المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتنة القول بجواز الاختلاط (1/2)


جميل2006
14-03-2010, 08:14 AM
فتنة القول بجواز الاختلاط (1/2)

محمد بن عبدالله البقمي



الحمد لله ربّ العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على البشير النذير، نبيّنا وعلى آله وصحابته ومن استنّ بسنّته إلى يوم الدين.. أما بعد:

فلقد سطّر التاريخ بمدادٍ من نور، على صحائف الزبرجد والزُّمرّد، قصة البذل والجهاد والتضحية؛ التي كان بطلها الأوّل (والأوحد) هو: إمام أهل السنّة والجماعة "الإمام أحمد بن حنبل" نوّر الله مضجعه؛ إبّان "فتنة القول بخلق القرآن".

فقد عاش النّاسُ مُجريات الأحداث خلال تلك السنون من القرن الثالث الهجري، عاشوا محاولاتٍ لفرض عقائد يُراد بها نقضُ عرى الإسلام الصحيح، وتطبيعِ العقائد المخالفة في قلوب الناس حينذاك، ولكنّ الله تعالى شاء أن يبعث للأمّة من يحفظ عليها أمر عقيدتها (وهي أعظم ما تملك)؛ فسخّر قلب الإمام الهمام "أحمد بن حنبل" ليثبت حينها، ويثبّت الله به قلوب المؤمنين، فكان ما لا يخفى على شريف علمكم من ثباتٍ ورسوخٍ كالجبال الراسيات:

فثبَير ذُو الشُّرُفات لا متزلزلٌ ... لعواصفٍ مرّت ولا متهدّدُ

سأتجاوز هذه (الصفحة المشرقة) مع رغبتي بأن تكون الصورة الناصعة؛ لمواقف أئمة الإسلام وعلمائه الكرام، إبّان الفتن المدلهمّة، والنوازل المهمّة، حاضرةً في أذهانكم، لنستذكرها سويّاً، ونقارنها بما نعايشُه في حاضرنا !

أيْ معاشر الكرام :

هاهو التاريخ يعيد نفسه، وتتكرّر الأحداث، لكن باختلاف القضايا والشخوص، مع فارق التوقيت –طبعاً- ! فعندما أُريد لبلادنا أن تعيش نمطاً من أنماط التغريب ووسيلةً تخريبيةً لتنفيذه؛ عاشت البلادُ حالةً من الحراك العلميّ، والصراع الفكري، ومجموعةً من الأحداث التي تمازج فيها المؤثّر السياسي والشعبي، والخارجي والداخلي، والإصلاح والإفساد ( بين دعيٍّ له وداعٍ لمحاربته ! ) ..

وعندما فُرض هذا النمط التغريبي (الاختلاط) في جامعة "كاوست" وبعض المدارس الأهليّة، بمُباركة حكوميّة، وحفاوةٍ إعلامية، ومعارضةٍ شرعيّة، وتسويغاتٍ خيانيّة ! تباينت مواقف النّاس وانقسمت إلى خنادق وأحزاب.. سيسطّر التاريخ تلكم المواقف جميعاً، وسينال كلٌّ حقّه من الإجلال والإكبار، أو اللعائن والشتائم! أو من سيطوي التاريخ صفحته خالية الوفاض، لم يعطّرها بصدعٍ بالحقّ، أو يدنّسها بصدعٍ للحقّ (بينهما فرقٌ لطيفٌ؛ فتأمّل) ..!

وكان انقسامُ الناس على مواقف :

موقف الخيانة والغدر :

كان هذا هو موقف رويبضات الصحافة، ومراهقي الكتابات الورقية، حيث طبلوا وهللوا واستبشروا، بهذه المكاسب التي سُجلت في رصيدهم، إذ دعاة الشهوات، وأدعياء "التنوير والتطوير والتحرير ... إلخ".. يفرحون بمثل هذه الخطوة التي طال انتظارهم لها، وكان هذا هو الوقت الأنسب لتنفيذها، ونحنُ حينما نقول هذا الكلام؛ لا نعتقد العصمة في ولاة أمرنا علماء أو أمراء، كما هم لا يعتقدون ذلك في أنفسهم، وشاهده: ما يردّده رأس الهرم السياسي "خادم الحرمين الشريفين" من طلب النصيحة، وعدم البخل بالمشورة، فعندما نجد من يصفّق لتلك الخطوات التغريبية، التي –والله- لا يفرح بها سوى أعدائنا (كما نبّه على هذا خادم الحرمين في خطابه الأخير أمام مجلس الشورى)، وينعدم عندها (من كتّاب الصحف) ذلك الصوت الصادق الغيور، الذي يمتلئ قلبه غيرةً وحميّة؛ على أعراض المسلمين، وفتيانهم وفتياتهم، ثمّ هو لا يراعي دستور البلاد المحكّم لشريعة الله وكتابه وسنّة نبيّه –صلى الله عليه وسلم- !!

وهو مع هذا؛ يستعدي برعونةٍ وغدرٍ، وسوء نيّةٍ وطويّة؛ ويستجلب قرار السياسي لفرض الرأي وتكميم الرأي المخالف !!

إن لم يكن هذا كلّه –وما سطرته راعيت فيه الاختصار ما أمكن- خيانةً وغدراً، وبيعاً رخيصاً لأعراض الأمة وحرمتها، وتتميماً لمشاريع سعى فيها أعداؤنا، وسيراً حثيثاً وراء صيحاتهم.. فماذا يمكن أن يكون يا تُرى ؟!

موقف العار والخذلان :

مما يُؤسف له، ويتكدّر له الخاطر، ويتألّم له الفؤاد؛ أن ينبري لتبرير هذا المنكر العظيم (المتفق على تحريمه)، وتسويغه للنّاس، وإضفاء الشرعيّة على هذه الخطوة التغريبية، ثُلّة ممن يُحسب على أهل العلم، فنجده يستميت في دفاعه عن قرار السياسي، وكأن الله قد عصمه !

إن المُريح في حقيقة الأمر: أن هؤلاء الثُلّة قد سقط (أو هو ساقط) رأيهم عند عامّة الناس، وإن كانت هي القشّة التي تعلّق بها رويبضات الصحف، وكم هو والله موقفٌ مخزٍ سيكون بصمة عارٍ على جبين أولئك؛ لن يذكرون إلا مقرونةً أسماؤهم بتلك الخزية !!

ولا والله، ما نقول هذا شماتةً أو تعريضاً بأحد، ولكنً أمانة الحرف تستوجب ذكر هذه الحادثة؛ بتجرّدٍ ومصداقيّة، مع إنزالٍ للنّاس منازلهم ..

وأقول لأولئك : تذكّروا موقف العرض على الله، يوم يقف الجميع في محكمةٍ؛ القاضي فيها هو الله، والشهود قلبُ كلٍّ وجوارحه، والصحائف تعرض، والموازين تُنصب.. ما تُغني حينها المناصب والوزارات والهيئات والألقاب والأصحاب .... إلخ .. ستفنى كلّ هذه لتقف وحيداً مع ما قدّمته يداك، وكما قيل: (يداك أوْكتا وفوك نفخ) !

موقف الإباء والممانعة :

لقد أظهرت الفتنة رموزاً من أعلام المشايخ والعلماء، سطَعت نجومهم، وأشرقت شموسهم، ووقفوا بعزّةٍ وإباء (كما يجب أن يكون؛ العالم وطالب العلم الصادق الناصح لأمّته ووطنه)، فقد رفضوا تلك الخطوات التغريبيّة جملةً وتفصيلاً، وكانت ممانعتهم سدّاً منيعاً حال دون رضا النّاس عن تلك المشاريع فلم تغرّهم الزخارف والشخوص، ولم يبالوا بثمن الصدع بالحقّ، حيث ضحّى البعضُ بمنصبه، والآخر بعرضه حيث وَلَغ فيه المنافقون، وطارت بأخبار ممانعاتهم الرّكبان، وكتب الله لها قبولاً شكره النّاس من كلّ جنسٍ وسنّ، ويكفيهم قبل ذا شكرُ ربّ العالمين؛ فلقد رفع الله ذكرهم، وأشْهَر محاسنهم، وأذاع مآثرهم، حين طُمست مآثرُ قومٍ قديمات (شكرها لهم النّاسُ حينها ونسوها حين سوّدوا تاريخهم بتلك الخزايا)..

إن ممّا أثلج الصدر، وأبهج الخاطر؛ هو أنّ رحم الأمّة لم يعقم عن ميلاد الصالحين الناصحين الصادقين، الذين تشكر لهم الأمّة تحمّلهم لأواء الحقّ وثقله، وما يجابههم من ولوغٍ في أعراضهم، وتهجّم صارخٍ لم يكن له أن يحدث لو اقتعد أحدهم منزله، لازماً "منهج السلامة" مضحّياً بـ"سلامة المنهج"؛ فلله درّهم، ولا أخلا تراب أرضنا من مواطيهم، وجميل ذكرهم، وطيب فعائلهم..

الشريحة الصامتة :

بين هؤلاء جميعاً.. شريحةٌ صامتةٌ، اكتفتْ بمتابعة السجال الفكري، والحراك الثقافي، تشكر أحد الفريقين، أو تلعن إحدى الطائفتين، وإن كنتُ لا أشكّ أن الجمهور الصامت الممانع هو الشريحة الكبرى، والطائفة العظمى، ولكنّ دعم السياسي وسلطته الرابعة، كانت أضخم بعشرات المرات من واقع الناس المُعاش.. ولعلّ لسان الحال يهتف :

قرآننا يسمو بنا أن نستكينَ ونرقُدَا ..

فبه حفظنا مجد أمتنا فلم يذهب سدى ..

هذي الربوع به غدت خصباً وبلبلها شدا ..

قل للذين يعولمون الــفكر عولمة الردى !

ويقلدون المارد الــغربيّ فيما أفسدا !!

أويوهنون على النــفوس سلوكه المتمرّدا ..

يا ويلكم .. كيف اتخذتم في المسير المرقدا ؟!

يا ثاغياً يا أرمدا .. أتحبّ أن يبقى ظلام الليل فوقك سرمدا ؟!

عجباً لوهمك كيف غطّا حسّك المتبلّدا ؟

أتظنّ أن تقدّم الإنسان أن يتمرّدا ؟!

إعلمْ بأنّا لا نريد سوى العقيدة مورداً ..!



أضع اليراع عند هذا الحدّ وسأعود –بإذن الله- في مقالةٍ أخرى؛ أُلخّص فيها الدروس والعبر المستفادة من هذه الفتنة؛ والتي وسمتُها بـ"فتنة القول بجواز الاختلاط"..

واسأل الله تعالى التيسير والتسديد، وأن يجعل هذه السطور شاهداً على صفحةٍ من تاريخ أبناء الجزيرة، والله تعالى هو الموفّق والمعين..



http://208.43.7.205/index.php?option=content&task=view&id=17736&Itemid=25

نادر4466
14-03-2010, 01:21 PM
شكرا يأخي وجزاكم الله كل خير

جميل2006
14-03-2010, 10:25 PM
شكرا يأخي وجزاكم الله كل خير

وجزاك بمثله وبارك فيك

جميل2006
14-03-2010, 10:38 PM
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه ويطلع عليه من إخواني المسلمين، وفقني الله وإياهم لفعل الطاعات وجنبني وإياهم البدع والمنكرات.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فمن واجب النصح والتذكير أن أنبه على أمر لا ينبغي السكوت عليه بل يجب الحذر منه والابتعاد عنه وهو الاختلاط الحاصل من بعض الجهلة في بعض الأماكن والقرى مع غير المحارم لا يرون بذلك بأسا، بحجة أن هذا عادة آبائهم وأجدادهم وأن نياتهم طيبة، فتجد المرأة مثلا تجلس مع أخي زوجها أو زوج أختها أو مع أبناء عمها ونحوهم من الأقارب بدون تحجب وبدون مبالاة، ومن المعلوم أن احتجاب المرأة المسلمة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها وسائر مفاتنها أمر واجب دل على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح قال الله سبحانه وتعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}[1] الآية، وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}[2] الآية، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[3]، والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. قالت أم سلمة رضي الله عنها: ((لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها)) وفي هذه الآيات الكريمات دليل واضح على أن رأس المرأة وشعرها وعنقها ونحرها ووجهها مما يجب عليها ستره عن كل من ليس بمحرم لها، وأن كشفه لغير المحارم حرام. ومن أدلة السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: ((لتلبسها أختها من جلبابها)) رواه البخاري ومسلم فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة ألا تخرج المرأة إلا بجلباب. فلم يأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بالخروج بغير جلباب. وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها) فدل هذا الحديث على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل، وأعلاها أخلاقا وأدبا وأكملها إيمانا وأصلحها عملا، فهم القدوة الصالحة لغيرهم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ففي قولها: (فإذا حاذونا) تعني الركبان (سدلت إحدانا جلبابها على وجهها) دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفا.
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة منها: الفتنة التي تحصل بمظهر وجهها وهي من أكبر دواعي الشر والفساد، ومنها زوال الحياء عن المرأة وافتتان الرجال بها. فبهذا يتبين أنه يحرم على المرأة أن تكشف وجهها بحضور الرجال الأجانب ويحرم عليها كشف صدرها أو نحرها أو ذراعيها أو ساقيها ونحو ذلك من جسمها بحضور الرجال الأجانب، وكذا يحرم عليها الخلوة بغير محارمها من الرجال وكذا الاختلاط بغير المحارم من غير تستر، فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة الرجال وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عظيم وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق عليكن بحافات الطريق)) فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق به من لصوقها ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}[4]. فيحرم على المرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها بل يجب عليها ستره كما يحرم عليها الخلوة بهم أو الاختلاط بهم أو وضع يدها للسلام في يد غير محرمها، وقد بين سبحانه وتعالى من يجوز له النظر إلى زينتها بقوله: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[5]. أما أخو الزوج أو زوج الأخت أو أبناء العم وأبناء الخال والخالة ونحوهم فليسوا من المحارم وليس لهم النظر إلى وجه المرأة، ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم لما في ذلك من افتتانهم بها، فعن عقبه بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: (( الحمو الموت)) متفق عليه. والمراد بالحمو أخو الزوج وعمه ونحوهما وذلك لأنهم يدخلون البيت بدون ريبة ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها وعلى ذلك لا يجوز لها أن تكشف لهم عن زينتها ولو كانوا صالحين موثوقا بهم؛ لأن الله حصر جواز إبداء الزينة في أناس بينهم في الآية السابقة وليس أخو الزوج ولا عمه ولا ابن عمه ونحوهم منهم، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم))، والمراد بذي المحرم من يحرم عليه نكاحها على التأبيد لنسب أو مصاهرة أو رضاع كالأب والابن والأخ والعم ومن يجري مجراهم. وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة أن ذلك عادة أهلهم أو أهل بلدهم فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم في إزالة هذه العادة وأن يتعاونوا في القضاء عليها، والتخلص من شرها محافظة على الأعراض وتعاونا على البر والتقوى، وتنفيذا لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها، وأن يجتهدوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه، ولا تأخذهم في نصرة الحق وإبطال الباطل لومة لائم، ولا يردهم عن ذلك سخرية أو استهزاء من بعض الناس، فإن الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف من عقابه، ولو خالفه في ذلك أقرب الناس وأحب الناس إليه. ولا يجوز اتباع الأهواء والعادات التي لم يشرعها الله سبحانه وتعالى، لأن الإسلام هو دين الحق والهدى والعدالة في كل شيء، وفيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنهي عما يخالفها.
والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لما يرضيه، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.