تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الباب الذي لا يغلق في وجه سائل


جميل2006
18-01-2010, 07:00 AM
الباب الذي لا يغلق في وجه سائل

بقلم على الطنطاوي رحمه الله





اسرد عليكم قصة أسره أمريكية فيها ستة أولاد, أبوهم فلاح متين البناء
قوي الجسد ماضي العزم وأمهم امرأة عاقلة مدبرة حازمة,

فتربى الأولاد على الصبر والاحتمال حتى صاروا رجالا قبل أوان الرجولة.

وخرج الصغير يوما يلعب, وكان في الثالثة عشرة, فقفز من فوق صخره عالية قفزه
وقع منها على ركبته, وأحس بألم فيها,

الم شديد لا يصبر عليه ولد مثله, ولكنه احتمله وصبر عليه ولم يخبر به احد.

وأصبح فغدا على مدرسته يمشي على رجله, والألم يزداد وهو يزداد صبرا عليه,
حتى مضى يومان, فظهر الورم في رجله وازرق وعجز

عن إن يخطو عليها خطوه واحدة. فاضطربت أمه وجزع أبوه, وسألاه

عن خبرها فأخبرهما الخبر, فأضجعوه في فراشه وجاءوا بالطبيب, فلما رآها علم انه
قد فات أوان العلاج وأنها إن لم تقطع فورا مات الولد من تسمم الدم,

فانتحى بأبيه ناحية وخبره بذلك همسا

يحاذر أن يسمع الولد قوله, ولكن الولد سمع وعرف أنها ستقطع رجله, فصرخ: لا,
لا تقطعوا رجلي, لا تقطعوا رجليِ

,, أبي ,, أنقذني.

وحاول أن يقفز على رجل واحدة ويهرب منهم, فأمسك به أبوه ورده إلى فراشه,
فنادى أمه نداء يقطع القلوب: أمي , أمي , أنقذيني "لانقطعوا رجلي.

ووقفت الأم المسكينة حائرة تحس كأن كبدها تتمزق: قلبها يدعوها إلى نجدة ابنها
ويفيض حنانا عليه وحبا له, وعقلها يمنعها ويناديها

إن تفتدي حياته برجله.

ولم تدر ماذا تصنع, فوقف وقلبها يتفطر ودمعها يتقاطر, وهو ينظر إليها نظر الغريق إلى من
ظن انه سينقذه. فلما رآها لا تتحرك يئس منها

كما يئس من أبيه

من قبل, وجعل ينادي أخاه ادغار بصوت يختلط فيه النداء بالبكاء والعويل:

ادغار, ادغار! أين أنت يا ادغار؟ أسرع فساعدني! أنهم يريدون أن يقطعوا رجلي!

وسمع أخوه ادغار (وهو اكبر منه بقليل) صراخه فأقبل مسرعا, فشد قامته ونفخ صدره
ووقف دون أخيه متنمرا مستأسدا وفي عينيه بريق عزيمة لا تقهر,

وأعلن انه لن يدع أحدا يقترب منه. وكلمه أبوه ونصحته أمه, وهو يزداد حماسه,
وأخوه يختبئ وراءه ويتمسك به فيشد ذلك من عزمه. وحاول أبوه

أن يزيحه بالقوة, فهجم على أبيه وعلى الطبيب الذي جاء يساعده. واستأسد واستيأس.

والإنسان إذا استيأس صنع الأعاجيب. ألا ترون الدجاجة إذا هجم احد على فراخها كيف
تنفش ريشها وتقوم دون فراخها؟

والقطه إذا ضويقت كيف تكشر عن أنيابها وتبدي مخالبها؟ أن الدجاجة تتحول صقرا جارحا
والقطه تغدو ذئبا كاسرا. وادغار

صار رجلا قويا وحارسا ثابتا,

يتزحزح الجدار ولا يتزحزح عن مكانه. وتركوه أملين أن يمل أو يكل فيبتعد عن أخيه, ولكنه
لم يتحرك وبقي يومين كاملين واقفا على باب أخيه يحرسه ,



لم يأكل في اليومين إلا لقيمات قربوها إليه, ولم ينم إلا لحظات, والطبيب يجئ ويروح, ورجل
الولد تزداد زرقة وورما. فلما رأى الطبيب

ذلك نفض يده وأعلن انها لم تبق فائدة من العملية الجراحية وان الولد سيموت, وانصرف.
ووقفوا جميعا أمام الخطر المحدق.

****************************

ماذا يصنع الناس في ساعة الخطر؟ إن كل إنسان- مؤمنا كان أو كافرا- يعود في ساعة
الخطر إلى الله, لأن الأيمان مستقر في كل نفس حتى في نفوس الكفار,

ولذلك قيل له "كافر" والكافر في لغة العرب "الساتر", ذلك انه يسر إيمانه ويغطيه, بل يظن
هو نفسه أن الإيمان قد فقد من نفسه,

فإذا هزته الأحداث ألقت الق عنه غطاءه فظهر.

قريش التي كان تعبد هبل واللات والعزى إنما كانت تعبدها ساعة الأمن, تعبدها هزلا منها,
فإذا جد الجد وركب القرشيون السفينة وهاج البحر من

حولها بموج كالجبال, وصارت سفينتهم بيد الموج كريشه من كف الرياح, وظهر الخطر وعم الخوف,
بدا الإيمان الكامن في أعماق النفس فلم يدعوا اللات

ولا العزى ولا هاتيك المسخرات, ولكن دعوا الله رب الأرض والسماوات.

وعندما تغرق السفينة وتبقى أنت على لوح الخشب بين الماء والسماء, لا تجد ما تصنع
إلا أن تنادي : "يا الله". هذا فرعون الذي طغى وبغى وتكبر وتجبر,

حتى قال أحمق مقاله قالها إنسان, قال " أنا ربكم الأعلى", لما أدركه الغرق قال: أمنت
بالذي أمنت به بنو إسرائيل!

وعندما تضل في الصحراء ويحرق العطش جوفك وترى الموت يأتيك من كل مكان, لاتحد
ما تصنع إلا أن تنادي :" يا الله".

وعندما تتعاقب سنوات القحط ويمتد المطر,

وفي غمرة المعركة العابسة التي يرقص فيها الموت, وعندما يدنف المريض ويعجز الأطباء,
يكون الرجوع إلى الله, هنالك ينسى الملحد الحادة والمادي

ماديته والشيوعي شيوعيته, ويقول الجميع "يالله"!

************************

لما ذهب الطبيب وستحكم اليأس وملأ قلوب الجميع : قلب الولد الخائف وأخيه المستأسد
المتنمر وأبيه وأمه, واستشعروا العجز ولم تبق في أيديهم

حيله وبلغوا

مرتبة المضطر, مدوا أيديهم إلى الله يطلبون منه الشفاء وحده, يطلبونه بلا سبب يعرفونه لأنها
قد تقطعت بهم الأسباب. والله الذي يشفي بسبب الدواء

والطب قادر

على إن يشفي بلا طب ولا دواء. مدوا أيديهم وجعلوا يقولون : "يالله", يدعون دعاء المضطر,

والله يجيب دعوة المضطر ولو كان فاسقا, ولو كان كافرا, مادام قد

التجأ إليه

واعتمد عليه ووقف ببابه وعلق أمله به وحده, يجيب دعوته أن طلب الدنيا, أما الأخره فلا
تجاب فيها دعوته لأنه كافر لأيؤمن بالأخره.

هؤلاء الكفار لما دعوا الله مخلصين له الدين استجاب دعاءهم ونجاهم الى البر, بل هذا شر
الخلق إبليس لما دعاء دعاء المضطر فقال:"رب انظرني

إلى يوم يبعثون" قال له :"انه من المنظرين".

ولو أمعنتم النظر في أسلوب القران لوجدتم أن الله لم يخبر في القران أخبارا انه يجيب دعوة
المضطر, لأن ذلك مشاهد معلوم, ولكن ذكره حجه على المشركين فقال"

أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان
لكم أن تنبوا شجرها؟ االه مع الله؟ بل هم قوم يعدلون .

امن جعل الأرض

قرارا وجعل خلالها انهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا؟ االه مع الله ؟
بل أكثرهم لا يعلمون. امن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء,

ويجعلكم خلفاء الأرض؟ االه مع الله ؟ قليلا ما تذكرون"

يأيها القراء أنهم لما دعوا نظروا فإذا الورم بدأ يخف والزرقة تمحي والألم يتناقص,
ثم لم يمض يومان حتى شفيت الرجل تماما وجاء الطبيب فلم يكد يصدق

مايراه.

ستقولون: هذه قصه خيالية أنت اخترعتها وتخيلتها. فما قولكم أن دللتكم على صاحبها؟
أن هذا الولد صار مشهورا ومعروفا في الدنيا كلها

وهو الذي روى القصة

بلسانه, هذا الولد هو ايزنهاور, القائد العام لجيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية
ورئيس أميركا بعد ذلك.

**************************

وقد وقعت لي حوادث رايتها وعشتها, أو وقعت لمن كان حولي
سمعتها وتحققت منها. سنة 1957 مرضت مرضة طويلة لخيانة من

طبيب شاب شيوعي وضع لي جرثومة يسمونها (العصيات الزرقاء) قليله نادرة في بلادنا ,
وكانت شكواي من حصاة في الكلية أقاسي

من نوباتها التي لا يعرف مداها إلى من قاساها , فانضمت إليها أمراض أخرى لم يكن لي عهد بها .
وقضيت في المستشفى, مستشفى

الصحة المركزية في دمشق ثم في مستشفى كلية الطب, بضعة عشر شهرا, أقيم فيه ثم اخرج
منه ثم أعود إليه, وكانوا كل يوم يفحصون

البول مرتين وينظرون ما فيه. فلما طال في الأمر وضاق مني صدري توجعت إلى الله فسألته
إحدى الراحتين, الشفاء إن كان الشفاء خيرا لي

أو الموت إن كان في الموت خير لي. وكان يدعوا لي كثير ممن يحبني, وان كنت لا أستحق
هذا الحب من الأقرباء ومن الأصدقاء. قلما

توجهت ذالك اليوم إلى الله مخلصا له نيتي واثقا بقدرته على شفائي , سكن الألم وتباعدت
النوبات , وفحصوا البول كما كانوا يفحصونه

كل يوم فإذا به قد صفا وزال أكثر ما كان فيه . وعجب الأطباء ودهشوا واجتمعوا يبحثون ,
فقلت لهم : لا تتعبوا أنفسكم ,

فهذا شئ جاء من وراء طبكم . إن الله أمرنا أن نطلب الشفاء من الطب ومن الدواء قادر
على أن يشفي بلا طب ولا دواء



*********

ولما قدمت المملكة سنة 1382 هــــ

أقمت سنه في الرياض (ثم جئت إلى مكة ولبثت فيها إلى الآن ),

وكان معنا فيها رجل من الشام لا اسميه, كان مقيم

في الرياض هو وأمه, فعرض له عمل اقتصي سفره إلى لبنان. وكرهت أمه هذا السفر لئلا تبقى
وحدها ,

فلما حل موعده حمل ثقله (أي حقائب وأشياءه)

إلى المطار , فسلمه إلى الشركة وذهب إلى بيته على أن يأتي الفجر ليسافر , ورجا أمه أن
توقظه قبيل الفجر,

فلم توقظه حتى بقي لموعد قيام الطيار ثلاث’

أرباع الساعة , فقام مسرعا وأخذ سيارة وحث السائق على أن يبلغ به المطار ويضاعف له الأجر ,
وجعل يدعوا الله أن يلحق بالطيارة قبل أن تطير

. ولما وصل

وجد أنه لا يزال بينه وبين الموعد ربع ساعة, فدخل المقصف وقعد على الكرسي فنام,

ونودي من المكبر على ركاب الطائرة أن يذهبوا إليها فلم يسمع

هذا النداء,

وما صحا حتى كانت الطيارة قد علت في الجو ؟ وكنت معه, فجعل يعجب كيف دعا الله
بهذا الإخلاص دعاء المضطر ولم يستجيب له.

وجعلت أهون الأمر

عليه وأقول له: إن الله لا يرد دعوة داع مخلص مضطر أبدا, ولكن الإنسان يدعو بالشر دعاءه
بالخير, والله أعلم بمصلحته منه.

وأهمه الغضب والحزن عن إدراك ما أقوله . أفتدرون ماذا كانت خاتمةة هذه القصة؟

لعل منكم من يذكر طيارة الشرق الأوسط التي سقطت تلك السنة وهلك من
كان فيها. هذه هي الطيارة التي

حزن على أنها فاتته .

إن الإنسان قد يطلب من الله ما يضره, ولكن الله أرحم به من نفسه. وإذا كان الأب يأخذ
ولده الصغير إلى السوق

فيرى اللعبة فيقول : أريدها , فيشتريها له ,

ويبصر الفاكهة الجميلة فيوصله إليها , ويطلب الشكلاطة فيشتري له ما يطلبه منها ,
فإذا مر على الصيدلية

ورأى الدواء الملفوف بالورقة الحمراء فأعجبه

لونه فطلبه , هل يشتريه له وهو يعلم أنه يضره ؟ إذا كان الأب وهو أعرف بمصلحة ولده
لا يعطيه كل ما يطلب ما لا يفيده ,

فالله أرحم بالعباد من أبائهم ومن أمهاتهم .



**************



وقد وقع لي مره ( وذكرت هذا في بعض أحاديثي من قبل)

أن دعانا كبير أسرتنا الدكتور طاهر الطنطاوي الذي توفي من زمن بعيد رحمة الله عليه ,

إلى جمع في بيته يضم أفراد الأسرة جميعا , وأعد لهم مائدة وضع فيها كل ما يلذ ويطيب وهيأ لهم كل

ما يسرهم ورضيهم , وذهبت إلى الاجتماع

وكنت منشرح الصدر , فيا لبثت فيه ألا نصف ساعة حتى ضاق صدري وأحسست كأن دافعا يدفعني إلى الخروج وأنني إن

بقيت اختنقت .

واستأذنت بالانصراف فعجبوا مني, وكنت أنا أعجب من نفسي ولا أعرف سببا لهذا الذي حل بي. وفسد الاجتماع وضاع ما كانوا يتوقعونه من

المسرة والانبساط وألقوا اللوم على , وأنا أعذرهم ولا أدري لما فعلت سببا . وكانت داره في سفح جبل قاسيون في منطقة اسمها حي العفيف ,

وخرجت , ومر بي الترام وكان فارغا , وهممت بأن أصعد إليه , ثم أحسست كأن يدا قوية تصدني عنه وتمنعني من ركوبه ,

فمشيت على رجلي ولا أعرف إلى أين أنا ذاهب.

وثقوا أني أصف لكم ما وقع كأنه وقع بالأمس, وقد مر عليه الآن أكثر من ثلاثين سنة. ما مشيت إلا قليلا,

وكان الطريق مقفرا والليل ساكنا, فوجدت

امرأة تحمل ولدا وتسحب بيدها ولدا, وهي تنشج وتبكي وتدعو دعاء خافنا لم أتبينه.
فاقتربت منها وسألتها:

ما لكي يا أختي؟ فنفرت مني

وحسبتني أبتغي السوء بها. ونظرت إلي, فلما رأت أنني كهل وأنه لا يبدو علي ما تخشاه نفضت
لي صدرها وشرحت لي أمرها ,

وإذا قصتها

أنها من حلب وأن زوجها يعمل موظفا في دمشق , وأنه طردها من بيته وهي لا تعرف أين تذهب ,
وما لها إلا خال لا تستطيع الوصول إلى مكانه.



فقلت لها: أنا أوصلك إلى بيت خالك, واذهبي من الغد إلى المحكمة فارفعي شكواك إلى القاضي.
فازداد بكاؤها وقالت:

وكيف لي بالوصول إلى القاضي وأنا امرأة مسكينة,

والقاضي لا يستقبل مثلي ولا يستمع إليه ؟

وكنت أنا يومئذ قاضي دمشق ,فقلت لها: لقد استجاب الله دعاءك يا امرأة لأنك مظلومة ,

ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب, وأنا القاضي,

وقد استخر جني الله من بين أهلي وجاء بي إليك لأقضي إن شاء الله حاجتك , وهذه بطاقتي
تذهبين بها غدا إلى المحكمة فتلقينني.





*******************

ولما جئت مكة كنت أقعد مع طائفة من الإخوان كل يوم في موضع المكبرية قرب سدة المؤذنين ,

وكان يقعد معنا كهل كبير السن فلسطيني صالح لا يكاد يفارق المسجد,

جاء محرما مع بنت له وبنت أخيه. وكنت أستمع إلى حديثه وأحبه لأنه كان صافي
القلب صادق اللهجة صالحا ,

فانقطع عنا أياما طويلة, وسألت عنه فلم أجد من

يعرف مكانه أو يعرف اسم ينته أو بنت أخيه , ثم جاءنا يمشي على رجليه بعد خمسة عشر يوما , فقلت له : أهلا يا أبا فلا ن ,

أين كنت وما هذه الغيبة التي غبتها عنا؟



فقال : اسمعوا أحدثكم حديثي , وثقوا أنني إن شاء الله لا أقول غير الحق . لقد أصابني ألم في رجلي لم أعد أستطيع معه أن أجلس عليها,

والبنتان تخدمانني وتعتنيان بي حتى أحسست منهما بعض الضيق والملل,

فتوجهت إلى الله وصرخت صرخة سمعت من أقصى الدار: بالله " لا اعترض على قضائك,

ولكن لماذا لا تشقيني ؟ ( يقولها بلهجته العامية المخلصة) ألم أدعك ؟

ألم تقل يا رب ادعوني أستجب لكم ؟ فها أنا ذا دعوتك فلماذا مل تستجب لي ؟



وقال كلاما طويلا لا يخرج عن هذه المعاني . قال: وسمعتني البنتان _ فقامتا من فراشيهما,

وأقبلتا على تتعجبان مني تقولان: مع من تتكلم ؟

وكن غائبا عن نفسي متوجها إلى الله بكل فلبي ومشاعري, فنبهني كلامهما وأرجعني إلى نفسي والى ما حولي,

وأحسست كأنني صحوت من حلم أكأنني كنت أحلق في الجو بلا جناح وأنني هبطت إلى الأرض, وسكت وصرفتهما

إلى منامهما. وكانت رجلي متصلبة لا أستطيع تحريكها, وإذا بالآلام

التي كنت أجدها قد زالت كلها. وجربت أن أقعد كالذي ليس به مرض, ثم حاولت أن أقوم فقمت ليس بي شيء.

وكنا بضعة عشر رجلا نستمع منه هذا الحديث, فما شك واحد منا مما جاء فيه. وعندي من أمثال

هذه الأخبار الكثير, وفي كتاب (الفرج بعد الشدة) للقاضي التنوخي

, بل إن في كتاب ( دع القلق وابدأ الحياة ) كثيرا من أمثالها.



******************



والدعاء لا ينافي اتخاذ الأسباب,

والله الذي جعل الشفاء بالدواء جعله بمجرد الدعاء, لكن لا تدعوا تجريبا ؟ تقولون:

سننظر هل نستفيد من دعائنا أم

نبقى على حالنا ؟ فان من شرط استجابة الدعاء أن تكون واثقا منها. ثم إن الله لا يضيع دعوة داع أبدا, فإما أن يعطيه الذي يطلبه,

أو يعطيه ما هو خير له منه, أو يدخر الدعوة له في الآخرة.



وان في صيغ الدعاء صيغة أقرب إلى الإجابة من صيفه , وزمانا أرجى لها من زمان , ومكان أفضل من مكان ,

ولكن المدار كله أو جله على ارتباط القلب بالله

وعلى إخلاص الدعاء له, وعلى أن لاتدعوا معه غيره ولا تبتغى وسيلة إليه إلا بما شرع هو.

والمسلم لا يدعوا دعاء العاجز الخامل , بل يبتغى الأسباب كلها ويعمل كل ما أقدره الله عليه ,

ويمتثل إن كان مريضا أمر

رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال: (وإذا أراد الرزق طرق كل أبواب الكسب المباح, ثم يمد يديه فيسأل الله .

فالدعاء هو السبب الأخير الذي

لا يخيب الأسباب, والرسول عليه الصلاة والسلام دعا وألح في الدعاء حتى سقط رداؤه عن منكبه, ولكنه أعد قبل ذالك الجند

وصفهم للمعركة وخطط لها, عمل كل ما يقدر عليه البشر ثم دعا الله.

واعلموا أن الله جعل للحوادث أسبابا وفتح للمطالب أبوابا, فاطلبوا الأمور بأسبابها وادخلوا البيوت من أبوابها ,

فلا يقعد الطالب عن الدراسة

ويطلب النجاح , ولا ينتظر الفلاح الحصاد من غير حرث ولا بذار , ولا ترقب الأمة النصر بال استعداد ولا جهاد ,

فان الذي قال لنا : ادعوا ,

هو الذي قال لنا : اعملوا . ونحن نؤمن بالكتاب كله لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض , والقدوة والأسوة في سيرة

رسول الله وأكرم الناس على الله , صلى الله عليه وسلم .

فمن استنفد الأسباب وغلقت في وجهه الأبواب فليمدد يديه وليقل (يا الله )

يجد الله سميعا مجيبا كريما رحيما, وما خاب قط امرؤ قال: (يا الله).


--
سبحانك اللهم بحمدك استغفرك واتوب اليك.

د. أحمد الخضير
18-01-2010, 12:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


موضوع جميل وقصص مؤثره ودروس مستفاده من تجارب واقعيه

والعبره لمن يريد أن يعتبر

بارك الله فيك

زيــنــه
20-01-2010, 02:23 AM
جزاك الله خير ..
الدعاء هو العبادة ..
نسأل الله صدق الدعاء والتوكل والقبول ..

زهرة الشرقيه
20-01-2010, 04:29 AM
http://www.fohadi.com/gif/data/media/4/165792105.gif

جميل2006
20-01-2010, 06:43 AM
بارك الله فيكم ووفقكم لكل خير

وأشكر لكم طيب مروركم

نجلااء الرياض
21-01-2010, 11:26 PM
"جــــزاك الله خيـــر "
،،،

سهام6
22-01-2010, 12:30 AM
أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء,,,

جزاك الله خيرا

سهام الليل2
22-01-2010, 01:47 AM
يكفي ان يمر الانسان على مثل هذا الموضوع ثم يذهب للنوم الله يجزاك خير ويرحم والديك كل التقدير .