شرواك
15-09-2010, 07:28 AM
أحلام «سارة»
د. علي بن سالم باهمام
حكى لي أحد الأصدقاء القصة التالية، فاستحسنتها وأحببت أن أنقلها لكم. قال لي: تحب ابنتي ''سارة''، ذات الأعوام السبعة، أن تلعب بلعبها من الدمى والعرائس أكثر من أي شيء آخر، وتقضي وقتاً طويلاً في العناية بها واللعب معها، وتعمل دائماً على بناء غرف وبيوت من العلب والصناديق الفارغة والكرتون لها. وتختلق قصصاً لحياة الأسرة التي تتخيلها مع عرائسها ودماها، وتدير الحوار والنقاشات الحاصلة بين تلك الدمى بصوت مسموع في ظروف ومناسبات مختلفة، حتى ألفت أنا ووالدتها وأخوها الأكبر أسلوبها في اللعب بالدمى والعرائس، ولم نعد نولي قصصها وحوارتها كثيرا من الاهتمام.
وفي أحد الأيام، وبينما كنت أطالع صحيفتي اليومية، في وقت متأخر من صباح يوم خميس هادئ، كانت ابنتي سارة تلعب بعرائسها بجانبي، وكانت على عادتها تجري الحوار والنقاش بين الدمى على لسانها، فوصل إلى مسامعي وهي تتحدث على لسان إحدى الدمى التي تمثل الأم - على ما أعتقد – بأنها لن تشتري ملابس جديدة لابنتها؛ لأنهم يجب أن يوفروا قيمة الملابس الجديدة من أجل شراء بيت جديد وجميل. فاسترعى الموضوع انتباهي وشدني إلى التركيز والإنصات إلى بقية حوارها الدائر بين الدمى، نظراً لأني أنا وأم سارة اتفقنا على اتباع برنامج للترشيد في المصاريف من أجل الادخار لشراء أرض وبناء مسكن عليها، أو شراء فيلا أو دبلكس منذ قرابة السنتين. فسمعت سارة تتحدث على لسان أم الدمى بأنها يجب أن تستمر في استخدام ملابسها القديمة نفسها، حتى يتمكنوا من شراء بيت جديد فيه غرفة نوم جميلة لتلك الدمية تنام فيها مع أختها الصغرى، وغرفة نوم لأخيها الأكبر، وغرفة نوم للأم والأب، وغرفة جميلة للجلوس مع بعضهم، واللعب مع أصدقائهم، ومشاهدة التلفزيون، ومطبخ جميل تخبز لهم أمهم فيه الكعك اللذيذ.
فسرحت أفكر للحظة في البيت الذي تصفه سارة، وبدأت أقارنه بالدور في الدبلكس الذي أسكنه بالإيجار الآن، فوجدت أن مسكننا الحالي يحوي تلك الغرف جميعها، بالإضافة إلى غرفتين لاستقبال الضيوف ومستودع وثلاث دورات مياه، وغرفة إضافية مع دورة مياه ملحقة في السطح. وإذا بي ألاحظ أن مسكني هذا، أو ما هو في مثل حجمه ومساحته مناسب جداً لأسرتي وكافٍ، وأني أستطيع أن أمتلك مثله بالمتاح لي الآن من إمكانات مالية، ولكني لا أرغب في أن أقضي بقية حياتي في شقة سكنية بمداخل ودرج وممرات وخدمات مشتركة مع سكان آخرين لا أعرف كيف سيكون التعامل معهم، ولا يوجد في السوق مساكن صغيرة مستقلة بمداخلها فأشتري واحداً منها وأمتلكه دون الحاجة إلى جعل أسرتي تعاني برنامج الترشيد والادخار وضغوطه النفسية والاجتماعية عليها من أجل امتلاك فيلا كبيرة، لا توجد لدينا حاجة حقيقية إليها. وهنا انتهت قصة أبي سارة، واستأذنته في أن أطرحها في أحد مقالاتي، عسى أن تجد أذناً صاغية، تعمل على تحويل حلم ''سارة'' وأمنية والدها، وغيره كثير من أرباب الأسر؛ إلى حقيقة قائمة على أرض الواقع.
د. علي بن سالم باهمام
حكى لي أحد الأصدقاء القصة التالية، فاستحسنتها وأحببت أن أنقلها لكم. قال لي: تحب ابنتي ''سارة''، ذات الأعوام السبعة، أن تلعب بلعبها من الدمى والعرائس أكثر من أي شيء آخر، وتقضي وقتاً طويلاً في العناية بها واللعب معها، وتعمل دائماً على بناء غرف وبيوت من العلب والصناديق الفارغة والكرتون لها. وتختلق قصصاً لحياة الأسرة التي تتخيلها مع عرائسها ودماها، وتدير الحوار والنقاشات الحاصلة بين تلك الدمى بصوت مسموع في ظروف ومناسبات مختلفة، حتى ألفت أنا ووالدتها وأخوها الأكبر أسلوبها في اللعب بالدمى والعرائس، ولم نعد نولي قصصها وحوارتها كثيرا من الاهتمام.
وفي أحد الأيام، وبينما كنت أطالع صحيفتي اليومية، في وقت متأخر من صباح يوم خميس هادئ، كانت ابنتي سارة تلعب بعرائسها بجانبي، وكانت على عادتها تجري الحوار والنقاش بين الدمى على لسانها، فوصل إلى مسامعي وهي تتحدث على لسان إحدى الدمى التي تمثل الأم - على ما أعتقد – بأنها لن تشتري ملابس جديدة لابنتها؛ لأنهم يجب أن يوفروا قيمة الملابس الجديدة من أجل شراء بيت جديد وجميل. فاسترعى الموضوع انتباهي وشدني إلى التركيز والإنصات إلى بقية حوارها الدائر بين الدمى، نظراً لأني أنا وأم سارة اتفقنا على اتباع برنامج للترشيد في المصاريف من أجل الادخار لشراء أرض وبناء مسكن عليها، أو شراء فيلا أو دبلكس منذ قرابة السنتين. فسمعت سارة تتحدث على لسان أم الدمى بأنها يجب أن تستمر في استخدام ملابسها القديمة نفسها، حتى يتمكنوا من شراء بيت جديد فيه غرفة نوم جميلة لتلك الدمية تنام فيها مع أختها الصغرى، وغرفة نوم لأخيها الأكبر، وغرفة نوم للأم والأب، وغرفة جميلة للجلوس مع بعضهم، واللعب مع أصدقائهم، ومشاهدة التلفزيون، ومطبخ جميل تخبز لهم أمهم فيه الكعك اللذيذ.
فسرحت أفكر للحظة في البيت الذي تصفه سارة، وبدأت أقارنه بالدور في الدبلكس الذي أسكنه بالإيجار الآن، فوجدت أن مسكننا الحالي يحوي تلك الغرف جميعها، بالإضافة إلى غرفتين لاستقبال الضيوف ومستودع وثلاث دورات مياه، وغرفة إضافية مع دورة مياه ملحقة في السطح. وإذا بي ألاحظ أن مسكني هذا، أو ما هو في مثل حجمه ومساحته مناسب جداً لأسرتي وكافٍ، وأني أستطيع أن أمتلك مثله بالمتاح لي الآن من إمكانات مالية، ولكني لا أرغب في أن أقضي بقية حياتي في شقة سكنية بمداخل ودرج وممرات وخدمات مشتركة مع سكان آخرين لا أعرف كيف سيكون التعامل معهم، ولا يوجد في السوق مساكن صغيرة مستقلة بمداخلها فأشتري واحداً منها وأمتلكه دون الحاجة إلى جعل أسرتي تعاني برنامج الترشيد والادخار وضغوطه النفسية والاجتماعية عليها من أجل امتلاك فيلا كبيرة، لا توجد لدينا حاجة حقيقية إليها. وهنا انتهت قصة أبي سارة، واستأذنته في أن أطرحها في أحد مقالاتي، عسى أن تجد أذناً صاغية، تعمل على تحويل حلم ''سارة'' وأمنية والدها، وغيره كثير من أرباب الأسر؛ إلى حقيقة قائمة على أرض الواقع.