المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهاية الحملة الأمريكية على المنطقة


ممدي
17-02-2004, 10:34 PM
> -----------------------------------------------
> بشرى للمسلمين : المركز العالمي للاستشارات الإستراتيجية يعلن نهاية الحملة
> الأمريكية على المنطقة .
> - هل فشلت الحملة الأمريكية على العراق ؟
> - هل سقط مشروع القرن الأمريكي الجديد ، و لم يعد بإمكان الولايات المتحدة
> التقدم أكثر في المنطقة الإسلامية ؟
> - هل تعني محاسبة بوش و بلير و طاقميهما حول ( كذبة ) امتلاك العراق لأسلحة
> دمار شامل ، إعلانا عن تراجع الأمريكيين عن حرب الشرق ؟
> - هل ستكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية الوشيكة نهاية للمشروع الأمريكي في
> الشرق ؟
> - هل تسرّع العقيد القذافي في الاستجابة للمشروع الأمريكي القائم على تجريد
> الدول العربية و الإسلامية من مشاريعها التسلحية؟، و هل كان الأولى بالعقيد
> التريث إلى حين ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة ؟
> - هل يدرك الليبراليون العرب الذين صفقوا للاستعمار و مثلوا أداة الضغط
> الأمريكية على البلدان الإسلامية ، أنهم وقعوا في المحظور و كشفوا كل أوراقهم
> و أهدافهم و نواياهم و انتماءهم ، و ولاءهم و براءهم ...؟ و هل يدركون أن
> هجمتهم على ثوابت الأمة و حملتهم على هويتها ستنتهي بانتهاء ولاية الرئيس بوش
> ؟
> - هل ستستريح المناهج و ثوابت الأمة أخيرا من تضييقات الليبراليين و من
> ورائهم الولايات المتحدة الأمريكية .؟
> هذه الأسئلة هي محاور الدراسة الرائدة والدقيقة التي وضعها المركز العالمي
> للاستشارات الإستراتيجية الذي يرأسه الأستاذ سعيد صالح الغامدي، و التي
> يزفها، بشرى للمسلمين ، و إعلانا عن نهاية و سقوط و فشل الحملة التي تسلطها
> الولايات المتحدة على المنطقة الإسلامية ..
> نهاية الحملة الأمريكية على المنطقة .
> الحملة الأمريكية على المنطقة ، أربكت الكثيرين و كشفت حقائق هامة في البنى
> الثقافية و السياسية و الأمنية في الأمة ، و اليوم و قد بدا للذين يدركون
> الأمور أن هذه الحملة قد فشلت و انتهت ، فإن الواجب يدفعنا إلى بيان وجهة
> نظرنا التي نعتبرها رائدة ، و هذا ما يعطي المركز العالمي للاستشارات
> الإستراتيجية طابعه الدقيق و العميق في مجال استشراف المستقبل و قراءة
> الأحداث، بعيدا عن الكلامولوجيا الاستهلاكية التي تمارسها الكثير من المراكز
> الفاشلة ، التي لا تملك رؤية واضحة و لا اقتدارا علميا .
> لذلك فحين نحلل صورة المشهد الذي تحاول الولايات المتحدة إخفاءه فإنا سنجد
> حزمة من العناصر التي لا بد من بيانها ، و من ذلك :
> نمر الورق و النظرية الأيديوبوليتيكية المفقودة :
> كثير من المصطلحات البراقة لا تظهر هشاشتها إلا حينما تتفاعل مع الواقع و
> تصطدم به ، و لأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتعرض منذ عقود لما يعد
> امتحانا فعليا لقوتها و صلابتها و تماسكها ، فإنها ظلت تعيش على وهم
> الأسطورية ، كما استطاعت أن توهم الآخرين أنها القوة النموذجية التي لا مجال
> للوقوف في وجهها . ثم أن عقود الحرب الباردة ، و واقع الردع الذي عاشته مع
> الإتحاد السوفييتي قد أبقى الولايات المتحدة بعيدة عن أي احتكاك عسكري فعلي
> مع الغير ، لذلك يمكن الخروج بخلاصة هامة و هي أن أمريكا عاشت طوال عقود في
> وهم كبير و هي أنها قوة لا تغلب دون أن تنتبه أو ينتبه أحد أنها لم تغلب
> لأنها لم تُضرب ، هذا رغم وجود معالم تاريخية هامة يمكن الارتكاز عليها لبيان
> أن الولايات المتحدة رغم صداماتها النادرة مع قوى أخرى فإن تلك الصدامات كانت
> تكشف بوضوح أن النمر الأمريكي الشرس لم يكن سوى كما وصفه ( ماو تسي تونغ ) :
> ( نمر من ورق ) ... و قد قال ماو ذلك حين قيل له أن الولايات المتحدة تمتلك
> قوة نووية ، فقال أن قوة القنبلة النووية ليست أمام قوة الشعب سوى نمر من ورق
> ... و قد انكشفت ورقية هذا النمر في فييتنام و في خليج الخنازير و في الصومال
> و أفغانستان و العراق ، كما سقطت أسطورة الآلة الاستخباراتية الأمريكية في
> أحداث 11 أيلول أيما سقوط .
> و الذي يتأمل المستندات النظرية التي تنطلق منها الولايات المتحدة في سياستها
> تجاه الآخرين يجدها مستندات فاشلة ، حتى أن منظري الغزو الأمريكي على العراق
> لم يضعوا في حسبانهم أبدا حدوث مقاومة ، و هو أمر يعترفون به و لا ينكرونه ،
> و كلمات رامسفيلد و باول و غيرهما في ذلك صريحة .
> إن من العلوم التي كثيرا ما تباهت بها الولايات المتحدة علم ( الجغرافية
> السياسية ) ، أو ( الجيوبوليتيك ) كما يقال ، و هو علم يهتم بدراسة تأثير
> الطبيعة و العوامل الجغرافية على الخصائص و الظواهر و التطورات السياسية
> للأمم و الشعوب ، غير أن الأمريكيين و هم يظنون أنهم بمثل هذه التخصصات قد
> حازوا أسباب القوة و عمق الفهم ، يكتشفون في كل مرة أن هناك شيئا ما لم يضعوه
> في الحسبان .
> و لعل أهم ما يتجاهله الغربيون أو يوهمون أنفسهم فيما يخصه هو ( العقيدة ) ،
> أو الهوية ، أو الخصوصية الثقافية .
> و حين يقرر رجل مثل بوش تجاوز الواقع الثقافي للأمة الإسلامية ، فإن ذلك لا
> يعني أن الحق معه كونه رئيس أعظم قوة في الوجود ماديا ... لأن ذلك كله لا
> يشفع للرئيس إن كان تفكيره سطحيا أو غير منطقي .. و بوش و غيره من الذين لم
> يعرفوا الأمة الإسلامية جيدا سيظلون ينطحون الصخر و يمنون أنفسهم أنه
> بإمكانهم قتل الله و محو دينٍ تكفل الله بحفظه .
> إن الذي كان من الواجب على الأمريكيين دراسته جيدا قبل غزو الشرق ليس هو (
> الجغرافية السياسية ) بل هو ( الإيديوبوليتيك ) ، و هو علم لم يعرفه الغربيون
> إلى اليوم و لا تحدثت عنه يوما مراكزهم ، و الإيديوبوليتيك هو دراسة مدى
> تأثير الأيديولوجيا في السياسة .
> أما دراسة الاحتمالات السياسية انطلاقا من الجغرافيا ففكرة قديمة قدم
> هيرودوتس الذي قال : ( إن سياسة الدولة تعتمد على جغرافيتها ) و قريبا من هذا
> المعنى تحدث نابليون عن ما قاله أبقراط في القرن الخامس قبل الميلاد عن تأثير
> ( الهواء و الماء و الأماكن ) في سياسات الجماعات و الدول .
> و طوال عقود ماضية كانت الولايات المتحدة تضع خططا خطيرة في غزو هذا البلد أو
> احتواء ذاك ، في إطار سياسة الهيمنة و التوسع ، ثم تكتشف دائما و في كل مرة
> أن نظريتها تلك فاشلة ، لذلك كانت تسارع بعد كل انتكاسة إلى إسعاف الأمر
> بنظرية جديدة ، و هكذا كما قال الشاعر .
> من نضال عاثر مضطرب لنضال عاثر مضطرب .
> سقوط نظرية الدومينو مرة أخرى سنة 2003م :
> استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية طوال العقود الماضية العديد من النظريات
> و الدبلوماسيات الهيلمانية ، منها الخطوة خطوة ، المكوك ، الاحتواء المزدوج ،
> حافة الهاوية ، الرد المرن ، المثلثة الأضلاع ، و الدومينو.
> و للعلم فإن أيا من هذه النظريات لم تنجح ، ابتداء بما تعلق منها بالصراع
> العربي الإسرائيلي مثل المكوك و الخطوة خطوة ، و انتهاء بحافة الهاوية التي
> تراجعت إلى الرد المرن ، مرورا بالمثلثة الأضلاع إزاء الصين و الإتحاد
> السوفييتي ، و لأن التاريخ يعيد نفسه ، فإنه من الممكن اليوم إسقاط الكثير من
> هذه النظريات على واقع الغزو الأمريكي للبلاد الإسلامية في إطار مشروع القرن
> الأمريكي الجديد .
> و الذي بدأ يحدث لأمريكا اليوم هو الذي كان يحدث لإسرائيل طوال نصف قرن من
> الزمن ، ( اللااستقرار ) رغم ضعف الجانب الإسلامي .
> لقد سيطرت نظرية الدومينو على الكثير من المفكرين الاستراتيجيين و العسكريين
> الأمريكان بعد الحرب العالمية الثانية ، تجاه شرق و جنوب شرق آسيا .
> و قد راهنت النظرية على أمر تشبيه الدول المتجاورة بقطع الدومينو و التي يؤدي
> سقوط واحدة منها إلى سقوط المجموعة بأكملها ، غير أن نظرية الدومينو لم تجح
> آنذاك ، و ارتفعت أصوات أمريكية كثيرة تطرح بدائل أخرى لتخفيف الخسائر
> الأمريكية الرهيبة .
> و اليوم تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية و بطريقة أخرى نظرية الدومينو ، و
> هي تراهن على ما راهن عليه عنترة العبسي قديما : ( ضرْب الفارس الضعيف ضربة
> يرتعد لها الفارس القوي فيضعف و يتم إنهاؤه ) ، لذلك راهنت الولايات المتحدة
> على فكرة إسقاط المنطقة الإسلامية و تغيير خريطتها انطلاقا من العراق .. و
> لعل سقوط ليبيا يعد إحدى النتائج المتحققة في إطار نظرية الدومينو مثلما
> أمّلت واشنطن، لكن هذه النظرية سقطت كونها لم تستطع إسقاط القطعة الأولى التي
> يسقط غيرها بعدها ، و هي المتمثلة في العراق .
> لذلك فالمقاومة في العراق لا تعني حماية العراق فقط من السقوط في المشروع
> الأمريكي ، بل حماية كل الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة قطعا لاحقة يجب
> إسقاطها بعد العراق .
> و هنا يجب التوضيح جيدا أن هذه القطع ليست فقط بلدانا معينة ، و منها
> السعودية و سوريا و غيرها ، بل هي أيضا أمور أخرى كالهوية و الدين و اللحمة
> الاجتماعية و غير ذلك .
> سقوط نظرية اللعب :
> و من النظريات التي عرفها العالم و طبقتها الولايات المتحدة كذلك نظرية اللعب
> ، و هي وضع ردة فعل الخصم في الحسبان ، لذلك فلاعب الشطرنج عندهم لا يفكر
> لنفسه فقط ، بل يفكر في الحركات المحتملة لخصمه ، و قد تبين أن الولايات
> المتحدة كانت تفتقر إلى الموضوعية في إطار هذه النظرية ، إذ فكرت و أوهمها
> طابورها الخامس في الدول الإسلامية ، أن الشعوب الإسلامية متلهفة و تنتظر
> الجيش الأمريكي بالورود ليخلصها من الديكتاتوريات و الكبت ، و يخرجها إلى
> رحاب الديمقراطية و الليبرالية .
> غير أن الواقع كان غير هذا تماما ، و أدركت الولايات المتحدة أن احتلال ساحات
> أخرى لا يعني سوى توسيع دائرة النزيف ، و حتى من الناحية الاقتصادية فإن
> الاحتلال لم يعد يعني وضع اليد على ثروات البلدان الإسلامية ، بقدر ما صار
> يعي خسارة أغلفة مالية رهيبة لتحقيق لا شيء.
> لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية بعد فوات الأوان أن قراءة حقيقة الرد
> المحتمل من طرف اللاعب المقابل و هو هنا الأمة الإسلامية لا يمكن أن يكون إلا
> بالاعتراف بأن الإسلام متجذر في هذه الشعوب بدرجة تجعل كل الحسابات المادية
> المجردة مجرد هذيان و تجاوز للواقع .
> سقوط نظرية حافة الهاوية و نظرية الصدمة :
> استطاعت أحداث فييتنام أن تسقط نظرية حافة الهاوية عند الأمريكين ، و كان أول
> من استعمل هذا المصطلح ( حافة الهاوية ) هو جون فوستر دالاس وزير خارجية
> الولايات المتحدة ( 1953- 1959) في مقابلة أجرتها معه مجلة ( لايف ) ليصف
> إمكانية الذهاب إلى أبعد الحدود دون الدخول في حرب ، غير أن أحداث فييتنام
> كما قلنا أسقطت هذه النظرية لتقوم مقامها نظرية ( الرد المرن ) ، و الولايات
> المتحدة الأمريكية ذهبت في غزوها للمنطقة الإسلامية إلى أبعد من حافة الهاوية
> ، و هي نظرية الضربة الصاعقة ، أو الصدمة، و هي التي يكون الخصم أمامها
> مذهولا ، لا يستطيع الرد أبدا ، لذلك استعملت في غزو العراق أبشع الأسلحة
> المتطورة ، الأمر الذي أظهر هوة كبيرة بين الهجوم و إمكانات الدفاع .
> غير أن الولايات المتحدة أدركت بعد ذلك أن إسقاط نظام سياسي ما لا يعني
> احتلال ذلك البلد ، و هذا ما اعترف به توماس فريدمان حين قال في ''نيويورك
> تايمز'':
> ((قادرون على هزيمة صدام لكننا عاجزون عن بناء مركز سياسي محترم)) ، إذ أنه
> بإمكان البنتاغون تسليط القصف المهول أياما و ليالي على بلد ما ، حتى يسقط
> نظامه مثلما حدث في العراق ، غير أن الأمر لن يستتب بعد ذلك للاحتلال في ظل
> المقاومة الشعبية ، و هو ما جعل الولايات المتحدة تتبنى أنواعا أخرى مداخلة
> في معنى الحرب غير الحرب العسكرية ، و من ذلك الحرب الاقتصادية ، مثلما حدث
> في معاقبة سوريا ، و الحرب النفسية مثلما حدث تجاه ليبيا ، و الحرب الإعلامية
> مثلما حدث تجاه السعودية ، و كل ذلك يعد من التراجع عن نظرية الصدمة إلى
> نظرية ( الرد المرن ) ، و الوصول إلى درجة الحديث عن التغيير الثقافي بدل
> العسكري ، لذلك لجأت الولايات المتحدة إلى افتتاح قناة ( الحرة ) التي تعد
> أداة من أدوات الرد المرن .
> سياسة الدفع نحو السرية :
> من أفدح ما ارتكبته الولايات المتحدة الأمريكية أنها أسقطت الرسميات لتعطي
> مبررا بذلك لظهور اللارسميات ، و نقصد بالرسميات الكيانات الظاهرة و المعترف
> بها ، سواء كانت سلطة أو جمعية خيرية ، أو هيئة دينية رسمية ، أو جيشا ...
> فقد كان ظن الولايات المتحدة أنها متى قضت على هذه الكيانات الرسمية الظاهرة
> انتهى الأمر .
> غير أن هذه النظرية ليست صحيحة أبدا ، إذ أن الحياة تأبى الفراغ ، و في
> البلدان التي يتم التضييق فيها على الاقتصاد الأبيض يظهر الاقتصاد الأسود .
> لقد انبنت السياسة الخارجية الأمريكية على أن الكيانات الرسمية هي الشكل
> الوحيد للوجود، متناسية أو متجاهلة ، أن المنع من العلنية يلجئ إلى السرية ،
> لذلك لم يكن إسقاط أي نظام يعني سقوط الشعب ، كما أن إسقاط أي جيش لا يعني
> سقوط خيار المقاومة ، و حين يسقط الجيش الرسمي تظهر جيوش غير رسمية مقاومة ،
> و هي أخطر بكثير من الجيش الرسمي ، تماما كما أن القضاء على ظاهرة الجمعيات
> الخيرية باتهامها بتهمة الإرهاب قد فتح الباب لجمعيات مالية سرية ، و كذا
> القضاء على المؤسسات الدينية ، مثل مؤسسات الفتوى و غيرها ، فإن احتواء هذه
> المؤسسات أو تطويعها لخدمة المشروع الأمريكي ، قد أنهى دورها لتظهر على
> أنقاضها مرجعيات دينية غير رسمية ، متمردة على كل أشكال التضييق و التطويع و
> التحكم ، و هو ما أعطاها قبولا عند الكثير من الشباب المتدين ، باعتبارها حسب
> رأيه(مراجع تقول الحق) .
> لقد استطاعت الولايات المتحدة إنهاء الكيانات الرسمية ، و بذلك فتحت الباب
> للفوضى العارمة ، مثلما يحدث اليوم في العراق .
> و طبعا فكل هذا يدل على أن الغزو الأمريكي القادم إلى المنطقة كان يفتقر إلى
> أهم وسائل النجاح في مشروعه ، و هو فهم خصوصية الأمة الإسلامية .
> الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة :
> يتعرض جورج بوش و سياسته الخارجية لحملة عارمة ، انطلاقا من كذبته حول امتلاك
> العراق لأسلحة دمار شامل .
> و يبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى ، أن منافسي بوش كانوا منذ أشهر يعرفون
> حقيقة أن الرئيس الأمريكي يقول غير الحقيقة ، ليبرر غزوه للعراق ، لكن أمر
> غزو العراق لم يكن يستأهل عند هؤلاء الإخراج المبكر لملف ( كذب الرئيس ) ، و
> أمر الانتخابات عند هؤلاء أولى من أمر احتلال العراق ، لذلك لم يتم تحريك
> الملف بفاعلية و جدية إلا أثناء الحملة الانتخابية ، و يبدو جليا أن هذا
> الملف و غزو العراق يعد الفاصل بين المناوئين لبوش و المؤيدين له ، و هذا ما
> يظهره خطاب الحملة الانتخابية الدائر حول ( السياسة الخارجية الأمريكية ) ،
> حيث يشدد أكبر مافسي بوش و هو ( جون كيري ) على كون الغزو الأمريكي للشرق كان
> خطأ،ما كان لأمريكا الوقوع فيه .
> و يبين هذا أن الرئيس القادم سيقوم في أسوإ الحالات بمحاولة معالجة الوضع في
> العراق دون التفكير في الاحتكاك بالدول الأخرى و منها السعودية ، و ذلك كله
> يعني نهاية حملة بوش مع سقوطه في الانتخابات القادمة .
> سقوط الليبرالية والليبراليين :
> الكثيرون يظنون أن الذي حدث في خليج الخنازير تاريخيا هو مهاجمة الولايات
> المتحدة الأمريكية لكوبا ، و هذا خطأ ، و الحقيقة هي أن وكالة الاستخبارات
> المركزية ( سي آي إيه ) قد قامت في 17 نيسان - أبريل 1961م بتأييد من القوات
> الأمريكية العليا بإنزال قوات مدربة من اللاجئين الكوبيين في أمريكا من
> المعادين لفيدال كاسترو ، و تم الإيعاز إلى وسائل الإعلام الأمريكية أن تركز
> على أن الذي حدث هو ثورة للكوبيين ضد نظام كاسترو ، غير أن العملية فشلت كما
> هو معلوم .
> و طوال عقود كانت الولايات المتحدة تلعب ورقة اللاجئين الفعليين أو الفكريين
> الذين تربيهم عندها أو على أفكارها ثم تقوم بتنفيذ عمليات لصالحهم في بلدانهم
> موهمة الرأي العام أنهم ممثلو بلداهم ، بينما الحقيقة أنهم ممثلون لأمريكا لا
> غير ، و هذا ما حدث مع اللويا غيركا في أفغاستان ، و حكام تيمور الشرقية ، و
> مجلس الحكم الانتقالي في العراق ، و هو الذي كان من الممكن أن يحدث مع
> الليبراليين في كل بلد كانت أمريكا تضعه في برنامجها الاستعماري ، لو أن
> الحملة الأمريكية قد نجحت .
> و لسنوات عاش الليبراليون العرب خفافيش لا تُظهر للطيور إلا أجنحتها، كما لا
> تظهر رأسها إلا للفئران ، و لم يعرف عن هذه النخب إلا أنها نخب فكرية ، غير
> أن هذه النخب لما رأت الغيم الأمريكي صرخت بأعلى أصواتها : هذا غيم ممطرنا
> ... و كان ذلك مجرد سحابة صيف انخدعوا بها فكشفوا جميع أوراقهم .
> و قد ارتبط الموقف الليبرالي بالمشروع الأمريكي ، لذلك تم تشبيهه بالطابور
> الخامس ، و خرج بذلك من دائرة الفكر إلى دائرة الموقف السياسي المخزي .
> و ظهر جليا أن أهداف الليبراليين هي ذاتها أهداف الولايات المتحدة ، تقويض
> البناء السياسي و الثقافي و الديني و الاجتماعي للأمة ، لبناء النموذج
> الممسوخ .
> و كان من أهم ما أحرزته القوى الحية و الواعية في الأمة ، هو نقل الليبرالية
> من معنى الحرية إلى معنى ( الخيانة ) و الارتباط بالعدو ، و هي نقلة هائلة
> تدل على تخطيط دقيق ، ساعدت فيه هشاشة الليبراليين الذين أعطوا الأدلة
> الواضحة على صدق ما يتهمهم به المدافعون عن أصالة الأمة ، و الذي يتأمل
> كتابات هؤلاء يجدها طافحة بذلك .
> إن أهم ما تحقق إلى الآن هو سقوط الولع بالنموذج الذي يقوم الغرب و أدواته
> المحلية من الليبراليين بالترويج له ، إذ ما عاد أحد ينخدع بشعارات
> الديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان ...
> تساؤلات جريئة :
> هل يقدر امرؤ أن يقنع العقلاء اليوم أن إسرائيل قادرة على إنهاء المقاومة
> الفلسطينية غير أنها لا تريد إنهاءها ؟
> هل في مقدور أحد أن يقنع العقلاء أن الولايات المتحدة قادرة على إنهاء
> المقاومة في العراق ؟
> بل هل بإمكان الولايات المتحدة أن تدعي أنها تملك تصورا دقيقا لمآلات الأمور
> مستقبلا ؟
> و هل سيستطيع امرؤ أن يقنع العالم أن الولايات المتحدة تستطيع أن تفكر مجرد
> تفكير في احتلال السعودية و هي تعرف حجم التدين فيها ، كما تعرف مركزية
> السعودية و قدسيتها المكانية في الأمة الإسلامية جمعاء ؟
> و لئن كانت الولايات المتحدة قد بنت نظريتها في استبعاد أي مقاومة في العراق
> على ضعف الحركة الإسلامية في العراق ، فهل هي جاهلة اليوم أن بلدا مثل
> السعودية يمثل بالنسبة للأمريكان عش الدبابير الذي يكون في دخوله مقامرة
> بمصير الولايات المتحدة ذاته.
> هل ستقفز الولايات المتحدة فوق واقع العراق لتفتح لها جبهة جديدة ، معتمدة
> سياسة الهروب إلى الأمام ؟
> اليوم تبدو الإجابات على هذه الأسئلة واضحة و معروفة ، و هو ما يعطي المنطقة
> الإسلامية نفسا جديدا في التعامل مع الولايات المتحدة حسب معطيات الواقع ...
> لذلك لا بد من أن تقوم الشعوب الإسلامية بعملية ربح للوقت ، في إطار الانحناء
> للعاصفة ، لأن الغد القريب الذي سيبدأ بخروج بوش من البيت الأبيض ، سيحمل
> للذين تسرعوا في التنازل للولايات المتحدة الندم و حصاد المرارة .
> إن ربح الوقت هنا في كل ما تفرضه الولايات المتحدة من تعديل أو تبديل للمناهج
> السياسية و التعليمية و الثقافية و الاجتماعية و الدينية ، و من التجاوب مع
> الإرادة الأمريكية في التخلي عن برامج التسلح و غيرها، يعد اليوم أحسن ما
> يصلح لهذه المرحلة .
> تهنئة :
> إن الأيام وحدها كفيلة ببيان صدق ما ذهبنا إليه من كون الحملة الأمريكية على
> المنطقة قد انتهت ، و بهذه المناسبة نهنئ الذين لم تزعزعهم العاصفة يوما ، و
> لم تحركهم رياحها عن مبادئهم أنملة ، أما أولئك الذين ترنحوا و سقط بعضهم
> لعدم وجود رؤية واضحة ، أو تجربة عميقة ، فنقول لهم : خذوا العبرة ... و أما
> الذين انخدعوا بالبرق فخرجوا من مكامنهم متورطين في ضرب أمتهم من الداخل
> فنقول لهم : لماذا تكره النخل يا بصل ؟! و بأي هامة ستقفون تحت الشمس بعد
> موقف العار و الخزي ؟!
> المركز العالمي للاستشارات الإستراتيجية .
> عنه : الرئيس - المدير العام : سعيد صالح الغامدي
>