تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هذا الرجل العظيم اول من وثق القرآن صوتاً


عزمي1
05-04-2010, 10:42 AM
الشيخ الحصري والدكتور لبيب السعيد وفكرة الجمع الصوتي الاول للقرآن





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمد بن عبدالله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الكرام المجاهدين .

ان مما يسجل لشيخ مشيخة المقارىء المصرية الأسبق المرحوم محمود خليل الحصري من الثناء والعرفان والأِكبار لما ليوفِّيه حقهُ ، تبقى الألسن والأقلام عاجزة عن ذلك كله . فهذا الشيخ قدم انجازاً تأريخياً لأمة محمد لم يسبقه اليه أحد , يقترن اسم هذا الشيخ الجليل الشأن ، العظيم القدر بكتاب الله تعالى ، وذلك من خلال مشروع قدّمه الدكتور لبيب السعيد والذي صنف من جهابذة علماء مصر المحروسة في مجال حفظ القرآن لئلا يتلاعب فيه متلاعب ، بعدما وصل الينا مخطوطاً منقوطاً مضبوط الشكل محفوظاً بعناية الله تعالى - أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون - وبجهد متوالٍ من عظماء امّة الحبيب المصطفى ، الدكتور لبيب السعيد أحد أولئك العظماء بيد انه قدّم لنا ايات وسور القرآن الكريم مقروءة مسموعة كما وصلنا مخطوطاً . والدكتور لبيب كان يشغل منصب المراقب العام بمصلحة الاستيراد، ومنتدبا للتدريس بكلية التجارة في جامعة عين شمس ، وهذا ما يجعلنا نُكْبِرُهُ حيث انه نهض لهذا العمل وهو من خارج مؤسسة الأزهر . قدّم مشروعه لتوثيق آيات وسور القرآن كاملاً . ومما يؤثر عنه انه كان يحضر حلقات القرّاء الكبار آنذاك بمصر المحروسة , وكان الشيء الذي يؤرقه ويؤلمه انه لو مات احد من هؤلاء الجهابذة فأن من يخلفه لا يعادله نضجاً علمياً ولا أتقاناً فنياً للتعامل مع ايات وسور القران الحكيم . وكان ذلك يعني ضياع ثروة صوتية علمية لأنها لم توثق ولم يحسب لها حساب . وحسبنا أن لو كان في صدر الدعوة الاسلامية من آلات لتسجيل الصوت لوصل الينا القرآن الكريم غضاً طرياً وبصوت دوحة الفصاحة والشرف فخر الكائنات محمد . ولسمعنا آياته بصوت ذلك الصحابي الجليل الذي قال للرسول محمد لو كنت علمت انك تسمعني لحبّرته لك تحبيراً ، فبأي اسلوب كان يقرأ القرآن وبأي نغمة كان يتغنى به مما حدى برسول الله ان أعجب بأداءه أيمّا أعجاب .
ورغم وجود اجهزة التسجيل في خمسينيات القرن المنصرم الاَّ أن أحداً لم يلتفت الى توثيق القرآن الكريم كفكرة نمت في عقله ، فأنبرى لها الاستاذ السعيد وأسس مشروعه الذي وثّقه بكتابه الموسوم ( الجمع الصوتي الاول للقرآن أو المصحف المرتل ) وهو( الكتاب ) عرض ودراسة لبواعث المشروع ومخططاته كفكرة تبنّاها لجمع القرآن الكريم صوتياً بكل رواياته المتواترة غير الشاذة . وفي عام 1959 قدّم مشروعه العظيم إلى مجلس إدارة الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم وهو رئيسها آنذاك ، بفكرة مشروعه الذي يقوم على تسجيل تلاوة القرآن الكريم كلّه برواية حفص، ثم بمختلف القراءات على ألاّ تردد الآية الواحدة بأكثر من قراءة واحدة في التلاوة الواحدة. على ان تشتمل التلاوة على التكامل العلمي النموذجي للأحكام التجويدية وكذلك مراعاة مخارج الحروف وصفاتها بدقة متناهية لتكون - التلاوات - معيناً علمياً ينهل منها كل ناهل ، فضلاً عن أفادة عوام الناس .شريطة ان ينهض بهذه المهمة قرّاء فطاحل لا يعتري أداءهم اي خلل أو هفوة . فضلاً على أن يكونوا ممن يتمتعون بجمال الصوت ورقته ، على ان يصار الى أختيارهم من قبل لجنة من علماء الازهر متخصصين بهذا المجال وكذلك المؤسسات العلمية واللغوية .

قابل جمهور العلماء الفكرة بأستحسان ورضى كبيرين وعلى رأسهم شيخ الازهر الكبير المرحوم محمد شلتوت الذي ساند الفكرة وابدى ارتياحه ورضاه عنها . أحتاج تنفيذ المشروع الى تمويل مادي ضخم ، ولم تكن جمعية المحافظة على القرآن ذات رصيد مادي يتكفل تغطية نفقات المشروع . ولقي المشروع صعوبات في التمويل ، مما حدى بالدكتور ان يعرض فكرة التنفيذ على الاذاعة المصرية . فوافقت بشرط ان تبث ما يتم تسجيله من على موجاتها حصراً . فأنتدب الدكتور لبيب السعيد ثلاثة من أشهر القراء والعلماء لتنفيذ مشروعه الكبير وهم : -

- الشيخ محمود خليل الحصري، ليسجل القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم الكوفي .
- والشيخ مصطفى الملواني، على أن يسجل رواية خلف عن حمزة.
- والشيخ عبد الفتاح القاضي، وكان يشغل رئيس لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف ، على أن يسجل قراءة أبي جعفر برواية ابن وردان ، وانتخب ليكون مشرفاً على التسجيل .
ولمّا لم يجد من يكمل التمويل ويتكفّله لضخامته ، فقدّم السعيد طلباً الى وزارة الاوقاف المصرية لتكون هي الجهة الراعية للمشروع ، وحصلت الموافقة وتشكلت لجنة عامة للإشراف على تنفيذه ، ضمَّت عددا من رجال الدّين والدّعوة والقراءات، منهم الشيخ محمد أبو زهرة ، والشيخ محمد الغزالي ، والشيخ سيد سابق ، والشيخ عامر عثمان ، المّدرس بمعهد القراءات ، وعلي عبد الواحد وافي أستاذ علم الاجتماع ، وطه نصر ، كبير مهندسي الإذاعة . وبدءت مراحل التسجيل وتمَّ الجمع الصوتي الاول للقرآن برواية حفص عن عاصم بصوت الاستاذ الكبير الشيخ المحسن المرحوم محمود خليل الحصري . وبثت الاذاعة المصرية اول تسجيل منها وذلك في صباح يوم الإثنين لثمان خلون من ربيع الآخرة من سنة 1381 هجرية الموافق للثامن عشر من شهر سبتمبر 1961 ميلادية .
وتلا الحصري في التسجيل مجموعة من القَرَءَةِ المصرييين منهم القارىء الشيخ مصطفى اسماعيل ، ثم الشيخ محمد صدّيق المنشاوي ، وتبعه القارىء الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد ، ثم تلاه في التسجيل الشيخ المحسن محمود علي البنا . مما يؤخذ على الشيخ محمود خليل الحصري انه قليل التعاطي مع ايات القرآن بالأنغام ، ويرجع السبب الى أنه لم يكن مهتمّاً بكثرة الانغام بقدر اهتمامه بضبط الحروف . ومما يذكر له من المحاسن انه طبق السُنَّة في اطلاق اللحية وهي حلية الرجل المؤمن ، على عكس الكثيرين من القراء المصريين . فلقد كان متشرعاً ومتدينا ماسكاًعلى دينه قبل ان يكون قارئاً ، وما رمتُ من سردي هذا التقليل من شأن الباقين من القراء المصريين أو الحطّ من قدرهم ، الاَّ انها الحقيقة ويجب ان تقال