szz220
02-11-2007, 03:45 AM
عبد الرحمن حمود السميط
المشكلة الكبرى التي تعاني منها الدعوة الإفريقية هي انعدام فقه الأولويات عند كثير من شبابنا الذين يتصدون للدعوة في إفريقيا وانعدام فقه الواقع لديهم .
أذكر في جمهورية غينيا بيساو التي يتعايش فيها المسلمون والنصارى والوثنيين ورأينا الكثير من النساء في بعض القرى عراة تماماً لايغطون عوراتهم المغلّظة . ويأتي بعض الشباب المتحمس من إحدى دول الجزيرة العربية ويترجم فتوى لشيخ فاضل بعدم جواز إظهار العين عند لبس النقاب ويطبعها ويوزعها هناك .
وهناك عشرات الأمثلة عن اجتهادات بعض هؤلاء الشباب أدت إلى مشاكل كبيرة للدعوة في إفريقيا.
وأذكر شاباً متحمساً جاء إلى قبيلة الديغو المسلمة إسماً والتي يؤمن أغلبها بالسحر والشعوذة ، كثير منهم يعبدون الأصنام والقليل جداً من يعرف أركان الإسلام ، ويبدو أن أخانا هذا قد هداه عقله الشاب المتحمس ، إلى أن يجعل محور دورة عقدها هنا هي تحريم صيام يوم السبت وإن سبقه أو لحقه صيام يوم آخر وانقضت أيام الدورة في نقاشات حول موضوع فقهي فرعي من الأولى تركه للعلماء .
وفي إحدى مناطق مدغشقر رأيت الكثير من أنصاف المسلمين إن صح هذا التعبير يصلون الجمعة في المسجد والأحد في الكنيسة ويوم الإثنين يعبدون شجرة فلما سألتهم عن سبب ذلك قالوا إنهم غير متأكدين أي دين هو الأصح لذا قرروا التعبد بالأديان الثلاثة الإسلام والنصرانية والوثنية لأنهم غير متأكدين أيها يتقبله الله .. ! .
ويأتي شباب خليجي فلا يرون هذه الطامة الكبرى ويثيرون قضية الإحتفال بالمولد النبوي ويثيرون فتنة كبرى تسيل فيها الدماء ، وينتج عن ذلك إغلاق مساجد في وجه المصلين وتدّخلت الحكومة غير المسلمة ثم طردت عدة منظمات إسلامية وحرمان هؤلاء من الدعوة .
وفي ألبانيا قام شاب متحمس برحلة إلى منطقة إسلامية في الجنوب للدعوة وفي إحدى القرى المسيحية التي مروا فيها فجراً رأى صليباً منصوباً في الشارع وحوله دائرة تدور حولها السيارات ، ولأن الوقت فجر قرر الشاب المتحمس أن يكسر الصليب ظناً منه أنه لا أحد يراه ولما استيقظ الناس عرفوا أن شخصاً خليجياً كسر الصليب وبدأت القضية تتفاعل وبدأت مظاهرات فاحتجاجات برلمانية وشكاوى كنسية ثم تدخلت اليونان تشتكي من الظلم الذي يعانيه المسيحيون في ألبانيا وبدأت أزمة دبلوماسية بين اليونان وألبانيا ، ولم يهدأ الغبار حتى تم طرد جميع الجمعيات الإسلامية الخليجية من ألبانيا ماعدا واحدة ووضعت قيود كثيرة على الدعوة والمشاريع الخيرية وأسندت الحكومة الألبانية كثير من المناصب الهامة للنصارى ولا أظن أن هذا الشاب حتى هذه اللحظة يدري ماذا جنت يداه ، فهنيئاً له ماجرته أعماله التافهة للمسلمين وللدعوة .
لقد صلى رسولنا صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر سنة وسط الأصنام في الكعبة لأنه لم يرى من الحكمة الإصطدام بالكفار آنذاك فهل شبابنا على استعداد بالإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
من سيرته نعلم أنه أبعد الناس عن إثارة الفتن والفرقة بين المسلمين ، أو حتى بين المسلمين وغيرهم ، ولم يعقد لواءاً للحرب إلا بعد أن استنفذ ولسنوات طويلة كل الوسائل السلمية، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي ، وعندما جذبه مشرك جذبة عنيفة وقال له بسوء أدب أمام الآخرين إنكم بني عبد المطلب أهل مطل ( أي لاتسددون ديونكم في وقتها ) ، وقام له عمر ليقتله جزاء تجرأه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أمره أن يجلس ويذكر له أنه صاحب حق وأن من حق الإسلام عليه أن يأمر المشرك بحسن المطالبة، ويطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الأداء.
إن المطلوب أن نرفع شعار أن نتعاون مع المخالفين فيما اتفقنا عليه ، وأن يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه فهل نتعظ ..
المطلوب رفع شعار الأهم ثم المهم مع محاولة كسب المخالفين والأعداء إلى صفنا فإذا فشلنا فلا بأس من تحييد من نستطيع تحييده ، حتى لاتدخلنا الخلافات معهم في مشاغل جانبية ، تبعدنا عن الإنتاج في الدعوة الحقيقية ، التي تتطلب كل ذرة من جهودنا فلا نضيّع هذه الجهود والإمكانات في معارك جانبية على حساب معركتنا الكبرى مع الشيطان .. وكسب الناس إلى جند الرحمن .
إن عظم مهمة دعوة الآخرين إلى دين الله ، يتطلب منا أن نبذل كل مانستطيع من جهد للإرتقاء فوق مستوى الخلافات ، وأن نجعل كل جهودنا تصب في سبيل الوصول إلى كل قلب في الدنيا كلها . فليس لنا من الطاقة والجهد مانفرّط به في خلافات مع الآخرين .
عشت سنيناً في قرية مناكارا في جنوب شرق مدغشقر وسط قبيلة الأنتيمور ، ذات الأصول العربية الإسلامية التي هاجرت من الحجاز قبل 800 سنة وفقدت هويتها العربية الإسلامية ، وتحولوا إلى الوثنية والنصرانية ، وكانت كل معاملاتنا في البلدية وغيرها تُرفض بدون تأخير .
قررنا أن نجرّب بناء جسور من التفاهم مع الكنيسة الكاثوليكية ، نزورهم وندعوهم لزيارتنا ، نهدي كبار القسس فيها ، يلعب أيتامنا مع أيتامهم الرياضة .. إلخ .
بدأنا نرى تغييراً في مواقف بعض الجهات الحكومية ، وحصلنا على تسهيلات كثيرة ، ولم نعرف السبب حتى التقيت بمدير البلدية ( غير مسلم ) ، الذي كأن يتساءل عن سبب حماس الكنيسة الكاثوليكية والكاثوليك لنا ودفاعهم عنا في كل الاجتماعات ! .
لقد استطعنا هداية 27 قرية بكاملها للإسلام وأسلم 130 ألف شخص خلال شهرين لأننا نجحنا أولاً في تحييد الكنيسة الكاثوليكية .
إننا بحاجة إلى إعادة النظر في كثير من طرق الدعوة التي نسلكها ، وأن نجعل المعاملة الحسنة وسيلة أساسية في الدعوة ، وأن نتذكر قوله صلى الله عليه وسلم " الدين المعاملة " .
أنا لا أستطيع أن أحصي القرى التي أسلمت دون أن أحدثهم بكلمة واحدة عن الإسلام ، إنه مجرد أننا عاملناهم بالحسنى ، وقدمنا لهم الخدمات ، ولم نطلب منهم مقابل ، لأن ديننا الإسلامي أمرنا بخدمة الآخرين . وآخر هذه القرى هي في شمال مناكارا تعمدنا أن نحفر بها آبار ولم نرسل لهم قافلة دعوية واحدة ، وبعد سنة قمت بزيارتهم ، ولم أقضي في القرية عندهم أكثر من نصف ساعة من الدعوة لأنهم جميعاً أسلموا ، وطالبوننا ببناء مساجد لهم ، وإرسال داعية لتعليمهم مبادئ الإسلام .
المشكلة الكبرى التي تعاني منها الدعوة الإفريقية هي انعدام فقه الأولويات عند كثير من شبابنا الذين يتصدون للدعوة في إفريقيا وانعدام فقه الواقع لديهم .
أذكر في جمهورية غينيا بيساو التي يتعايش فيها المسلمون والنصارى والوثنيين ورأينا الكثير من النساء في بعض القرى عراة تماماً لايغطون عوراتهم المغلّظة . ويأتي بعض الشباب المتحمس من إحدى دول الجزيرة العربية ويترجم فتوى لشيخ فاضل بعدم جواز إظهار العين عند لبس النقاب ويطبعها ويوزعها هناك .
وهناك عشرات الأمثلة عن اجتهادات بعض هؤلاء الشباب أدت إلى مشاكل كبيرة للدعوة في إفريقيا.
وأذكر شاباً متحمساً جاء إلى قبيلة الديغو المسلمة إسماً والتي يؤمن أغلبها بالسحر والشعوذة ، كثير منهم يعبدون الأصنام والقليل جداً من يعرف أركان الإسلام ، ويبدو أن أخانا هذا قد هداه عقله الشاب المتحمس ، إلى أن يجعل محور دورة عقدها هنا هي تحريم صيام يوم السبت وإن سبقه أو لحقه صيام يوم آخر وانقضت أيام الدورة في نقاشات حول موضوع فقهي فرعي من الأولى تركه للعلماء .
وفي إحدى مناطق مدغشقر رأيت الكثير من أنصاف المسلمين إن صح هذا التعبير يصلون الجمعة في المسجد والأحد في الكنيسة ويوم الإثنين يعبدون شجرة فلما سألتهم عن سبب ذلك قالوا إنهم غير متأكدين أي دين هو الأصح لذا قرروا التعبد بالأديان الثلاثة الإسلام والنصرانية والوثنية لأنهم غير متأكدين أيها يتقبله الله .. ! .
ويأتي شباب خليجي فلا يرون هذه الطامة الكبرى ويثيرون قضية الإحتفال بالمولد النبوي ويثيرون فتنة كبرى تسيل فيها الدماء ، وينتج عن ذلك إغلاق مساجد في وجه المصلين وتدّخلت الحكومة غير المسلمة ثم طردت عدة منظمات إسلامية وحرمان هؤلاء من الدعوة .
وفي ألبانيا قام شاب متحمس برحلة إلى منطقة إسلامية في الجنوب للدعوة وفي إحدى القرى المسيحية التي مروا فيها فجراً رأى صليباً منصوباً في الشارع وحوله دائرة تدور حولها السيارات ، ولأن الوقت فجر قرر الشاب المتحمس أن يكسر الصليب ظناً منه أنه لا أحد يراه ولما استيقظ الناس عرفوا أن شخصاً خليجياً كسر الصليب وبدأت القضية تتفاعل وبدأت مظاهرات فاحتجاجات برلمانية وشكاوى كنسية ثم تدخلت اليونان تشتكي من الظلم الذي يعانيه المسيحيون في ألبانيا وبدأت أزمة دبلوماسية بين اليونان وألبانيا ، ولم يهدأ الغبار حتى تم طرد جميع الجمعيات الإسلامية الخليجية من ألبانيا ماعدا واحدة ووضعت قيود كثيرة على الدعوة والمشاريع الخيرية وأسندت الحكومة الألبانية كثير من المناصب الهامة للنصارى ولا أظن أن هذا الشاب حتى هذه اللحظة يدري ماذا جنت يداه ، فهنيئاً له ماجرته أعماله التافهة للمسلمين وللدعوة .
لقد صلى رسولنا صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر سنة وسط الأصنام في الكعبة لأنه لم يرى من الحكمة الإصطدام بالكفار آنذاك فهل شبابنا على استعداد بالإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
من سيرته نعلم أنه أبعد الناس عن إثارة الفتن والفرقة بين المسلمين ، أو حتى بين المسلمين وغيرهم ، ولم يعقد لواءاً للحرب إلا بعد أن استنفذ ولسنوات طويلة كل الوسائل السلمية، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي ، وعندما جذبه مشرك جذبة عنيفة وقال له بسوء أدب أمام الآخرين إنكم بني عبد المطلب أهل مطل ( أي لاتسددون ديونكم في وقتها ) ، وقام له عمر ليقتله جزاء تجرأه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أمره أن يجلس ويذكر له أنه صاحب حق وأن من حق الإسلام عليه أن يأمر المشرك بحسن المطالبة، ويطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الأداء.
إن المطلوب أن نرفع شعار أن نتعاون مع المخالفين فيما اتفقنا عليه ، وأن يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه فهل نتعظ ..
المطلوب رفع شعار الأهم ثم المهم مع محاولة كسب المخالفين والأعداء إلى صفنا فإذا فشلنا فلا بأس من تحييد من نستطيع تحييده ، حتى لاتدخلنا الخلافات معهم في مشاغل جانبية ، تبعدنا عن الإنتاج في الدعوة الحقيقية ، التي تتطلب كل ذرة من جهودنا فلا نضيّع هذه الجهود والإمكانات في معارك جانبية على حساب معركتنا الكبرى مع الشيطان .. وكسب الناس إلى جند الرحمن .
إن عظم مهمة دعوة الآخرين إلى دين الله ، يتطلب منا أن نبذل كل مانستطيع من جهد للإرتقاء فوق مستوى الخلافات ، وأن نجعل كل جهودنا تصب في سبيل الوصول إلى كل قلب في الدنيا كلها . فليس لنا من الطاقة والجهد مانفرّط به في خلافات مع الآخرين .
عشت سنيناً في قرية مناكارا في جنوب شرق مدغشقر وسط قبيلة الأنتيمور ، ذات الأصول العربية الإسلامية التي هاجرت من الحجاز قبل 800 سنة وفقدت هويتها العربية الإسلامية ، وتحولوا إلى الوثنية والنصرانية ، وكانت كل معاملاتنا في البلدية وغيرها تُرفض بدون تأخير .
قررنا أن نجرّب بناء جسور من التفاهم مع الكنيسة الكاثوليكية ، نزورهم وندعوهم لزيارتنا ، نهدي كبار القسس فيها ، يلعب أيتامنا مع أيتامهم الرياضة .. إلخ .
بدأنا نرى تغييراً في مواقف بعض الجهات الحكومية ، وحصلنا على تسهيلات كثيرة ، ولم نعرف السبب حتى التقيت بمدير البلدية ( غير مسلم ) ، الذي كأن يتساءل عن سبب حماس الكنيسة الكاثوليكية والكاثوليك لنا ودفاعهم عنا في كل الاجتماعات ! .
لقد استطعنا هداية 27 قرية بكاملها للإسلام وأسلم 130 ألف شخص خلال شهرين لأننا نجحنا أولاً في تحييد الكنيسة الكاثوليكية .
إننا بحاجة إلى إعادة النظر في كثير من طرق الدعوة التي نسلكها ، وأن نجعل المعاملة الحسنة وسيلة أساسية في الدعوة ، وأن نتذكر قوله صلى الله عليه وسلم " الدين المعاملة " .
أنا لا أستطيع أن أحصي القرى التي أسلمت دون أن أحدثهم بكلمة واحدة عن الإسلام ، إنه مجرد أننا عاملناهم بالحسنى ، وقدمنا لهم الخدمات ، ولم نطلب منهم مقابل ، لأن ديننا الإسلامي أمرنا بخدمة الآخرين . وآخر هذه القرى هي في شمال مناكارا تعمدنا أن نحفر بها آبار ولم نرسل لهم قافلة دعوية واحدة ، وبعد سنة قمت بزيارتهم ، ولم أقضي في القرية عندهم أكثر من نصف ساعة من الدعوة لأنهم جميعاً أسلموا ، وطالبوننا ببناء مساجد لهم ، وإرسال داعية لتعليمهم مبادئ الإسلام .