تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تطوير العمل التطوعي من مرتكزات المشروع الإصلاحي


نادر4466
25-04-2010, 02:02 PM
تطوير العمل التطوعي من مرتكزات المشروع الإصلاحي

صحيفة الوطن البحرينية ـ رامي عبد محمود
مما لا شك فيه أن العمل التطوعي، يعد واحداً من أبرز الصفات الحسنة التي تتصف بها المجتمعات، ومؤشراً هاماً يحمل دلائل على انتماء الفرد للجماعة، واستعداده للتضحية في سبيلها، وليس من شك في وجود علاقة طردية بين حجم التطوع في المجتمع وحيوية ودينامكية ذلك المجتمع. بداية، يدخل المجتمع البحريني، ضمن أبرز المجتمعات الخليجية اهتماماً بالعمل الاجتماعي الخيري التطوعي، وذلك منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، فلا يغيب عن أذهاننا جمعية نهضة فتاة البحرين والتي تترأسها الأستاذة سميرة عبدالله، وتأسست الجمعية كأول جمعية نسائية تطوعية في الخليج والجزيرة العربية عام 1955م، لتدخل ضمن إطار نسائي موحد يُسخر كافة الإمكانات لخدمة المجتمع البحريني. والمراقب جيداً لوتيرة العمل الخيري في مملكة البحرين، يُلاحظ مدى التقدم الكمي والنوعي الذي اتسم به العمل التطوعي، بخاصة مع بدايات عام 2002م، أو بالأحرى مع إطلاق المشروع الإصلاحي الكبير، الذي وضع ضمن حلقاته عملية تطوير منظومة العمل الخيري، والتي تخطت من حيث الكم وفقاً للإحصاءات الرسمية نحو 450 جمعية خيرية مسجلة رسمياً في وزارة التنمية الاجتماعية، إضافة إلى 80 صندوقاً خيرياً. وجدير بالملاحظة أن كل هذه الجمعيات تلعب أدواراً متنوعة تصب مجملها في تطورها النوعي، فلا يمكن تناسي ما قدمته ومازالت تقدمه هذه الجمعيات من خدمات لرفع المستوى الاجتماعي والثقافي والتعليمي والصحي لكافة الفئات المستهدفة، ومساهمتها في تذليل العقبات والمصاعب وشد آزر الآخرين وتمكين الفرد من الشعور بالأمان، وتحقيق التفاعل الاجتماعي، وبث روح الانتماء والتواصل لدى المواطن البحريني لتحقيق فكرة المجتمع المتكامل. أضف إلى ذلك، دورها في محو أمية الكبار وتعليم الفتيات وتقديم الصناعات الحرفية اليدوية البسيطة التي تساعد في التغلب على ظروف المعيشة، وكذلك الدور التوعوي الذي تقوم به هذه الجمعيات من كيفية التعامل مع متطلبات العصر الحديث. ولكن رغم ما تتمتع به هذه الجمعيات من وفرة و تطور نوعي مشهود له، فإن مخرجات العمل الخيري مازالت تحتاج إلى مضاعفة الجهد للوصول للهدف المنشود، فبالنظر إلى معدلات الفقر داخل المملكة والتي أقل ما يقال عنها إنها ''ليست محدودة''، يجعلنا نتوقف ونتمهل قليلاً لإعادة صياغة قراءة سليمة لجمعيات العمل الخيري في مملكتنا الغالية، وتحديد الصالح والطالح منها. فالجمعيات الخيرية التطوعية في مملكتنا، تعي جيداً مفهوم العمل الخيري، وتسعى بتفاني كبير نحو تحقيق رسالتها التي جاء من أجلها، مؤكدة رسوخ مبادئ العمل الخيري في أقدم وأكبر كيان خيري في الخليج العربي، متجنبة ما أسماه المراقبون (الفوضى الخيرية). وتقدم هذه الشريحة العديد من الخدمات، كالمؤسسة الخيرية الملكية بالديوان الملكي، ويرأس مجلس الأمناء فيها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، والتي انطلقت من مفهوم توفير حياة كريمة للمواطن البحريني، بخاصة الأرامل والأيتام والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال تقديم المساعدات الاجتماعية والصحية والتعليمية، فعدد من يتلقون إعانة شهرية منها، يبلغ 4767 يتيماً فيما يصل عدد الأرامل اللواتي يتلقين المساعدة ذاتها إلى .4884 هذا بخلاف، ما قدمته جمعية الإصلاح للعمل الخيري، ويرأسها الشيخ عيسى بن محمد بن عبدالله آل خليفة، إذ استفادت من مجموع المساعدات التي قدمتها لجنة الأعمال الخيرية بالجمعية خلال العام الماضي 5023 أسرة في مختلف مناطق البحرين، كما استفاد من خدمات الجمعية الصحية حوالي 195 مريضاً، ومساعدات الزواج لـ203 شباب، وترميم ,26 وسداد إيجارات منازل لـ 23 أسرة، ومساعدات لـ 174طالباً جامعياً. وكذلك جمعية العمل الخيري الاجتماعي، ويرأس مجلس إدارتها الدكتور حسين محمد المهدي والتي وضعت الرسالة التعليمية صوب أعينها منذ انطلاقتها فقدمت ما يقرب من 100 منحة دراسية لعدد من طلاب وطالبات جامعة البحرين وذلك لتمكينهم من مواصلة دراستهم الجامعية، وجمعية ''سعد'' الخيرية، التي تأسست كشركة مساهمة بحرينية معفاة عام 1994م، وتعد هذه الجمعية إحدى مؤسسات مجموعة ''سعد'' التي يمتلكها رجل الأعمال السعودي ''معن الصانع''، وقد قدمت الجمعية برنامجاً خيرياً متكاملاً في كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ومختلف الأقطار العربية، كالمنح الدراسية بالتنسيق مع جامعة الخليج العربي بالبحرين للطلاب المؤهلين للتقدم إلى هذه المنحة سواء للدراسة الجامعية أو للدراسات العليا وتشمل المنحة الرسوم الجامعية وبدل السكن الجامعي ومخصصاً شهرياً، إضافة إلى دعم النشاطات الشبابية والرياضية، حيث قامت الجمعية وهي الذراع الخيري لمجموعتها بتوفير الرعاية لمارثون البحرين لعدة مواسم، الأمر الذي أكسب المارثون سمعة عالمية وانتشاراً واسعاً أكسب النشاط الرياضي والشبابي في هذا المجال زيادة من التألق والنمو. ولا يمكن تجاهل ما قدمته الصناديق الخيرية، كصندوق دراز ويرأسه الأستاذ محمد إبراهيم النجار، وييسر الصندوق الزواج على العديد من الشباب والشابات في البحرين، وصندوق المعامير الخاص بقرية المعامير ويرأسه الأستاذ علي عبدالحسن محمد، والذي لعب دوراً كبيراً في تقوية أواصر التكافل الاجتماعي بين أهالي القرية وبعضهم البعض وساعد في تنظيم الخدمة الاجتماعية الخيرية بإعانة الضعفاء والمحتاجين ورعاية الأيتام والأرامل والمساكين في القرية. ولا ينحصر العمل فيما ذكر فقط فالصورة الكاملة للعمل الخيري في مملكة الخير لا يمكن حصرها في سطور فهناك حالة من الحراك الاجتماعي نحو الخير في مملكتنا، يجب علينا تشجيعها بزيادة الوعي بأهمية وجودها للحد من السلبيات، ومساعدة الفقراء وعلاج المرضى. وأخيراً يمكن القول بأن هناك أمرين وراء تقدم العمل الخيري في مملكتنا، يتجسد الأول في الإيمان الكامل من قبل القيادة السياسية بأهمية العمل التطوعي، والذي كان وراء إعلاء شأن العمل التطوعي، وذلك بإصدار القوانين التشجيعية للجمعيات الخيرية - منها على سبيل المثال لا الحصر- القرار القاضي بإعفاء جميع مستلزمات الجمعيات الخيرية من الضرائب و''الرسوم'' الجمركية، وكذلك قرار عام 2006م بتطبيق مقرر إلزامي على طلاب الثانوية العامة من الجنسين، بحيث يكون متطلبا للتخرج قبيل الدخول في التعليم الجامعي يتعلق بـ''خدمة المجتمع'' في المدارس الحكومية بجانبيه النظري والتطبيقي، وذلك إيماناً بأهمية العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع وبناء قيم المواطنة والانتماء وجعل شخصية الطالب منفتحة متفاعلة مع مجتمعه. ويتمثل الثاني، في المجتمع البحريني نفسه الذي يسوده ثقافة التعاون والتكاتف المتأصلة في نفوس أفراده فيذكر أنه كان يمارس أشكال العمل التطوعي منذ القدم من خلال القبيلة والعلاقات الأسرية البسيطة، مثل مساعدة الفقراء بتقديم الخدمات إليهم وتعليم أبنائهم القراءة والكتابة، وتوفير الخدمات الأساسية في القرية الواحدة، إلى أن تطور الأمر فيما بعد في شكل تجمعات تطوعية منظمة هدفها الأساسي خدمة المجتمع.