سهيل الدراج
04-04-2008, 10:56 PM
سهيل الدراج - الرياض 4 ابريل 2008م ..
النقد بصفة عامة مهم في المجتمعات وفي المنظمات وعلى الصعيد الشخصى .. ولكن يجب ان نعلم ان النقد مهما يكن يعتبر غير محببا للنفس ويتسبب في كثير من الاحيان في ايجاد الضغائن بين الناس .. ولكن ومع هذا فانا اعتقد انه ضرورة ملحة لتقويم الأداء ومراجعة النفس ، ويكون احيانا محركاً للعطاء ودافعاً للابداع والتقدم .. البرت اينشتاين انتقده معلمه ووصفه بانه بطي عقليا وغير متعلم وغبياً ، لذلك كره علم الجبر واعتبره عدوا له ، وما ان بلغ الخامسة والعشرين حتى اصبح عبقريا في الرياضيات وابتكر نظرية النسبية .. اما معلم توماس اديسون قال عنه انه اغبى من ان يتعلم اي شي ، ومرت الايام وابتكر الكهرباء .. أما وينستون تشرشل الذي سقط في الصف السادس اصبح فيما بعد قائدا عسكرياً سطر اسمه التاريخ .. ووالت ديزني تم فصله من عمله كمحرر في الجريده لافتقاره للافكار الجيده ، وقد افلس والت ديزني عدة مرات قبل بنائه لامبراطورية ديزني لاند الشهيرة .. ولكن في نفس الوقت فإن النقد قد يؤدي ببعض الناس الى الفشل والانهيار والانحراف .. واعرف اناس كثيرون تركوا مقاعد الدراسة وفشلوا في حياتهم والسبب هو نقد لاذع او توبيخ وجه لهم من استاذ او من والد أو نحو ذلك ..
دعنا الآن ننتقل الى محور أخر .. وهو الحديت عن المنتقد بكسر القاف والمنتقد بفتح القاف .. فالمنتقد ( الذي يمارس عليه النقد ) هو في الواقع قام بعمل ما ، ولكنه لم يعمله على الوجه المطلوب أو انه لم يصل به الى مرحلة الكمال المطلق .. ولما كان الكمال لله سبحانه وتعالي لذا وجب ان يكون اتمام العمل بشكل نسبي .. يعنى نقول جيد بالمقارنة بالاخرين أو جيد لما هو موجود ..
اما المنتقد ( الذي يقوم بعملية الانتقاد ) هو في الواقع اما انه عمل عمل مشابه ويستطيع ان يتفهم الظروف المصاحبة ، أو انه لم يقم بأى عمل اصلاً فلا يفهم مالذي يحدث .. فلو افترضنا ان النوع الأول هو الذي قام بالانتقاد ( اى الذي قام بعمل مشابه ) فإن انتقاده سيكون محل اهتمام وستكون كل كلمة منه ذات قيمة ، فعندما يقوم مثلاً السيد جرينسبان بانتقاد النظام النقدى في الصين أو اليابان فإن كل كلمة تكون محل اهتمام ودراسة وتمحيص ، لأن جرينسبان عمل عملا مشابهاً فقد مرت عليه كل الظروف المشابههة .. أما عندما يقوم وزير خارجية الصومال مثلاً بإنتقاد النظام النقدى اليابانى فلن يلتفت له اى احد ، وربما يقولون له اذهب لإصلاح بيتك ، أو تعلم كيف تلبس حذائك أولاً ..!!
اذا نفهم مما سبق ان أول سؤال سنطرحة هو ان النقد يكون من من بالتحديد ؟ .. اما السؤال الثاني فهو اسلوب النقد .. وهذه نقطة مهمة .. يقول الامام الشافعى " رحم الله امرئ اهدى الى عيوبى " .. ودعونا نتدبر في مقولة الامام الشافعى .. " اهدى الى عيوبى " ، فكيف تكون الهدية ؟ الهدية تكون مغلفة بشكل جميل وتقدم بشكل جميل ، حتى يكون وقعها مؤثراً وتكون ادعى للقبول .. ويقول الامام الشافعى في ابيات جميلة " تعمدني بنصحك في انفرادي .. وجنبني النصيحة في الجماعة .. فإن النصح بين الناس نوع .. من التوبيخ لا ارضي سماعه .. وإن خالفتني وعصيت امري .. فلا تجزع إذا لم تعط طاعة " .. وهذا هو النوع من النقد أو النصيحة التى يرتجى منها التغيير فعلاً ، وهو ما يسمى بالنقد البناء الذي يقود الى التغيير فعلاً ويقود الى الابداع والى التقدم ..
تخيل ان زوجتك التى قامت من الساعة 9 صباحاً واخذت تعد في وجبة جديدة لأول مرة اخذتها من احد كتب الطبخ الذي اشترته من مكتبة جرير وهي تتسوق ، ثم ذهبت الى بندة هايبر ماركت واخذت تشترى في المكونات ، واستمرت حتى الساعة الثانية ظهراً وهى تعد هذه الوجبة اللذيدة المكونة من قطع اللحم البقرى المتبل على الطريقة المكسيكية مع الخضار الطازجة المسلوقة .. وعندما اقتربت الساعة الثانية والنصف ظهراً قامت بوضع السفرة وغيرت ملابسها لتحظى بلحظات سعيدة معك .. وعندما استدعتك لتناول هذه المأدبة اللذيذة ( أممم ) ، وبعد ان بدأت بتناول الطعام ، سألتك زوجتك مارأيك في هذا الاختراع الجديد وهذه المفاجآة .. فقلت لها " الطعام سيء للغاية ، وايانى واياك تكرريها مرة ثانية ، ايش هذه الخرابيط ليش ما صلحتى لنا دجاج ورز كان اصرف " وقمت منزعجا وتركت الطعام ..!! .. سؤالى مالذي سيحدث لهذه السيدة التى تم انتقادها بهذه الطريقة .. اترك الاجابة لكم .. السيدة هذه ستتحطم ولن تحاول بعد اليوم عمل اى وجبة جديدة وستقطع كتب الطبخ ولن تحاول تكرار ذلك وسيصبح جميع الاكل مكونا من الرز والدجاج فقط ..!!
ولكن لو انك قلت لها التالي " يا عينى يا عينى .. ايش الحركات الحلوة هذه .. والله عندى زوجة احسن من اى شيف في اى مطعم .. لكن تعرفين لو انك وضعتى بعض الطماطم أو الخل او غيرها لجعل اللحم اكثر طراوة .. الخ " .. فإن زوجتك ستطور الطبق في المرة القادمة ، وستحاول عمل اطباق اخرى اكثر واكثر ، وستصبح زوجتك بين قريباتك وقريباتها هى الافضل من ناحية الطبخ .. اذا طريقة النقد هى التى قادت هذه الزوجة الى الابداع والى التطور ..
كذلك فإن نقد الجزء المعيب وليس كل الشيء امر مهم .. فمثلاً في موضوع الطبخ مهم جداً ان نقول للزوجة " انك عندك ضعف في اعداد الشوربة الصينية ، ولا نقول ان طبخك سيء ، لمجرد ان الزوجة لا تعرف اعداد طبق يابانى ليس مطلوبا اصلاً منها ان تعرفه " ، وهكذا نستطيع الآن ان نفهم النقد البناء والنقد الهدام ..
بعض الاشخاص اعتاد في حياته على ممارسة النقد ولم يتعلم ممارسة العمل ، فبعض الناس لايملك اى صنعة في حياته سوى النقد ، فينتقد الحكومات وينتقد ابوه وأمه واخوه الكبير والصغير واخته ، والقنوات التليفزيونية الرياضية والسياسية وقنوات الاغانى ، وينتقد امام المسجد وجيرانه ، وينتقد صانعى السيارات والبلدية وادارة المرور .. بل ينتقد الشجر والزرع والخضروات وطرق التغليف ، وكل شيء في الدنيا .. ولو قلت له اكتب رسالة تهنئة بالعيد لأخوك الذى يعيش في الخارج لما عرف كيف يمسك القلم .. فهذا لايقبل نقده ولا يؤخذ بنقده لأنه يقف الى جانب الطريق ..
قبل كم يوم كنت اجلس مع احد الاخوة العاملين في حقل الاعلان .. وذكر لى قصة جميلة عن ابن احد التجار المعروفين في المملكة العربية السعودية وتحديداً في مدينة جده .. يقول هذا الشخص " رجل الاعمال هذا سافر الى امريكا والى عدة بلدان في العالم ، وعندما عادالى السعودية كان يراوده حلم ان يرى الكثير من ذلك التقدم في بلده السعودية ، واخذ يركز على الانتقاد في الصحف وفى وسائل الاعلام احيانا ، فوجد انه لافائدة ولم يلتفت له احد .. فعاد الى الغرب ليعيش هناك بعد ان سأم من عدم التغيير في بلاده .. وعاش هناك فترة من العمر واخذ يفكر بطريقة جديدة واخذ يراجع نفسه لماذا لم يتغير اى شيء من الاشياء التى كان ينتقدها .. وعاد من جديد لبلاده ولكنه تغير فكره كثيراً ، وقال سأبدأ بالتغيير من نفسي أولاً .. من شركات والدى .. أو قبل شركات والدى سأنشيء شركتى الخاصة التى تتبنى مفاهيم التغيير وتركز على ادارة التغيير ، وسأبدأ بتدريب الناس على التغيير ، وهم الذين سيقودون التغيير .. " ، وفعلاً عاد رجل الاعمال هذا ، وانشئ هذه الشركة ، وبدأ يغير فكر من حوله .. ويستطرد قائلاً هذا الأخ الذي يعمل في مجال الاعلان .. يقول وعندما اذهب اليهم للاجتماع معهم في مقر الشركة اشعر بأننى ادخل الى شركة من الفضاء ، فكل شيء عندهم مرتب ومتقن ، حتى السائق وعامل الشاي يعرف كيف يستخدم البريد الالكترونى ، ونظام الاتصالات الداخلى لديهم لايعتمد الورق .. لقد بنى رجل الاعمال هذا نموذجاً مثاليا لما يجب ان تكون عليه بيئة الأعمال الصحيحة .. وبعد ذلك قامت شركات والده التى تبلغ حوالي 12 شركة بتوقيع عقود مع شركته لتبنى التغيير داخلها ، واليوم اصبح من الصعوبة ان يقبل عقوداً جديدة نظراً للاقبال الشديد عليه ..
انظر الى هذا المثال .. وتمعن به ، وانظر رعاك الله الى طريقته الأولى وطريقته الثانية .. هذا هو النقد البناء الذي يقود الى التغيير الحقيقى والى التطور .. أما النقد الهدام فلن يؤدى الى اى نتيجة .. ولله در الشيخ عايض لقرنى الذي ذكر مقولة جميلة عن النقد ، يقول رحمه الله " من السهل ان تنتقد أى شيء في هذه الدنيا ، حتى أنك لو اتيت بمن لاصنعة له فإنه يستطيع ان ينتقد .. حتى لو انك دخلت الى اجمل قصر في العالم وبدأت تطلق عنان نظرك الى أى جزء في هذا القصر لوجدت ما يمكن انتقاده .. لكن هذا الشخص المنتقد لو قلنا له اصنع 1% مما انتقدته لما استطاع ..وأن المنتقد مثله كمثل الذباب الذي يقع على كل شيء جميل .. " انتهى كلامه ..
والخلاصة .. ان النقد نوعين بناء وهدام ، ولابد من تشجيع النقد البناء الذي يقود الى التطور والتغيير ، ونحارب النقد الهدام الذي يكون معول هدم .. وان النقد لابد يركز على الجزء المعيب وليس عى كل العمل ، ولابد ان يغلف ويهدى ليكون أدعى الى القبول .. ولابد لنا قبل ان نركز على النقد يجب ان نركز على العمل وعلى الانتاج ثم النقد ..
والله يحفظكم ويرعاكم ..
النقد بصفة عامة مهم في المجتمعات وفي المنظمات وعلى الصعيد الشخصى .. ولكن يجب ان نعلم ان النقد مهما يكن يعتبر غير محببا للنفس ويتسبب في كثير من الاحيان في ايجاد الضغائن بين الناس .. ولكن ومع هذا فانا اعتقد انه ضرورة ملحة لتقويم الأداء ومراجعة النفس ، ويكون احيانا محركاً للعطاء ودافعاً للابداع والتقدم .. البرت اينشتاين انتقده معلمه ووصفه بانه بطي عقليا وغير متعلم وغبياً ، لذلك كره علم الجبر واعتبره عدوا له ، وما ان بلغ الخامسة والعشرين حتى اصبح عبقريا في الرياضيات وابتكر نظرية النسبية .. اما معلم توماس اديسون قال عنه انه اغبى من ان يتعلم اي شي ، ومرت الايام وابتكر الكهرباء .. أما وينستون تشرشل الذي سقط في الصف السادس اصبح فيما بعد قائدا عسكرياً سطر اسمه التاريخ .. ووالت ديزني تم فصله من عمله كمحرر في الجريده لافتقاره للافكار الجيده ، وقد افلس والت ديزني عدة مرات قبل بنائه لامبراطورية ديزني لاند الشهيرة .. ولكن في نفس الوقت فإن النقد قد يؤدي ببعض الناس الى الفشل والانهيار والانحراف .. واعرف اناس كثيرون تركوا مقاعد الدراسة وفشلوا في حياتهم والسبب هو نقد لاذع او توبيخ وجه لهم من استاذ او من والد أو نحو ذلك ..
دعنا الآن ننتقل الى محور أخر .. وهو الحديت عن المنتقد بكسر القاف والمنتقد بفتح القاف .. فالمنتقد ( الذي يمارس عليه النقد ) هو في الواقع قام بعمل ما ، ولكنه لم يعمله على الوجه المطلوب أو انه لم يصل به الى مرحلة الكمال المطلق .. ولما كان الكمال لله سبحانه وتعالي لذا وجب ان يكون اتمام العمل بشكل نسبي .. يعنى نقول جيد بالمقارنة بالاخرين أو جيد لما هو موجود ..
اما المنتقد ( الذي يقوم بعملية الانتقاد ) هو في الواقع اما انه عمل عمل مشابه ويستطيع ان يتفهم الظروف المصاحبة ، أو انه لم يقم بأى عمل اصلاً فلا يفهم مالذي يحدث .. فلو افترضنا ان النوع الأول هو الذي قام بالانتقاد ( اى الذي قام بعمل مشابه ) فإن انتقاده سيكون محل اهتمام وستكون كل كلمة منه ذات قيمة ، فعندما يقوم مثلاً السيد جرينسبان بانتقاد النظام النقدى في الصين أو اليابان فإن كل كلمة تكون محل اهتمام ودراسة وتمحيص ، لأن جرينسبان عمل عملا مشابهاً فقد مرت عليه كل الظروف المشابههة .. أما عندما يقوم وزير خارجية الصومال مثلاً بإنتقاد النظام النقدى اليابانى فلن يلتفت له اى احد ، وربما يقولون له اذهب لإصلاح بيتك ، أو تعلم كيف تلبس حذائك أولاً ..!!
اذا نفهم مما سبق ان أول سؤال سنطرحة هو ان النقد يكون من من بالتحديد ؟ .. اما السؤال الثاني فهو اسلوب النقد .. وهذه نقطة مهمة .. يقول الامام الشافعى " رحم الله امرئ اهدى الى عيوبى " .. ودعونا نتدبر في مقولة الامام الشافعى .. " اهدى الى عيوبى " ، فكيف تكون الهدية ؟ الهدية تكون مغلفة بشكل جميل وتقدم بشكل جميل ، حتى يكون وقعها مؤثراً وتكون ادعى للقبول .. ويقول الامام الشافعى في ابيات جميلة " تعمدني بنصحك في انفرادي .. وجنبني النصيحة في الجماعة .. فإن النصح بين الناس نوع .. من التوبيخ لا ارضي سماعه .. وإن خالفتني وعصيت امري .. فلا تجزع إذا لم تعط طاعة " .. وهذا هو النوع من النقد أو النصيحة التى يرتجى منها التغيير فعلاً ، وهو ما يسمى بالنقد البناء الذي يقود الى التغيير فعلاً ويقود الى الابداع والى التقدم ..
تخيل ان زوجتك التى قامت من الساعة 9 صباحاً واخذت تعد في وجبة جديدة لأول مرة اخذتها من احد كتب الطبخ الذي اشترته من مكتبة جرير وهي تتسوق ، ثم ذهبت الى بندة هايبر ماركت واخذت تشترى في المكونات ، واستمرت حتى الساعة الثانية ظهراً وهى تعد هذه الوجبة اللذيدة المكونة من قطع اللحم البقرى المتبل على الطريقة المكسيكية مع الخضار الطازجة المسلوقة .. وعندما اقتربت الساعة الثانية والنصف ظهراً قامت بوضع السفرة وغيرت ملابسها لتحظى بلحظات سعيدة معك .. وعندما استدعتك لتناول هذه المأدبة اللذيذة ( أممم ) ، وبعد ان بدأت بتناول الطعام ، سألتك زوجتك مارأيك في هذا الاختراع الجديد وهذه المفاجآة .. فقلت لها " الطعام سيء للغاية ، وايانى واياك تكرريها مرة ثانية ، ايش هذه الخرابيط ليش ما صلحتى لنا دجاج ورز كان اصرف " وقمت منزعجا وتركت الطعام ..!! .. سؤالى مالذي سيحدث لهذه السيدة التى تم انتقادها بهذه الطريقة .. اترك الاجابة لكم .. السيدة هذه ستتحطم ولن تحاول بعد اليوم عمل اى وجبة جديدة وستقطع كتب الطبخ ولن تحاول تكرار ذلك وسيصبح جميع الاكل مكونا من الرز والدجاج فقط ..!!
ولكن لو انك قلت لها التالي " يا عينى يا عينى .. ايش الحركات الحلوة هذه .. والله عندى زوجة احسن من اى شيف في اى مطعم .. لكن تعرفين لو انك وضعتى بعض الطماطم أو الخل او غيرها لجعل اللحم اكثر طراوة .. الخ " .. فإن زوجتك ستطور الطبق في المرة القادمة ، وستحاول عمل اطباق اخرى اكثر واكثر ، وستصبح زوجتك بين قريباتك وقريباتها هى الافضل من ناحية الطبخ .. اذا طريقة النقد هى التى قادت هذه الزوجة الى الابداع والى التطور ..
كذلك فإن نقد الجزء المعيب وليس كل الشيء امر مهم .. فمثلاً في موضوع الطبخ مهم جداً ان نقول للزوجة " انك عندك ضعف في اعداد الشوربة الصينية ، ولا نقول ان طبخك سيء ، لمجرد ان الزوجة لا تعرف اعداد طبق يابانى ليس مطلوبا اصلاً منها ان تعرفه " ، وهكذا نستطيع الآن ان نفهم النقد البناء والنقد الهدام ..
بعض الاشخاص اعتاد في حياته على ممارسة النقد ولم يتعلم ممارسة العمل ، فبعض الناس لايملك اى صنعة في حياته سوى النقد ، فينتقد الحكومات وينتقد ابوه وأمه واخوه الكبير والصغير واخته ، والقنوات التليفزيونية الرياضية والسياسية وقنوات الاغانى ، وينتقد امام المسجد وجيرانه ، وينتقد صانعى السيارات والبلدية وادارة المرور .. بل ينتقد الشجر والزرع والخضروات وطرق التغليف ، وكل شيء في الدنيا .. ولو قلت له اكتب رسالة تهنئة بالعيد لأخوك الذى يعيش في الخارج لما عرف كيف يمسك القلم .. فهذا لايقبل نقده ولا يؤخذ بنقده لأنه يقف الى جانب الطريق ..
قبل كم يوم كنت اجلس مع احد الاخوة العاملين في حقل الاعلان .. وذكر لى قصة جميلة عن ابن احد التجار المعروفين في المملكة العربية السعودية وتحديداً في مدينة جده .. يقول هذا الشخص " رجل الاعمال هذا سافر الى امريكا والى عدة بلدان في العالم ، وعندما عادالى السعودية كان يراوده حلم ان يرى الكثير من ذلك التقدم في بلده السعودية ، واخذ يركز على الانتقاد في الصحف وفى وسائل الاعلام احيانا ، فوجد انه لافائدة ولم يلتفت له احد .. فعاد الى الغرب ليعيش هناك بعد ان سأم من عدم التغيير في بلاده .. وعاش هناك فترة من العمر واخذ يفكر بطريقة جديدة واخذ يراجع نفسه لماذا لم يتغير اى شيء من الاشياء التى كان ينتقدها .. وعاد من جديد لبلاده ولكنه تغير فكره كثيراً ، وقال سأبدأ بالتغيير من نفسي أولاً .. من شركات والدى .. أو قبل شركات والدى سأنشيء شركتى الخاصة التى تتبنى مفاهيم التغيير وتركز على ادارة التغيير ، وسأبدأ بتدريب الناس على التغيير ، وهم الذين سيقودون التغيير .. " ، وفعلاً عاد رجل الاعمال هذا ، وانشئ هذه الشركة ، وبدأ يغير فكر من حوله .. ويستطرد قائلاً هذا الأخ الذي يعمل في مجال الاعلان .. يقول وعندما اذهب اليهم للاجتماع معهم في مقر الشركة اشعر بأننى ادخل الى شركة من الفضاء ، فكل شيء عندهم مرتب ومتقن ، حتى السائق وعامل الشاي يعرف كيف يستخدم البريد الالكترونى ، ونظام الاتصالات الداخلى لديهم لايعتمد الورق .. لقد بنى رجل الاعمال هذا نموذجاً مثاليا لما يجب ان تكون عليه بيئة الأعمال الصحيحة .. وبعد ذلك قامت شركات والده التى تبلغ حوالي 12 شركة بتوقيع عقود مع شركته لتبنى التغيير داخلها ، واليوم اصبح من الصعوبة ان يقبل عقوداً جديدة نظراً للاقبال الشديد عليه ..
انظر الى هذا المثال .. وتمعن به ، وانظر رعاك الله الى طريقته الأولى وطريقته الثانية .. هذا هو النقد البناء الذي يقود الى التغيير الحقيقى والى التطور .. أما النقد الهدام فلن يؤدى الى اى نتيجة .. ولله در الشيخ عايض لقرنى الذي ذكر مقولة جميلة عن النقد ، يقول رحمه الله " من السهل ان تنتقد أى شيء في هذه الدنيا ، حتى أنك لو اتيت بمن لاصنعة له فإنه يستطيع ان ينتقد .. حتى لو انك دخلت الى اجمل قصر في العالم وبدأت تطلق عنان نظرك الى أى جزء في هذا القصر لوجدت ما يمكن انتقاده .. لكن هذا الشخص المنتقد لو قلنا له اصنع 1% مما انتقدته لما استطاع ..وأن المنتقد مثله كمثل الذباب الذي يقع على كل شيء جميل .. " انتهى كلامه ..
والخلاصة .. ان النقد نوعين بناء وهدام ، ولابد من تشجيع النقد البناء الذي يقود الى التطور والتغيير ، ونحارب النقد الهدام الذي يكون معول هدم .. وان النقد لابد يركز على الجزء المعيب وليس عى كل العمل ، ولابد ان يغلف ويهدى ليكون أدعى الى القبول .. ولابد لنا قبل ان نركز على النقد يجب ان نركز على العمل وعلى الانتاج ثم النقد ..
والله يحفظكم ويرعاكم ..