تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مقال يكتب بماء الذهب ((من اجمل ماقرات ))


فارسة الكلمه
10-05-2012, 04:46 AM
العذاب ليس له طبقة



الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.

و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون

لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط

و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به،

يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.

و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.

و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة

لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.

و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق.

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.


فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر..


و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية..


و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.


إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب..


و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.


و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.

و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة

فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر

و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات..

فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل..

يتجرع منه كل واحد كأسا وافية

ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات


و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف..


فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة

و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله..


و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال..


و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.




أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة..

فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم..

و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة

لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان

و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم..

ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين

و يرهل أبدان المسرفين..

و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة..

و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود..

يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق..

يوم لا تنفع معذرة..

و لا تجدي تذكرة.

و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما


يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا،

فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن..


بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.


أما أهل الغفلة


و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض،


ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.

فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.

(من روائع دكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر له)

اقتصادية صغيرة
10-05-2012, 09:27 AM
مقااااال رااااائع مشكووره ياالغااليه ربي يحفظك

د. أحمد الخضير
10-05-2012, 10:25 AM
رحم الله الدكتور مصطفى محمود
وجزاك الله خير على هذا الموضوع المتميز

نجلااء الرياض
10-05-2012, 10:36 AM
من أروع المقالات التي قرأتها واستوقفتني كثيراا في التفكير والتامل
،،،
شكرا ع النقل
،،،

فارسة الكلمه
14-05-2012, 02:03 AM
حيكم الله جميعا كلا با اسمه

واشكركم على ما خطت به يدكم

حبي وتقديري لكم


http://im25.gulfup.com/2012-05-14/133694696846.bmp (http://www.gulfup.com/show/X97mdet4rp5og8w)