أبو ركـــــون
06-10-2008, 02:32 AM
((شرح مبسَّط جداً لأزمة المال الأمريكية))
يعيش " مستر سعيد " مع عائلته في شقة مستأجرة وراتبه ينتهي دائما قبل نهاية الشهر. حلم مستر سعيد أن يمتلك بيتاً في " لوس انجيلوس "، ويتخلص من الشقة التي يستأجرها بمبلغ 700 دولار شهرياً. ذات يوم فوجئ مستر سعيد بأن زميله في العمل، مستر نبهان السَهيان، اشترى بيتاً بالتقسيط. ما فاجأ مستر سعيد هو أن راتبه الشهري هو راتب مستر نبهان نفسه، وكلاهما لا يمكنهما بأي شكل من الأشكال شراء سيارة مستعملة بالتقسيط، فكيف بشراء بيت؟
لم يستطع سعيد أن يكتم مفاجأته فصارح نبهان بالأمر، فأخبره نبهان أنه يمكنه هو أيضاً أن يشتري بيتا مثله، وأعطاه رقم تلفون المكتب العقاري الذي اشترى البيت عن طريقه . لم يصدق مستر سعيد كلام مستر نبهان، لكن رغبته في تملك بيت حرمته النوم تلك الليلة، وكان أول ما قام به في اليوم التالي هو الاتصال بالمكتب العقاري للتأكد من كلام مستر نبهان السهيان ، ففوجئ بالاهتمام الشديد، وبإصرار الموظفة "مسز سهام نصابين" على أن يقوم هو وزوجته بزيارة المكتب بأسرع وقت ممكن. وشرحت مسز سهام لمستر سعيد أنه لا يمكنه الحصول على أي قرض من أي بنك بسبب انخفاض راتبه من جهة، ولأنه لا يملك من متاع الدنيا شيئا ليرهنه من جهة أخرى. ولكنها ستساعده على الحصول على قرض، ولكن بمعدلات فائدة عالية
ولأن مسز سهام تحب مساعدة "العمال والكادحين" أمثال مستر سعيد فإنها ستساعده أكثر عن طريق تخفيض أسعار الفائدة في الفترة الأولى حتى يقف سعيد على رجليه.. كل هذه التفاصيل لم تكن مهمة لسعيد. المهم ألا تتجاوز الدفعات 700 دولار شهريا
*******
باختصار، اشترى مستر سعيد بيتاً في شارع "البؤساء" دفعاته الشهرية تساوي ما كان يدفعه إيجاراً للشقة. كان سعيد يرقص فرحاً واخذ يرسل عناونه لكل الناس داخل وخارج امريكا ، ولكل الشركات بالداخل والخارج ، واخذ يتحدث عن هذا الحدث العظيم في حياته - منزل بالحديقة الخاصه به فى لوس انجيلوس - . فكل دفعة شهرية تعني أنه يتملك جزءا من البيت، وهذه الدفعة هي التي كان يدفعها إيجارا في الماضي. أما البنك، بنك التسليف الشعبي، فقد وافق على إعطائه أسعار فائدة منخفضة، دعما منه "لحصول كل مواطن على بيت"، وهي العبارة التي ذكرها رئيس المدينه ، مستر نايم بن صاحي، في خطابه السنوي في مجلس رؤساء المدن والولايات والعشائر
مع استمرار أسعار البيوت في الارتفاع، ازدادت فرحة سعيد، فسعر بيته الآن أعلى من الثمن الذي دفعه، ويمكنه الآن بيع البيت وتحقيق أرباح مجزية. وتأكد سعيد من هذا عندما اتصل ابن عمه مستر سحلول ليخبره بأنه نظرا لارتفاع قيمة بيته بمقدار عشرة آلاف دولار فقد استطاع الحصول على قرض قدره 30 ألف دولار من البنك مقابل رهن جزء من البيت. وأخبره أنه سينفق المبلغ على الإجازة التي كان يحلم بها في جزر هاواى ، وسيجري بعض التصليحات في البيت. أما الباقي فإنه سيستخدمه كدفعة أولية لشراء سيارة جديدة
*******
القانون لا يحمي المغفلين
إلا أن صاحبنا مستر سعيد أبو الحزن، وزميله مستر نبهان السهيان لم يقرآ العقد والكلام الصغير المطبوع في أسفل الصفحات. فهناك فقرة تقول إن أسعار الفائدة متغيرة وليست ثابتة. هذه الأسعار تكون منخفضة في البداية ثم ترتفع مع الزمن. وهناك فقرة تقول إن أسعار الفائدة سترتفع كلما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة
وهناك فقرة أخرى تقول إنه إذا تأخر عن دفع أي دفعة فإن أسعار الفائدة تتضاعف بنحو ثلاث مرات
والأهم من ذلك فقرة أخرى تقول إن المدفوعات الشهرية خلال السنوات الثلاث الأولى تذهب كلها لسداد الفوائد. هذا يعني أن المدفوعات لا تذهب إلى ملكية جزء من البيت، إلا بعد مرور ثلاث سنوات
بعد أشهر رفع البنك المركزي أسعار الفائدة فارتفعت الدفعات الشهرية ثم ارتفعت مرة أخرى بعد مرور عام كما نص العقد. وعندما وصل المبلغ إلى 950 دولاراً تأخر مستر سعيد في دفع الدفعة الشهرية، فارتفعت الدفعات مباشرة إلى 1200 دولار شهريا. ولأنه لا يستطيع دفعها تراكمت عقوبات إضافية وفوائد على التأخير وأصبح سعيد بين خيارين، إما إطعام عائلته وإما دفع الدفعات الشهرية، فاختار الأول، وتوقف عن الدفع
في العمل اكتشف سعيد أن زميله مستر نبهان قد طُرد من بيته وعاد ليعيش مع أمه مؤقتا، واكتشف أيضاً أن قصته هي قصة عديد من زملائه فقرر أن يبقى في البيت حتى تأتي الشرطة بأمر الإخلاء. مئات الألوف من "الولاية " عانوا المشكلة نفسها، التي أدت في النهاية إلى انهيار أسواق العقار
*******
أرباح البنك.. الذي قدم قرضا لسعيد.. يجب أن تقتصر على صافي الفوائد التي يحققها من هذا القرض، ولكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. قام البنك ببيع القرض على شكل سندات لمستثمرين، بعضهم من دول الخليج !!!!!!!!!!!!!!!! ( للأسف العرب يدفعون الثمن دائما وهى طريقة خبيثه للإستحواذ على عوائد النفط التى تزايدت الشهور الماضية )، وأخذ عمولة ورسوم خدمات منهم. هذا يعني أن البنك كسب كل ما يمكن أن يحصل عليه من عمولات وحول المخاطرة إلى المستثمرين
المستثمرون الآن يملكون سندات مدعومة بعقارات، ويحصلون على عوائد مصدرها مدفوعات مستر سعيد ومستر نبهان الشهرية. هذا يعني أنه لو أفلس سعيد أو نبهان فإنه يمكن أخذ البيت وبيعه لدعم السندات. ولكن هؤلاء المستثمرين رهنوا هذه السندات، على اعتبار أنها أصول، مقابل ديون جديدة للاستثمار في شراء مزيد من السندات
نعم، استخدموا ديونا للحصول على مزيد من الديون! المشكلة أن البنوك تساهلت كثيرا في الأمر لدرجة أنه يمكن استدانة 30 ضعف كمية الرهن
باختصار، مستر سعيد يعتقد أن البيت بيته، والبنك يرى أن البيت ملكه أيضاً. المستثمرون يرون أن البيت نفسه ملكهم هم لأنهم يملكون السندات. وبما أنهم رهنوا السندات، فإن البنك الذي قدم لهم القروض، بنك "ولاية عماير جبل الجن"، يعتقد أن هناك بيتا في مكان ما يغطي قيمة هذه السندات، إلا أن كمية الديون تبلغ نحو 30 ضعف قيمة البيت
*******
أما مستر سحلول، ابن عم سعيد، فقد أنفق جزءا من القرض على إجازته وإصلاح بيته، ثم حصل على سيارة جديدة عن طريق وضع دفعة أولية قدرها ألفا دولار، وقام بنك "فار سيتي" بتمويل الباقي. قام البنك بتحويل الدين إلى سندات وباعها إلى بنك استثماري اسمه " لا لي ولا لغيري"، الذي احتفظ بجزء منها، وقام ببيع الباقي إلى صناديق تحوط وصناديق سيادية في أنحاء العالم كافة. مستر سحلول يعتقد أنه يمتلك السيارة، وبنك "فار سيتي" يعتقد أنه يملك السيارة، وبنك "لالي ولا لغيري" يعتقد أنه يمتلك السيارة، والمستثمرون يعتقدون أنهم يملكون سندات لها قيمة لأن هناك سيارة في مكان ما تدعمها. المشكلة أن كل هذا حصل بسبب ارتفاع قيمة بيت سحلول، وللقارئ أن يتصور ما يمكن أن يحصل عندما تنخفض قيمة البيت، ويطرد سحلول من عمله
*******
القصة لم تنته بعد
بما أن قيمة السندات السوقية وعوائدها تعتمد على تقييم شركات التقييم هذه السندات بناء على قدرة المديون على الوفاء، وبما أنه ليس كل من اشترى البيوت له القدرة نفسها على الوفاء، فإنه ليست كل السندات سواسية. فالسندات التي تم التأكد من أن قدرة الوفاء فيها ستكون فيها أكيدة ستكسب تقدير "أ"، وهناك سندات أخرى ستحصل على "ب" وبعضها سيصنف على أنه لا قيمة له بسبب العجز عن الوفاء
لتلافي هذه المشكلة قامت البنوك بتعزيز مراكز السندات عن طريق اختراع طرق جديدة للتأمين بحيث يقوم حامل السند بدفع رسوم تأمين شهرية كي تضمن له شركة التأمين سداد قيمة السند إذا أفلس البنك أو صاحب البيت، الأمر الذي شجع المستثمرين في أنحاء العالم كافة على اقتناء مزيد من هذه السندات. وهكذا أصبح مستر سعيد ومستر نبهان ومستر سحلول أبطال الاقتصاد العالمي
في النهاية، توقف مستر سعيد عن سداد الأقساط، وكذلك فعل مستر نبهان ومستر سحلول وغيرهم، ففقدت السندات قيمتها، وأفلست البنوك الاستثمارية وصناديق الاستثمار المختلفة.. أما الذين اشتروا تأمينا على سنداتهم فإنهم حصلوا على قيمتها كاملة، فنتج عن ذلك إفلاس شركة التأمين أي آي جي
عمليات الإفلاس أجبرت البنوك على تخفيف المخاطر عن طريق التخفيض من عمليات الإقراض، الأمر الذي أثر في كثير من الشركات الصناعية وغيرها التي تحتاج إلى سيولة لإتمام عملياتها اليومية، وبدأت بوادر الكساد الكبير بالظهور، الأمر الذي أجبر حكومة الولايات المتحدة الأمريكية الى زيادة السيولة عن طريق ضخ كميات هائلة لإنعاش الاقتصاد الذي بدأ يترنح تحت ضغط الديون للاستثمار في الديون
*******
منقووووووووول للفائده عن
-د.أنس بن فيصل الحجي-
أكاديمي وخبير في شؤون المال والنفط
يعيش " مستر سعيد " مع عائلته في شقة مستأجرة وراتبه ينتهي دائما قبل نهاية الشهر. حلم مستر سعيد أن يمتلك بيتاً في " لوس انجيلوس "، ويتخلص من الشقة التي يستأجرها بمبلغ 700 دولار شهرياً. ذات يوم فوجئ مستر سعيد بأن زميله في العمل، مستر نبهان السَهيان، اشترى بيتاً بالتقسيط. ما فاجأ مستر سعيد هو أن راتبه الشهري هو راتب مستر نبهان نفسه، وكلاهما لا يمكنهما بأي شكل من الأشكال شراء سيارة مستعملة بالتقسيط، فكيف بشراء بيت؟
لم يستطع سعيد أن يكتم مفاجأته فصارح نبهان بالأمر، فأخبره نبهان أنه يمكنه هو أيضاً أن يشتري بيتا مثله، وأعطاه رقم تلفون المكتب العقاري الذي اشترى البيت عن طريقه . لم يصدق مستر سعيد كلام مستر نبهان، لكن رغبته في تملك بيت حرمته النوم تلك الليلة، وكان أول ما قام به في اليوم التالي هو الاتصال بالمكتب العقاري للتأكد من كلام مستر نبهان السهيان ، ففوجئ بالاهتمام الشديد، وبإصرار الموظفة "مسز سهام نصابين" على أن يقوم هو وزوجته بزيارة المكتب بأسرع وقت ممكن. وشرحت مسز سهام لمستر سعيد أنه لا يمكنه الحصول على أي قرض من أي بنك بسبب انخفاض راتبه من جهة، ولأنه لا يملك من متاع الدنيا شيئا ليرهنه من جهة أخرى. ولكنها ستساعده على الحصول على قرض، ولكن بمعدلات فائدة عالية
ولأن مسز سهام تحب مساعدة "العمال والكادحين" أمثال مستر سعيد فإنها ستساعده أكثر عن طريق تخفيض أسعار الفائدة في الفترة الأولى حتى يقف سعيد على رجليه.. كل هذه التفاصيل لم تكن مهمة لسعيد. المهم ألا تتجاوز الدفعات 700 دولار شهريا
*******
باختصار، اشترى مستر سعيد بيتاً في شارع "البؤساء" دفعاته الشهرية تساوي ما كان يدفعه إيجاراً للشقة. كان سعيد يرقص فرحاً واخذ يرسل عناونه لكل الناس داخل وخارج امريكا ، ولكل الشركات بالداخل والخارج ، واخذ يتحدث عن هذا الحدث العظيم في حياته - منزل بالحديقة الخاصه به فى لوس انجيلوس - . فكل دفعة شهرية تعني أنه يتملك جزءا من البيت، وهذه الدفعة هي التي كان يدفعها إيجارا في الماضي. أما البنك، بنك التسليف الشعبي، فقد وافق على إعطائه أسعار فائدة منخفضة، دعما منه "لحصول كل مواطن على بيت"، وهي العبارة التي ذكرها رئيس المدينه ، مستر نايم بن صاحي، في خطابه السنوي في مجلس رؤساء المدن والولايات والعشائر
مع استمرار أسعار البيوت في الارتفاع، ازدادت فرحة سعيد، فسعر بيته الآن أعلى من الثمن الذي دفعه، ويمكنه الآن بيع البيت وتحقيق أرباح مجزية. وتأكد سعيد من هذا عندما اتصل ابن عمه مستر سحلول ليخبره بأنه نظرا لارتفاع قيمة بيته بمقدار عشرة آلاف دولار فقد استطاع الحصول على قرض قدره 30 ألف دولار من البنك مقابل رهن جزء من البيت. وأخبره أنه سينفق المبلغ على الإجازة التي كان يحلم بها في جزر هاواى ، وسيجري بعض التصليحات في البيت. أما الباقي فإنه سيستخدمه كدفعة أولية لشراء سيارة جديدة
*******
القانون لا يحمي المغفلين
إلا أن صاحبنا مستر سعيد أبو الحزن، وزميله مستر نبهان السهيان لم يقرآ العقد والكلام الصغير المطبوع في أسفل الصفحات. فهناك فقرة تقول إن أسعار الفائدة متغيرة وليست ثابتة. هذه الأسعار تكون منخفضة في البداية ثم ترتفع مع الزمن. وهناك فقرة تقول إن أسعار الفائدة سترتفع كلما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة
وهناك فقرة أخرى تقول إنه إذا تأخر عن دفع أي دفعة فإن أسعار الفائدة تتضاعف بنحو ثلاث مرات
والأهم من ذلك فقرة أخرى تقول إن المدفوعات الشهرية خلال السنوات الثلاث الأولى تذهب كلها لسداد الفوائد. هذا يعني أن المدفوعات لا تذهب إلى ملكية جزء من البيت، إلا بعد مرور ثلاث سنوات
بعد أشهر رفع البنك المركزي أسعار الفائدة فارتفعت الدفعات الشهرية ثم ارتفعت مرة أخرى بعد مرور عام كما نص العقد. وعندما وصل المبلغ إلى 950 دولاراً تأخر مستر سعيد في دفع الدفعة الشهرية، فارتفعت الدفعات مباشرة إلى 1200 دولار شهريا. ولأنه لا يستطيع دفعها تراكمت عقوبات إضافية وفوائد على التأخير وأصبح سعيد بين خيارين، إما إطعام عائلته وإما دفع الدفعات الشهرية، فاختار الأول، وتوقف عن الدفع
في العمل اكتشف سعيد أن زميله مستر نبهان قد طُرد من بيته وعاد ليعيش مع أمه مؤقتا، واكتشف أيضاً أن قصته هي قصة عديد من زملائه فقرر أن يبقى في البيت حتى تأتي الشرطة بأمر الإخلاء. مئات الألوف من "الولاية " عانوا المشكلة نفسها، التي أدت في النهاية إلى انهيار أسواق العقار
*******
أرباح البنك.. الذي قدم قرضا لسعيد.. يجب أن تقتصر على صافي الفوائد التي يحققها من هذا القرض، ولكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. قام البنك ببيع القرض على شكل سندات لمستثمرين، بعضهم من دول الخليج !!!!!!!!!!!!!!!! ( للأسف العرب يدفعون الثمن دائما وهى طريقة خبيثه للإستحواذ على عوائد النفط التى تزايدت الشهور الماضية )، وأخذ عمولة ورسوم خدمات منهم. هذا يعني أن البنك كسب كل ما يمكن أن يحصل عليه من عمولات وحول المخاطرة إلى المستثمرين
المستثمرون الآن يملكون سندات مدعومة بعقارات، ويحصلون على عوائد مصدرها مدفوعات مستر سعيد ومستر نبهان الشهرية. هذا يعني أنه لو أفلس سعيد أو نبهان فإنه يمكن أخذ البيت وبيعه لدعم السندات. ولكن هؤلاء المستثمرين رهنوا هذه السندات، على اعتبار أنها أصول، مقابل ديون جديدة للاستثمار في شراء مزيد من السندات
نعم، استخدموا ديونا للحصول على مزيد من الديون! المشكلة أن البنوك تساهلت كثيرا في الأمر لدرجة أنه يمكن استدانة 30 ضعف كمية الرهن
باختصار، مستر سعيد يعتقد أن البيت بيته، والبنك يرى أن البيت ملكه أيضاً. المستثمرون يرون أن البيت نفسه ملكهم هم لأنهم يملكون السندات. وبما أنهم رهنوا السندات، فإن البنك الذي قدم لهم القروض، بنك "ولاية عماير جبل الجن"، يعتقد أن هناك بيتا في مكان ما يغطي قيمة هذه السندات، إلا أن كمية الديون تبلغ نحو 30 ضعف قيمة البيت
*******
أما مستر سحلول، ابن عم سعيد، فقد أنفق جزءا من القرض على إجازته وإصلاح بيته، ثم حصل على سيارة جديدة عن طريق وضع دفعة أولية قدرها ألفا دولار، وقام بنك "فار سيتي" بتمويل الباقي. قام البنك بتحويل الدين إلى سندات وباعها إلى بنك استثماري اسمه " لا لي ولا لغيري"، الذي احتفظ بجزء منها، وقام ببيع الباقي إلى صناديق تحوط وصناديق سيادية في أنحاء العالم كافة. مستر سحلول يعتقد أنه يمتلك السيارة، وبنك "فار سيتي" يعتقد أنه يملك السيارة، وبنك "لالي ولا لغيري" يعتقد أنه يمتلك السيارة، والمستثمرون يعتقدون أنهم يملكون سندات لها قيمة لأن هناك سيارة في مكان ما تدعمها. المشكلة أن كل هذا حصل بسبب ارتفاع قيمة بيت سحلول، وللقارئ أن يتصور ما يمكن أن يحصل عندما تنخفض قيمة البيت، ويطرد سحلول من عمله
*******
القصة لم تنته بعد
بما أن قيمة السندات السوقية وعوائدها تعتمد على تقييم شركات التقييم هذه السندات بناء على قدرة المديون على الوفاء، وبما أنه ليس كل من اشترى البيوت له القدرة نفسها على الوفاء، فإنه ليست كل السندات سواسية. فالسندات التي تم التأكد من أن قدرة الوفاء فيها ستكون فيها أكيدة ستكسب تقدير "أ"، وهناك سندات أخرى ستحصل على "ب" وبعضها سيصنف على أنه لا قيمة له بسبب العجز عن الوفاء
لتلافي هذه المشكلة قامت البنوك بتعزيز مراكز السندات عن طريق اختراع طرق جديدة للتأمين بحيث يقوم حامل السند بدفع رسوم تأمين شهرية كي تضمن له شركة التأمين سداد قيمة السند إذا أفلس البنك أو صاحب البيت، الأمر الذي شجع المستثمرين في أنحاء العالم كافة على اقتناء مزيد من هذه السندات. وهكذا أصبح مستر سعيد ومستر نبهان ومستر سحلول أبطال الاقتصاد العالمي
في النهاية، توقف مستر سعيد عن سداد الأقساط، وكذلك فعل مستر نبهان ومستر سحلول وغيرهم، ففقدت السندات قيمتها، وأفلست البنوك الاستثمارية وصناديق الاستثمار المختلفة.. أما الذين اشتروا تأمينا على سنداتهم فإنهم حصلوا على قيمتها كاملة، فنتج عن ذلك إفلاس شركة التأمين أي آي جي
عمليات الإفلاس أجبرت البنوك على تخفيف المخاطر عن طريق التخفيض من عمليات الإقراض، الأمر الذي أثر في كثير من الشركات الصناعية وغيرها التي تحتاج إلى سيولة لإتمام عملياتها اليومية، وبدأت بوادر الكساد الكبير بالظهور، الأمر الذي أجبر حكومة الولايات المتحدة الأمريكية الى زيادة السيولة عن طريق ضخ كميات هائلة لإنعاش الاقتصاد الذي بدأ يترنح تحت ضغط الديون للاستثمار في الديون
*******
منقووووووووول للفائده عن
-د.أنس بن فيصل الحجي-
أكاديمي وخبير في شؤون المال والنفط