المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كفالة اليتيم


saleeem
12-01-2004, 09:15 PM
العنوان: هل يعتبر كافلاً لليتيم إذا كان يدفع المال فقط لجمعية خيرية تكفله
الجذر > الرقائق > فضائل الأعمال >
السؤال:


أنا كافل لأحد الأيتام في جمعية البر في جده بمبلغ 200 شهريا تعطى لوالدة الطفل عن طريقهم وأنا لست مسؤولا عن أي:o
الجواب:

الحمد لله

أولا :

كفالة اليتيم من أعمال البر التي ندبنا إليها الشرع ، ودل على أنها من أسباب دخول الجنة ، بل من أسباب نيل أعلى درجاتها ، ويكفي لحث المؤمن على الحرص عليها ، قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرق بينهما ) البخاري (5304).

قال ابن بطال ، رحمه الله : ( حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ، ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ) نقله ابن حجر في فتح الباري 10/436

ثانيا :

إنفاق المال على اليتيم قد ورد الحث عليه بخصوصه ؛ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( َإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ ، مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ ، أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه البخاري (1465) ومسلم (1052)

لكن هذه النفقة ليست هي كل الكفالة التي ندب إليها الشرع ، ووعد فاعلها المنزلة العظيمة في الجنة ، وإنما هي نوع منها ، وشعبة من شعبها ، وإنما الكفالة التامة : القيام بأمره ، والنظر في مصالحه الدينية والدنيوية ، وتربيته ، و الإحسان إليه حتى يزول يتمه . قال ابن الأثير : ( الكافل هو القائم بأمر اليتيم ، المربي له ) النهاية 4/192 ، ولما عرف النووي ، رحمه الله ، في كتابه رياض الصالحين ، كافل اليتيم بأنه القائم بأموره ، قال شارحه : ( دينا ودنيا ، وذلك بالنفقة والكسوة ، وغير ذلك ) . دليل الفالحين 3/103 ، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( كفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه ؛ بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم ، وما أشبه ذلك ، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن . ) شرح رياض الصالحين 5/113 .

ودخول مصالح اليتيم الدينية والتربوية في معنى الكفالة ، ليس أقل من دخول المصالح المادية الدنيوية ، بل هي أولى ، كما أن قيام الأب على تربية أبنائه ، وتأديبهم ، أعظم من مجرد إنفاقه عليهم . قال الشيخ ابن سعدي ـ في تربية الإنسان لأبنائه ـ : ( كما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم ، فأنت قائم بالحق مأجور ، فكذلك ، بل أعظم من ذلك ، إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم بالعلوم النافعة ، والمعارف الصادقة ، والتوجيه للأخلاق الحميدة ، والتحذير من ضدها ) بهجة قلوب الأبرار 128

وتلك هي الكفالة الحقيقية لليتيم ؛ أن يربيه تربية ابنه ، ولا يقتصر على الشفقة عليه والتلطف به ، ويؤدبه أحسن تأديب ، ويعلمه أحسن تعليم . فيض القدير للمناوي 1/108

واستظهر العراقي ، رحمه الله ، أن يكون هذا المعنى هو السر في مرافقة كافل اليتيم للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الجنة ؛ قال : ( لعل الحكمة في كون كافل اليتيم .. شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي ، أو منزلة النبي ، لكون النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم ، فيكون كافلا لهم ومعلما ومرشدا ، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه ، بل ولا دنياه ن ويرشده ويعلمه ، ويحسن أدبه ) نقله الحافظ في الفتح 10/437

ثم إن الاقتصار على النفقة ، لاسيما مع تباعد الأمكنة ، يحرم العبد من واحد من أسباب لين القلب وقضاء الحوائج ؛ وهو ضم اليتيم ، والإلطاف له . قال صلى الله عليه وسلم : ( أدن اليتيم ، وامسح برأسه ، وأطعمه من طعامك ، فإن ذلك يلين قلبك ، ويدرك حاجتك ) السلسلة الصحيحة (854)

والحاصل أن أعلى مقامات كفالة اليتيم هي أن يضمه الإنسان إلى ولده ؛ فيربيه تربيتهم ، وينفق عليه كما ينفق عليهم .

فإن لم يكن للكافل مال يسع اليتيم ، أو كان لليتيم من المال ما يستغني به ، وضمه الإنسان إلى أولاده ، فهذا ، وإن كان دون المنزلة الأولى ، فهو من أعظم معاني الكفالة ، ومن أعظم مقاصدها ؛ حتى قال النووي رحمه الله : ( وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه ، أو مال اليتيم بولاية شرعية ) نقله ابن علان في دليل الفالحين 3/104

فإن كان للإنسان مال ينفق منه على اليتيم ، كحال السائل ، فهذا على خير عظيم إن شاء الله ، ويكفي أنه توقى من فتنة المال والشح به ، وأدى شرط النبي صلى الله عليه وسلم عليه : ( لمن أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) , لكن ليست هذه هي الكفالة التامة التي وعد صاحبها مرافقة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الجنة ، ولعله أن يحصل بإخلاص النية ، وصدق الإرادة ، ما عجز عن أن يناله بعمله ، فعنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ : ( إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلا وَادِيًا إِلا وَهُمْ مَعَنَا فِيه ؛ِ حَبَسَهُمْ الْعُذْر ) رواه البخاري (2839) .



الإسلام سؤال وجواب ( http://www.islam-qa.com )

احساس العالم
22-01-2004, 05:02 PM
جزاك الله خير