hot_line
06-10-2009, 05:49 PM
ثقافة الخسارة متى نتعلمها؟
قع نملة تاكل سكر" هذا مثل حضرمي شهير ويرمز لتاجر آلى أن يستصغر نفسه ويحافظ على صورته الصغيرة والغير مبهرجة أو يصاحبها صخب إعلامي بأنه رجل أعمال يملك الملايين سواء بالمئات أو البلايين, فالأفضل أن يظل "نملة" لكي يستمر بأكل السكر ولا من شاف أو عرف.
ومثل حضرمي آخر يقول "إذا كان في التجارة خسارة ترك التجارة تجارة" أي من لا يؤمن بوجود الخسارة بعالم التجارة فخير له أن يترك التجارة لأنها ستصبح له تجارة ويحافظ ما تبقى له, ومثل آخر حضرمي يقول "البياع خسران" و"إذا نويت تودعه بعه" أي هي دعوة لعدم التفريط بالبيع, ولكم في كبار السن لدينا حكمة فهم لا يبيعون نهائيا إلا بأصعب الظروف وأحلكها فلا للبيع, وطبعا هنا لا يعني عدم البيع في كل الأحوال, ولكن هي رمزية أن عدم البيع هي السياسية التجارية الأولى كما هي العقار والأسهم (وليس كل الأسهم) فدائما الدعوة هي بالاحتفاظ والاستثمار, ومثل آخر حضرمي يقول "أيش عرفك ياحيك بالسناوه" الحيك طبعا هي الحياكة والنسيح والسناوه هي لمن يجلب الماء من البئر والمثل يقصد بمعناه أن لا تعمل بما ليس لك به علم أو تخصص.
هذه بعض الأمثلة من المدرسة "الحضرمية" التي لا اخفي إعجابي الشديد بها, ولا ننكر أن ببلادنا والحمدلله تجار رواد وكبار من حضرموت ونعتز بهم كثيرا, وهم الآن أبناء من هذا الوطن, ولست هنا لتمجيد المدرسة الحضرمية, ولكن لفت انتباهي الإحصاء الأخير عن الثروات والذي ذكر من خلاله أن 400 ثري أمريكي تكبدوا 300 مليار دولار خسائر وأن أذكى وأبرز هؤلاء هو وارن بافيت الذي تكبد خسائر تقارب 10 مليارات وهو أكثر مستثمر عالمي محنك وبنى نفسه من الصفر بكل جدارة ولازال لا يستخدم الهاتف النقال وسيارة القديمة وبيتة القديم يحافظ عليهم, ومن يريد أن يستزيد لكم في كتابة دروس وعبر, هذا الرجل "بافيت" خسر ما خسر الآن, ويؤكد أنه إذا لم أخسر وحتى وإن وصلت إلى 20% فلن يعني شيء في ظل أنني "أي بافيت" اتخذت القرار الصحيح, وهو يمارس تطبيق الأمثلة "الحضرمية" التي ذكرتها "البياع خسران" و "وإذا نويت تودعه بعه" و "إذا كان في التجارة خسارة ترك التجارة تجارة" هذا تجسيد واقعي ولكن لا يعني لأي شراء أو استثمار بل بقرارات مدروسة وتحليل صحيح وشركات واعدة, لا يعني شيئاً أن تخسر شيئاً في استثمارك بل هي عامل إيجابي وصحي تماما, لأنها ستقدم لك الدروس والعبر لكي تتفادى ما قد أخطأت به, وقد تكون الخسارة هي اقتناص فرص في الأزمات, فحين تشتري ويهبط السعر لظروف أزمة اقتصادية فهذا طبيعي ولكن حين تستعيد صحتها شيئا فشيئا ستكون هي الأسرع في التعافي, ثقافة الخسارة أنها شيء طبيعي وصحي لا أشاهدة في مجتمعنا فالكثير جدا يريد الشراء اليوم ويربح خلال ساعة أو يوم أو شهر, وإن هبط السعر فإن هناك "مؤامرة" وغشاً وتدليساً, ولا أجد ثقافة محاسبة النفس هل أنا اتخذت القرار الصحيح في الوقت والسعر المناسب؟ ثقافة الثروات والغنى لا تأتي في يوم وليلة بالظروف الطبيعية وكل أصحاب الثراوت "العصاميين" احتاجوا إلى عقود من الزمن لتحقيق أهدافهم, ولن تجد بتقديري تاجراً عصامياً يخرج من السوق أو يفلس, قد يمر بمصاعب ويمرض، ولكن سيعود أكثر قوة لأنه الأكثر قراءة وإدراكاً للتجارة من غيره.
راشد الفوزان
صحيفة الرياض
6 - 10 - 2009
قع نملة تاكل سكر" هذا مثل حضرمي شهير ويرمز لتاجر آلى أن يستصغر نفسه ويحافظ على صورته الصغيرة والغير مبهرجة أو يصاحبها صخب إعلامي بأنه رجل أعمال يملك الملايين سواء بالمئات أو البلايين, فالأفضل أن يظل "نملة" لكي يستمر بأكل السكر ولا من شاف أو عرف.
ومثل حضرمي آخر يقول "إذا كان في التجارة خسارة ترك التجارة تجارة" أي من لا يؤمن بوجود الخسارة بعالم التجارة فخير له أن يترك التجارة لأنها ستصبح له تجارة ويحافظ ما تبقى له, ومثل آخر حضرمي يقول "البياع خسران" و"إذا نويت تودعه بعه" أي هي دعوة لعدم التفريط بالبيع, ولكم في كبار السن لدينا حكمة فهم لا يبيعون نهائيا إلا بأصعب الظروف وأحلكها فلا للبيع, وطبعا هنا لا يعني عدم البيع في كل الأحوال, ولكن هي رمزية أن عدم البيع هي السياسية التجارية الأولى كما هي العقار والأسهم (وليس كل الأسهم) فدائما الدعوة هي بالاحتفاظ والاستثمار, ومثل آخر حضرمي يقول "أيش عرفك ياحيك بالسناوه" الحيك طبعا هي الحياكة والنسيح والسناوه هي لمن يجلب الماء من البئر والمثل يقصد بمعناه أن لا تعمل بما ليس لك به علم أو تخصص.
هذه بعض الأمثلة من المدرسة "الحضرمية" التي لا اخفي إعجابي الشديد بها, ولا ننكر أن ببلادنا والحمدلله تجار رواد وكبار من حضرموت ونعتز بهم كثيرا, وهم الآن أبناء من هذا الوطن, ولست هنا لتمجيد المدرسة الحضرمية, ولكن لفت انتباهي الإحصاء الأخير عن الثروات والذي ذكر من خلاله أن 400 ثري أمريكي تكبدوا 300 مليار دولار خسائر وأن أذكى وأبرز هؤلاء هو وارن بافيت الذي تكبد خسائر تقارب 10 مليارات وهو أكثر مستثمر عالمي محنك وبنى نفسه من الصفر بكل جدارة ولازال لا يستخدم الهاتف النقال وسيارة القديمة وبيتة القديم يحافظ عليهم, ومن يريد أن يستزيد لكم في كتابة دروس وعبر, هذا الرجل "بافيت" خسر ما خسر الآن, ويؤكد أنه إذا لم أخسر وحتى وإن وصلت إلى 20% فلن يعني شيء في ظل أنني "أي بافيت" اتخذت القرار الصحيح, وهو يمارس تطبيق الأمثلة "الحضرمية" التي ذكرتها "البياع خسران" و "وإذا نويت تودعه بعه" و "إذا كان في التجارة خسارة ترك التجارة تجارة" هذا تجسيد واقعي ولكن لا يعني لأي شراء أو استثمار بل بقرارات مدروسة وتحليل صحيح وشركات واعدة, لا يعني شيئاً أن تخسر شيئاً في استثمارك بل هي عامل إيجابي وصحي تماما, لأنها ستقدم لك الدروس والعبر لكي تتفادى ما قد أخطأت به, وقد تكون الخسارة هي اقتناص فرص في الأزمات, فحين تشتري ويهبط السعر لظروف أزمة اقتصادية فهذا طبيعي ولكن حين تستعيد صحتها شيئا فشيئا ستكون هي الأسرع في التعافي, ثقافة الخسارة أنها شيء طبيعي وصحي لا أشاهدة في مجتمعنا فالكثير جدا يريد الشراء اليوم ويربح خلال ساعة أو يوم أو شهر, وإن هبط السعر فإن هناك "مؤامرة" وغشاً وتدليساً, ولا أجد ثقافة محاسبة النفس هل أنا اتخذت القرار الصحيح في الوقت والسعر المناسب؟ ثقافة الثروات والغنى لا تأتي في يوم وليلة بالظروف الطبيعية وكل أصحاب الثراوت "العصاميين" احتاجوا إلى عقود من الزمن لتحقيق أهدافهم, ولن تجد بتقديري تاجراً عصامياً يخرج من السوق أو يفلس, قد يمر بمصاعب ويمرض، ولكن سيعود أكثر قوة لأنه الأكثر قراءة وإدراكاً للتجارة من غيره.
راشد الفوزان
صحيفة الرياض
6 - 10 - 2009