مشاهدة النسخة كاملة : من أجمل القصائد المعبرة التي قرأت"(رسالة في ليلة التنفيذ)"
ehtmam
04-08-2008, 04:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه القصيدة قرأتها قبل سبع سنوات تقريبا
بحثت عنها بالنت كثيرا وقتها ولم اجدها
اتذكر اضفتها لأحد المنتديات
الان وجدتها بأكثر من موقع
ملخص عن القصيدة:
فازت هذه القصيدة بجائزة المجلس الأعلى للفنون و الاداب بمصر , و نالت الجائزة الأولى في مهرجان الشعر بدمشق عام 1959....
و هي من نظم الشاعر هاشم الرفاعي من قصيدة بعنوان " رسالة في ليلة التنفيذ " ...نظمها على لسان مجاهد حكم عليه الطغاة بالموت شنقا , و في ليلة تنفيذ الحكم أرسل هذه القصيدة الى والده .
===============
رسالة في ليلة التنفيذ
أبتـاه مـاذا قـد يخـط بنانـىو الحبـل و الجـلاد ينتظـران
هذا الكتاب اليـك مـن زنزانـةمقـرورة صخريـة الجـدران
لـم تبـق الا ليلـة احيـا بهـاواحـس ان ظلامهـا اكفـانـى
ستمر يـا ابتـاه لسـت اشـكفى هذا وتحمل بعدهـا جثمانـى
الليل من حولـى هـدوء قاتـلوالذكريات تمور فـى وجدانـى
ويهدنى المـى فانشـد راحتـىفى بضـع ايـات مـن القـران
والنفس بيـن جوانحـى شفافـةدب الخشوع بهـا فهـز كيانـى
قد عشت أومن بالاله ولـم اذقالا اخـيـرا لــذة الايـمـان
شكرا لهم انا لا اريـد طعامهـمفليرفعـوه فلسـت بالجـوعـان
هذا الطعام المر ما صنعته لـىامى ولا وضعوه فـوق خـوان
كلا ولم يشهده يـا ابتـى معـىاخـوان لـى جـاءاه يستبقـان
مدوا الـى بـه يـدا مصبوغـةبدمى وهـذه غايـة الاحسـان
والصمت يقطعه رنين سلاسـلعبثت بهـن اصابـع السجـان
ما بيـن اونـة تمـر واختهـايرنـو الـى بمقلتـى شيطـان
من كوة بالباب يرقـب صيـدهويعود فى امـن الـى الـدوران
انا لا احس بـاى حقـد نحـوهمـاذا جنـاه فتمسـه اضغانـى
هو طيب الاخلاق مثلـك يابـىلم يبدو فى ظمأ الـى العـدوان
لكـن إن نـام عنـى لحـظـةذاق العيـال مـرارة الحرمـان
فلربما وهـو المـروع سحنـةلو كان مثلى شاعـرا لرثانـى
أو عاد من يـدرى الـى اولادهوذُكّـرَ صـورتـى فبكـانـى
وعلى الجدار الصلب نافذة بهـامعنى الحياة غليظـة القضبـان
قـد طالمـا شارفتهـا متأمـلافى السائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصـوراما فى قلوب الناس مـن غليـان
نفس الشعور لدى الجميع وإنمـاكتموا وكان الموت فى إعلانـى
ويدور همس فى الجوانح ما الذىفى الثورة الحمقاء قـد أغرانـي
أو لم يكن خيرا لنفسـى ان أرىمثل الجموع أسير فـى إذعـان
ما ضرنى لو قد سكـت وكلمـاغلب الأسى بالغت فى الكتمـان
هـذا دمـى سيسيـل مطفـئـاما ثار فى جنْبَـىَّّ مـن نيـران
وفؤادى المـوار فـى نبضاتـهسيكف من غده عـن الخفقـان
والظلم بـاق لـن يحطـم قيـدهموتى ولن يـودى بـه قربـان
ويسير ركب البغى ليس يضيرهشاة اذا اجتثـت مـن القطعـان
هذا حديث النفس حين تشف عنبشريتـى وتمـور بعـد ثـوان
وتقـول لـى إن الحيـاة لغايـةأسمى من التصفيـق للطغيـان
انفاسك الحرى وان هى أخمدتستظـل تغمـر افقهـم بدخـان
وقروم جسمك وهو تحت سياطهمقسمات صبـح يتقيـه الجانـى
دمع السجين هناك فـى أغلالـهودم الشهيـد هنـا سيلتقـيـان
حتى اذا ما أفعمت بهمـا الربـالم يبق غيـر تمـرد الفيضـان
ومن العواصف ما يكون هبوبهابعـد الهـدوء وراحـة الربـان
إن احتدام النار في جوف الثـراأمـر يثيـر حفيظـة البركـان
وتتابع القطـرات ينـزل بعـدهسيـل يليـه تدفـق الطـوفـان
فيموج يقتلع الطغالـة مزمجـرااقوى من الجبـروت والسلطـان
أنا لست ادرى هل ستذكر قصتىام سوف يعدوها رحى النسيـان
او أننى سأكـون فـى تاريخنـامتآمـرا أم هــادم الاوثــان
كل الـذى ادريـه ان تجرعـىكأس المذلة ليس فـى إمكانـى
لو لم أكن فى دعوتـي متطلبـاغير الضيـاء لامتـى لكفانـى
اهوى الحياة كريمـة لا قيـد لاإرهاب لا إستخفـاف بالإنسـان
فاذا سقطُت سقطُت أحمل عزتىيغلى دم الاحرار فـى شِريانـى
أبتاه إن طلع الصبـاح وأضـاءنـور الشمـس كـل مـكـان
واستقبل العصفور بين غصونـهيوما جديـدا مشـرق الألـوان
وسمعـت أنغـام التفـاؤل ثـرةتجرى على فـم بائـع الالبـان
واتى يدق- كما تعـود- بابنـاسيدق بـاب السجـن جـلادان
واكون بعـد هنيهـة متأرجحـافى الحبل مشدودا الـى العيـدان
ليكن عزاؤك ان هذا الحبل مـاصنعته فى هذى الربـوع يـدان
نسجوه فى بلد يشـع حضـارةوتضاء منه مشاعـل العرفـان
او هكذا زعموا وجىء به الـىبلدى الجريح على يد الاعـوان
أنا لا اريدك ان تعيش محطمـافـى زحمـة الألام والاشجـان
إن ابنك المصفود فـى أغلالـهقد سيق نحو الموت غير مـدان
فاذكر حكايـات بأيـام الصبـاقد قلتها لى عن هوى الأوطـان
وإذا سمعت نشيج امى فى الدجىتبكى شبابا ضاع فـى الريعـان
وتكتم الحسرات فـى أعماقهـاألمـا تواريـه عـن الجيـران
فاطلب اليها الصفح عنى اننـىلا ابتغى منها سـوى الغفـران
مازال فى سمعى رنين حديثهـاومقالهـا فـى رحمـة وحنـان
أبنى إنـى قـد غـدوت عليلـةلم يبق لى جلد علـى الأحـزان
فأذق فؤادى فرحة بالبحث عـنبنت الحلال ودعك من عصيـان
كانـت لهـا أمنـيـة ريـانـةيا حسـن أمـال لهـا وأمـان
والان لا ادرى بـاى جـوانـحستبيت بعـدى أم بـاى جنـان
هذا الذى سطرته لك يـا أبـىبعض الذى يجرى بفكـر عـان
لكن إذا إنتصر الضياء ومُزقـتبيد الجموع شريعـة القرصـان
فلسوف يذكرنى ويُكبـر همتـىمن كان فى بلدى حليف هـوان
والى لقاء تحـت ظـل عدالـةقدسيـة الأحكـام والمـيـزان
=========
عذرا هكذا هي القصيدة
بس الي يقراها يستمتع الحقيقة
موفقين جميعا
faissssal
04-08-2008, 05:05 PM
أشكرك أخي ع القصيدة المحركة للأشجان ولو أنكـ نسقتها لكان أفضل
تسهيلاً للقاريء خصوصاً وأنها طويلة..
اشكرك مرة أخرى وألف تحيــــــــــــــة ..
.
اسم ورسم
05-08-2008, 12:26 PM
راااائعه اخي اهتمام شكرا على نقلها
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات
د. أحمد الخضير
05-08-2008, 11:18 PM
إختيار موفق
بارك الله فيك
علي المزيني
06-08-2008, 02:02 AM
أبتاه ماذا قد يخط بنانى *** والحبل و الجلاد ينتظران
هذا الكتاب اليك من زنزانة *** مقرورة صخرية الجدران
لم تبق الا ليلة احيا بها *** واحس ان ظلامها اكفانى
ستمر يا ابتاه لست اشك فى *** هذا وتحمل بعدها جثمانى
الليل من حولى هدوء قاتل *** والذكريات تمور فى وجدانى
ويهدنى المى فانشد راحتى *** فى بضع ايات من القران
والنفس بين جوانحى شفافة *** دب الخشوع بها فهز كيانى
قد عشت أومن بالالـه ولم اذق *** إلا اخيرا لذة الايمان
شكرا لهم انا لا اريد طعامهم *** فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لى *** امى ولا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا ابتى معى *** اخوان لى جاءاه يستبقان
مدوا الى به يدا مصبوغة *** بدمى وهذه غاية الاحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل *** عبثت بهن اصابع السجان
ما بين اونة تمر واختها *** يرنو الى بمقلتى شيطان
من كوّةٍ بالباب يرقب صيده *** ويعود فى امن الى الدوران
انا لا احس باى حقد نحوه *** ماذا جناه فتمسه اضغانى
هو طيب الاخلاق مثلك ياأبى *** لم يبد فى طمأ الى العدوان
لكن إن نام عنى لحظة *** ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المروع سحنةً *** لو كان مثلى شاعرا لرثانى
أو عاد من يدرى الى اولاده *** وذُكّرَ صورتى لبكانى
وعلى الجدار الصلب نافذة بها *** معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملاً *** فى السائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا *** ما فى قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإنما *** كتموا وكان الموت فى إعلانى
ويدور همس فى الجوانح ما الذى *** فى الثورة الحمقاء قد أغراني
أو لم يكن خيرا لنفسى ان أرى *** مثل الجموع أسير فى إذعان
ما ضرنى لو قد سكت وكلما *** غلب الأسى بالغت فى الكتمان
هذا دمى سيسيل مطفئا *** ما ثار فى جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادى الموّار فى نبضاته *** سيكف من غده عن الخفقان
والظلم باقٍ لن يحطم قيده *** موتى ولن يودى به قربان
ويسير ركب البغى ليس يضيره *** شاة اذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشف عن *** بشريتى وتمور بعد ثوان
وتقول لى إن الحياة لغايةٌ *** أسمى من التصفيق للطغيان
انفاسك الحرى وان هى أُخمدت *** ستظل تغمر افقهم بدخان
وقروم جسمك وهو تحت سياطهم *** قسمات صبح يتقيه الجانِ
دمع السجين هناك فى أغلاله *** ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى اذا ما أفعمت بهما الربا *** لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها *** بعد الهدوء وراحة الربان
إن احتدام النار في وجهه *** أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده *** سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغالة مزمجرا *** اقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست ادرى هل ستذكر قصتى *** أم سوف يعدوها رحى النسيان
و أننى سأكون فى تاريخنا *** متآمرا أم هادم الاوثان
كل الذى ادريه ان تجرعى *** كأس المذلة ليس فى إمكانى
لو لم أكن فى ثورتى متطلباً *** غير الضياء لامتى لكفانى
اهوى الحياة كريمةً *** لا قيد لا إرهاب لا إستخفاف بالإنسان
فاذا سقطُت سقطُت أحمل عزتى *** يغلى دم الاحرار فى شِريانى
أبتاه إن طلع الصباح على الدنا *** وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه *** يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعت أنغام التفاؤل ثرةً *** تجرى على فم بائع الالبان
واتى يدق- كما تعود- بابنا *** سيدق باب السجن جلادان
واكون بعد هنيهة متأرجحا *** فى الحبل مشدودا الى العيدان
ليكن عزاؤك ان هذا الحبل ما *** صنعته فى هذى الربوع يدان
نسجوه فى بلد يشع حضارةً *** وتضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجىء به الى *** بلدى الجريح على يد الاعوان
أنا لا اريدك ان تعيش محطما *** فى زحمة الألام والاشجان
إن ابنك المصفود فى أغلاله *** قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا *** قد قلتها لى عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج امى فى الدجى *** تبكى شبابا ضاع فى الريعان
وتكتم الحسرات فى أعماقها *** ألماً تواريه عن الجيران
فاطلب اليها الصفح عنى اننى *** لا ابتغى منها سوى الغفران
مازال فى سمعى رنين حديثها *** ومقالها فى رحمة وحنان
أبنى إنى قد غدوت عليلة *** لم يبق لى جلد على الأحزان
فأذق فؤادى فرحة بالبحث عن *** بنت الحلال ودعك من عصيان
كانت لها أمنية ريّانة *** يا حسن أمال لها وأمان
غزلت خيوط السعد مخضلا *** ولم يكن إنتفاض الغزل فى الحسبان
والان لا ادرى بأى جوانحٍ *** ستبيت بعدى أم بأى جنان
هذا الذى سطرته لك يا أبى *** بعض الذى يجرى بفكر عان
لكن إذا إنتصر الضياء ومُزقت *** بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرنى ويُكبر همتى *** من كان فى بلدى حليف هوان
والى لقاء تحت ظل عدالةٍ *** قدسية الأحكام والميزان
ويتابع الشاعر إلقاء قصيدته وينال إعجاب سامعيه، وتتحدث عنه الصحف ويظفر بالجائزة الأولى لهذا المهرجان من بين عشرات الشعراء العرب الذين اشتركوا في هذا المهرجان .
أمّا الشاعر فهو هاشم الرفاعي الطالب بكلية دار العلوم بالقاهرة، وأمّا القصيدة فهي "رسالة في ليلة التنفيذ" التي ذاعت في العالم الإسلامي وتغنى بها شباب الصحوة الإسلامية في كل مكان
وأمّا السؤال "من قتل هاشم الرفاعي" فإليك الجواب عنه أيها القارئ الكريم :
كان هاشم الرفاعي سليلاً لأسرة متدينة، وقد نشأ في بيت يُعنى بالعلم ويهتم بالتفقه في دين الله ويحرص على التربية الإسلامية، التحق بمعهد الزقازيق الديني التابع للأزهر الشريف سنة 1947م وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية في عام 1951م، ثم أكمل دراسته في هذا المعهد وحصل على الشهادة الثانوية سنة 1956م ثم التحق بكلية دار العلوم ولقي الله شهيداً قبل أن يتخرج سنة 1959م .
وكان في مراحل دراسته كلها بارزاً بين زملائه، يقول الشعر ولمّا يبلغ الثانية عشرة من عمره، ويقود الطلبة في المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني والأوضاع الفاسدة السائدة في مصر وقتها :
يا مصر قد عاثت بأرضك عصبة *** باسم الصيانة والحماية أفسدوا
قتلوا شباب الجامعات وجندلوا *** في النهر من بمياهه يستنجدُ
ماذا جنوا حتى أرقْتَ دماءهم *** وبأي حق في المضاجع وسِّدوا
والخطاب في البيت الأخير موجه إلى الملك فاروق الذي أمر بإطلاق النار على الطلبة في مظاهرة كوبري عباس الشهيرة، وأمر بفتح الكوبري على المتظاهرين، فمن نجا من الغرق لم ينج من رصاص الشرطة، وفي واحدة من هذه المظاهرات أصيب هاشم الرفاعي برصاصة طائشة تركت أثراً في أعلى رأسه، وفُصِل من معهد الزقازيق الديني مرتين، كانت الأولى قبل قيام الثورة، وفي هذا يقول الشاعر :
يا فتية النيل الممجَّد إننا *** نأبى ونرفض أن نساق قطيعا
هذا "ابن نازلي" للهلاك يقودنا *** جهراً ويَلقى في البلاد مطيعا
فإلى متى هذا الخنوع وإنه *** جرم أضاع حقوق مصر جميعا
بمثل هذا الحماس المتوقد كانت نفس شاعرنا تشتعل ثورة ضارية لم يستطع أن يكبتها، وأبت إلا أن تعلن عن نفسها في أكثر من موضع من شعره :
يا ثورة في ضلوعي *** وما لها من هجوعِ
إلام أقضي حياتي *** في ذلة وخضوعِ؟!
وظل شاعرنا هكذا حتى أشعلت ثورته ثورة أخرى عندما أُعلن عن قيام ثورة الضباط الأحرار في مصر بقيادة اللواء محمد نجيب الذي طرد الملك والإنجليز من مصر، واستقبل المصريون والعرب جميعاً هذه الثورة بالفرحة الغامرة، وكان لشاعرنا الحظ الأوفر من هذه الفرحة، فجاءت قصائده في الإشادة بالثورة وبقائدها نجيب تترى :
أمل تحقق في البلاد عسيرُ *** قد كان في خلد الفقير يدورُ
لمّا أعيد إلى الكنانة مجدها *** وانجاب عنها الليل والديجورُ
بعث الإله إلى البلاد "نجيبها" *** فتحطمت للمفسدين صخور
لا أرجع الرحمن أياماً مضت *** كانت علينا بالشقاء تدور
ولكن سرعان ما انقلبت الثورة على نفسها، وتآمر جمال عبدالناصر وزمرته على محمد نجيب وألقوا القبض عليه في مشهد مهين، وساقوه إلى الإقامة الجبرية بتهمة أنه يستمع إلى الإخوان المسلمين ويفتح لهم بابه، وأعلن جمال نفسه زعيماً ورئيساً لمصر حفاظاً على ما يسمى بمكتسبات الثورة وحماية لها من أعدائها الإسلاميين المتربصين بها! وفتح المعتقلات للإخوان سنة 1954م ودبر تمثيلية "المنشية" الشهيرة ليقدم مبررات لحملته على الإخوان أمام الرأي العام المصري والعالمي، ودخلت البلاد في دوامة حكم شمولي بوليسي لم يأمن فيه الناس على أنفسهم، وقد رأوا السجن الحربي يفتح لهم فاه ويقول هل من مزيد.
وأمام هذا الظلم والجبروت والادعاءات الكاذبة المزيفة وإلغاء الأحزاب والحياة النيابية وإقصاء نجيب، ثارت ثائرة هاشم الرفاعي من جديد ولم يتمالك نفسه وأعلن منذ أول يوم رفضه لعبد الناصر وزبانيته :
أنزلْ بهذا الشعب كل هوانِ *** وأعدْ عهود الرق للأذهانِ
أطلقْ زبانية الجحيم عليه مِنْ *** بوليسكَ الحربيِّ والأعوانِ
وفي القصيدة نفسها يتحدث عن محكمة "الشعب" الهزلية التي أقامها عبدالناصر للإخوان ونصّب لها قضاة مزيفين من زمرته الفاسدة لتحكم بأحكام معدة سلفاً، فكانت محط سخرية المصريين جميعاً :
ما بين محكمة تقام وأختها *** مُنِيَ الضمير بغفوة النعسانِ
الشعب يلعنها وتُقرَن باسمه *** أرأيت كيف تبجُّحِ البهتانِ
فيها القضاة هم الخصوم وإنها *** لعدالةٌ مختلةُ الميزانِ!
ويعلن هاشم الرفاعي أنه لن ينخدع بكل هذا البهتان الذي زيفه جمال :
هبني خُدِعت بكل ما زيفته *** عن سادة الأحزاب والإخوانِ
هل خان قائدنا نجيبٌ عهدنا *** أم راح نهبَ الحقدِ والأضغانِ؟!
وهو سؤال دخل به شاعرنا منطقة محظورة وحقل ألغام خطير، ولكنه لم يأبه لذلك، وراحت قصائده في عبدالناصر وأزلامه تترى، وشارك في المظاهرات ضد رجال الثورة الذين ضربوا الاتجاه الإسلامي وأقصوا نجيب، وكانت هذه هي المرة الثانية التي يُفصَل فيها من معهد الزقازيق لمدة سنتين (من 1954 - 1956م) وكان فصله في هذه المرة بسبب قيادته للمظاهرات التي خرجت من معهد الزقازيق ضد عبد الناصر .
في تلك الفترة كتب الشاعر عدة قصائد في الهجوم على عبدالناصر، منها قصيدة "مصر بين احتلالين" والدلالة هنا واضحة حيث يقصد بالاحتلال الأول الاستعمار الإنجليزي، وبالثاني عهد عبدالناصر، وفيها يقول :
ما عدتِ يا أرض الكنانة موطناً *** للحر بل قد صرت ِ دار نكالِ
قد حورب الأحرار في أرزاقهم *** من ظالم في الظلم ليس يبالي
عدْ يا جمال بما تشاء مظفّراً *** إن الطغاة قصيرة الآجالِ
لم يعرف "الباستيلُ" يوماً بعض ما *** في سجنك "الحربي" من أهوالِ
من كان يخشاه فمصرٌ قد غدت *** سجناً كبيراً محكم الأقفالِ
وبرغم التحذيرات الكثيرة من أصدقاء الشاعر المخلصين ونصحهم إياه بالكف عن التعرض لعبدالناصر خوفاً عليه من بطشه، إلا أن هاشم الرفاعي أعلن تمسكه بقول الحق مهما كلفه، وسجل ذلك في قصيدة "جمال.. رئيس الجمهورية!!":
لا مصر داري ولا هذي الرُّبا بلدي *** إني من الحق فيها قد نفضت يدي
وقائلٍ ليَ - ينهاني وينصحني: *** السجن بات قريباً منك فابتعدِ
إن كنتَ ذا شَمم في معشر جنحوا *** للذل فاجنح له تركنْ إلى رَشَدِ
فقلت: فكريَ.. إحساسي أأقتله؟! *** هذا الذي لم يَدُرْ يا قوم في خَلَدي
في دار العلوم وفي سنة 1956م ينتقل هاشم الرفاعي إلى القاهرة ويبدأ مرحلة جديدة من حياته في كلية دار العلوم، مرحلة اتسع فيها أفقه، وصقلت فيها تجربته الإسلامية، وارتبط أكثر بقضايا المسلمين في ربوع الوطن الإسلامي الكبير (فلسطين -السودان - الجزائر - الصومال) وذاع صيته وانتشرت قصائده من خلال الندوات والاحتفالات التي كان يشارك فيها بقصائده، وبخاصة تلك التي كانت تعقد في جمعية الشبان المسلمين، وفيها ألقى روائع قصائده الإسلامية مثل قصيدة "شباب الإسلام" :
ملكنا هذه الدنيا قرونا *** وأخضعها جدود خالدونا
وسطّرنا صحائف من ضياء *** فما نسي الزمان ولا نسينا
وآلمني وآلم كل حر *** سؤال الدهر: أين المسلمونا
تُرى هل يرجع الماضي فإني *** أذوب لذلك الماضي حنينا
وأمام كل هذا التألق والإبداع والذيوع والانتشار لشاعر إسلامي واعد لم يكمل دراسته الجامعية بعد، فكيف إذا طال به العمر وازداد ذيوعاً وانتشاراً لا شك أنه عندها سيشكل تهديداً حقيقياً لمصالح الطغاة، ومن ثم سارعت أصابع الغدر والطغيان التي عصفت بمحمد نجيب والإخوان المسلمين وكل المصريين المخلصين، سارعت إلى إنهاء هذا الكابوس الجاثم على صدرها، وفي الثاني من يوليو 1959م تم استدراج هاشم الرفاعي إلى خصومة مصطنعة مع أعدائه الشيوعيين في بلدته أنشاص ، وفي الخفاء تقدمت نحوه يد الغدر بطعنة جبانة من سكين حمقاء، ليصعد بعدها شهيداً ينضم إلى قافلة الشهداء الذين سقطوا على يد عبد الناصر، تصعد روحه إلى بارئها تشكو ما يلاقيه العباد من ظلم العباد .
ويشكل مقتله المفاجئ صدمة لأبناء الاتجاه الإسلامي في مصر والعالم، وبخاصة في كلية دار العلوم التي برز هاشم الرفاعي بين أبنائها وكان يتولى مسؤولية النشاط الأدبي في هذه الكلية التي كان عميدها الأستاذ الشاعر علي الجندي، والذي كان معجباً بهاشم الرفاعي ويتنبأ له بمستقبل عظيم، ولهذا لم يتمالك مشاعره تجاه هذا الغدر الأليم فقال يرثيه :
لهف نفسي على الصبا المنضورِ *** لفَّه الغدر في ظلام القبورِ
فجَعَتْنا عصابة الكفر والإلحاد *** والبغي والخنا والفجورِ
قتلوه بغياً ليخفوا سناه *** كيف يُخفى سنا الصباح المنيرِ!
اعتذر عن تطفلي أخويehtmam ولكني أعتقد أن الموضوع يستحق
alshamek
06-08-2008, 03:00 AM
مشكور اخي اهتمام على القصيده الرائعه
اخي على المزيني كل الشكر على الاضافه الاكثر من رائعه
لكم اطيب التحايا
طلال المحمادي
06-08-2008, 07:14 AM
الاح الكريم اهتمام
جزاك الله خير ورفع الله قدر , والشكر موصول للاخ الكريم على المزيني
تحياتي لكم
عواض القرشى
06-08-2008, 10:26 AM
جزاك الله خير ورفع الله قدرك
البــدوي
08-08-2008, 12:16 AM
قصيده معبره بالفعل
الله يعطيك العافيه
ومشكووور ياعلي المزيني على هذه الإضافه
بارك الله فيكما
ehtmam
08-08-2008, 05:40 PM
أشكرك أخي ع القصيدة المحركة للأشجان ولو أنكـ نسقتها لكان أفضل
تسهيلاً للقاريء خصوصاً وأنها طويلة..
اشكرك مرة أخرى وألف تحيــــــــــــــة ..
.
هلا اخوي فيصل
والله يالغالي التنسيق حصل ولكن :(
عموما الف شكر تواجدك وبارك الله فيك
ehtmam
08-08-2008, 05:42 PM
راااائعه اخي اهتمام شكرا على نقلها
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات
هلا اخوي اسم
بارك الله فيك
اللهم امين
إختيار موفق
بارك الله فيك
هلا ابو مرونا شرفما تواجدك
موفلق يارب
اشراقة قلم
15-08-2008, 10:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه القصيدة قرأتها قبل سبع سنوات تقريبا
بحثت عنها بالنت كثيرا وقتها ولم اجدها
اتذكر اضفتها لأحد المنتديات
الان وجدتها بأكثر من موقع
ملخص عن القصيدة:
فازت هذه القصيدة بجائزة المجلس الأعلى للفنون و الاداب بمصر , و نالت الجائزة الأولى في مهرجان الشعر بدمشق عام 1959....
و هي من نظم الشاعر هاشم الرفاعي من قصيدة بعنوان " رسالة في ليلة التنفيذ " ...نظمها على لسان مجاهد حكم عليه الطغاة بالموت شنقا , و في ليلة تنفيذ الحكم أرسل هذه القصيدة الى والده .
===============
رسالة في ليلة التنفيذ
أبتـاه مـاذا قـد يخـط بنانـى=و الحبـل و الجـلاد ينتظـران
هذا الكتاب اليـك مـن زنزانـة=مقـرورة صخريـة الجـدران
لـم تبـق الا ليلـة احيـا بهـا=واحـس ان ظلامهـا اكفـانـى
ستمر يـا ابتـاه لسـت اشـك في= هذا وتحمل بعدهـا جثمانـى
الليل من حولـى هـدوء قاتـل=والذكريات تمور فـى وجدانـى
ويهدنى المـى فانشـد راحتـى=فى بضـع ايـات مـن القـران
والنفس بيـن جوانحـى شفافـة=دب الخشوع بهـا فهـز كيانـى
قد عشت أومن بالاله ولـم اذق=الا اخـيـرا لــذة الايـمـان
شكرا لهم انا لا اريـد طعامهـم=فليرفعـوه فلسـت بالجـوعـان
هذا الطعام المر ما صنعته لـى=امى ولا وضعوه فـوق خـوان
كلا ولم يشهده يـا ابتـى معـى=اخـوان لـى جـاءاه يستبقـان
مدوا الـى بـه يـدا مصبوغـة=بدمى وهـذه غايـة الاحسـان
والصمت يقطعه رنين سلاسـل=عبثت بهـن اصابـع السجـان
ما بيـن اونـة تمـر واختهـا=يرنـو الـى بمقلتـى شيطـان
من كوة بالباب يرقـب صيـده=ويعود فى امـن الـى الـدوران
انا لا احس بـاى حقـد نحـوه=مـاذا جنـاه فتمسـه اضغانـى
هو طيب الاخلاق مثلـك يابـى=لم يبدو فى ظمأ الـى العـدوان
لكـن إن نـام عنـى لحـظـة=ذاق العيـال مـرارة الحرمـان
فلربما وهـو المـروع سحنـة=لو كان مثلى شاعـرا لرثانـى
أو عاد من يـدرى الـى اولاده=وذُكّـرَ صـورتـى فبكـانـى
وعلى الجدار الصلب نافذة بها= معنى الحياة غليظـة القضبـان
قـد طالمـا شارفتهـا متأمـلا=فى السائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصـورا=ما فى قلوب الناس مـن غليـان
نفس الشعور لدى الجميع وإنما=كتموا وكان الموت فى إعلانـى
ويدور همس فى الجوانح ما الذى=فى الثورة الحمقاء قـد أغرانـي
أو لم يكن خيرا لنفسـى ان أرى=مثل الجموع أسير فـى إذعـان
ما ضرنى لو قد سكـت وكلمـا=غلب الأسى بالغت فى الكتمـان
هـذا دمـى سيسيـل مطفـئـا=ما ثار فى جنْبَـىَّّ مـن نيـران
وفؤادى المـوار فـى نبضاتـه=سيكف من غده عـن الخفقـان
والظلم بـاق لـن يحطـم قيـده=موتى ولن يـودى بـه قربـان
ويسير ركب البغى ليس يضيره=شاة اذا اجتثـت مـن القطعـان
هذا حديث النفس حين تشف عن=بشريتـى وتمـور بعـد ثـوان
وتقـول لـى إن الحيـاة لغايـة=أسمى من التصفيـق للطغيـان
انفاسك الحرى وان هى أخمدت=ستظـل تغمـر افقهـم بدخـان
وقروم جسمك وهو تحت سياطه=مقسمات صبـح يتقيـه الجانـى
دمع السجين هناك فـى أغلالـه=ودم الشهيـد هنـا سيلتقـيـان
حتى اذا ما أفعمت بهمـا الربـا=لم يبق غيـر تمـرد الفيضـان
ومن العواصف ما يكون هبوبها=بعـد الهـدوء وراحـة الربـان
إن احتدام النار في جوف الثـرا=أمـر يثيـر حفيظـة البركـان
وتتابع القطـرات ينـزل بعـده=سيـل يليـه تدفـق الطـوفـان
فيموج يقتلع الطغالـة مزمجـرا=اقوى من الجبـروت والسلطـان
أنا لست ادرى هل ستذكر قصتى=ام سوف يعدوها رحى النسيـان
او أننى سأكـون فـى تاريخنـا=متآمـرا أم هــادم الاوثــان
كل الـذى ادريـه ان تجرعـى=كأس المذلة ليس فـى إمكانـى
لو لم أكن فى دعوتـي متطلبـا=غير الضيـاء لامتـى لكفانـى
اهوى الحياة كريمـة =لا قيـد= لاإرهاب لا إستخفـاف بالإنسـان
فاذا سقطُت سقطُت أحمل عزتى=يغلى دم الاحرار فـى شِريانـى
أبتاه إن طلع الصباح على الدنا=وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونـه=يوما جديـدا مشـرق الألـوان
وسمعـت أنغـام التفـاؤل ثـرة=تجرى على فـم بائـع الالبـان
واتى يدق- كما تعـود- بابنـا=سيدق بـاب السجـن جـلادان
واكون بعـد هنيهـة متأرجحـا=فى الحبل مشدودا الـى العيـدان
ليكن عزاؤك ان هذا الحبل مـا=صنعته فى هذى الربـوع يـدان
نسجوه فى بلد يشـع حضـارة=وتضاء منه مشاعـل العرفـان
او هكذا زعموا وجىء به الـى=بلدى الجريح على يد الاعـوان
أنا لا اريدك ان تعيش محطمـا=فـى زحمـة الألام والاشجـان
إن ابنك المصفود فـى أغلالـه=قد سيق نحو الموت غير مـدان
فاذكر حكايـات بأيـام الصبـا=قد قلتها لى عن هوى الأوطـان
وإذا سمعت نشيج امى فى الدجى=تبكى شبابا ضاع فـى الريعـان
وتكتم الحسرات فـى أعماقهـا=ألمـا تواريـه عـن الجيـران
فاطلب اليها الصفح عنى اننـى=لا ابتغى منها سـوى الغفـران
مازال فى سمعى رنين حديثهـا=ومقالهـا فـى رحمـة وحنـان
أبنى إنـى قـد غـدوت عليلـة=لم يبق لى جلد علـى الأحـزان
فأذق فؤادى فرحة بالبحث عـن=بنت الحلال ودعك من عصيـان
كانـت لهـا أمنـيـة ريـانـة=يا حسـن أمـال لهـا وأمـان
غزلت خيوط السعد مخضلا = ولم يكن إنتفاض الغزل فى الحسبان
والان لا ادرى بـاى جـوانـح=ستبيت بعـدى أم بـاى جنـان
هذا الذى سطرته لك يـا أبـى=بعض الذى يجرى بفكـر عـان
لكن إذا إنتصر الضياء ومُزقـت=بيد الجموع شريعـة القرصـان
فلسوف يذكرنى ويُكبـر همتـى=من كان فى بلدى حليف هـوان
والى لقاء تحـت ظـل عدالـة=قدسيـة الأحكـام والمـيـزان
=========
عذرا هكذا هي القصيدة
بس الي يقراها يستمتع الحقيقة
موفقين جميعا
http://3ros.net/up/uploads/108e3f4048.gif
vBulletin® v3.8.3, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.