الجوهرة
28-11-2003, 03:06 PM
دخل عبد الرحمن الى منزله قريبا من أذان العصر بعد عمل يوم شاق , و ألقى بنفسه على أقرب كرسي الى المكيف , ليناله شيء من نسمات الهواء البارد .
رفع يده بصعوبة لينظر الى الساعة , ويحسب المدة الباقية على الافطار.
بقيت ساعتان
قال في نفسه . و أخذ يفكر في صنوف الطعام اللذيذة
التي ستعدها والدته للافطار , فهي أطباق مميزة لا يراها الا في رمضان .
أخذ عبدالرحمن يجيل بصره في صالة الجلوس , فاذا به يلمح كأس ماء على الطاولة القريبة منه .
كيف لم أرى هذا الكأس ؟ ومن أين جاء ؟
وبحركة لا شعورية مد يده الى الكأس ليتناوله , ثم تذكر فجأة أنه صائم , فتراجع , و عاد واسترخى على كرسيه ثانية , وهو يشعر أن عطشه الذي كان يشعر به قبل أن يرى الكأس , قد ازداد أضعافا مضاعفة .
بدأ عبدالرحمن يشعر بالنعاس يداعب أجفانه , فأغمض عينيه , وعندما شعر أن النوم قد تملكه تماما , اذا به يسمع هاتفا يهتف به .
* هيه أنت ! لماذا لا تتناولني وتروي ظمأك ؟
أخذ عبدالرحمن يلتفت بدهشة يمينا و شمالا بحثا عن مصدر الصوت , فلم يكن هناك أحد غيره في الصاله .
فظن أنه كان واهما , الا أن الصوت عاد من جديد . . .
*أنا هنا من يكلمك ! ألا تراني ؟ أنا الكاس !
عقدت المفاجأة لسان عبدالرحمن وهو يحدق بفزع في الكأس , ثم تكلم بعد برهة .
*كأس يتكلم ؟ ! ياللعجب ! !
فرد الكأس
*وماالعجب في ذلك ؟ ان ما تقوم به أنت , لهو أشد غرابة من كوني أتكلم معك الآن .
* ماذا ؟ وأي شيء يمكن أن يكون أغرب من أن يتكلم الجماد ؟
*تناقضك العجيب يا عزيزي ! تناقضك هو الذي دفعني للتكلم معك .
* تناقض ؟؟ عن أي شيء تتحدث أيها الكأس ؟ أنا لا أفهم .
* حسنا , دعني أشرح لك . ألم تكن قبل قليل على وشك أن تشرب مني ؟ ثم امتنعت لكونك صائما ؟
* أجل هذا صحيح , و ما المشكلة في ذلك ؟
* المشكلة هي أنك يا صديقي , تمتنع عن شرب الماء العذب الزلال الذي أحله الله , ولكنك لا تمتنع عن الحرام الصريح الذي حرمه الله !! أليس هذا تناقضا ؟
* ماذا تقصد أيها الكأس ؟ لا شك أن الماء حلال حقا , ولكنه حرام أثناء الصوم كما يعرف كل مسلم .
* جميل جدا !! هذا صحيح ,
الماء و الطعام الطيب حلال للمسلم
في كل وقت مالم يكن صائما ,ولكن تأخير الصلاة عن وقتها - مثلا-
وتفويت صلاة الجماعة من كبائر الذنوب ,
وهي حرام في كل وقت سواء كنت صائما أم لا ! و أنت كثيرا ما تنام عن المكتوبة وتفوت الجماعة !والغيبة أيضا من كبائر الذنوب ,
وهي حرام في كل وقت ! وأنت يا صديقي تغتاب الناس باستمرار !
والنظر الى مفاتن النساء وصورهن حرام في كل وقت , وأنت تفعله !
وسماع الغناء من المحرمات , وأنت لا تتورع عن ذلك !
أليس عدم امتثالك لأوامر الله بفعلك لكل هذه الامور المحرمة في كل وقت , مع امتناعك عن الحلال - امتثالا لأمره - يشكل تناقضا صارخا يصعب تفسيره ؟ ؟
فان كنت تقول أن الله أمرك بعدم الأكل و الشرب أثناء مدة الصوم , فهو كذلك أمرك بعدم تفويت الصلاة و تأخيرها أثناء حياتك كلها !
ونهاك عن الغيبة , والنظر الى الحرام , وعن سماع الغناء .
وقل مثل هذا في سائر المحرمات الأخرى التي ترتكبها , فلماذا لا تلتزم بأمر الله هنا كما التزمت به هناك ؟
أم أن الامر بالمزاج و اللعب أيها الصديق ؟؟
بدت الحيرة ظاهرة على وجه عبدالرحمن الذي أفحمه منطق الكأس و قوة حجته , فأراد أن يقول شيئا يبرر التناقض في أعماله , ولما لم يجد شيئا يحتج به قال بتلعثم .
* ايها الكأس الناصح , صدقني أنه بودي أن أكون طائعا لله في كل أوامره , مجتنبا لكل نواهيه , ولكنني لا أستطيع ! صدقني لقد حاولت تغيير حالي الى الأفضل ولكنني فشلت وعدت اليها .
*ها انت ثانية تناقض نفسك بقولك (لا أستطيع ) , لأنك بكل بساطة تستطيع !
ألم تمتنع عن كثير من المحرمات طوال فترة صومك ؟
* هذا صحيح . .
* اذا فما الذي يمنعك أن تواصل بنفس الطريقة بقية عمرك ؟ ؟
* ! ! ! !
* الحقيقة هي أنك تستطيع , ولكنك تخدع نفسك عندما تصدق حيلة ابليس التي يقنعك بها , وهي أنك لا تستطيع و بالتالي تجعل من نفسك فريسة لابليس و اخوانه .
* أيها الكأس , انني أرى في كلامك الكثير من الحكمة . ولكن هلا بينت لي كيف يمكنني تغيير حياتي من المعصية الى الطاعة ؟
*الأمر يسير ان شاء الله , فقط تذكر أن الله يراك في كل وقت .
يراك عندما تطيعه فيرضى عنك , ويراك حينما تعصيه فيغضب عليك راقب ربك , وعندها ستجد من نفسك نشاطا واندفاعا نحو الطاعة , لأنك تعلم أنك بعين الله .
وستمتنع عن المعصية , لأنك تعلم اطلاعه عليك وكراهته ذلك منك , وبالتالي ستخاف من أن يسخط عليك . وستجد أنك كلما أخطأت و أذنبت , رجعت الى نفسك فتبت و استغفرت , وهذا ما يريده الله منك .
انك اليوم صائم , وأن من أعظم ثمرات الصوم تحصيل تحصيل تقوى الله عز و جل . واذا لم تحصل هذه الثمرة فلا فائدة ترجوها غير الجوع و العطش .
وباختصار , اعلم يا صديقي أن الدنيا ليست سوى ساعة , فاجتهد أنتجعلها طاعه ,
الزم أهل الخير الذين يعينونك على دينك ففي ذلك نجاة لك .
واترك رفقة السوء و البطالة عنك , فليس منهم الا دمار الدنيا والاخرة .
وتذكر يوم العرض على الله , وأنت لا تدري أتأخذ كتابك باليمين كما هو حال المتقين ؟ أم تأخذه بالشمال كحال أهل الخسارة و الشقاء ؟
واختر طريقك من الآن , فمن كان طريقه طريق أهل الخير و الصلاح كان مصيره الفوز و الفلاح , ومن اختار طريقا غير ذلك فلا يلومن الا نفسه , فليس هناك الا نار تلظى !
كان عبدالرحمن مطرقا من التأثر بما يسمع من الكأس , فلما توقف الكأس عن الحديث عند ذلك الحد , رفع عبدالرحمن رأسه و قال ..
* أيها الكأس العزيز , لقد عزمت أ أغير طريقة حياتي منذ هذه الساعة ! فجزاك الله خير الجزاء على نصيحتك الغالية , فانني لن أنساها ما حييت ان شاء الله .
*لا شكر يا صديقي , ولكن دعني أنبهك أن الوقت قد داهمنا , وأذان العصر قد حان , فقم الآن و ابدأ حياتك الجديدة من المسجد !
وفي هذه اللحظه . .
فتح عبد الرحمن عينيه , فوجد كأس الماء كما كان على الطاولة , قام من كرسيه واقترب منه , حمله بيده , و أخذ يتأمله
*لقد كان حلما اذن !!
قال عبد الرحمن في نفسه , بينما كان المؤذن يرفع أذان العصر عذبا نديا . .
أنصت عبدالرحمن له و أخذ يردد خلفه ,
شعر ببرودة لذيذة تغمر قلبه , هو الذي لم يصلي العصر جماعة منذ مدة ,
ترقرقت عيناه بالدمع , توجه نحو المغسلة فتوضأ , ثم انصرف ذاهباالى المسجد , وفي طريقه الى باب المنزل , لمح عبدالرحمن كأس الماء في طريقه فابتسم ابتسامه عريضة وهو يقول بصوت خافت . .
شكرا لك أيها الكأس !
---------------------------------------------------------------------------------------------
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ول
من مطويات الاوراق الملونة
وادري اني تأخرت المفروض اني منزلتها في رمضان . . . بس أكيد الكثير منكم راح يصوم الست من شوال
رفع يده بصعوبة لينظر الى الساعة , ويحسب المدة الباقية على الافطار.
بقيت ساعتان
قال في نفسه . و أخذ يفكر في صنوف الطعام اللذيذة
التي ستعدها والدته للافطار , فهي أطباق مميزة لا يراها الا في رمضان .
أخذ عبدالرحمن يجيل بصره في صالة الجلوس , فاذا به يلمح كأس ماء على الطاولة القريبة منه .
كيف لم أرى هذا الكأس ؟ ومن أين جاء ؟
وبحركة لا شعورية مد يده الى الكأس ليتناوله , ثم تذكر فجأة أنه صائم , فتراجع , و عاد واسترخى على كرسيه ثانية , وهو يشعر أن عطشه الذي كان يشعر به قبل أن يرى الكأس , قد ازداد أضعافا مضاعفة .
بدأ عبدالرحمن يشعر بالنعاس يداعب أجفانه , فأغمض عينيه , وعندما شعر أن النوم قد تملكه تماما , اذا به يسمع هاتفا يهتف به .
* هيه أنت ! لماذا لا تتناولني وتروي ظمأك ؟
أخذ عبدالرحمن يلتفت بدهشة يمينا و شمالا بحثا عن مصدر الصوت , فلم يكن هناك أحد غيره في الصاله .
فظن أنه كان واهما , الا أن الصوت عاد من جديد . . .
*أنا هنا من يكلمك ! ألا تراني ؟ أنا الكاس !
عقدت المفاجأة لسان عبدالرحمن وهو يحدق بفزع في الكأس , ثم تكلم بعد برهة .
*كأس يتكلم ؟ ! ياللعجب ! !
فرد الكأس
*وماالعجب في ذلك ؟ ان ما تقوم به أنت , لهو أشد غرابة من كوني أتكلم معك الآن .
* ماذا ؟ وأي شيء يمكن أن يكون أغرب من أن يتكلم الجماد ؟
*تناقضك العجيب يا عزيزي ! تناقضك هو الذي دفعني للتكلم معك .
* تناقض ؟؟ عن أي شيء تتحدث أيها الكأس ؟ أنا لا أفهم .
* حسنا , دعني أشرح لك . ألم تكن قبل قليل على وشك أن تشرب مني ؟ ثم امتنعت لكونك صائما ؟
* أجل هذا صحيح , و ما المشكلة في ذلك ؟
* المشكلة هي أنك يا صديقي , تمتنع عن شرب الماء العذب الزلال الذي أحله الله , ولكنك لا تمتنع عن الحرام الصريح الذي حرمه الله !! أليس هذا تناقضا ؟
* ماذا تقصد أيها الكأس ؟ لا شك أن الماء حلال حقا , ولكنه حرام أثناء الصوم كما يعرف كل مسلم .
* جميل جدا !! هذا صحيح ,
الماء و الطعام الطيب حلال للمسلم
في كل وقت مالم يكن صائما ,ولكن تأخير الصلاة عن وقتها - مثلا-
وتفويت صلاة الجماعة من كبائر الذنوب ,
وهي حرام في كل وقت سواء كنت صائما أم لا ! و أنت كثيرا ما تنام عن المكتوبة وتفوت الجماعة !والغيبة أيضا من كبائر الذنوب ,
وهي حرام في كل وقت ! وأنت يا صديقي تغتاب الناس باستمرار !
والنظر الى مفاتن النساء وصورهن حرام في كل وقت , وأنت تفعله !
وسماع الغناء من المحرمات , وأنت لا تتورع عن ذلك !
أليس عدم امتثالك لأوامر الله بفعلك لكل هذه الامور المحرمة في كل وقت , مع امتناعك عن الحلال - امتثالا لأمره - يشكل تناقضا صارخا يصعب تفسيره ؟ ؟
فان كنت تقول أن الله أمرك بعدم الأكل و الشرب أثناء مدة الصوم , فهو كذلك أمرك بعدم تفويت الصلاة و تأخيرها أثناء حياتك كلها !
ونهاك عن الغيبة , والنظر الى الحرام , وعن سماع الغناء .
وقل مثل هذا في سائر المحرمات الأخرى التي ترتكبها , فلماذا لا تلتزم بأمر الله هنا كما التزمت به هناك ؟
أم أن الامر بالمزاج و اللعب أيها الصديق ؟؟
بدت الحيرة ظاهرة على وجه عبدالرحمن الذي أفحمه منطق الكأس و قوة حجته , فأراد أن يقول شيئا يبرر التناقض في أعماله , ولما لم يجد شيئا يحتج به قال بتلعثم .
* ايها الكأس الناصح , صدقني أنه بودي أن أكون طائعا لله في كل أوامره , مجتنبا لكل نواهيه , ولكنني لا أستطيع ! صدقني لقد حاولت تغيير حالي الى الأفضل ولكنني فشلت وعدت اليها .
*ها انت ثانية تناقض نفسك بقولك (لا أستطيع ) , لأنك بكل بساطة تستطيع !
ألم تمتنع عن كثير من المحرمات طوال فترة صومك ؟
* هذا صحيح . .
* اذا فما الذي يمنعك أن تواصل بنفس الطريقة بقية عمرك ؟ ؟
* ! ! ! !
* الحقيقة هي أنك تستطيع , ولكنك تخدع نفسك عندما تصدق حيلة ابليس التي يقنعك بها , وهي أنك لا تستطيع و بالتالي تجعل من نفسك فريسة لابليس و اخوانه .
* أيها الكأس , انني أرى في كلامك الكثير من الحكمة . ولكن هلا بينت لي كيف يمكنني تغيير حياتي من المعصية الى الطاعة ؟
*الأمر يسير ان شاء الله , فقط تذكر أن الله يراك في كل وقت .
يراك عندما تطيعه فيرضى عنك , ويراك حينما تعصيه فيغضب عليك راقب ربك , وعندها ستجد من نفسك نشاطا واندفاعا نحو الطاعة , لأنك تعلم أنك بعين الله .
وستمتنع عن المعصية , لأنك تعلم اطلاعه عليك وكراهته ذلك منك , وبالتالي ستخاف من أن يسخط عليك . وستجد أنك كلما أخطأت و أذنبت , رجعت الى نفسك فتبت و استغفرت , وهذا ما يريده الله منك .
انك اليوم صائم , وأن من أعظم ثمرات الصوم تحصيل تحصيل تقوى الله عز و جل . واذا لم تحصل هذه الثمرة فلا فائدة ترجوها غير الجوع و العطش .
وباختصار , اعلم يا صديقي أن الدنيا ليست سوى ساعة , فاجتهد أنتجعلها طاعه ,
الزم أهل الخير الذين يعينونك على دينك ففي ذلك نجاة لك .
واترك رفقة السوء و البطالة عنك , فليس منهم الا دمار الدنيا والاخرة .
وتذكر يوم العرض على الله , وأنت لا تدري أتأخذ كتابك باليمين كما هو حال المتقين ؟ أم تأخذه بالشمال كحال أهل الخسارة و الشقاء ؟
واختر طريقك من الآن , فمن كان طريقه طريق أهل الخير و الصلاح كان مصيره الفوز و الفلاح , ومن اختار طريقا غير ذلك فلا يلومن الا نفسه , فليس هناك الا نار تلظى !
كان عبدالرحمن مطرقا من التأثر بما يسمع من الكأس , فلما توقف الكأس عن الحديث عند ذلك الحد , رفع عبدالرحمن رأسه و قال ..
* أيها الكأس العزيز , لقد عزمت أ أغير طريقة حياتي منذ هذه الساعة ! فجزاك الله خير الجزاء على نصيحتك الغالية , فانني لن أنساها ما حييت ان شاء الله .
*لا شكر يا صديقي , ولكن دعني أنبهك أن الوقت قد داهمنا , وأذان العصر قد حان , فقم الآن و ابدأ حياتك الجديدة من المسجد !
وفي هذه اللحظه . .
فتح عبد الرحمن عينيه , فوجد كأس الماء كما كان على الطاولة , قام من كرسيه واقترب منه , حمله بيده , و أخذ يتأمله
*لقد كان حلما اذن !!
قال عبد الرحمن في نفسه , بينما كان المؤذن يرفع أذان العصر عذبا نديا . .
أنصت عبدالرحمن له و أخذ يردد خلفه ,
شعر ببرودة لذيذة تغمر قلبه , هو الذي لم يصلي العصر جماعة منذ مدة ,
ترقرقت عيناه بالدمع , توجه نحو المغسلة فتوضأ , ثم انصرف ذاهباالى المسجد , وفي طريقه الى باب المنزل , لمح عبدالرحمن كأس الماء في طريقه فابتسم ابتسامه عريضة وهو يقول بصوت خافت . .
شكرا لك أيها الكأس !
---------------------------------------------------------------------------------------------
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ول
من مطويات الاوراق الملونة
وادري اني تأخرت المفروض اني منزلتها في رمضان . . . بس أكيد الكثير منكم راح يصوم الست من شوال