سما نجد
16-03-2007, 05:23 PM
باريـــــــــــــــ نجد ـــــس
http://www.alresha.com/up/uploads/c0b8f04fd6.jpg (http://www.alresha.com/up)
المصدر: أمين الريحاني(الأعمال العربية الكاملة)،المجلد الأول الرحلات(ملوك العرب) صـ 610
معظم الناس في القصيم ونجد خاصة، وقلة في بعض المناطق الأخرى يعرفون هذه العبارة وقائلها، وهي مشهورة يرددها الكثيرون لسنين طويلة، خاصة عندما يذكرشخص عن نفسه بأنه من عنيزة يأتيه الرد من سامعه خاصة إذا كان السامع مطلعاً: إيه.. باريس نجد على ما يقول الريحاني.، كثيرون من أهل عنيزة خارجها مر بهم هذا الموقف بشكل أو بآخر. كما أن بعض العيارين يتساءل متابعاً وبخبث مبطن: كيف تشابه عنيزة باريس؟!! وإيش لقى فيها الريحاني حتى قال هذه العبارة المبالغ فيها ولم يجده في بلدان أخرى في شبه الجزيرة آنذاك؟!!
هذا الموقف مربي عدة مرات على مدى سنوات عديدة آخرها كان قبل فترة قصيرة في أحد اللقاءات فيما يعرف بـ " الديوانية " في المنطقة الشرقية ( الدايرة في نجد ومناطق أخرى.)
أحببت أن أشرك قراء مجلس عنيزة حول هذا الموضوع ببعض الملاحظات التي أرد بها بشكل أو بآخرعلى من يتساءل من الأصحاب والزملاء هنا في الشرقية، وكذلك للتعريف أكثر بالريحاني وزيارته ، لعل بعض القراء يجد في هذا شيئاً من الفائدة أوالمتعة أو المشاركة بما لديه إن كانت هناك إضافة.
قبل ذلك لا بد من معلومات موجزة عن الريحاني:
أمين الريحاني من الفريكة قرب بيروت بلبنان، ولد عام 1876م لأسرة مسيحية معروفة، تربى وتعلم بين الضيعة وبيروت ودخل مجال التجارة فترة ولكن هواه مع العلم والأدب كان مبكراً، هاجرت العائلة إلى أمريكا عام 1888 وهناك شق طريقه كأي مهاجرإلا أنه لم ينس هموم الوطن والأمة حسب مايراه. اتجه أثناء الحرب العالمية الأولى إلى قضايا العرب باعتباره أمريكياً من أصل عربي يدعو لنهضة البلاد العربية وما يسميه " وحدة العرب " ،
ومن هنا جاءت رحلاته إلى البلاد العربية التي طاف فيها خلال عد سنوات معظم بلدان الشرق العربي، واجتمع بكل زعمائها آنذاك واعتبر نفسه وسيطاً لحل الخلافات بينهم يحاول جهده جمع الشمل وتوحيد الكلمة في ظل ظروف تفكك الدولة العثمانية وتقاسم المستعمرين المنتصرين (بريطانيا وفرنسا خاصة) للنفوذ في المنطقة عبر اتفاقية سايكس بيكو وغيرها. ولقد اتهم الريحاني من قبل بعض الأوساط بأنه كان يعمل على التمهيد لنفوذ الولايات المتحدة، وروجت فرنسا وبريطانيا لهذه التهمة مستدلين بأنه كان أثناء جولاته على صلة وثيقة بالقنصلية الأمريكية في عدن المستعمرة الإنجليزية آنذاك، وهذا موضوع آخر لتاريخ منطقتنا ليس هذا مجاله. كتب الريحاني عن رحلاته وكتب في الأدب كثيراً، وتوفي عام 1940.
سأكون موضوعياً وعلمياً قدرالإمكان حتى لا أبدو متعصباً لعنيزة وإنما أذكرحقائق أساسية:
أولاً: ليس الريحاني وحده من أعجب بعنيزة وأهلها وأبدى ذلك بأشكال متعددة. جميع الرحالة بدون استثناء الذين زاروا عنيزة أو الذين قربوا منها وتمنوا زيارتها قبل الريحاني وبعده أجمعوا على أن إيجابيات عنيزة أكثر من سلبياتها وامتدحوها أكثرمما انتقدوها، أكثرهؤلاء تحدثت عنهم في هذا المنتدى من خلال عدة موضوعات، ومنهم من لم أذكره حتى الآن.
فلا يمكن أن يتفق: بلجريف وجورماني وداوتي والبارون نولده وفلبي ورونكير والريحاني وديم آخرهم، جاؤوا في فترات متفاوته (تمتد لأكثر من ستين عاماً 1862-1923 ) وهم من جنسيات وخلفيات مختلفة على الإعجاب بعنيزة إلا أنهم لا حظوا ما يدعو إلى ذلك فعلاً ، وفي نفس الوقت ذكروا ما لا يعجبهم أو المضايقات التي لاقوها فيها.
ثانياً: الريحاني قال عن عنيزة عبارات أخرى كثيرة مهمة ومعبرة، ولكن الذي اشتهر عند الناس " باريس نجد ". فقد قال عنها مثلاً: " مليكة القصيم" و " حصن الحرية" و" قطب الذوق والأدب" كما شبهها بلوحة فنية لرسام فرنسي شهير يسمى " مانه "، و شبهها أيضاً بـ: " لؤلؤة في صحن من الذهب." ولك أن تتخيل المنظر الذي أومأ إليه الريحاني في هذه التشبيهات.
ثالثاً: ينبغي أن يلاحظ أن إطلاقه لعبارة " باريس نجد" ليس فقط لإعجابه بالمنظر الحسي الخارجي كما يبدو لمعظم من يعرف هذه العبارة. بل لقد كان هناك جانب آخر لفت نظر الريحاني وهو الناحية المعنوية، وهي ما عبرعنها في ثنايا حديثه عن أهل عنيزة ثم في آخر كلامه عنها مثل حبه وإعجابه بعبارة: " تفضل نقهويك " التي يسميها الكلمة الطيبة وتكررسماعها مراراً لأنه بحسه وذوقه الأدبي استطابها وأحس بعمق ما تعنيه من كرم نفوس وأريحية وحب لاستضافة الغريب، ومثل كون تلك المدينة في نظر الريحاني: " تشرف بتليد العقل والفؤاد ولذا صارت عنيزة باريس" كما يقول، وإذاً فهذه النواحي المعنوية: " حصن الحرية" ، " قطب الذوق والأدب " وكونها تشرف بتليد العقل والفؤاد وأمثالها، إضافة إلى المظهرالخارجي كل ذلك سبب اختيار باريس للتشبيه وهي التي لم يسكنها الريحاني وإنما يعرفها ويقرأعنها ولهذا السبب ( وهوالإعجاب بالحسي والمنعوي في عنيزة) أيضاً لم يشبهها بـ: نيويورك مثلاً وهي التي هاجرإليها وعاش فيها وعرفها عن قرب أكثر من باريس التي قد يكون مر بها مروراً فقط.
كانت زيارة الريحاني لعنيزة عام 1922م /1341هـ في عهد إمارة عبد العزيز بن عبد الله آل سليم رحمه الله الذي استضافه عدة مرات " بين الصلاتين (أي بين الظهر والعصر) وبعدها أصيلاً ومساءً" ، وقد نزل في ضيافة عبد الله بن خالد آل سليم رحمه الله حيث أنزلوه " في قصر يسكن فيه السلطان عبد العزيزآل سعود " إذا زار عنيزة. أعجب بالأسواق والبضائع وبالأكلات الشعبية وخاصة " الحنيني" وبحكم كونه عربياً صاحب الكثيرين ودخل في مواضيع عديدة وأعجب البعض بملاحظاته، مثل قوله في لقاءآته عن صراع أهل البلد مع الرمال الزاحفة " أنتم والنفود قوم " وقوم بالعامية في ذلك الوقت تعني الأعداء المهاجمين. يقول إن العبارة أعجبت الكثيرين وتناقلوها.
يقول " إن الغريب لينسى في هذه المدينة كونه غريباً فهوبين أناس ألفوا مثله. "
من أصحابه المقربين عبد الله بن محمد البسام الذي كان شاباً يقرب من العشرين عندما جاء داوتي إلى عنيزة قبل خمسة وأربعين عاماً، وقد تحدث للريحاني عن ذكرياته لزيارة داوتي وكيف أن الوضع اختلف بعد كل هذه السنين.
** من كتاب " ملوك العرب " للريحاني ، ج2/ 606-611 - دار الجيل – بيروت،
منقول من ..د .عبدالعزيز الشبل
http://www.arabsys.net/pic/zkarf/1.gif (http://www.arabsys.net/pic/index.php)
http://www.alresha.com/up/uploads/c0b8f04fd6.jpg (http://www.alresha.com/up)
المصدر: أمين الريحاني(الأعمال العربية الكاملة)،المجلد الأول الرحلات(ملوك العرب) صـ 610
معظم الناس في القصيم ونجد خاصة، وقلة في بعض المناطق الأخرى يعرفون هذه العبارة وقائلها، وهي مشهورة يرددها الكثيرون لسنين طويلة، خاصة عندما يذكرشخص عن نفسه بأنه من عنيزة يأتيه الرد من سامعه خاصة إذا كان السامع مطلعاً: إيه.. باريس نجد على ما يقول الريحاني.، كثيرون من أهل عنيزة خارجها مر بهم هذا الموقف بشكل أو بآخر. كما أن بعض العيارين يتساءل متابعاً وبخبث مبطن: كيف تشابه عنيزة باريس؟!! وإيش لقى فيها الريحاني حتى قال هذه العبارة المبالغ فيها ولم يجده في بلدان أخرى في شبه الجزيرة آنذاك؟!!
هذا الموقف مربي عدة مرات على مدى سنوات عديدة آخرها كان قبل فترة قصيرة في أحد اللقاءات فيما يعرف بـ " الديوانية " في المنطقة الشرقية ( الدايرة في نجد ومناطق أخرى.)
أحببت أن أشرك قراء مجلس عنيزة حول هذا الموضوع ببعض الملاحظات التي أرد بها بشكل أو بآخرعلى من يتساءل من الأصحاب والزملاء هنا في الشرقية، وكذلك للتعريف أكثر بالريحاني وزيارته ، لعل بعض القراء يجد في هذا شيئاً من الفائدة أوالمتعة أو المشاركة بما لديه إن كانت هناك إضافة.
قبل ذلك لا بد من معلومات موجزة عن الريحاني:
أمين الريحاني من الفريكة قرب بيروت بلبنان، ولد عام 1876م لأسرة مسيحية معروفة، تربى وتعلم بين الضيعة وبيروت ودخل مجال التجارة فترة ولكن هواه مع العلم والأدب كان مبكراً، هاجرت العائلة إلى أمريكا عام 1888 وهناك شق طريقه كأي مهاجرإلا أنه لم ينس هموم الوطن والأمة حسب مايراه. اتجه أثناء الحرب العالمية الأولى إلى قضايا العرب باعتباره أمريكياً من أصل عربي يدعو لنهضة البلاد العربية وما يسميه " وحدة العرب " ،
ومن هنا جاءت رحلاته إلى البلاد العربية التي طاف فيها خلال عد سنوات معظم بلدان الشرق العربي، واجتمع بكل زعمائها آنذاك واعتبر نفسه وسيطاً لحل الخلافات بينهم يحاول جهده جمع الشمل وتوحيد الكلمة في ظل ظروف تفكك الدولة العثمانية وتقاسم المستعمرين المنتصرين (بريطانيا وفرنسا خاصة) للنفوذ في المنطقة عبر اتفاقية سايكس بيكو وغيرها. ولقد اتهم الريحاني من قبل بعض الأوساط بأنه كان يعمل على التمهيد لنفوذ الولايات المتحدة، وروجت فرنسا وبريطانيا لهذه التهمة مستدلين بأنه كان أثناء جولاته على صلة وثيقة بالقنصلية الأمريكية في عدن المستعمرة الإنجليزية آنذاك، وهذا موضوع آخر لتاريخ منطقتنا ليس هذا مجاله. كتب الريحاني عن رحلاته وكتب في الأدب كثيراً، وتوفي عام 1940.
سأكون موضوعياً وعلمياً قدرالإمكان حتى لا أبدو متعصباً لعنيزة وإنما أذكرحقائق أساسية:
أولاً: ليس الريحاني وحده من أعجب بعنيزة وأهلها وأبدى ذلك بأشكال متعددة. جميع الرحالة بدون استثناء الذين زاروا عنيزة أو الذين قربوا منها وتمنوا زيارتها قبل الريحاني وبعده أجمعوا على أن إيجابيات عنيزة أكثر من سلبياتها وامتدحوها أكثرمما انتقدوها، أكثرهؤلاء تحدثت عنهم في هذا المنتدى من خلال عدة موضوعات، ومنهم من لم أذكره حتى الآن.
فلا يمكن أن يتفق: بلجريف وجورماني وداوتي والبارون نولده وفلبي ورونكير والريحاني وديم آخرهم، جاؤوا في فترات متفاوته (تمتد لأكثر من ستين عاماً 1862-1923 ) وهم من جنسيات وخلفيات مختلفة على الإعجاب بعنيزة إلا أنهم لا حظوا ما يدعو إلى ذلك فعلاً ، وفي نفس الوقت ذكروا ما لا يعجبهم أو المضايقات التي لاقوها فيها.
ثانياً: الريحاني قال عن عنيزة عبارات أخرى كثيرة مهمة ومعبرة، ولكن الذي اشتهر عند الناس " باريس نجد ". فقد قال عنها مثلاً: " مليكة القصيم" و " حصن الحرية" و" قطب الذوق والأدب" كما شبهها بلوحة فنية لرسام فرنسي شهير يسمى " مانه "، و شبهها أيضاً بـ: " لؤلؤة في صحن من الذهب." ولك أن تتخيل المنظر الذي أومأ إليه الريحاني في هذه التشبيهات.
ثالثاً: ينبغي أن يلاحظ أن إطلاقه لعبارة " باريس نجد" ليس فقط لإعجابه بالمنظر الحسي الخارجي كما يبدو لمعظم من يعرف هذه العبارة. بل لقد كان هناك جانب آخر لفت نظر الريحاني وهو الناحية المعنوية، وهي ما عبرعنها في ثنايا حديثه عن أهل عنيزة ثم في آخر كلامه عنها مثل حبه وإعجابه بعبارة: " تفضل نقهويك " التي يسميها الكلمة الطيبة وتكررسماعها مراراً لأنه بحسه وذوقه الأدبي استطابها وأحس بعمق ما تعنيه من كرم نفوس وأريحية وحب لاستضافة الغريب، ومثل كون تلك المدينة في نظر الريحاني: " تشرف بتليد العقل والفؤاد ولذا صارت عنيزة باريس" كما يقول، وإذاً فهذه النواحي المعنوية: " حصن الحرية" ، " قطب الذوق والأدب " وكونها تشرف بتليد العقل والفؤاد وأمثالها، إضافة إلى المظهرالخارجي كل ذلك سبب اختيار باريس للتشبيه وهي التي لم يسكنها الريحاني وإنما يعرفها ويقرأعنها ولهذا السبب ( وهوالإعجاب بالحسي والمنعوي في عنيزة) أيضاً لم يشبهها بـ: نيويورك مثلاً وهي التي هاجرإليها وعاش فيها وعرفها عن قرب أكثر من باريس التي قد يكون مر بها مروراً فقط.
كانت زيارة الريحاني لعنيزة عام 1922م /1341هـ في عهد إمارة عبد العزيز بن عبد الله آل سليم رحمه الله الذي استضافه عدة مرات " بين الصلاتين (أي بين الظهر والعصر) وبعدها أصيلاً ومساءً" ، وقد نزل في ضيافة عبد الله بن خالد آل سليم رحمه الله حيث أنزلوه " في قصر يسكن فيه السلطان عبد العزيزآل سعود " إذا زار عنيزة. أعجب بالأسواق والبضائع وبالأكلات الشعبية وخاصة " الحنيني" وبحكم كونه عربياً صاحب الكثيرين ودخل في مواضيع عديدة وأعجب البعض بملاحظاته، مثل قوله في لقاءآته عن صراع أهل البلد مع الرمال الزاحفة " أنتم والنفود قوم " وقوم بالعامية في ذلك الوقت تعني الأعداء المهاجمين. يقول إن العبارة أعجبت الكثيرين وتناقلوها.
يقول " إن الغريب لينسى في هذه المدينة كونه غريباً فهوبين أناس ألفوا مثله. "
من أصحابه المقربين عبد الله بن محمد البسام الذي كان شاباً يقرب من العشرين عندما جاء داوتي إلى عنيزة قبل خمسة وأربعين عاماً، وقد تحدث للريحاني عن ذكرياته لزيارة داوتي وكيف أن الوضع اختلف بعد كل هذه السنين.
** من كتاب " ملوك العرب " للريحاني ، ج2/ 606-611 - دار الجيل – بيروت،
منقول من ..د .عبدالعزيز الشبل
http://www.arabsys.net/pic/zkarf/1.gif (http://www.arabsys.net/pic/index.php)