خــــالــــد
26-10-2005, 05:04 AM
المختصون يعتبرون اجراء مؤسسة النقد لتقليصها حماية للسوق وصغار المستثمرين
31 ملياراً قروض شخصية ساهمت في تضخيم اسعار كثير من الاسهم
محمد العبدالله (الدمام)
اعتبر عدد من الاقتصاديين اتجاه مؤسسة النقد العربي السعودي لإلزام البنوك التجارية في المملكة بتخفيض حجم القروض الشخصية وتقليص سدادها اجراء ضرورياً يصب في خانة حماية سوق الاسهم السعودية وصغار المستثمرين فيه الذين يعتمدون في تمويل عملياتهم على الاقتراض من البنوك.
واشاروا الى ان مؤسسة النقد تشعر بمسؤولياتها لحماية الاقتصاد الوطني والسوق بشكل عام لا سيما ان هناك شعوراً قوياً, بأن اسعار الاسهم اخذت في التضخم بصورة سريعة وكبيرة, جراء توجيه جزء كبير من القروض الشخصية للاستثمار في الاسهم, وبالتالي فإن اي انهيار لتلك السوق في حال حدوثه لا قدر الله يمثل كارثة حقيقية تطال الجزء الأكبر من صغار المستثمرين, بمعنى آخر فإن هذا الاتجاه اذا كان يهدف الى وضع ضوابط لحماية السوق, فإنه يسير في الاتجاه الصحيح وضروري في المرحلة الحالية.
واوضح د. علي العلق استاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن, ان التقرير الاخير لمؤسسة النقد يظهر ان البنوك المحلية قدمت قروضاً استهلاكية بلغت 31 مليار ريال, وبالتالي فإن المؤسسة شعرت بأن تلك القروض تتجه الى سوق الاسهم, الامر الذي يدفعها لتقليص حجم هذه القروض, مشدداً على اهمية ايجاد آلية معينة لتوجيه اولويات القروض, بحيث تأخذ في اعتبارها التوسع في تمويل المشاريع الاستثمارية مثل بناء المنازل.
وقال: ان معظم القروض التي قدمتها البنوك المحلية اتجهت بصورة اساسية نحو الاستثمار في الاسهم, بهدف المضاربة مما ساهم في ارتفاع الاسعار في الفترة الماضية, مشيراً الى ان عملية الاستثمار في الاسهم عن طريق القروض الشخصية يحمل في طياته الكثير من المخاطرة, خصوصاً بالنسبة لشريحة صغار المستثمرين في حال انهيار السوق او تعرضه لحركة تصحيحية كبيرة كما حدث في مايو الماضي وقبل الماضي.
ورأى ان القروض الشخصية تكون جيدة ومناسبة اذا اتجهت صوب المشاريع الاستثمارية مثل بناء المساكن او شراء الادوات المعمرة كالسيارات, ولكن اذا اتجهت القروض نحو الامور الاستهلاكية البحتة او للاستثمار في سوق الاسهم, فإن تأثيراتها في الكثير من الاحيان تكون سلبية على المقترض على المدى البعيد وكما ان التأثيرات تكون اكثر ضرراً على الاقتصاد الوطني اذا ا تجهت تلك القروض نحو الاستهلاك اكثر منه نحو الادخار.
وقلل من مخاوف اتخاذ اجراءات لتقليص حجم القروض الشخصية, خصوصاً انها تهدف الى حماية المجتمع والاقتصاد الوطني بالدرجة الاولى, بمعنى آخر فإن الحركة الاقتصادية والقوة الشرائية لن تصاب بانتكاسة.
وقال عبدالرحمن الراشد رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية ورئيس مجلس الغرف السعودية, ان مسألة تخفيض القروض الشخصية تتطلب دراسة متأنية ومتفحصة, بهدف تقليل الابعاد المترتبة عليها, خصوصاً انها ذات علاقة قوية بالاقتصاد الوطني, فالقروض الشخصية تهتم برفع القوة الشرائية والحركة التجارية بشكل عام, فإذا طرأت عليها تغييرات, فإن ذلك ينعكس على تلك الحركة, لا سيما اذا عرفنا ان اغلب القروض الشخصية ذات صبغة استهلاكية بالدرجة الاولى, فإذا اختفت او تقلصت فمعناه الاضرار بالأداء الاقتصادي العام بالبلاد.
وأكد ان القروض الشخصية يفترض منها ان توجه للقضايا الاستهلاكية, فهي ليست معنية بالاستثمار في مجالات متعددة مثل الاسهم او غيرها, كما ان البنوك اتخذت اجراءات مشددة في الفترة الاخيرة بشأن عملية التسهيلات المقدمة للاستثمار في مجال الاسهم, فقد اوصد الباب المفتوح الذي كانت تمارسه في السابق, اذ تعمد الى اجراء دراسات متكاملة ووافية عن الاشخاص الذين يتقدمون للحصول على قروض استثمارية, الامر الذي انعكس بصورة واضحة على حجم المبالغ الممنوحة, اذ شهدت تراجعاً ملحوظاً في الفترات الماضية.
وبشأن انعكاسات اتجاه مؤسسة النقد على المشاريع المتوسطة والصغيرة, رأى ان القروض الشخصية لا تدخل في مجال تمويل تلك المشاريع, خصوصاً بعد الجهد الذي قامت به الغرف التجارية ممثلة بمجلس الغرف, حيث اثمرت تلك الجهود التي بذلت في السنوات الماضية في انشاء الصندوق المشترك بين البنوك المحلية وصندوق التنمية الصناعي, والذي يصل رأس ماله الى 200 مليون ريال, حيث استكملت كافة التشريعات والانظمة المتعلقة بآلية عمله, الامر الذي مهد الطريق امام فتح الباب امام تقديم طلب القروض, بحيث بدأ في استقبال طلبات الاقراض.
وقال د. عبدالله آل ابراهيم استاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن, ان هناك قناعة لدى مؤسسة النقد بأن جزءا كبيرا من القروض الشخصية تتجه للاستثمار في سوق الاسهم, وبالتالي فإن تخفيضها يمثل خطوة ايجابية للتأثير على السوق بالشكل الايجابي, خصوصاً ان الاسعار اخذت في التضخم بصورة غير طبيعية, الامر الذي يرفع من الشعور بالتداعيات المستقبلية لاستمرار هذه الحالة, فإذا انهارت السوق او حدثت فيه حركة تصحيحية تصل الى 1000 نقطة مثلاً, فإن الآثار ستكون وخيمة على جزء كبير من صغار المستثمرين مشيراً الى ان انهيار الاسهم لا يتعلق بصغار المستثمرين بقدر تعلقه بالاقتصاد الوطني.
واضاف: ان هناك كثيراً من صغار المستثمرين يعمدون للاقتراض من البنوك, من اجل ضخ تلك الاموال في سوق الاسهم, وذلك بالرغم من الاجراءات الاخيرة التي عمدت لاتخاذها مؤسسة النقد بوضع سقف محدد للقروض المتعلقة بالاستثمار في سوق الاسهم, بيد ان الاتجاه الجديد للمؤسسة يعتبر سياسة اخرى للوقوف بوجه الاستثمار غير المدروس في سوق الاسهم, من قبل بعض صغار المستثمرين في الاسواق المحلية, مما يمهد الطريق امام التضخم في زيادة الطلب وارتفاع الاسعار بصورة جنونية.
ورأى ان الاتجاه الجديد لمؤسسة النقد, يمكن اعتباره اجراءات قانونية, لا سيما بعد ان شعرت المؤسسة ان القروض الشخصية تجاوزت النصاب القانوني المسموح به, بمعنى آخر فإن هناك ضوابط ونسبة محددة معروفة لدى البنوك, فإذا تجاوزت البنوك فإن المؤسسة من حقها التدخل لاعادة الامور لسابق عهدها.
واوضح ان غياب الدراسات المتعلقة باتجاه القروض الشخصية يمثل مشكلة حقيقية, لا سيما ان المعلومات المتعلقة باتجاه تلك القروض ما تزال قليلة, الامر الذي يتطلب القيام بمثل هذه الدراسات للوقوف على الاتجاهات الحقيقية للمليارات من الريالات التي تقدمها البنوك سنوياً, فإذا كانت تتجه للاستثمار في الاسهم فإن الاجراء صحيح, بينما اذا كانت تذهب لشراء الاحتياجات الاساسية والضرورية وتحسين المستوى المعيشي, فإن الاجراء ينعكس سلبياً على الاداء الاقتصادي والحركة التجارية.
وقال امجد البدرة (محلل اسهم) ان اتجاه مؤسسة النقد العربي السعودي بتقليص القروض الشخصية لا يمت بصلة لسوق الاسهم, فالقروض الاستثمارية تتطلب اجراءات وآليات خاصة, وذلك بخلاف القروض الشخصية والتي تختص بالموظفين سواء في القطاع الخاص او الدولة, مشيراً الى ان المخاوف من انعكاساته على سوق الاسهم ليست حقيقية, نظراً لاختلاف الاغراض المتعلقة بالقروض الاستثمارية عن القروض الشخصية التي تقدمها البنوك المحلية في الوقت الراهن.
exam100
26-10-2005, 12:33 PM
الراشدلـ "الاقتصادية": إذا طُبقت "الحاكمية" بأمانة وإخلاص وقدرة فسيقبل المستثمرون على شراء أسهم الشركات وسترتفع أسعارها
http://www.w6w.net/upload2/26-10-2005/w6w_20051026043135c1664d58.jpg
حوار: عبد الرحمن المنصور
26/10/2005
قوبل نظام توجيه الشركات ومراقبتها باهتمام عالمي ومحلي وذلك لدوره الكبير في إيجاد بيئة صحية سليمة في كل مناحي العمل في المنشآت والمحافظة على هذه البيئة, خصوصا في الشركات وعلاقاتها بمساهميها وذوي الصلة بها, والاقتصاد بشكل عام, إضافة إلى التأثير الملموس عند تطبيق هذا النظام على أسعار أسهم الشركات وتصنيفها من حيث الملاءة, ومن ثم قدرتها في الحصول على حاجتها من التمويل بتكلفة تنافسية, والربط المباشر بين أوجه القصور في مبادئه, وتطبيقها, وانهيار شركات كبرى في عدد من دول العالم. وفي بداية عام 2004, تبلورت فكرة تجميع مبادئ توجيه شركة الاتصالات السعودية ومراقبتها في وثيقة واحدة, تشمل المتطلبات المتعارف عليها عالميا, والأنظمة سارية المفعول في المملكة وما انبثق عنها. وقد اعتمد مجلس إدارة الشركة النظام, وتم وضع خطة تنفيذه وتعديله بما يظهر عند التنفيذ من أوجه قصور بهدف الاستمرار في تطويره.
"الاقتصادية" تسلط من خلال هذا الحوار مع عبد العزيز الراشد رئيس مجلس إدارة شركة الاتصالات السعودية الضوء على نظام الشركات ومراقبتها, والذي سماه الراشد بـ "نظام حاكمية الشركات", حيث يؤكد أن هذا النظام إذا توافرت فيه المتطلبات المتعارف عليها وتم تطبيقه بأيد أمنية مخلصة ذات قدرة وكفاية, فإنه يحقق تأثيرا إيجابيا على نمو الشركة, واقتناع كل من له علاقة بها بتوازنه وموضوعيته, وأيضا إقبال المستثمرين على شراء أسهمها ومن ثم ارتفاع أسعارها, وهذا ثابت من خلال تجارب الدول التي طبقت نظام حاكمية الشركات.
واعتبر الراشد أنه من الضروري تطبيق هذا النظام وتعميمه في البلاد مستشهدا بعدة وقائع أهمها: انهيار شركة South sea الإنجليزية في القرن الثامن عشر الميلادي, السوق المالية الأمريكية عام 1929, مصيبة شركات الادخار الأمريكية في الثمانينيات من هذا القرن التي قدرت خسائرها بـ 500 مليار دولار, إفلاس بنك "بارينق" البريطاني في التسعينيات, الأزمات المالية للدول الآسيوية قبل سنوات, وانهيار شركات عالمية عملاقة في نهاية القرن السابق.
ويشدد رئيس مجلس إدارة شركة الاتصالات السعودية على مبدأ الاستقلالية باعتباره أحد أركان مبادئ الحاكمية يساعد أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لأي شركة على معالجة تضارب المصالح, بل إن فائدة الاستقلالية تتعدى ذلك إلى الموردين والدائنين.
وكشف الراشد في حواره مع "الاقتصادية" أن مجلس إدارة "الاتصالات السعودية" وضع الاتجاهات الأساسية للشركة للسنوات السبع المقبلة, والسبل العامة لتنفيذها وتمويلها, كما اتخذ المجلس بموجبها قرارا بتحديث الخطة الاستراتيجية للشركة للسنوات الخمس المقبلة, والتي يتوقع اعتمادها في مطلع سنة 2006 .. إلى تفاصيل الحوار:
نود أن تعطينا تعريفا لنظام توجيه الشركة والرقابة عليها, وفكرة تبنيه من قبل شركة الاتصالات السعودية؟
نظام توجيه الشركة والرقابة عليها يسمى بالإنجليزية corporate governance, وسوف أستخدم كلمة "الحوكمة" لتعني هذا النظام. ونظام الحوكمة, "مجموعة من المبادئ التي ظهرت وتدرجت مع وجود الشركات وتدرجها, وانفصال ملكيتها عن إدارتها, لتوجيه الشركة ومراقبتها لتحقق أهداف ملاكها أساسا, وإيجاد توازن بين المصالح المتضاربة لملاك الشركة "المساهمين" فيما بينهم, ومجلس الإدارة بصفته ممثلا لهم والإدارة التنفيذية والأطراف ذوي الصلة بالشركة من موردين وغيرهم".
وقد تعارف المهتمون بنظام الحاكمية على تلك المبادئ وإن اختلفوا في تصنيفها.
وقد أخذت الشركة أساسا لنظام الحاكمية فيها, الشفافية, المسؤولية الصلاحية, المساءلة, والعدل. وانبثق عن تلك الأسس مبادئ فرعية تمثلت في 31 مبدأ. وتوجه تلك المبادئ عمل الجميع في الشركة وتراقبها.. "الجمعية العمومية, مجلس الإدارة, لجان المراجعة, الإدارة التنفيذية, المراجعون الداخليون, والمراجعون الخارجيون..", وتتطلب توفير وسائل التثبت من كفايتها وفعاليتها وتطبيقها وتحديثها.
وتؤدي تلك المبادئ إذا توافرت فيها المتطلبات المتعارف عليها, وتم تطبيقها بأمانة وإخلاص, من ذوي قدرة وكفاية إلى وجود بيئة صحية سليمة في كل مناحي العمل في الشركة, يستفيد منها كل ذي صلة بها.
"الملاك/المستثمرون, والمستفيدون من منتجاتها وخدماتها والعاملون فيها, ومقرضوها وموردوها... والمجتمع عموما".
وأود تأكيد أن معظم المبادئ موجود في نظم متعددة في المملكة, مثل نظام الشركات الصادر عام 1385هـ, الذي يتطلب أن يكون أعضاء المجلس من غير موظفي الشركة, ومنع جمع المراجع الخارجي بين المراجعة وأي عمل آخر للشركة ولو على سبيل الاستشارة المادة (130), ونظام شركة الاتصالات السعودية, ونظام السوق المالية.. إلخ.
أما عن فكرة تبنيها في الشركة, فقد بدأت بتجميع كل ما صدر في الشركة من قرارات ودراسات عن النظام والأنظمة السارية المفعول في المملكة, التي تتعلق بنظام حاكمية الشركة في وثيقة واحدة وتصنيفها ودراستها وتحليلها, وقام بذلك العمل فرق من داخل الشركة. والتعرف على تجارب الدول المختلفة والأخذ بما يلائم الشركة منها، وقام بذلك استشاري من خارجها, وتم وضع إجراءات محددة للتنسيق بين الفريقين, والاستفادة من منشورات هيئة السوق مثل تداول العددين (3 و13).
وقد اعتمد مجلس إدارة الشركة النظام بتاريخ 25/12/1425هـ, وتم نشره في موقع الشركة الإلكتروني, وتم وضع خطة تنفيذه وتحديثه, بما في ذلك استكمال ما سبق البدء بتنفيذه لتفعيل النظام أثناء إعداد الدراسة, مثل الربط بين تلك المبادئ, وما يتعلق بها من إجراءات العمل في الشركة على نحو تجريبي, لما لذلك من أهمية في تفعيل المبادئ علميا, كما تم إعداد متطلبات تطبيقها من سياسة الإفصاح التي رفعتها اللجنة المكلفة بذلك للمجلس, وقواعد سلوك وآداب العمل في الشركة, وخطط التعاقب الوظيفي, وإعداد ميثاق عمل المراجعة الداخلية.
ما أهمية نظام الحاكمية للشركة خاصة وللشركات عامة؟ وهل لانهيار شركات كبيرة في الغرب علاقة بذلك؟
يحقق النظام إذا توافرت فيه المتطلبات المتعارف عليها وتم تطبيقه بأيد أمينة مخلصة ذات قدرة وكفاية, تأثيرا إيجابيا ملموسا على نمو الشركة, واقتناع كل ذوي الصلة بمعاملتهم بتوازن وموضوعية, وينتج عنه إقبال المستثمرين على شراء أسهمها ومن ثم ارتفاع أسعارها. وهذا ثابت في الدول التي طبقته, حتى أن جهات ذات اختصاص بدأت في تصنيف الشركات حسب جودة نظام الحاكمية فيها, وجديتها في تطبيقه.
كما أصبح تطبيقه من ضمن عناصر تصنيف الشركات من حيث الملاءة, التي تعتمد عليها قدرتها على الحصول على حاجتها من التمويل بتكلفة تنافسية.
هذه إجابة الشق الأول من السؤال, أما علاقة الاهتمام بالنظام الذي ظهر جليا في الفترة الأخيرة بانهيار شركات كبيرة في الغرب, فهي واضحة في تركيز الحلول التي توصل إليها المهتمون في الغرب "الحكومات, المستثمرون, المتخصصون ذوو العلم والمعرفة, الهيئات المهنية ـ محاسبون مراجعون, محللون ماليون.. مصنفو الملاءة..." لمعالجة أسباب تلك الانهيارات. وجوهر المعالجة ينصب على تحديث وإيجاد وسائل جديدة لتوجيه الشركة والرقابة عليها, ومن أهمها ما يتعلق بقيام مجلس الإدارة, والإدارة التنفيذية كل بواجباته, لكونه أحد أهم أسباب حدوث الانهيارات, وفي الوقت نفسه من أهم أسباب منع تكرار تلك الانهيارات.
تاريخيا تأكد أن مراحل تطور نظام الحاكمية الأساسية ارتبطت في تاريخ العرب, وهو الأكثر توثيقا في الحاضر, بما حدث من وقائع كان لها آثار مدمرة على كل ذي صلة بالشركة مباشرة وغير مباشرة, ومن أمثلة تلك الوقائع انهيار شركة South Sea الإنجيلزية في القرن الثامن عشر الميلادي, والسوق المالية الأمريكية عام 1929م, ومصيبة شركات الادخار الأمريكية في الثمانينيات من هذا القرن (قدرت الأضرار بـ 500 مليار دولار) وإفلاس بنك (بارينق) البريطاني في التسعينيات, وما واجهته الدول الآسيوية قبل سنوات من أزمات مالية, وأخيرا انهيار الشركات العملاقة في نهاية القرن السابق المعروفة للجميع. وقد أوردت تلك الأمثلة, وهي قليل من كثير, أملا في أخذ العبرة, والعمل على إعطاء نظام الحاكمية ما يستحقه من اهتمام الجميع, نظاما, وتطبيقا, ومتابعة, وتحديثا.
تطرق النظام لمبدأ الاستقلالية, إلى أي مدى تمثل الاستقلالية أهمية في نظام الحوكمة؟
الاستقلالية مبدأ مهم من مبادئ الحوكمة, لما يحقق من مساعدة أعضاء مجلس الإدارة, والإدارة التنفيذية على معالجة تضارب المصالح, ولا يقتصر على العلاقة داخل الشركة, وإنما يتعداها إلى الموردين, الدائنين, وكل ذي صلة مهمة بالشركة, ويوجد جانبان للاستقلال:
الأول, الاستقلال, من حيث العلاقة بالشركة وإدارتها, وذوي الصلة بها, مثل الموردين, العملاء, والمنافسين, وهذا الجانب متفق عليه عامة في مبادئ الحوكمة, وكذلك فيما يطلق عليه (الممارسات المثلى), ويوجد في الأنظمة السارية المفعول في المملكة معالجة مفصلة له, ولكن التطبيق العملي يحتاج إلى الكثير من الجهد من النواحي كافة, وأرى أن التركيز على التطبيق أصبح من الأولويات المهمة.
الثاني, الاستقلال, من حيث العلاقة بالملاك (المساهمين) المسيطرين, وهذا أكثر وجودا في الأسواق النامية, وعلاقته أكثر ارتباطا بمصالح الأقلية من المساهمين, وبحكم عدم وجوده بشكل مهم في الدول المتقدمة, لا توجد دراسات وبحوث كافية حاليا, وستسعى الشركة إلى التعمق في دراسته, وتنسق في ذلك مع الجهات ذات العلاقة والصلة.
ورد في النظام العديد من المبادئ المتعلقة بمجلس الإدارة, فلماذا هذا التركيز؟
أصبح الفصل بين إدارة الشركة وملكيتها, هو الأساس في المنشآت الكبيرة خاصة, وحيث إن مصالح الطرفين قد تتعارض, وأن الإدارة التنفيذية قد تغلب مصالحها على مصالح الملاك، وأن ذلك حدث فعلا حسب نتائج دراسة أسباب انهيار الشركات المعروفة, قديمها, وحديثها في الغرب والشرق. وكان من أهم أسباب حدوث تلك الانهيارات عدم قيام مجالس الإدارة في تلك الشركات بواجباتها, مما نتج عنه سوء استغلال مواردها, من قبل الإدارات التنفيذية, ومن ثم إفلاسها.
وقد جاء معظم ما شمله نظام الحاكمية في هذا الشأن, لإيجاد مبادئ تساعد على التأكد من فعالية المجلس, فمثلا: توجد مبادئ تحديد المؤهلات المطلوب توافرها في الأعضاء, وطريقة اختيارهم, وأسس تقويم أدائهم عامة, ومنها متطلبات التزام العضو بحضور اجتماعات المجلس, والتحضير المسبق, وفعالية مشاركته فيما يعرض على المجلس, وجديته في الحصول على المعرفة الكافية في مجال نشاط الشركة, والحصول على التدريب الضروري للقيام بواجبات عضويته, وسبل المشاركة في البرامج التعريفية والتعليمية بغرض الوقوف على أحدث المستجدات وتطوير مهاراته بما يمكنه من المشاركة الفعالة في أعمال المجلس. كما أوجد ما يحكم الإفصاح عنها, وعن نتائج التقويم. وجعل ذلك أحد واجبات اللجان المنبثقة عن المجلس.
كما جاء في المبادئ ما يمكن من توفير التوازن, بين ذوي الصلة بالشركة, ومنهم مجلس الإدارة, والإدارة التنفيذية, ومن شروط التوازن, أن تتوافر مثلا لمجلس الإدارة متطلبات قيامه بدوره نظاما وعملا, ويشمل ذلك الحصول على المعرفة والنصح, ليس فقط من الإدارة التنفيذية بل من خارجها, وأن يكفل للإدارة التنفيذية ما يمكنها من القيام بواجباتها.
وستجد إذا رجعت للمبادئ التي أخذت الشركة بها, أن مصدرها الأنظمة سارية المفعول في المملكة, و/أو المبادئ المتعارف عالميا على أنها (المبادئ المثلى), وأن التباين بين البلدان, يقع بشكل جذري في التطبيق, ومن شواهد ذلك أن الشركة قامت بالعمل على تطبيق تلك المبادئ قبل وضعها في شكلها الحالي, ومن ذلك مثلا:
ـ قام المجلس في بداية عمله بتخصيص العديد من الجلسات أسبوعيا للتعرف على نشاطات الشركة من النواحي كافة, والمسؤولين التنفيذيين فيها.
ـ العمل على التوازن بين ما توفره الإدارة التنفيذية في توفير ما يساعد المجلس على القيام بواجباته وما على المجلس أن يقوم به أو يوفره مستقلا عنها.
ـ وضع الاتجاهات الأساسية للشركة للسنوات السبع المقبلة, والسبل العامة لتحقيقها وتمويلها, واتخاذ قرار بتحديث الخطة الاستراتيجية للشركة للسنوات الخمس المقبلة بموجبها, ويتوقع اعتمادها في شهر كانون الثاني (يناير) المقبل إن شاء الله, وسيبنى عليها الشكل النظامي لوحدات الأعمال, ثم التنظيم الإداري وما يرتبط به.
ـ التأكيد على بناء المنهجية في أداء الأعمال, ووضع أساسياتها, ومن ذلك مثلا اعتماد نظام الحوكمة, ووضع خطة تطبيقه, وإنجاز أحد أهم متطلباته المتعلق بالشفافية.
وجد أكثر من مبدأ يعالج موضوع الشفافية والإفصاح الأمثل فما سبب هذا التركيز؟
تنبع أهمية الشفافية والإفصاح الأمثل من أن قرارات ذوي الصلة ومنهم المستثمرون, تعتمد على المعلومات التي يتم الإفصاح عنها, وكان عدم الإفصاح المناسب من أسباب انهيار الشركات المفاجئ, وقلة فعالية مجالس الإدارة, أما وجود أكثر من مبدأ, فيعود إلى طبيعة مواضيعه, فمثلا تعالج المبادئ الإفصاح عن ضوابطه على مستوى الشركة, والإفصاح عن الميزات والتعويضات لأعضاء مجلس الإدارة, والإفصاح عن نظام الحاكمية في الشركة, والإفصاح عن البيانات وأنظمة الرقابة الداخلية والالتزامات. وسترفع اللجنة المكلفة بذلك, سياسة الإفصاح وتوصياتها للمجلس قريبا.
دائما ما يقال إن حماية المبلغين عن السلوكيات غير المشروعة من أهم مصادر كشفها, فهل يشمل النظام ما يحقق ذلك؟
توجد في النظام مبادئ محددة أوجدت للأطراف ذات الصلة بالشركة وسيلة اتصال مباشرة بالمجلس, تمكنهم من التعبير عن قلقهم فيما يخص أمور الشركة ومنسوبيها. وتقضي بأن تضع الشركة الإجراءات اللازمة التي تحقق العدل للجميع, ويشمل ذلك الإجراءات الكفيلة بحماية المبلغين من داخل الشركة وخارجها عن السلوكيات غير المشروعة داخل الشركة, ومن ذلك إيجاد قنوات اتصال سرية, ولوائح داخلية تحقق العدل للجميع, وتمنع إلحاق الضرر بهم, أو المبلغ عنهم, قبل التحقق من الوقائع.
ذكرتم أن معظم مبادئ النظام موجودة في الأنظمة السارية في المملكة فما الذي أضافه هذا النظام؟
يمكن استخلاص الجواب مما سبق في هذا الحديث, ومن أمثلة ذلك:
ـ بلورة ووضع المبادئ التي تساعد الجمعية العمومية, على القيام بواجبها ذي الأثر الأهم على نجاح الشركة أو فشلها, وهو اختيار أعضاء مجلس الإدارة, وتقييم أدائهم.
ـ وضع مبادئ تحديد المؤهلات اللازم توافرها في أعضاء المجلس, والتأكد من معرفتهم بطبيعة أعمال الشركة, وتطوير قدراتهم, وتدريبهم, ومبادئ تقويم أداء مجلس الإدارة, والأساليب والإجراءات التي تنظمها, والإفصاح عن نتائجها, وإناطة تطبيقها بإحدى لجان المجلس.
ـ وضع إجراءات الإبلاغ عن المخالفات, وسبل حماية المبلغين, والمبلغ عنهم حتى يتم التوثق من الوقائع.
ـ وضع مبادئ التعاقب الوظيفي التي تساعد الشركة على الحفاظ على القدرات والمهارات والخبرات المطلوبة.
ـ ربط المبادئ بشكل آلي مباشر بما يتعلق بها من الأنظمة والقرارات الوزارية ذات العلاقة سارية المفعول في المملكة, وتوفيرها للجميع آليا عند التصفح.
ـ بلورة تجارب دول عدة, عربية, وأجنبية, وفي ذلك تأكيد, أو إثارة تساؤل, حول المبادئ الواردة في الأنظمة المعمول بها.
ـ إعداد النظام ووضع منهجية لتطبيقه, وتنفيذها, تمكن من ربط المبادئ بلوائح الشركة وإجراءاتها على نحو عملي, يجعلها جزءا من ثقافة الشركة.
هل ينتهي العمل على نظام حاكمية الشركة باعتماده من المجلس؟
بالطبع لا, ومما يتم العمل عليه حاليا:
1 ـ تنفيذ خطة التطبيق, والتحديث, وهي خطة مفصلة طويلة المدى, تبين متطلبات تنفيذ كل مبدأ, والمنفذ, وزمن التنفيذ, وتوثيق أوجه التحديث. ويشمل ذلك متطلبات استكمال ما سبق البدء بتنفيذه لتفعيل النظام أثناء إعداد الدراسة, مثل الربط بين مبادئ النظام, وما يتعلق بها من إجراءات العمل في الشركة على نحو تجريبي, لما لذلك من أهمية في تفعيل المبادئ عمليا, وجعلها جزءا من ثقافة الشركة, واعتماد ونشر قواعد وإجراءات الإفصاح الأمثل, وميثاق عمل المراجعة الداخلية, وقواعد سلوك وآداب العمل في الشركة, وخطط التعاقب الوظيفي, التي يدرسها المجلس حاليا.
2 ـ العمل على إيجاد هيئة متخصصة, حسب المعمول به في الدول التي سبقتنا, وأظهرت تجاربها جدوى وجود هيئة متخصصة تعنى بما له علاقة بنظام الحوكمة, وقد أعدت الشركة مشروعا لإيجاد الهيئة, وستضعه تحت نظر الجهات المختصة, وذوي الصلة, والاهتمام, والاختصاص, قريبا إن شاء الله.
بم تريدون اختتام هذا اللقاء؟
أشكر لكم هذا اللقاء, وآمل أن يعود تطبيق هذا النظام بالنفع الكبير على الشركة, وأن يكون ذلك عونا للجميع على بناء نظام حوكمة, قوي, ومتماسك, يتم العمل به, ويحمي المكتسبات التي تحققت خلال الفترة القصيرة الماضية, ويزيد عليها, ويهيأ للشركة سبل الازدهار المستمر.
وأؤكد للجميع حرص شركة الاتصالات السعودية على تطوير هذا النظام بشكل مستمر, حسبما يستجد من تطورات في مجاله داخليا وخارجيا.
ولذلك أدعو من خلال جريدتكم ذوي الصلة بالشركة عامة, ومساهميها, وذوي الاختصاص خاصة, تزويدها بملاحظاتهم, واقتراحاتهم, باستخدام النموذج الموجود في موقع الشركة ـ ما أمكن CG@stc.com.sa عناية أمين عام المجلس, وأود التذكير بما سبق ذكره عن ربط مبادئ النظام, بمواد موجودة في الأنظمة والقرارات والتعاميم الوزارية, المعمول بها في المملكة, فذلك سيساعد القارئ على الانتقال إلى المادة ذات العلاقة في أي منها مباشرة أثناء التصفح.
vBulletin® v3.8.3, Copyright ©2000-2025, Jelsoft Enterprises Ltd.