ما يحدث في السوق بشكل تفصيلي ومستمر، حيث أؤمن انها مؤهلة للعب هذا الدور، خصوصا أن تجربة سوق الأسهم لعدد ليس بالقليل من المستثمرين لدينا هي تجربة حديثة ويحتاجون الى توجيه إعلامي لا يكون بهدف توجيه السوق ولكن بهدف تثقيف هؤلاء المستثمرين على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية لمساعدتهم في توظيف أموالهم بشكل مدروس في الق
نوات التي تناسب قدرتهم على إدارتها. ومن هنا وجدت صناديق الاستثمار ومديرو المحافظ لمساعدة من ليس لديه القدرة المهنية على ادارة استثماراتهم نيابة عنهم. وكما يقول المثل (أعط الخبز خبازه ولو أكل نصفه).
وفي الختام آمل ان لا تكون ردات الفعل منفعلة ومفتعلة، وبالعامية نقول بالرزانة والرصانة تكون النتائج حيث ان جميع المؤشرات الاقتصادية تبشر بالخير للجميع ان شاء الله، والله من وراء القصد.
*محلل مالي