الكناني
16-01-2004, 08:11 AM
جنين…………….
بقعة صغيرة تشرق عليها الشمس كل صباح بالأمل والصبر ...تزينها أشجار الزيتون ..سماءها صافية..يشعشع الحب من أركانها..كل من فيها أسرة واحدة
يتقاسمون الحب والوفاء أهلها طيبون وبالكرم يشتهرون.. ……………………………………………………………………………………………..
في يوم مشرق كانت غيداء تلعب ورفيقتها سارة لعبتهم المفضلة (النسوان) فتارة غيداء هي أم سارة وتارة العكس وأحيانا ينقضي النهار في الشجار دون أن تتحدد الأدوار.
في يوماً من ايامهما المشرقة أقبلت سارة على غيداء وهي تتبختر في مشيتها مغرورةً بدميةً في يدها احضرها لها اخوها سالم من حيفا…عينان سوداوان وشعراً اصفر ترتدي ثوباً وردياً وقد أسمتها سارة بوردة .
ما أن رأتها غيداء حتى كادت أن تخرج عينيها من محجريها أعجاباً وغيرةً بدمية سارة (وردة) …وكخطوة سياسية بادرتها
قائلة: سارة ماذا تريدين أن تكوني اليوم الأم أم الجارة أم العمة اختاري وأنا راضية
بغرور تجيب سارة: لا أريد أن العب اليوم.
غيداء :الله ما هذه التي بيدك؟
سارة : إنها دميتي (وردة) اشتراها لي أخي سالم
غيداء:هل نلعب بها سوياً
سارة:لا لا أستطيع اخاف أن تتمزق أو تتسخ.
غيداء: حسناً سأذهب وألعب مع بنات خالتي أم البرق ولن تجدي من يلعب معك.
بعد أن تبتعد غيداء تناديها سارة :حسناً يا غيداء هل تلعبين معي بدميتي أنا أمها وأنت خالتها؟؟
غيداء: وغداً أنا أمها وأنت خالتها؟
سارة: أوافق؟؟
قاربت الشمس على المغيب وعادت الطيور إلى أعشاشها استعداداً للسكون وبدأ المزارعون بالعودة إلى منازلهم يحملون بين أضلعهم الصبر ويكتحلون بالأمل.
والنساء قد بدأن بتجهيز الطعام للأزواج ..والبعض منهن كان في الحقول يناصفن الرجال العرق.
بدأ الهدوء ينسدل والظلام يتسحب ويكتسح المكان...
في هذه الأثناء ما زال صوت ضحكات الصديقتين يعطر المكان ويطرب الأذان……حتى توقفت هذه الموسيقى العذبة على صوت أم غيداء تناديها وتأمرها بالدخول إلى المنزل…ولكنها تماطل بالعودة حتى تكون الدمية معها أطول فترة ممكنة…
تقف غيداء قليلاً وهي تحاول بأسلوب ابتزازي أن تقنع سارة بأن تحتفظ بوردة إلى يوم غد .
غيداء:أعدك بأن احضرها لك غداً.
سارة :ولكنها جديدة لم ألعب بها بعد.
غيداء: سأحافظ عليها وسأغطيها في الليل ..السنا صديقتين فلو كانت دميتي لأعطيتها لك.........لا تكوني بخيلة......
بعد إلحاح شديد سارة :أوافق بشرط أن تعيديها غداً وتعديني بأن تحافظي عليها .
غيداء : أعدك وعداً عربياً .
سارة: لا بل وعداً (بوشيوياً) .......كانت هذه الكلمة كثيراً ما تسمعها من والدها مازحاً.
غيداء:لا بل عربياً.
تدخل غيداء المنزل والسعادة لا تسعها وهي بصحبة وردة تريها أمها تارة وتريها والدها تارةً أخرى تُلاعبها تُهدهدها تحملها .. ُتجلسُها ........
تأمرها والدتها بأن تحافظ عليها كي تعيدها كما أخذتها وتأمرها بأن لا تأخذ أغراض الآخرين مرة أخرى وأن تقنع بما لديها.
غيداء: لقد وعدتها وعداً (بوشيوياً)........يضحك الجميع فهذه الكلمة أعتاد الجميع على سماعها من والد سارة خفيف الظل........لا لا أقصد عربياً.
يعم الهدوء المكان ويخلد الجميع إلى النوم وتغط غيداء في نوم عميق بعد يوم حافل وهي تحتضن وردة التي تشاركها الفراش والحلم أيضا فهي تراها تلعب معها وتركض وترقص أيضا......
وفجأة يتبعثر السكون وتهتز الأرض يتلاشى الهدوء يرعدُ المكان ...زلزال ام بركان لا بل قطيع هائج من الثيران...مدرعات طائرات تحاصر المكان تقصف بشدة دون أي رحمة ....ترسانة ضخمة في وجه بقعة صغيرة قد لا ترى على الخريطة........بحجة البحث عن نفرا من الفتيان قد القوا بعض الحجارة ......وأفادت الاستخبارات أن بعضهم تحزم المتفجرات... لابد أن يؤدبوا وللشجاعة والجهاد يعتزلو.....أنها أحلام ألأغبياء ...فما زالت تدر الأثداء ....حليب الشجاعة وقوة البأس ....وما زالت الأرحام خصبة ستنبت المزيد من الشجعان ...من هم للأرض أوفياء......
تركض أم غيداء فزعة تبحث عن زوجها ...المكان تعمه الفوضى نصف المنزل الأيسر سقط مع سقوط منزل أبو سالم أصابته قذيفة ساوته بالأرض فهم يشتركون بالجدار...
أم محمود: هل أنت بخير؟؟؟؟
أبو محمود: نعم ولكن أين غيداء؟؟؟غيداء ...غيداء ....الحمد الله إنها هنا بجانب فراشها ..
غيداء...تقلبها أمها فتجدها تنزف وتسبح في دمائها اخترقت جسدها الغض إحدى الشظايا ...
الأم في ذهول في خوف بين الواقع والماضي صورةً عايشتها مع محمود عندما سقط بإحدى رصاصات العدو....وجه غيداء تتداخل ملامحه مع ملامح محمود
أم محمود:غيداء ...هل أنتي هنا أم هناك ...تجيب غيداء أمي ...أين وردة؟؟
أم محمود وهي تضم وردة: أنها معك أنت تمسكين بها .....(.وقد تحول لون فستان وردة إلى اللون الأحمر) ...يا أبو محمود أحضر المساعدة..النجدة ...الإسعاف....لا تذهبي يا بنتي لا تتركيني...
أبو محمود: تصَبري ...الدنيا تضج في الخارج ..دمار تختلط رائحة الدخان بالدماء....صراخ و عويل ...
تأن غيداء تفقد الوعي تارة وتعود ....أمي هل هم الصهاينة؟....نعم ..نعم ..هل سننتصر عليهم؟ ...نعم انشاء الله....هل سارة بخير؟..نعم ...هل سألعب غداً معها ؟..نعم..هل ستشترين لي كدميتها..نعم....ثم تغيب عن الوعي...هل سيأتي العرب لنجدتنا؟؟.نعم
تبقى على هذا الحال إلى أن تطلع الشمس ....وما زالت تنزف ..وأم محمود ترقب اللحظات الأخيرة وهي تنقضي للسبعة ربيعاً ...لا دموع فالدموع جفت وانتهت..
أمي : نعم.
غيداء :لقد أتسخ فستان وردة...
أم محمود:لا بأس سأعيده كما كان ..أو ربما أخيط لها فستان ً آخر....
غيداء: لم أستطع أن أوفي بوعدي ..ليتني قلت وعداً ...ماذا؟؟؟لا أذكر أسم الوعد..ولكن ليس عربياً......
تنطفيء أخر شمعة وما زالت أمها تضمها وهي تقول .....سلميلي على محمود.
وتحولت جنين الى...
قرية لاتسمع فيها إلا صوت الأنين…بكاء وعويل وشوق وحنين.لأحبة غادروا الأرض مرغمين..تحت حكم الظلم والقهر اللعين..
طُردت اليمامات فيها وحل محلها الغربان…لونت السماء فيها باللون الأسود واكتست الأرض فيها بالأحمر وعاث فيها عدو جبان ..فساداً وبطشاً …في جنين سقطت وفشلت منظمة حقوق الإنسان
منقول
بقعة صغيرة تشرق عليها الشمس كل صباح بالأمل والصبر ...تزينها أشجار الزيتون ..سماءها صافية..يشعشع الحب من أركانها..كل من فيها أسرة واحدة
يتقاسمون الحب والوفاء أهلها طيبون وبالكرم يشتهرون.. ……………………………………………………………………………………………..
في يوم مشرق كانت غيداء تلعب ورفيقتها سارة لعبتهم المفضلة (النسوان) فتارة غيداء هي أم سارة وتارة العكس وأحيانا ينقضي النهار في الشجار دون أن تتحدد الأدوار.
في يوماً من ايامهما المشرقة أقبلت سارة على غيداء وهي تتبختر في مشيتها مغرورةً بدميةً في يدها احضرها لها اخوها سالم من حيفا…عينان سوداوان وشعراً اصفر ترتدي ثوباً وردياً وقد أسمتها سارة بوردة .
ما أن رأتها غيداء حتى كادت أن تخرج عينيها من محجريها أعجاباً وغيرةً بدمية سارة (وردة) …وكخطوة سياسية بادرتها
قائلة: سارة ماذا تريدين أن تكوني اليوم الأم أم الجارة أم العمة اختاري وأنا راضية
بغرور تجيب سارة: لا أريد أن العب اليوم.
غيداء :الله ما هذه التي بيدك؟
سارة : إنها دميتي (وردة) اشتراها لي أخي سالم
غيداء:هل نلعب بها سوياً
سارة:لا لا أستطيع اخاف أن تتمزق أو تتسخ.
غيداء: حسناً سأذهب وألعب مع بنات خالتي أم البرق ولن تجدي من يلعب معك.
بعد أن تبتعد غيداء تناديها سارة :حسناً يا غيداء هل تلعبين معي بدميتي أنا أمها وأنت خالتها؟؟
غيداء: وغداً أنا أمها وأنت خالتها؟
سارة: أوافق؟؟
قاربت الشمس على المغيب وعادت الطيور إلى أعشاشها استعداداً للسكون وبدأ المزارعون بالعودة إلى منازلهم يحملون بين أضلعهم الصبر ويكتحلون بالأمل.
والنساء قد بدأن بتجهيز الطعام للأزواج ..والبعض منهن كان في الحقول يناصفن الرجال العرق.
بدأ الهدوء ينسدل والظلام يتسحب ويكتسح المكان...
في هذه الأثناء ما زال صوت ضحكات الصديقتين يعطر المكان ويطرب الأذان……حتى توقفت هذه الموسيقى العذبة على صوت أم غيداء تناديها وتأمرها بالدخول إلى المنزل…ولكنها تماطل بالعودة حتى تكون الدمية معها أطول فترة ممكنة…
تقف غيداء قليلاً وهي تحاول بأسلوب ابتزازي أن تقنع سارة بأن تحتفظ بوردة إلى يوم غد .
غيداء:أعدك بأن احضرها لك غداً.
سارة :ولكنها جديدة لم ألعب بها بعد.
غيداء: سأحافظ عليها وسأغطيها في الليل ..السنا صديقتين فلو كانت دميتي لأعطيتها لك.........لا تكوني بخيلة......
بعد إلحاح شديد سارة :أوافق بشرط أن تعيديها غداً وتعديني بأن تحافظي عليها .
غيداء : أعدك وعداً عربياً .
سارة: لا بل وعداً (بوشيوياً) .......كانت هذه الكلمة كثيراً ما تسمعها من والدها مازحاً.
غيداء:لا بل عربياً.
تدخل غيداء المنزل والسعادة لا تسعها وهي بصحبة وردة تريها أمها تارة وتريها والدها تارةً أخرى تُلاعبها تُهدهدها تحملها .. ُتجلسُها ........
تأمرها والدتها بأن تحافظ عليها كي تعيدها كما أخذتها وتأمرها بأن لا تأخذ أغراض الآخرين مرة أخرى وأن تقنع بما لديها.
غيداء: لقد وعدتها وعداً (بوشيوياً)........يضحك الجميع فهذه الكلمة أعتاد الجميع على سماعها من والد سارة خفيف الظل........لا لا أقصد عربياً.
يعم الهدوء المكان ويخلد الجميع إلى النوم وتغط غيداء في نوم عميق بعد يوم حافل وهي تحتضن وردة التي تشاركها الفراش والحلم أيضا فهي تراها تلعب معها وتركض وترقص أيضا......
وفجأة يتبعثر السكون وتهتز الأرض يتلاشى الهدوء يرعدُ المكان ...زلزال ام بركان لا بل قطيع هائج من الثيران...مدرعات طائرات تحاصر المكان تقصف بشدة دون أي رحمة ....ترسانة ضخمة في وجه بقعة صغيرة قد لا ترى على الخريطة........بحجة البحث عن نفرا من الفتيان قد القوا بعض الحجارة ......وأفادت الاستخبارات أن بعضهم تحزم المتفجرات... لابد أن يؤدبوا وللشجاعة والجهاد يعتزلو.....أنها أحلام ألأغبياء ...فما زالت تدر الأثداء ....حليب الشجاعة وقوة البأس ....وما زالت الأرحام خصبة ستنبت المزيد من الشجعان ...من هم للأرض أوفياء......
تركض أم غيداء فزعة تبحث عن زوجها ...المكان تعمه الفوضى نصف المنزل الأيسر سقط مع سقوط منزل أبو سالم أصابته قذيفة ساوته بالأرض فهم يشتركون بالجدار...
أم محمود: هل أنت بخير؟؟؟؟
أبو محمود: نعم ولكن أين غيداء؟؟؟غيداء ...غيداء ....الحمد الله إنها هنا بجانب فراشها ..
غيداء...تقلبها أمها فتجدها تنزف وتسبح في دمائها اخترقت جسدها الغض إحدى الشظايا ...
الأم في ذهول في خوف بين الواقع والماضي صورةً عايشتها مع محمود عندما سقط بإحدى رصاصات العدو....وجه غيداء تتداخل ملامحه مع ملامح محمود
أم محمود:غيداء ...هل أنتي هنا أم هناك ...تجيب غيداء أمي ...أين وردة؟؟
أم محمود وهي تضم وردة: أنها معك أنت تمسكين بها .....(.وقد تحول لون فستان وردة إلى اللون الأحمر) ...يا أبو محمود أحضر المساعدة..النجدة ...الإسعاف....لا تذهبي يا بنتي لا تتركيني...
أبو محمود: تصَبري ...الدنيا تضج في الخارج ..دمار تختلط رائحة الدخان بالدماء....صراخ و عويل ...
تأن غيداء تفقد الوعي تارة وتعود ....أمي هل هم الصهاينة؟....نعم ..نعم ..هل سننتصر عليهم؟ ...نعم انشاء الله....هل سارة بخير؟..نعم ...هل سألعب غداً معها ؟..نعم..هل ستشترين لي كدميتها..نعم....ثم تغيب عن الوعي...هل سيأتي العرب لنجدتنا؟؟.نعم
تبقى على هذا الحال إلى أن تطلع الشمس ....وما زالت تنزف ..وأم محمود ترقب اللحظات الأخيرة وهي تنقضي للسبعة ربيعاً ...لا دموع فالدموع جفت وانتهت..
أمي : نعم.
غيداء :لقد أتسخ فستان وردة...
أم محمود:لا بأس سأعيده كما كان ..أو ربما أخيط لها فستان ً آخر....
غيداء: لم أستطع أن أوفي بوعدي ..ليتني قلت وعداً ...ماذا؟؟؟لا أذكر أسم الوعد..ولكن ليس عربياً......
تنطفيء أخر شمعة وما زالت أمها تضمها وهي تقول .....سلميلي على محمود.
وتحولت جنين الى...
قرية لاتسمع فيها إلا صوت الأنين…بكاء وعويل وشوق وحنين.لأحبة غادروا الأرض مرغمين..تحت حكم الظلم والقهر اللعين..
طُردت اليمامات فيها وحل محلها الغربان…لونت السماء فيها باللون الأسود واكتست الأرض فيها بالأحمر وعاث فيها عدو جبان ..فساداً وبطشاً …في جنين سقطت وفشلت منظمة حقوق الإنسان
منقول