المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تباين التحديات الاقتصادية الخليجية


نادر4466
28-08-2010, 03:48 PM
تباين التحديات الاقتصادية الخليجية


د.جاسم حسين ـ صحيفة الاقتصادية
يميل عدد غير قليل من الباحثين إلى تصنيف دول مجلس التعاون الخليجي في إطار ظروف اقتصادية موحدة من أجل التبسيط, وربما تحاشيا لإجراء بحوث تفصيلية. بيد أنه يمكن الزعم بوجود تباين لافت للأوضاع الاقتصادية للدول الست, الأمر الذي يفسر البطء في تنفيذ المشاريع التكاملية. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد بدأت بتطبيق كل من الاتحاد الجمركي عام 2003, ومن ثم السوق الخليجية المشتركة في 2008, وأخيرا الاتحاد النقدي الخليجي في 2010.

من جملة الأمور، هناك تباين بين دول مجلس التعاون، فيما يخص آلية تقسيم العوائد الجمركية في إطار مشروع الاتحاد الجمركي, الذي دخل حيز التنفيذ في بداية عام 2003, كما أن هناك مسألة العوائق البيروقراطية، فيما يخص انسيابية انتقال وسائط النقل وإجراءات إنهاء المعاملات الرسمية على الحدود.


تاريخ اكتشاف النفط

للتدليل على ما نذهب إليه لا بأس من الإشارة إلى بعض الحقائق من قبيل اكتشاف النفط الخام في عمان في 1963، ومن ثم تصدير أول شحنة للخارج في 1967. في المقابل، تم اكتشاف النفط في البحرين في 1932 وبدأت عملية التصدير في 1936. وهذه الحقيقة ربما تفسر جانبا من قرار عمان بعدم الانضمام إلى مشروع الاتحاد النقدي الخليجي بحجة أن السلطنة لم تحصل على فرص متساوية مع الدول الأخرى، فيما يخص تنفيذ برامج تنموية.

إضافة إلى ذلك، تود عمان الاستمرار في ربط عملتها الوطنية بالدولار الأمريكي, وبالتالي تحاشي تطبيق قرار خليجي, ربما يضع حدا لحصر ارتباط العملات الخليجية بالعملة الأمريكية، حاليا تتميز الكويت عن سائر دول مجلس التعاون بربط عملتها بسلة من العملات تشمل الدولار الأمريكي. ويعتقد أن السلطات العمانية ترغب في الاحتفاظ بميزة انخفاض قيمة الريال مقابل عملات الدول الخمس الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي, الأمر الذي يخدم مسألة تصدير منتجاتها بأسعار تنافسية, وبالتالي تحقيق أهدافها الاقتصادية, مثل تعزيز فرص العمل لمواطنيها, وربما الاحتفاظ بفائض في الميزان التجاري.


معضلة البطالة

كما أن الحاجة إلى تعزيز فرص العمل للمواطنين لعبت دورا محوريا في قرار كل من البحرين وعمان في إبرام اتفاقية للتجارة الحرة وبصورة منفردة مع الولايات المتحدة، من شأن الانكشاف على السوق الأمريكية، التي تعد الأكبر في العالم بلا منازع، حصول البحرين وعمان على قدرة تصدير منتجات إليها معفاة من الضرائب, وبالتالي المساهمة في المحافظة على بعض الوظائف وإيجاد أخرى. واضطرت دول مجلس التعاون الخليجي في نهاية 2005 إلى تبني سياسة التجارة الموحدة مع العالم الخارجي, وبالتالي وضع حد للمفاوضات المنفردة, الأمر الذي مهد الطريق أمام الوصول إلى اتفاقيات جماعية مع الأطراف الأخرى بدءا من سنغافورة في عام 2008.

كما تشكل ظاهرة البطالة أحد التحديات الرئيسة التي تواجه صناع القرار في السعودية، لكن ما يبعث على الاطمئنان إصرار السلطات على حل المعضلة بدليل الاعتراف بوجودها. نسبة البطالة في السعودية في حدود 10.5 في المائة, وهي نسبة مرتفعة بكل تأكيد. وفي التفاصيل، بلغ عدد العاطلين نحو 449 ألف فرد حتى آب (أغسطس) 2009، مقارنة بـ416 ألف فرد في الفترة نفسها من عام 2008. والأدهى منذ ذلك، يشكل حملة درجة البكالوريوس 44 في المائة من العاطلين, الأمر الذي يتطلب إيجاد فرص عمل تتناسب وتوقعات الداخلين الجدد لسوق العمل من حيث ظروف العمل والراتب.


الناتج المحلي ودخل الفرد

من جهة أخرى، يوجد تفاوت نوعي بين دول مجلس التعاون بالنسبة إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي، حيث يحتل كل من الاقتصادين السعودي والبحريني المرتبتين 23 و104 على مستوى العالم على التوالي. وربما هذا يفسر استعداد السلطات البحرينية، فيما يخص تطبيق المشاريع التكاملية لتحقيق أهداف اقتصادية وطنية, بما في ذلك تعزيز فرص النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل للمواطنين، حيث تكمن مصلحة البحرين في إفساح المجال أمام مستثمري الدول الخليجية الأخرى التي تتمتع بثروات وإمكانات أكثر منها.

وفي السياق نفسه، تعد السعودية أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم، في المقابل، يلاحظ أن البحرين ليست عضوا في منظمة ''أوبك'' بسبب ضآلة حجم إنتاجها النفطي، كما لا تتمتع عمان بالعضوية في منظمة ''أوبك'' في إطار قرار سيادي, حيث الرغبة في اتخاذ قرارات مستقلة. كما هناك مسألة تباين مستوى الدخل السنوي بين الدول الست، حيث يصل إلى حد 171 ألف دولار، حسب مفهوم القوة الشرائية في قطر، مقارنة بأقل من 20 ألف دولار في دولتين خليجيتين. تفرض هذه الحقيقة واقعا غير مشابه، فيما يخص الحاجة إلى سرعة تطبيق المشاريع التكاملية, أي الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي الخليجي.

باختصار، لا يوجد عيب في الاعتراف بوجود نوع من التباين للأوضاع الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي, فهذه من الأمور الطبيعية, بل الخطأ هو الزعم بتشابه الظروف والتحديات رغبة في التبسيط.