الغريب الاول
10-01-2004, 01:22 AM
نقل بتصرف من المجلد الثامن و العشرين من مجمع الفتاوى لإبن تيمية رحمه الله :
وَسُئِل ـ رَحِمَهُ اللّه وَرَضِىَ عنه: عن أجناد يمتنعون عن قتال التتار، ويقولون: إن فيهم من يخرج مكرهًا معهم، وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا؟
فأجاب:
الحمـد لله رب العالمـين، قتال التتار الذين قـدمـوا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة؛ فإن الله يقول فى القرآن: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ} [الأنفال: 39]، والدين هو الطاعة، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله، وجب القتال حتى يكـون الدين كلـه لله؛ ولهذا قـال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278، 279]، وهذه الآية نزلت فى أهل الطائف لما دخلوا فى الإسلام والتزموا الصلاة والصيام؛ لكن امتنعوا من ترك الربا. فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا. والربا هـو آخر مـا حـرمـه الله، وهـو مال يؤخذ برضا صاحبه. فإذا كان هؤلاء محاربين لله ورسـوله يجب جهادهم، فكيف بمـن يترك كثيرًا من شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار؟!
وقال :
والتتار وأشباههم أعظم خروجًا عن شريعة الإسلام من مانعى الزكاة والخوارج من أهل الطائف، الذين امتنعوا عن ترك الربا. فمن شك فى قتالهم فهو أجهل الناس بدين الإسلام، وحيث وجب قتالهم قوتلوا، وإن كان فيهم المكره باتفاق المسلمين. كما قال العباس ـ لما أسر يوم بدر ـ: يا رسول الله، إنى خرجت مكرهًا. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (أما ظاهرك فكان علينا، وأما سريرتك فإلى الله).
وقال:
وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تَتَرَّسُوا بمن عندهم من أسرى المسلمين، وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا، فإنهم يقاتلون؛ وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم. وإن لم يخف على المسلمين ففى جواز القتال المفضى إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء. وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء، ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيدًا، فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قُتِلَ من المسلمين يكون شهيدًا، ومن قتل وهو فى الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام كان شهيدًا. وقد ثبـت فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يغزو هذا البيت جيش من الناس، فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم). فقيل: يا رسول الله، وفيهم المكره؟ فقال: (يبعثون على نياتهم). فإذا كان العذاب الذى ينزله الله بالجيش الذى يغزو المسلمين ينزله بالمكره وغير المكره، فكيف بالعذاب الذى يعذبهم الله به أو بأيدى المؤمنين، كما قال تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52].
وقال:
ونحن لا نعلم المكره، ولا نقـدر على التمييز. فإذا قتلناهم بأمر الله كنا فى ذلك مأجورين ومعذورين،وكانوا هم على نياتهم، فمن كان مكرهًا لا يستطيع الامتناع فإنه يحشر على نيته يوم القيامة، فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسكر المسلمين. وأما إذا هرب أحدهم فإن من الناس من يجعل قتالهم بمنزلة قتال البغاة المتأولين.
و قال فيمن أتبع أهواءهم و سار معهم :
فإن هؤلاء التتار لا يقاتلون على دين الإسلام، بل يقاتلون الناس حتى يدخلوا فى طاعتهم، فمن دخل فى طاعتهم كفوا عنه وإن كان مشركًا أو نصرانيًا أو يهوديًا، ومن لم يدخل كان عدوًا لهم وإن كان من الأنبياء والصالحين.
وقد أمر الله المسلمين أن يقاتلوا أعداءه الكفار، ويوالوا عباده المؤمنين. فيجب على المسلمين من جند الشام ومصر واليمن والمغرب جميعهم، أن يكونوا متعاونين على قتال الكفار، وليس لبعضهم أن يقاتل بعضًا بمجرد الرياسة والأهواء. فهؤلاء التتار أقل ما يجب عليهم أن يقاتلوا من يليهم من الكفار، وأن يكفوا عن قتال من يليهم من المسلمين، ويتعاونون هم وهم على /قتال الكفار.
وقال :
وأيضًا، لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق، أو مبتدع، أو زنديق، كالملاحدة القرامطة الباطنية، وكالرافضة السبابة، وكالجهمية المعطلة من النفاة الحلولية، ومعهم ممن يقلدونه من المنتسبين إلى العلم والدين من هو شر منهم؛ فإن التتار جهال يقلدون الذين يحسنون به الظن، وهم لضلالهم وغيهم يتبعونه فى الضلال الذى يكذبون به على الله ورسوله، ويبدلون دين الله، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق. ولو وصفت ما أعلمه من أمورهم لطال الخطاب.
منقول
وَسُئِل ـ رَحِمَهُ اللّه وَرَضِىَ عنه: عن أجناد يمتنعون عن قتال التتار، ويقولون: إن فيهم من يخرج مكرهًا معهم، وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا؟
فأجاب:
الحمـد لله رب العالمـين، قتال التتار الذين قـدمـوا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة؛ فإن الله يقول فى القرآن: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ} [الأنفال: 39]، والدين هو الطاعة، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله، وجب القتال حتى يكـون الدين كلـه لله؛ ولهذا قـال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278، 279]، وهذه الآية نزلت فى أهل الطائف لما دخلوا فى الإسلام والتزموا الصلاة والصيام؛ لكن امتنعوا من ترك الربا. فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا. والربا هـو آخر مـا حـرمـه الله، وهـو مال يؤخذ برضا صاحبه. فإذا كان هؤلاء محاربين لله ورسـوله يجب جهادهم، فكيف بمـن يترك كثيرًا من شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار؟!
وقال :
والتتار وأشباههم أعظم خروجًا عن شريعة الإسلام من مانعى الزكاة والخوارج من أهل الطائف، الذين امتنعوا عن ترك الربا. فمن شك فى قتالهم فهو أجهل الناس بدين الإسلام، وحيث وجب قتالهم قوتلوا، وإن كان فيهم المكره باتفاق المسلمين. كما قال العباس ـ لما أسر يوم بدر ـ: يا رسول الله، إنى خرجت مكرهًا. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (أما ظاهرك فكان علينا، وأما سريرتك فإلى الله).
وقال:
وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تَتَرَّسُوا بمن عندهم من أسرى المسلمين، وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا، فإنهم يقاتلون؛ وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم. وإن لم يخف على المسلمين ففى جواز القتال المفضى إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء. وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء، ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيدًا، فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قُتِلَ من المسلمين يكون شهيدًا، ومن قتل وهو فى الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام كان شهيدًا. وقد ثبـت فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يغزو هذا البيت جيش من الناس، فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم). فقيل: يا رسول الله، وفيهم المكره؟ فقال: (يبعثون على نياتهم). فإذا كان العذاب الذى ينزله الله بالجيش الذى يغزو المسلمين ينزله بالمكره وغير المكره، فكيف بالعذاب الذى يعذبهم الله به أو بأيدى المؤمنين، كما قال تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52].
وقال:
ونحن لا نعلم المكره، ولا نقـدر على التمييز. فإذا قتلناهم بأمر الله كنا فى ذلك مأجورين ومعذورين،وكانوا هم على نياتهم، فمن كان مكرهًا لا يستطيع الامتناع فإنه يحشر على نيته يوم القيامة، فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسكر المسلمين. وأما إذا هرب أحدهم فإن من الناس من يجعل قتالهم بمنزلة قتال البغاة المتأولين.
و قال فيمن أتبع أهواءهم و سار معهم :
فإن هؤلاء التتار لا يقاتلون على دين الإسلام، بل يقاتلون الناس حتى يدخلوا فى طاعتهم، فمن دخل فى طاعتهم كفوا عنه وإن كان مشركًا أو نصرانيًا أو يهوديًا، ومن لم يدخل كان عدوًا لهم وإن كان من الأنبياء والصالحين.
وقد أمر الله المسلمين أن يقاتلوا أعداءه الكفار، ويوالوا عباده المؤمنين. فيجب على المسلمين من جند الشام ومصر واليمن والمغرب جميعهم، أن يكونوا متعاونين على قتال الكفار، وليس لبعضهم أن يقاتل بعضًا بمجرد الرياسة والأهواء. فهؤلاء التتار أقل ما يجب عليهم أن يقاتلوا من يليهم من الكفار، وأن يكفوا عن قتال من يليهم من المسلمين، ويتعاونون هم وهم على /قتال الكفار.
وقال :
وأيضًا، لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق، أو مبتدع، أو زنديق، كالملاحدة القرامطة الباطنية، وكالرافضة السبابة، وكالجهمية المعطلة من النفاة الحلولية، ومعهم ممن يقلدونه من المنتسبين إلى العلم والدين من هو شر منهم؛ فإن التتار جهال يقلدون الذين يحسنون به الظن، وهم لضلالهم وغيهم يتبعونه فى الضلال الذى يكذبون به على الله ورسوله، ويبدلون دين الله، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق. ولو وصفت ما أعلمه من أمورهم لطال الخطاب.
منقول