البلشي
19-05-2006, 08:33 PM
القرآن يشير إلى ان الظلمة التي تملأ أرجاء الكون عبارة عن نوع من أنواع المادة. وقد أشار إلى هذه الحقيقة علماء فيزيائيون كبار أمثال: ستيفن هوكنج وروجر بنروز وبراين جرين وفلكيون مشهورون كجان اورت وفرتز زوكي وغير هم من العلماء. وفي محاولات قام بها الأخيران - جان اورت وفرتز زوكي – لقياس كتلة المجرات وذلك باستعمال طريقتين: الأولى قياس كتلة المجرة كجسم واحد يدور ومع دورانه تزداد كتلته والثانية بقياس الأجرام النيرة فيها كل على حدة ثم جمع كتلها إلى بعضها البعض ، وبعد هذه المحاولات كانت المفاجأة حيث وجدوا فرقا في مقدار الكتلة بين المقدارين الناتجين من كل من الطريقتين ، وفسروا هذا فقالوا: هذا غريب جدا...لا يمكن أن يكون هناك حل إلا شيئا واحدا وهو وجود مادة غير مرئية تملأ هذه الفراغات تسببت في إحداث فرق الكتلة ، ومن ثم أسموا هذه المادة "المادة السوداء" أوDark Matter ثم تعارف العلماء بعد ذلك على أن "الظلمة" الموجودة في الفضاء والمحيطة بالأرض ليست نتيجة للفراغ وفقاً للإعتقاد السائد ان الفراغ يورث الظلمة...وإنما هي ناتجة عن نوع من التكدس والتجانس لمادة سوداء كونت هذه الظلمة التي نراها.
وإشارة القرآن إلى هذه الحقيقة تأتي في معرض الوعيد للكفار الذين كابروا وكذبوا وذلك في سورة يونس حيث يصور فيها حالهم يوم القيامة. يقول تعالى:"والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" يونس :27 . والشاهد هو قوله تعالى:"قطعاً من الليل مظلما" وبما أن العلم الحديث يؤكد أن الظلمة التي نراها ما هي إلا شكلا من أشكال المادة تسمى المادة السوداء يسميها الفلكيون والفيزيائيون "Dark Matter" - كما في كتاب "A Brief History of Time" لستيفن هوكنج ، وكتاب "The Elegant Universe" لبراين جرين ، فإن القرآن يزيد هذه الحقيقة تأكيداً بوصف الظلمة على انها قابلة لأن تكون "قِطَعًا" ولا يقبل الشيء ان يكون قطعاً إلا إذا كان محسوساً ملموساً له جرم وهيئة ومقدار. ولذلك قال ابن جرير الطبري رحمه الله:" القول في تأويل قوله تعالى : { كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما } يقول تعالى ذكره : كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات قطعا من الليل , وهي جمع قطعة" (انتهى كلامه رحمه الله) ثم ذكر بعد ذلك أن هذه القراءة –أي "قطعاً" بفتح الطاء- هي قراءة عامة قراء الأمصار. ولهذا لا يعقل أن يعبر عن "الفراغ المحض أو اللاشيء" بأنه قطع وأنه قابل للتجزئة ولذلك أتبعت الآية بقوله :"مظلما" فهي صفة لهذا الليل ، وفي اللغة "من" تأتي للتبعيض ولا يتبعض الشيء إلا إذا كان له مادة او هيئة ليقبل التفرق والتبعض ولا يكون فراغاً. ولو قال قائل إن الإشارة إلى الزمن وهو الليل لقلنا أن الزمن كما يعرفه ابن تيمية – رحمه الله - مقدار الحركة فلا يمكن أن نقول أن وجوههم تغشى بمقدار الحركة أو أن وجوههم تغشى بالزمن.
ومما يؤكد ان الظلمة التي نراها ما هي إلا شكلاً من أشكال المادة قوله تعالى:"وأغطش ليلها" ومعنى أغطش كما عند الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن: "جعله مظلما" ، وعلى هذا لوكان الليل مظلما بذاته لما جعله الله مظلماً ولما احتاج إلى أن يغطشه سبحانه وتعالى. ومن ذلك نفهم أن الظلمة مجعولة ولها كم وهيئة ولكن عدم قدرتنا على رؤية هذه الظلمة على نحو متجسد واضح كرؤيتنا للأجسام الأخرى ناتج عن عدم قابلية هذه المادة لخاصة انعكاس الضوء ولو كانت قابلة لذلك لأنار الكون وشع كما ذكره غير واحد من علماءهم مثل أولبر وغيره وكما هو واضح بالدليل العقلي. ولو كان كذلك لما كان عندنا ليل نسكن فيه وننام. فكان من حكمة الله تعالى ان "أغطش" الليل أي جعله مظلماً بعد أن لم يكن مظلما. وقد عبر كل من العالمين: جان اورت وفرتز زوكي عن خاصية هذه المادة المظلمة وأشاروا إلى أنها غير مرئية ولا تعكس الضوء. ومن هذا ندرك عظمة القسم في قوله تعالى:"فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون" حيث أن هذه المادة داخلة في مالا نبصره وهذه المادة تملأ قدراً عظيماً من مساحات الكون مما يجعل هذا القسم من أعظم القسم ، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا هو، العزيز الحكيم.
كتبه:
أبو ضياء الشهري
ماجستير علم اللغة النفسي واللغة الإنجليزية
عضو الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية
بريطانيا – جامعة نوتنغهام
منقول
وإشارة القرآن إلى هذه الحقيقة تأتي في معرض الوعيد للكفار الذين كابروا وكذبوا وذلك في سورة يونس حيث يصور فيها حالهم يوم القيامة. يقول تعالى:"والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" يونس :27 . والشاهد هو قوله تعالى:"قطعاً من الليل مظلما" وبما أن العلم الحديث يؤكد أن الظلمة التي نراها ما هي إلا شكلا من أشكال المادة تسمى المادة السوداء يسميها الفلكيون والفيزيائيون "Dark Matter" - كما في كتاب "A Brief History of Time" لستيفن هوكنج ، وكتاب "The Elegant Universe" لبراين جرين ، فإن القرآن يزيد هذه الحقيقة تأكيداً بوصف الظلمة على انها قابلة لأن تكون "قِطَعًا" ولا يقبل الشيء ان يكون قطعاً إلا إذا كان محسوساً ملموساً له جرم وهيئة ومقدار. ولذلك قال ابن جرير الطبري رحمه الله:" القول في تأويل قوله تعالى : { كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما } يقول تعالى ذكره : كأنما ألبست وجوه هؤلاء الذين كسبوا السيئات قطعا من الليل , وهي جمع قطعة" (انتهى كلامه رحمه الله) ثم ذكر بعد ذلك أن هذه القراءة –أي "قطعاً" بفتح الطاء- هي قراءة عامة قراء الأمصار. ولهذا لا يعقل أن يعبر عن "الفراغ المحض أو اللاشيء" بأنه قطع وأنه قابل للتجزئة ولذلك أتبعت الآية بقوله :"مظلما" فهي صفة لهذا الليل ، وفي اللغة "من" تأتي للتبعيض ولا يتبعض الشيء إلا إذا كان له مادة او هيئة ليقبل التفرق والتبعض ولا يكون فراغاً. ولو قال قائل إن الإشارة إلى الزمن وهو الليل لقلنا أن الزمن كما يعرفه ابن تيمية – رحمه الله - مقدار الحركة فلا يمكن أن نقول أن وجوههم تغشى بمقدار الحركة أو أن وجوههم تغشى بالزمن.
ومما يؤكد ان الظلمة التي نراها ما هي إلا شكلاً من أشكال المادة قوله تعالى:"وأغطش ليلها" ومعنى أغطش كما عند الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن: "جعله مظلما" ، وعلى هذا لوكان الليل مظلما بذاته لما جعله الله مظلماً ولما احتاج إلى أن يغطشه سبحانه وتعالى. ومن ذلك نفهم أن الظلمة مجعولة ولها كم وهيئة ولكن عدم قدرتنا على رؤية هذه الظلمة على نحو متجسد واضح كرؤيتنا للأجسام الأخرى ناتج عن عدم قابلية هذه المادة لخاصة انعكاس الضوء ولو كانت قابلة لذلك لأنار الكون وشع كما ذكره غير واحد من علماءهم مثل أولبر وغيره وكما هو واضح بالدليل العقلي. ولو كان كذلك لما كان عندنا ليل نسكن فيه وننام. فكان من حكمة الله تعالى ان "أغطش" الليل أي جعله مظلماً بعد أن لم يكن مظلما. وقد عبر كل من العالمين: جان اورت وفرتز زوكي عن خاصية هذه المادة المظلمة وأشاروا إلى أنها غير مرئية ولا تعكس الضوء. ومن هذا ندرك عظمة القسم في قوله تعالى:"فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون" حيث أن هذه المادة داخلة في مالا نبصره وهذه المادة تملأ قدراً عظيماً من مساحات الكون مما يجعل هذا القسم من أعظم القسم ، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا هو، العزيز الحكيم.
كتبه:
أبو ضياء الشهري
ماجستير علم اللغة النفسي واللغة الإنجليزية
عضو الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية
بريطانيا – جامعة نوتنغهام
منقول