خطوات أنثى
09-12-2010, 12:56 AM
درس في فن اللقافة
عبدالله بن بخيت
كل يوم تقريباً أستقل مع أحد أبنائي قطار الأنفاق (المترو). كل عربة تمثل العالم بأسرة. لا تستقر على لون أو جنسية أو سن أو شكل. خليط من اللغات, عربي إنجليزي فارسي روسي ولغات يستحيل أن تميزها. تكيفنا مع هذا. تعلمنا قراءة الأشياء. عرفنا كيف نتدافع مع هذا الخليط العجيب.
في أحد الأيام المعتادة. كنت مع ابني نركب القطار, في أحد المشاوير الطويلة. التفت ابني(13سنة)
وقال: يبه في ها البلد لا تسرق ولا تؤذي الناس وسوي اللي تبي. كدت أنهض وأقبل رأسه. لم أتخيل أنه سيصل إلى هذا الاستنتاج بهذه السرعة. كنت أظن أنه يحتاج إلى سنة لكي يصل إلى هذه النتيجة وقد لا يصل إليها أبدا...
استدرت إليه وسألت: كيف توصلت إلى هذه الحقيقة؟ غمز بعينه إلى شابة تجلس على بعد سبعة أو ثمانية مقاعد. لم تلفت نظري. تجربتي المتكررة مع المدن الأوروبية علمتني الكثير. كانت الشابة تلبس بطريقة مضحكة وعلى وجهها خليط من الألوان. تقدم للركاب قصة شعر لم أشاهد مثلها من قبل. كأنما أعادت اختراع شكلها وملابسها. ركبت على نفسها عالمها الذي تراه صحيحا.
سألت ابني: هل ترى أحد يبحر فيها غيري وغيرك. قال: لا. فقلت: تخيل يا ابني أن هذه الشابة بهذا الشكل تتجول في شارع التحلية. ضحك حتى بانت نواجذه. فقلت لأكمل دواعي ضحكته: هل تنصحني أن أتصل بهيئة تورنتو وأبلغ عنها. تركته حتى يستنفد كامل ضحكته ويعود إلى اعتداله بعد أن استلقى على قفاه مقهقهاً: إن ما يضحكك في هذه اللحظة هو السر الذي لم تتبينه حتى الآن.
هناك شيء خفي يجوب في ثقافتنا اسمه اللقافة.
ألبسنا اللقافة ملابس دينية وثقافية وأخلاقية فتطور الأمر، صار للقافة- يا بني- أجهزة حكومية قائمة بذاتها، وميزانية ضخمة، ومتطوعون، ومنظرون، ومفكرون، ومؤلفات لا حصر لها ومؤتمرات ومعارض متجولة ودوريات في الشوارع ومطاردات وضحايا ودعاة يكسبون ملايين الريالات, ورجال بارزون لهم مكانتهم الكبيرة ومواقع ضخمة على الإنترنت وإذاعات ومحطات تلفزيونية .
ستكبر يا بني وتعرف أن الخيار التافه لهذه الشابة الماثلة أمامك تحول في بلادك إلى محور حياة أمة. تدحرجت هذه التفاهة فصارت تغريباً وماسونية وليبرالية وعلمانية وحسبة ومؤامرات دولية واستنجادات بصلاح الدين وهارون الرشيد وعباس بن فرناس واقتراح بهدم الحرم المكي الشريف ومازلنا في أول الطريق.
تابع يا بني عيون الجالسين. الهندي والأمريكي والصيني. كل سارح في همومه.
لم يهتم بهذه الفتاة سوى شخصين جاءا من السعودية, أحدهما يجلس إلى جانبك والآخر ابنه الصغير. إذا كانت اللقافة مذمومة في بلاد الآخرين، فقد
حولوها في بلادك إلى عقيدة تتحرك معهم في كل مكان: في الأسواق في المدارس في المطارات، و إذا سافروا إلى البلاد الأجنبية.
تعلم يا بني أحد أمرين، إما أن تنضم إلى الملاقيف وتتسلط على خلق الله، أو أن تقاوم اللقافة فيكفرونك, ولكن لا تضحك؛ لأنك تضحك على أمتك!
عبدالله بن بخيت
كل يوم تقريباً أستقل مع أحد أبنائي قطار الأنفاق (المترو). كل عربة تمثل العالم بأسرة. لا تستقر على لون أو جنسية أو سن أو شكل. خليط من اللغات, عربي إنجليزي فارسي روسي ولغات يستحيل أن تميزها. تكيفنا مع هذا. تعلمنا قراءة الأشياء. عرفنا كيف نتدافع مع هذا الخليط العجيب.
في أحد الأيام المعتادة. كنت مع ابني نركب القطار, في أحد المشاوير الطويلة. التفت ابني(13سنة)
وقال: يبه في ها البلد لا تسرق ولا تؤذي الناس وسوي اللي تبي. كدت أنهض وأقبل رأسه. لم أتخيل أنه سيصل إلى هذا الاستنتاج بهذه السرعة. كنت أظن أنه يحتاج إلى سنة لكي يصل إلى هذه النتيجة وقد لا يصل إليها أبدا...
استدرت إليه وسألت: كيف توصلت إلى هذه الحقيقة؟ غمز بعينه إلى شابة تجلس على بعد سبعة أو ثمانية مقاعد. لم تلفت نظري. تجربتي المتكررة مع المدن الأوروبية علمتني الكثير. كانت الشابة تلبس بطريقة مضحكة وعلى وجهها خليط من الألوان. تقدم للركاب قصة شعر لم أشاهد مثلها من قبل. كأنما أعادت اختراع شكلها وملابسها. ركبت على نفسها عالمها الذي تراه صحيحا.
سألت ابني: هل ترى أحد يبحر فيها غيري وغيرك. قال: لا. فقلت: تخيل يا ابني أن هذه الشابة بهذا الشكل تتجول في شارع التحلية. ضحك حتى بانت نواجذه. فقلت لأكمل دواعي ضحكته: هل تنصحني أن أتصل بهيئة تورنتو وأبلغ عنها. تركته حتى يستنفد كامل ضحكته ويعود إلى اعتداله بعد أن استلقى على قفاه مقهقهاً: إن ما يضحكك في هذه اللحظة هو السر الذي لم تتبينه حتى الآن.
هناك شيء خفي يجوب في ثقافتنا اسمه اللقافة.
ألبسنا اللقافة ملابس دينية وثقافية وأخلاقية فتطور الأمر، صار للقافة- يا بني- أجهزة حكومية قائمة بذاتها، وميزانية ضخمة، ومتطوعون، ومنظرون، ومفكرون، ومؤلفات لا حصر لها ومؤتمرات ومعارض متجولة ودوريات في الشوارع ومطاردات وضحايا ودعاة يكسبون ملايين الريالات, ورجال بارزون لهم مكانتهم الكبيرة ومواقع ضخمة على الإنترنت وإذاعات ومحطات تلفزيونية .
ستكبر يا بني وتعرف أن الخيار التافه لهذه الشابة الماثلة أمامك تحول في بلادك إلى محور حياة أمة. تدحرجت هذه التفاهة فصارت تغريباً وماسونية وليبرالية وعلمانية وحسبة ومؤامرات دولية واستنجادات بصلاح الدين وهارون الرشيد وعباس بن فرناس واقتراح بهدم الحرم المكي الشريف ومازلنا في أول الطريق.
تابع يا بني عيون الجالسين. الهندي والأمريكي والصيني. كل سارح في همومه.
لم يهتم بهذه الفتاة سوى شخصين جاءا من السعودية, أحدهما يجلس إلى جانبك والآخر ابنه الصغير. إذا كانت اللقافة مذمومة في بلاد الآخرين، فقد
حولوها في بلادك إلى عقيدة تتحرك معهم في كل مكان: في الأسواق في المدارس في المطارات، و إذا سافروا إلى البلاد الأجنبية.
تعلم يا بني أحد أمرين، إما أن تنضم إلى الملاقيف وتتسلط على خلق الله، أو أن تقاوم اللقافة فيكفرونك, ولكن لا تضحك؛ لأنك تضحك على أمتك!